لماذا فقدت إعلانات رمضان بريقها هذا العام؟

لا يقتصر السباق الرمضاني على ما تجود به قريحة القنوات العربية من مسلسلات وبرامج فقط، فقد أضحت الإعلانات رقماً صعباً في السنوات الأخيرة، ما رفع من السوية الفنية التي تُطرح بها، وحتّم على الشركات البحث والتنافس الحاد لاستقطاب النجوم، وأيضاً الخروج بأبهى حلة لنيل الرضا وتبوء الصدارة في ظل الصراع المحتدم والشرس بين كل الأطراف.

اعتدنا في المواسم الماضية أن تتجه الأنظار صوب الكويت، وتحديداً شركة “زين” للاتصالات، التي برعت في طرح مواضيع إنسانية واجتماعية في قالب فني متقن، وفي العادة يطرح الإعلان الأول قبل ساعات من بداية شهر رمضان، ويكون مليئاً بالرسائل الهادفة، على غرار “لن ينسانا الله”، الذي تناول حال العالم بعد تفشي فيروس كورونا، وأيضاً “لأجلي هذه المرة” وكان عن ضرورة الوقاية وحماية المجتمع عبر التلقيح، وقبلهما كان هناك إعلان حول القدس حمل اسم “سيدي الرئيس”، وفي العام الماضي شاهدنا فيديو مميزاً بعنوان “مكتوبة علينا”، من بطولة الفنانة اللبنانية نادين نسيب نجيم.

وقبل العيد عوّدتنا الشركة الكويتية على طرح إعلان آخر مبهج ومفرح، على غرار أغنية “صوت العيد”، التي حقَّقت نسب مشاهدة قياسية في العيد الماضي، والتي أداها الفنان المصري أحمد سعد، وشاركته الأداء طفلة مصرية موهوبة، وهذه السنة كان لافتاً تأخّر الشركة في طرح الإعلان بالموعد المحدد، وجاء تحت مسمى “هزات نفسية”، وحمل رسالةً مهمة وتوعوية تهم الصحة النفسية؛ حيث بدأ الإعلان بكلمات “قد يفقد الإنسان حياته في الحروب، والكوارث الطبيعية، والأوبئة، بينما تفقده الحياة بأكملها عندما يكون مريضاً نفسياً”، لتبدأ الأغنية بعبارة “الكل شعر بالهزة الأرضية، لا أحد درى بهزات نفسية”.

شارك في بطولة الإعلان النجم السوري باسل خياط، والفنانة رزان جمال، في لفتة ذكية معهودة من الشركة لاستثمار نجاح هذه الثنائية في مسلسل “الثمن”، وكلمات الأغنية كالعادة للمبدعة هبة حمادة، والألحان للمصري إيهاب عبد الواحد، وتوزيع أحمد طارق يحيى، والغناء لرشا الشرنوبي، وأحمد سعدلي، وتولى إخراج الكليب سمير عبود.

لكن من خلال التدقيق في ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي سنجد أن “النبرة” التي استقبل بها الجمهور إعلان زين مختلفة عن المعتاد هذا العام، صحيح أن الموضوع مهم وحساس للغاية، وتجسيد باسل خياط تحديداً كان في غاية الإتقان، وحتى كلمات الكاتبة الكويتية ظلت في نفس السوية، إلا أن هناك عدم رضا واضحاً على اللحن، وأيضاً المغامرة بأسماء جديدة في الغناء، تتعامل معها الشركة لأول مرة، رغم أن ذلك ليس بجديد عليها.

ومن الكويت ننتقل للمحروسة مصر، التي شهدت كالعادة صراعاً حاداً، ويمكن تنصيب الفنان محمود العسيلي “بالملك المتوج” هذا العام على عرش الإعلانات، من خلال وجوده الدائم مع “بنك مصر”، مكرساً سنوات من النجاح المشترك، وهذا العام اختار الفنان حمزة نمرة ليكون الشريك الجديد، كما انبرى صاحب أغنية “مجنونة” للتصدي لإعلان “معمار المرشدي” مع رزان جمال أيضاً، بالإضافة إلى إعلان آخر مع الفنانة أنغام لمؤسسة مجدي يعقوب، بأغنية معبرة باسم “شبر ونص”، ليزكي العسيلي حضوره وتفوقه، سواء عبر الألحان أو الأداء الغنائي، وأضحى منافساً شرساً لأسماء مثل عمرو دياب والكينج محمد منير وتامر حسني المتواري عن الأنظار هذا العام.

وبعد نجاح ياسمين عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز في العام الماضي، استعانت “تليكوم مصر” بالنجمة دنيا سمير غانم، وواصل الهضبة عمرو دياب حضوره رفقة “فودافون”، بحضور محمد صلاح وأسرته في الإعلان، وشاهدنا أيضاً ثنائية بين أحمد عز وياسمين صبري في إعلان “زد أورا”، لكن بالمحصلة يمكن التأكيد على أن إعلانات الموسم الرمضاني الحالي لم تقوَ على التفوق على ما سبقتها، ويمكن استنتاج ذلك حتى على مستوى أرقام المشاهدات وآراء المشاهدين على السوشيال ميديا.

والسؤال المطروح هو: هل الاستسهال هو ما أفقد إعلانات رمضان بريقها؟ ولماذا تخشى شركات الإعلانات المغامرة بالاستعانة بأسماء مختلفة من باب التنويع؟ ولماذا نشعر بغياب الحس الإبداعي، سواء في الكلمات أو الألحان، وحتى التصوير والأفكار المنتجة؟ عموماً ما تحقَّق هذا الموسم يجعل هؤلاء مطالبين بالبحث عن أوراق رابحة جديدة، والخروج من عنق الزجاجة، عبر احتضان أفكار ومواهب قد تخرجها من الرتابة والتكرار الممل الذي فطن له المشاهد.

فهل ستقرّ شركات الإعلانات بهذه الحقيقة يا ترى؟

القاهرة – عادل العوفي

شاهد أيضاً

بالصور – تعرف على بنك أهداف نتنياهو داخل إسرا؟؟ئيل الذين انقلب عليهم

لا يقتصر “بنك الأهداف” على الفلسطينيين فقط عند بنيامين نتنياهو، فالعديد من المسؤولين الإسرائيليين أيضاً …