ما بين الأنباء التي تتحدث عن وصول معدات عسكرية مصرية حديثة إلى قاعدة عسكرية بإريتريا، وأخرى عن مناورات جوية مصرية بجنوب السودان، تذهب الأنظار إلى احتمالين، هما، اقتراب موعد تدخل مصر عسكريًا في أزمة سد النهضة الإثيوبي المجاورة لإريتريا، أو إظهار مصر العين الحمراء لإثيوبيا بعد فشل مفاوضات السد حتى تخضع للشروط التي وضعتها بعد أن أعلنها المكتب الفني المسند إليه تقييم آثار السد على مصر، وتصر على موقفها الذي يخالف اتفاق ملْ السد وسعته التخزينية، ما يؤثر على حصة مصر من مياة النيل.
ووسط تلك الأنباء تتصاعد التوترات داخل السودان، وتحتدم التصريحات من مسؤوليها، خاصة بعد الهجوم الإعلامي المصري عليها بعد زيارة الرئيس التركي أردوغان، وحصوله على حق إدارة جزيرة سواكن على البحر الأحمر.
وفيما يلي نرصد الأنباء التي تتحدث عن تحركات مصر عسكريًا واقترابها من سد النهضة
تدريبات عسكرية في جنوب السودان
أعلن مدير مطار جوبا الدولي كور كول توقف الرحلات وأعمال الملاحة الجوية لإجراء عمليات اختبارات خاصة بمعدات المطار صباح (الثلاثاء)، فيما كشف المدير أن المطار خالٍ من الطائرات عدا طائرة مصرية عسكرية تجرى تدريبات بدأت فيها يوم (الاثنين).
وأضاف مدير المطار أنهم بدأوا عمليات تنفيذ تركيب المعدات من أجل ربطها بالأقمار الاصطناعية التى تستيطع توجيه الرحلات الجوية خلال الأحوال الجوية السيئة، مؤكداً توقف كل اعمال الملاحة الجوية للرحلات الدولية والمحلية لاجراء عمليات الاختبار، بينما يتوقع أن يكون سبب إغلاق المطار الدولي وصول طائرات مصرية عسكرية أخرى إلى المطار، حيث تنكر القاهرة مراراً انها تقوم بارسال أسلحة الى دولة جنوب السودان، بينما قالت حكومة جنوب السودان بأن لها سيادة تكفى لشراء الأسلحة.
قوات مصرية في إريتريا
كشفت مصادر لقناة الجزيرة عن وصول تعزيزات عسكرية من مصر، تشمل أسلحة حديثة وآليات نقل عسكرية وسيارات دفع رباعي إلى قاعدة “ساوا” العسكرية في إريتريا.
وتعتبر قاعدة ساوا -التي تقع في إقليم “القاش بركا” المحاذي للسودان في حدوده الشرقية- المقر الرئيس لتدريب جنود الخدمة الوطنية.
وقالت المصادر التي وصفتها بـ«الخاصة» إن اجتماعا عُقد في القاعدة وضم عددا من القيادات العسكرية والأمنية من مصر والإمارات وإريتريا والمعارضة السودانية ممثلة في بعض حركات دارفور وحركات شرق السودان.
قلق سوداني
مساعد الرئيس السوداني، قال إن بلاده تواجه ما وصفه بـ”تهديدات عسكرية” محتملة من جارتيه مصر وإريتريا، بعد رصد تحركات عسكرية للقاهرة وأسمرة بالقرب من الحدود المشتركة مع إريتريا شرقي السودان.
وأوضح إبراهيم محمود مساعد بعد اجتماع لقيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إن الحزب طلب استمرار الترتيبات الأمنية على الحدود الشرقية، بعد تلقي معلومات أمنية عن تهديدات محتملة من مصر وإيرتريا في منطقة ساوا الحدودية.
وأضاف المسؤول السوداني أن الاجتماع تطرق أيضا إلى العلاقة مع مصر، بعد استدعاء السفير السوداني من القاهرة، عقب ما وصفه بـ”الهجوم الإعلامي الذي تم على الشعب السوداني والقيادة السودانية”.
وأكد محمود أن بلاده لا ترغب في إثارة المشكلات مع جيرانه، وإنما تريد التعاون معهم.
