تحت عنوان “خلف الأبواب المغلقة” نافش الفلم الذي تبثه منصة “الجزيرة 360” قضية سحب الأطفال من عائلاتهم في دول أوروبية، وتتبع قِصصا يرويها لاجئون فروا من الحروب والنزاعات، ليواجهوا وأطفالهم مأساة جديدة.
فقد خاطرت يسرى بحياة أطفالها وجاءت بهم إلى السويد كي تحميهم من القذائف والقنابل، حيث قدمت هي من سوريا في نهاية 2014، ثم لحق بها أطفالها عام 2016، وكانت ابنتها الصغرى في السابعة من عمرها.
واشتغلت يسرى مع أطفالها وحاولت أن تجعلهم يدرسون ويندمجون في المجتمع الجديد عليهم، لكن حياتها تحولت إلى جحيم، بعد أن سُحبت منها ابنتها فجأة.
وتقول يسرى إن ابنتها وبسبب ظروف الحرب التي عاشتها في سوريا كانت دوما حزينة، وعندما لاحظ أحد الأساتذة في المدرسة حالتها كتب فيها تقريرا ورفعه إلى مسؤولي المدرسة الذين حولوه بدورهم إلى الجهات المختصة بهذا الخصوص، والتي قررت أخذ الطفلة من أمها.
وتؤكد هذه الأم أنها أصيبت بصدمة كبيرة، وأنها لم تستوعب ما الذي حصل، خاصة وأن الحجج التي بسببها أخذت منها ابنتها كانت عجيبة وغريبة.
وتروي يسرى أن الذين سحبوا منها ابنتها لم يتعاونوا معها، وطلبوا منها أن تنسى ابنتها.
ومن جهتها، عاشت السورية هداية منصور، وهي جدة لحفيد تم سحبه في لوكسمبورغ مأساة مشابهة لمأساة يسرى.
وبدأت مأساة هداية وعائلتها عندما أصرت ابنتها أن تأخذ طفلها ميار (9 شهور) إلى الطبيب بعد أن سقط سقطة خفيفة، لكنها تفاجأت بجلبها للتحقيق من قبل الشرطة لمدة 9 ساعات بحجة أن طفلها يتعرض للعنف من طرف والديه.
وتقول هداية إن المختصين في الشؤون الاجتماعية كتبوا تقريرا حول حالة الطفل وأخذوه من والديه، وأكدت أيضا أنهم اكتشفوا لاحقا أن الطفل ميار كان يتعرض للضرب من قبل الجهة التي تؤويه، وعندما تم أخذ الصور للشرطة، فاجأهم رد مسؤولي الشرطة بأنه لا يمكنهم التدخل لدى جهة حكومية.
كما عاش إسماعيل محمد ظروفا صعبة بعد أن سحب منه طفلاه في ألمانيا، ويقول لبرنامج ” خلف الأبواب المغلقة” إن مكتب رعاية الأطفال أخذوا منه طفليه بحضور الشرطة، ثم قالوا للمحكمة إنه تنازل عنهما.
وحسب الشيخ محمود الحلفازي، مسؤول الرابطة الإسلامية في السويد ومراقب المجلس السويدي للأئمة، فإن من يواجهون مشاكل سحب الأبناء منهم هم “أولئك الذين يعانون من مشاكل زوجية ومن يقصّرون في تربية أطفالهم”.
ويقول إنهم تحدثوا للجهات المسؤولة، ونصحوهم بأن يتعرفوا على عادات وثقافة الوافدين حتى لا يسلط عليهم القانون بشكل قاس وتعسفي.
وتؤكد سمر مدور، نائبة ثانية لمجلس الشؤون الاجتماعية في السويد، أن القانون يسمح للخدمة الاجتماعية بأن تهيئ الأطفال لحياة جديدة.
يذكر أن سحب الأطفال من عائلاتهم في بعض الدول الأوروبية لا يقتصر فقط على اللاجئين العرب.
ماذا نعرف عن هيئة الخدمات السويدية؟
- ارتبط الحديث عن السويد برغد العيش والرفاهيّة الاجتماعية العالية التي يتمتع بها مواطنوها.
- كما تُصنف الدولة الإسكندنافية على أنها إحدى أفضل دول العالم لتنشئة الأطفال وفقا لمجلة “سي. إيه.وه. ورلد” الأمريكية.
- وتعد دائرة الشؤون الاجتماعية، المعروفة اختصارا بـ”السوسيال” في السويد، المؤسسة المسؤولة قانونيا عن ضمان تنشئة الطفل في بيئة صحية وآمنة.
- وقد تأسست دائرة “السوسيال” بهدف حماية الطفل عندما يكون عرضة للإهمال الواضح، كأن يتعرض للعنف الجسدي والنفسي، أو كأن يكون أحد أفراد الأسرة مدمنا للمخدرات.
- وفي حال تلقت هذه المؤسسة معلومة بوجود خطر يهدد الطفل، فيحق لها سحبه بسلطة القانون وفتح تحقيق في الأمر، ثم وضعه عند “عائلة مضيفة” بموجب قرار يصدر عن المحكمة الإدارية في كل بلدية.
- ومن المهام الأخرى التي تختص بها دائرة الشؤون الاجتماعية: تقديم الدعم المالي والاجتماعي للعاطلين عن العمل وذوي الاحتياجات الخاصة، وحماية النساء المعنفات، ورعاية كبار السن والمهاجرين.
كما تحرص المؤسسة على “تعزيز العلاقات داخل المجتمع وبناء الفرد”، وفقا لفاروق الدباغ، الاستشاري في السلوك المعرفي والموظف في دائرة الشؤون الاجتماعية السويدية.
ويلفت الدباغ في حديثه معنا إلى أن السويد “تُركز دائما على الفرد، إذ لا تهتم في قوانينها بفكرة العائلة بقدر ما تهتم بسلامة الفرد. فقد يكون رب العائلة إنسانا غير ملائم ما ينعكس سلبا على باقي أفراد الأسرة، خاصة الأطفال”.
وإذا شكت دائرة الخدمات الاجتماعية أن أحد الوالدين أو كليهما غير قادر على رعاية الأطفال، ستباشر فورا باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الطفل وفقا للمادة 1990:52 من قانون الرعاية الاجتماعية.
ويشير الدباغ إلى أن دور “السوسيال” هو تطبيق القانون فقط، مضيفا أن هناك “آليات ونصائح وتحقيقات طويلة تسبق عملية سحب الأطفال من ذويهم”.
ويردف محدثنا أن القرار النهائي في مثل هذه الحالات يعود للقضاء، موضحا أن “حرمان طفل من رعاية والديه هو آخر خطوة يمكن أن تُقدم عليها دائرة الشؤون الاجتماعية”.
المصدر – قناة الجزيرة