لا تعتزم الحكومة الألمانية خفض العقبات القانونية للتجنيس فحسب، بل تعمل أيضا على تحفيز الأجانب الذين يعيشون في ألمانيا منذ فترة طويلة على الحصول على الجنسية الألمانية. كما تتجه لحسم موضوع الازدواج في الجنسية بالسماح للمهاجرين بالاحتفاظ بجنسية بلدانهم الأصلية، وذلك بالرغم من معارضة التحالف المسيحي.
ويأتي هذا التوجه معاكسا للمواقف المتشددة لليمين المتصاعد في ألمانيا وأوروبا ككل الذي يحمّل المهاجرين مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي باتت تعيشها القارة، ويطالب بطردهم لتخفيفها.
وأعلن عن الموقف الألماني الجديد من الهجرة المستشار أولاف شولتس ومفوضة حكومته لشؤون الاندماج، ريم العبالي رادوفان، الاثنين في برلين خلال فعالية بعنوان “ألمانيا بلد الهجرة. حوار للمشاركة والاحترام”.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إنه من المهم بالنسبة إليها شخصيا تبسيط إجراءات تجنيس الأشخاص الذين ينتمون إلى جيل العمال الوافدين، موضحة أن هذه أيضا مسألة عدالة بالنسبة إليها.
وتأمل الوزيرة، المنتمية إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي، في تخفيض أقصى عدد الأعوام التي يجب أن ينتظرها أيّ شخص قبل أن يصبح مواطنا من ثمانية إلى خمسة أعوام، ورفع القيود عن الجنسية المزدوجة.
وعن معارضة التحالف المسيحي لازدواج الجنسية وخطط خفض الحد الأدنى لفترة الإقامة الذي يمكن بعد تجاوزه الحصول على الجنسية قالت فيزر “عليهم (التحالف المسيحي) أن يصلوا في النهاية إلى القرن الحادي والعشرين”.
وقالت العبالي رادوفان إن الأمر يتعلق بـ”إزالة آخر غبار العصر الإمبراطوري من قانون التجنيس”.
وقال شولتس “تحيا الديمقراطية على إمكانية المشاركة في صنع القرار”، موضحا أنه من المهم لذلك ألا تكون هناك فجوة بين السكان والناخبين، وأشار إلى أنه خلال فترة عمله عمدة لهامبورغ كان يتأثر دائما بحفلات التجنيس.
وفيما يتعلق بالتخلي عن جنسية البلد الأصلي، والذي عادة ما يكون خطوة ضرورية للحصول على الجنسية الألمانية حتى الآن، قال شولتس “لم أفهم أبدا سبب إصرارنا على ذلك”.
وقالت الحكومة إنها تريد تعزيز الهجرة والتدريب للتصدي للنقص في المهارات الذي يلقي بثقله على اقتصاد الدولة في وقت تراكم فيه زيادة أعمار السكان الضغوط على نظام المعاشات العام.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية “هذه خطة محورية لهذا الائتلاف مع الاعتراف الواضح بأن ألمانيا دولة للهجرة”، وذلك ردا على أسئلة الصحافيين حول الانتقادات.
وأضاف في مؤتمر صحفي “نتحدث عن خطة موضوعة بتفاصيل دقيقة في اتفاق الائتلاف”.
وسيجري تسهيل متطلبات اللغة الألمانية على أفراد ما يسمّى بجيل الموظفين والعمال الأجانب من أجل الحصول على الجنسية، وكثير منهم من الأتراك الذين أتوا إلى ألمانيا في خمسينات القرن الماضي وستيناته كموظفين وعمال أجانب.
وقد تخضع المسودة للتعديلات إذ ستُعرض على الوزارات الحكومية الأخرى بغرض المشورة في الأيام المقبلة، وبعد ذلك يجب أن توافق عليها الحكومة المتألفة من ثلاثة أحزاب ثم تقديمها إلى المشرعين في البرلمان الألماني (البوندستاغ).
وتنص المسودة على أن الأطفال المولودين في ألمانيا لأبوين أجنبيين سيتم منحهم الجنسية تلقائياً إذا كان أحد الوالدين قد حصل على “إقامة اعتيادية قانونية” في ألمانيا لمدة خمس سنوات. كما أنه لن يُطلب من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 67 عاماً إجراء اختبار لغة مكتوب، وستكون “القدرة على التواصل شفهياً” كافية للحصول على الجنسية.
ودعا وزراء من ولايات ألمانيا الست عشرة في وقت سابق الحكومة الفيدرالية إلى تسريع عملية تحويل الأطفال المولودين لأجانب يعيشون في ألمانيا إلى مواطنين ألمان.
وعبر الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر، الشريك الأقل نفوذا في الائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، عن اعتراضه على الخطة.
وفي لقاء صحفي مع صحيفة راينيشي بوست شكك بيجان دجير ساراي في توقيت الخطة وانتقد محدودية التقدم في حالات الترحيل ومكافحة الهجرة غير الشرعية.