إريتريا تنفي
ونفت إيرتريا اليوم الخميس تقارير أفادت بوصول قوات عسكرية مصرية ومعدات حديثة إلى إحدى قواعدها العسكرية، ووصفتها بأنها “كاذبة”.
وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت حالة الطوارئ والاستنفار في ولاية كسلا الحدودية مع إريتريا، قبل أن تعزيزات عسكرية ضخمة إليها وإلى الحدود المشتركة بعد إغلاقها.
وأشارت وسائل إعلام أجنبية أن طائرات شحن مصرية محملة بمعدات عسكرية حديثة وجنود وصلت إلى إريتريا.
وقال وزير الإعلام الإيرتري، يماني جيبريميسكيل، في تغريدة له على موقع تويتر “يبدو أن قناة الجزيرة الإخبارية تستمتع، لأسباب تعرفها هي، بترويج أخبار كاذبة، ومنافية للعقل عن إريتريا، وأحدثها هو توهم نشر قوات وأسلحة مصرية”.
رئيس إريتريا يزور مصر
وقبل يومين استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية الرئيس أسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم استعراض حرس الشرف وعزف السلامين الوطنيين.
وصرح السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب في بداية المباحثات بالرئيس أفورقي، مؤكداً اهتمام مصر بترسيخ التعاون الاستراتيجي مع إريتريا في شتي المجالات، وإرساء شراكة مستدامة بين البلدين، وذلك في ضوء العلاقات التاريخية المتميزة التي تجمع بينهما.
كما أكد أهمية المضي قدماً في تنفيذ مشروعات التعاون بالقطاعات المختلفة، ومنها الزراعة والكهرباء والصحة والتجارة، وكذا في قطاع الثروة الحيوانية والسمكية التي تمتاز بها اريتريا، فضلاً عن مواصلة برامج الدعم الفني المقدمة من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.
وأشار الرئيس إلى التعاون القائم بين البلدين في إطار المحافل والمنظمات الدولية، لافتاً إلى أهمية زيادة التنسيق والتشاور بين الجانبين إزاء الأوضاع والقضايا المتعلقة بالمنطقة في إطار العمل على إحلال السلام والاستقرار والتصدي للتحديات المشتركة، وفى مقدمتها خطر الإرهاب.
وأضاف المُتحدث الرسمي أن الرئيس الإريتري أكد اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من علاقات تاريخية ممتدة وتعاون استراتيجي، مشيداً بدور مصر الريادي بالمنطقة وحرصها على تحقيق التنمية والأمن والاستقرار بالقارة الافريقية. كما أكد الرئيس “أفورقي” تطلع إريتريا لتكثيف التعاون الثنائي مع مصر في مختلف المجالات بما يحقق مصلحة الشعبين الشقيقين، والعمل على تفعيل المشروعات المشتركة بين البلدين بالقطاعات المتنوعة. كما أعرب عن تقدير بلاده لما تقدمه مصر من دعم فني وبرامج لبناء القدرات، فضلاً عن التعاون القائم في إطار المحافل الدولية، مشيراً إلى ما يعكسه ذلك من عمق العلاقات بين الجانبين.
هذه أسباب مصر للتقارب مع إريتريا الآن
اتسمت العلاقات المصرية بدول القرن الإفريقي الجارة لإثيوبيا عادة بالحرص والحذر، فخلال الحرب بين إثيوبيا وأريتريا بين 1998 و2000 لم تدعم القاهرة أي طرف بل دعت الدولتين إلى حل النزاع الطرق السِّلمية، واستبعاد الخيار العسكري، وأحياناً كانت المواقف المصرية يشتم منها رائحة الرغبة في عدم إغضاب إثيوبيا، وأبدت القاهرة على سبيل المثال تفهمها للتدخل الإثيوبي العسكري في الصومال عام 2007.
ولكن يبدو مع إخفاق جهود القاهرة لحل أزمة النهضة دبلوماسياً فإن منهجها في التعامل مع أديس أبابا مرشح للتغير، إذ قال مراقبون إن مصر تستخدم إريتريا كورقة ضغط في التعامل مع إثيوبيا.
ولكن التقاء المصالح المصرية الإريترية لا يقتصر فقط على الخلاف مع أديس أبابا، بل يشمل أيضاً الخلاف المصري مع السودان، خاصة بعد تعقد الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي، إثر فشل الدول الثلاث في التوصل لنتائج ترضي الجميع.