ثمانية ملايين سوداني شردهم محمد بن زايد، وأكثر من 13 ألف سقطوا قتلى حسب إحصائيات الشهر الماضي، هذا ناهيك عن قصص الاغتصاب والترويع التي يتم توثيقها يوميا.
أكثر من سنة كاملة والسودانيون يذوقون الويلات بحرب طاحنة تمولها الإمارات وسط صمت العرب والمجتمع الدولي، وكأن أهل السودان لا بواكي له في العالم.
أكثر من سنة والإمارات تنفي تدخلها في السودان عبر أنور قرقاش، الذي يتصدر دائما الدفاع عن جرائم محمد بن زايد غير أن الحقيقة غير ذلك تماما:
استطاعت الإمارات من تحويل مطار أم جرس (أمجراس) في تشاد إلى مركز إمداد عسكري ولوجستي لأسلحة قوات الدعم السريع. طائرات شحن عسكرية ضخمة تحط في المطار تحت اسم المساعدات الإنسانية لكنها تحمل أسلحة أمريكية وغيرها استخدمتها قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات.
وانتهكت الإمارات حظر الأسلحة على دارفور. وشمل دعم الإمارات لقوات “الدعم السريع” في حرب السودان استخدام نفوذها السياسي والاقتصادي والإعلامي للترويج للميليشيا وقادتها، فضلا عن توفير ملاذ سياسي لهم وملاذ آمن لقادتهم وتسهيل حركتهم عبر المنطقة.
وخلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2023، شوهد يوسف عزت، وهو مواطن كندي ومستشار قائد الميليشيا اللواء محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وزودت الإمارات “عزت” ببطاقة هوية تمكنه من الدخول والتنقل بحرية داخل مقر الأمم المتحدة.
ومع ذلك، تطور دعم الإمارات بشكل مطرد إلى محاولة لخنق السودان اقتصاديًا لضمان الوجود السياسي المؤسسي المستقبلي لقوات الدعم السريع على الساحة السودانية.
وظلت نوايا الإمارات تتلخص في نهب الموارد السودانية بطريقة أشبه بالمافيا. كما تسعى الإمارات التي تسيطر بحكم الأمر الواقع على موارد الذهب في السودان، إلى حرمان السودان من موارد الدخل القومي الأخرى.
وكشفت وثيقة مسربة حديثاً أن الإمارات أبرمت في، ديسمبر/كانون الأول الماضي، اتفاقاً يتم تنفيذه خلال 90 يوماً مع جمهورية جنوب السودان للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
وتم توقيع الاتفاقية من خلال شركة مملوكة لأحد أفراد العائلة المالكة الإماراتية هو حمد بن خليفة آل نهيان، الذي حاول سابقًا الاستحواذ على نادي كرة قدم إسرائيلي (بيتار القدس). وتعرض “آل نهيان” لإحباط من إدارة الدوري بعد شبهات حول مصادر ثروته واستثماراته.
وأوقف الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم الصفقة بعد فشل حمد آل نهيان، في إصدار المستندات المطلوبة، بما في ذلك شهادة النزاهة.
كما وجدت “فجوة كبيرة” بين رأس مال “آل نهيان” المعلن وما يملكه. وكشف تحقيق أجرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن من بين ثروته المزعومة البالغة 1.6 مليار دولار، هناك 1.5 مليار دولار تتكون من سندات حكومية فنزويلية غير قابلة للتداول، والتي لا قيمة لها بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد.
ويشير هذا إلى أن “آل نهيان” يعمل كطرف وسيط في صفقة تبلغ قيمتها عدة أضعاف القيمة الإجمالية لثروته والقيمة المجمعة لاستثماراته.
خنق السودان اقتصاديا لدعم بقاء حميدتي
وتشير شروط الاتفاقية إلى أن القرض سيتم سداده عن طريق شحنات نفط جنوب السودان، والتي تم تسعيرها بسعر 10 دولارات للبرميل أقل من قيمته السوقية. وفي حال انخفاض أسعار النفط يتم تعويض الفارق بشحنات نفط إضافية. وتنص الاتفاقية على تسليم شحنات النفط قبل شهر واحد من سداد المدفوعات لكل مرحلة من مراحل القرض.
ولا يأخذ الاتفاق في الاعتبار الحرب في السودان، فيما لا تدخر الإمارات جهداً في دعم قوات الدعم السريع لمواصلة حربها للسيطرة على البلاد. ويتم توجيه حوالي 70% من قيمة القرض إلى مرافق البنية التحتية، والتي من شأنها تمويل إنشاء خط جديد لنقل نفط جنوب السودان عبر كينيا.
سيؤدي ذلك إلى خسارة السودان إيرادات رسوم عبور نفط جنوب السودان، والتي تبلغ 1.5 مليون دولار يوميًا (حوالي 1.5 مليار دولار سنويًا)، فضلاً عن إغلاق محطة كهرباء كوستي (أمداباكر)، التي تعمل فقط بالوقود القادم من جنوب السودان ويولد 350 ميجاوات، وهو ما يمثل 45% من توليد الكهرباء الحرارية في السودان.
وتسعى الإمارات إلى خنق السودان اقتصاديا في استراتيجية طويلة المدى لزيادة فرص وآفاق وكيلها “حميدتي” في البقاء السياسي.
وفي يونيو من العام الماضي، من خلال صندوق أبو ظبي للتنمية، أقرضت الإمارات 1.5 مليار دولار لتشاد، ووافقت على التعاون العسكري كي تبقى شحنات أسلحتها تتدفق عبر مطارها لقوات الدعم السريع.
وتؤجج الإمارات الحرب في السودان، وتربط وقفها بجهود سياسية للحفاظ على الوجود المؤسسي لميليشيا الدعم السريع، فاقت التدمير المباشر للبلاد، وتهجير وإذلال شعبها داخل حدودها وخارجها.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان