أكدت مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن مصر التي كانت تعاني المشاكل الاقتصادية الكبيرة حتى قبل الحرب الوحشية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، باتت مهددة بعد العملية العسكرية الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى، وقد تدفع هذه الحرب مصر السيسي نحو الهاوية.
وقالت المجلة بتقرير علقت فيه على الوضع الاقتصادي والمعيشي المنهار في مصر، إن الطريقة الأفضل لتعزيز غرور فراعنة مصر، حسب وصفها في إشارة للسيسي، هي تبذير المال حيث تخطط مصر السيسي لكسوة الهرم الثالث في الجيزة بحجارة الجرانيت بعد أكثر من 1000 عام من سقوط كسوته الخارجية، ويأتي ذلك في وقت بات غالبية الشعب فيه تحت خطر الجوع والفقر.
وأوضحت المجلة أن مصر تضررت بشدة من ارتفاع الأسعار وباتت عملتها في ظل هذة الحكومة واحدة من أسوأ العملات أداء في العالم مع تراكم الديون الخارجية والعجز عن سدادها.
وتفكر “الحكومة” رغم ذلك بكسوة الهرم في خطوة يقول المسؤولون عنها إنها تهدف لربط ماضي مصر الإمبراطوري بحاضرها اللامع نفاق حكومى لرئيس الجمهورية!
وأشارت “الإيكونوميست” إلى تدهور الاقتصاد في مصر قبل سنوات، وفي السابق كان مصر السيسي تتلقى التمويل والدعم من ودائع الخليج، والدفعات المتكررة من صندوق النقد الدولي.
ولهذا باتت مصر اليوم ثاني أكبر مدينة للصندوق. وكما هو متوقع، عاد مسؤولو صندوق النقد الدولي إلى القاهرة لتفادي التخلف عن السداد.
مصر السيسي إلى الهاوية بعد حرب غزة
وأكدت المجلة أن الصراع في المنطقة بعد حرب غزة وامتداده إلى البحر الأحمر، يهدد بدفع النظام المصري ورئيسه عبدالفتاح السيسي إلى الهاوية.
وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس إلى النصف، بسبب هجمات الحوثي على السفن في البحر الأحمر ما أثر على القناة.
وعادة ما ينقل خط قناة السويس البحري نحو 30% من حركة الحاويات العالمية، وحقق لمصر 9.4 مليار دولار من رسوم العبور في الاثني عشر شهراً حتى حزيران/ يونيو.
وبعد صيف حار زادت استخدامات الكهرباء، ما أدى إلى خفض صادرات مصر من النفط والغاز ولهذا يشعر المصريون في الخارج بالقلق من تحويل أموالهم إلى عملة منهارة، ويحجبون التحويلات المالية حسب الإيكونوميست.
حكم العسكر يهلك الاقتصاد المصري
ومنذ أن تولّى السيسي السلطة، في عام 2013، تضاعفَ الدين الخارجي لمصر أربع مرات. ويرجع ذلك بشكل نسبي للمشاريع التي يصفها نشطاء بالوهمية والتي تشمل ظاهرياً عاصمة جديدة متألقة، والكثير من المدن والطرق السريعة الأخرى.
وبعد حرب أوكرانيا خفضت مصر السيسي قيمة الجنيه المصري ثلاث مرات لتنخفض العملة المحلية في مصر بنحو 50%. لكن قيمتها في السوق السوداء تبلغ 70 جنيها مصرياً للدولار، أي أقل من ربع قيمتها السابقة.
وتسبب ذلك الأمر بتغذية التضخم، الذي وصل إلى معدل سنوي بلغ 34% في كانون الأول/ ديسمبر، ارتفاعاً من 6% قبل عامين. ويعني انخفاض الجنيه أيضاً أن الحكومة تنفق الآن 60% من ميزانيتها على خدمة ديونها.
ورغم كل ذلك يواصل السيسي تبرير إنفاق أمواله على أساس الاستقرار الاجتماعي، وليس الاقتصاد وصرح عن ذلك: “أنا أوظّف ما بين 5 ملايين إلى 6 ملايين شخص… كيف يمكننا إغلاق كل هذا؟”.
ولطالما شدد جنرالات مصر قبضتهم على الاقتصاد المصري وتراهم يختبئون في مجمعات سكنية، متجاهلين أنين فقراء المصريين خارج أبوابهم.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 72% على أساس سنوي حتى سبتمبر. فيما بدا جلياً أن السيسي غير مبال بكل ذلك. وأشار مؤخراً إلى أن المصريين محظوظون لأنهم لم يتواجدوا في غزة، قائلا في خطاب له: “الأشياء باهظة الثمن، وبعض الأشياء غير متوفرة؟ وماذا في ذلك؟ انظروا إلى غزة لا نستطيع إدخال طعام لهم”.
خدمة الحكومة لأجندة الاحتلال في رفح
وبعد الانتخابات المصرية كان من المرتقب أن يطالب صندوق النقد الدولي بالإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها الحكومة، في أواخر عام 2022، كشرط لإفراج الصندوق عن معظم قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
كما كان من المتوقع على نطاق واسع حدوث انخفاض آخر في قيمة الجنيه، أو حتى تعويمه الحر، جنباً إلى جنب مع تحوّل في الاستثمار بعيداً عن المشاريع العملاقة التي تشبع غرور مصر السيسي حسب وصف “الإيكونوميست”.
لكن عوضاً عن ذلك بدا أن الحكومة حصلت على مهلة بعد انحيازها لما يفعله الاحتلال من تضييق وحصار لقطاع غزة وخدمة أجنداته في خنق الفلسطينيين في رفح، وفق ما أكده النشطاء والحقوقيون العرب والغربيون في منصات التواصل.
ويقول أحمد عبوده الخبير المصري في “تشاتام هاوس” وهي مؤسسة فكرية في لندن إن “مصر استفادت كثيراً من الحرب، وهذا من شأنه أن يجلب الراحة على المدى القصير. ولكنه سيؤدي أيضاً إلى ترسيخ الجنرالات الذين تسبّبوا في تفريغ الاقتصاد”.
وأكدت “الإيكونوميست” أن رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، الذي قاد انقلاباً في 2013، وأصبح الرئيس السيسي رئيساً بعد عام، أثبت فعلياً أنه مدير فاشل للاقتصاد.
وعلى مدار سنوات مضت أقدم السيسي والجنرالات الذين يقودون البلاد إلى احتكار وخنق الاقتصاد المصري. وخدم الإنفاق العام الجنرالات، فيما هرب المستثمرون الأجانب، في وقت تواصل فيه العجز في المدفوعات.
المصدر – مجلة إيكونوميست الإقتصادية البريطانية