منذ أيام عدة، أثارت واقعة وفاة طفلة تبلغ من العمر 11 عامًا، داخل مستشفى “منال” الاستثماري، الكائن بمركز شربين، التابع لمحافظة الدقهلية، غضبًا شديدًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شنت هجومًا حادًا على أحد الأطباء الذي يُدعى “م. م. ا” والذي كان من المفترض أن يُجري العملية، موجهين إليه تهم الإهمال والتقصير الذي أودى بحياتها، إلاّ أنه ينفي عن نفسه هذه التهم.
نهاية الشهر الماضى، اصطحب الحاج محمود عبدالهادي طفلته مروة إلى الطبيب المعالج، عقب إصابتها بارتفاع شديد في درجة الحرارة والتهاب في الحلق واللوزتين، فشخص حالتها على أنها في حاجة لإجراء عملية اللوزتين في اليوم التالي، على أن تقوم بعمل بعض التحاليل والأشعة التي اطلع عليها “قالنا التحاليل والأشعة مظبوطة والعملية ناجحة بإذن الله”، بحسب والد الطفلة.
في الطابق الثاني من المستشفى، تسلم الطبيب الطفلة من أبيها ليدخل بها غرفة العمليات، ومن ثم توجهت الأسرة إلى غرفة الانتظار، يغمرهم إحساس بالطمأنينة “آلاف من الأطفال بيعملوا عملية اللوز كل يوم ويخرجوا عادي.. هنقلق من إيه”، وإذا بإحدى الممرضات تأمرهم بمغادرة الغرفة، ليهبطوا في الطابق الأول “فجأة قالولنا دي أوضة أطباء انزلوا تحت”.
أثناء مرورهم من الطرقة المؤدية إلى الطابق الأول، لاحظت شقيقة مروة، التي تروي ما حدث ـ حركة غير مألوفة لبعض الممرضات اللواتي ظهرن بوجوه مكفهرة “وقفنا وسألناهم في إيه.. محدش جاوب علينا”، مما جعل القلق يتسرَّب إلى نفوسهم جميعًا “والدتي أصرت أنها متنزلش”، لكن أحدًا لم يعطهم أجوبة على أسئلتهم الناشئة عن الخوف والترقب.
تصاعدت وتيرة الاتصالات والحركة في الطرقة، وبعد مرور خمس عشرة دقيقة، آتتهم إحدى العاملات لتخبرهم “الدكتور بيقولكم العملية نجحت والبنت مغمى عليها شوية بس.. واطمنوا”، الأمر الذي دفع الأسرة إلى أن تهرول إلى غرفة العمليات “لاقيت أختي مش بتتحرك، وفيه دم نازل من أنفها” تقول شقيقتها، لم تتمالك نفسها إثر الصدمة التي زاد من وطأتها تأكيد والدها “أختك ماتت يا رُقية”. هب والد الطفلة للبحث عن الطبيب في جميع أرجاء المستشفى، فكانت المفاجأة الأخرى “قالولي الدكتور هرب”، أدرك الوالد أنه لم يعد بإمكانه العثور عليه، فاتخذ قراره بالتوجه إلى مركز الشرطة المتاخم للمستشفى “المأمور والنيابة عاينوا الجثة واطلعوا على كل التحاليل والأشعة”، شكوك عدة دارت في رأسه قطعها مفتش وزارة الصحة “لما قال إن سبب الوفاة المبدئي جرعة بنج زيادة”.
لكن الطبيب يرى أن سبب الوفاة اعتيادي للغاية، إذ قال إن الفتاة كانت مصابة بحالة من الخوف والفزع جعلتها تفقد الوعي، الأمر الذي حدا به الامتناع عن إجراء العملية، ما دفعه إلى استدعاء أخصائي للقلب “كنا مجموعة في أوضة العمليات حاولنا إفاقة البنت بس كانت ماتت، ودا وارد”.
يستنكر الطبيب الهجوم الذي شُن عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، زاعمًا أنه مجرد “افتراءات”، مدللًا على ذلك بأن “أوضة العمليات فيها كاميرات مراقبة يعني اللي حصل بالظبط موجود في عهدة المستشفى”، وهي الكلمات التي أدلى بها أمام النيابة؛ ليدفع التهمة عن نفسه.
لكن مصدر داخل مستشفى المنال قال “، إن غرف العمليات مجهزة بأحدث الأجهزة التي تمنع تواجد كاميرات مراقبة فيها، فضلًا عن أنه محظور تصوير مريض أثناء إجراء أي عملية جراحية “مش من أخلاقيات المهنة”. حتى الآن، ينتظر الطبيب والأسرة معًا تشخيص الطب الشرعي لسبب وفاتها الحقيقي “إحنا مش هنسيب حق بنتنا.. حتى لو آخر العمر”، يتمثل هذا الحق بالنسبة لوالد الطفلة في “مش عاوزين غير الدكتور دا يأخذ جزاءه.. علشان ولاد الناس ميحصلش ليهم زي ما حصل لمروة”.