يسلط الإعلام النمساوي الضوء على مختلف محاولات حكومة النمسا تضخيم “أزمة الهجرة واللجوء” داخل البلد. فهل هناك ارتفاع فعلي في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء الوافدين إلى البلد؟ أم أن الحكومة تضخم الأمر تنفيذاُ لسياستها الصارمة في مجال الهجرة واللجوء؟
يستمر المسؤولون النمساويون في الحديث عن ارتفاع كبير في عدد المهاجرين الذين يدخلون البلاد. وقالت السلطات يوم الاثنين الماضي إن نحو 68 ألف مهاجر اعتقلوا في البلاد منذ مايو / أيار المنصرم. كما قال فرانز روف المدير العام للأمن في فيينا “يتم القبض على حوالي 3000 مهاجر غير قانوني، أسبوعيا والعدد يرتفع توالياً”.
حسب روف، أوقفت الشرطة معظم هؤلاء المهاجرين بالقرب من الحدود مع المجر. وينتمي أغلب الوافدين إلى كل من أفغانستان والهند وسوريا وتونس وباكستان.
“على حافة الانهيار”
اتخذت النمسا مؤخرًا خطوات لتشديد سياستها الخاصة باللجوء والهجرة، وأصبحت لهجتها معادية بشكل واضح تجاه المهاجرين. وزير الداخلية جيرهارد كارنر يؤكد في تصريحاته الأخيرة أن نظام اللجوء في البلاد “يقترب من نقطة الانهيار”.
وسعت الحكومة مؤخرًا عمليات التفتيش على الحدود مع سلوفاكيا لمنع المهاجرين من الدخول. في أغسطس / آب، التقى كارنر بمسؤولين حكوميين دنماركيين لمناقشة سياستهم في الاستعانة بمصادر خارجية لمعالجة طلبات اللجوء. كما أطلق حملة على الإنترنت لردع من يحاولون الهجرة إلى النمسا من دول مثل المغرب وتونس والهند وصربيا، حيث استعملت شعارات قاسية مثل “ستفشل” و “لا طريق أمامك”.
يوم الاثنين الماضي، تحدث كارنر مرة أخرى عن ارتفاع أعداد طلبات اللجوء، إذ تم تقديم 56000 طلب لجوء في النمسا في الفترة الممتدة من يناير إلى أغسطس 2022. وفقًا للوزير، هذا العدد في الغالب لطلبات قدمها أشخاص قدموا مؤخرًا، ومعظمهم من الهند، وليست لديهم أي فرصة عمليًا للحصول على اللجوء. مؤكداً أنه “لم يتم إصدار أي قرار إيجابي بشأن طلبات اللجوء المقدمة حتى الآن”.
وقال الوزير أيضًا إن أكثر من 7000 مهاجر غير نظامي غادروا النمسا هذا العام، 60 بالمئة من مجموع هذا العدد غادروا البلاد طواعية.
ماوراء الأرقام!
شككت صحيفة Der Standard النمساوية في الارتفاع الحاد في طلبات اللجوء التي تتحدث عنها الحكومة. وقامت بالتدقيق في ادعاءات الحكومة في مقال نُشر على الإنترنت في 24 أغسطس، وأكدت أنه تم تقديم عدد كبير من الطلبات في الأشهر الثمانية الأولى من العام مقارنة بعام 2021 كاملاً.
وفقًا لصحيفة Der Standard، فإن العديد من المهاجرين الذين يقدمون طلب لجوء في النمسا لا يبقون في البلاد. يُعاد البعض إلى بلدانهم الأصلية، بينما غادر عدد كبير النمسا نحو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الأشخاص لم يتم النظر في طلبات لجوئهم في النمسا، ولا يتلقون مزايا طالب اللجوء من الدولة.
حسب الصحيفة، فإن وصف الزيادة في طلبات اللجوء بالـ “دراماتيكية” من قبل الحكومة، لا تعكس إلا واقع ارتفاع إجمالي في عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا. وتضيف أن تشديد المراقبة على الحدود سيتسبب مباشرة في القبض على أعداد كبيرة من المهاجرين.
ردًا على تأكيد كارنر بأن طالبي اللجوء من تونس أو الهند أو باكستان “ليس لديهم أي فرصة عمليًا للحصول على قرار إيجابي بخصوص طلبات اللجوء التي قدموها”، فقد أكد تقرير الصحيفة أن حظوظ حصول أشخاص من هذه الجنسيات على الحماية فعلا منخفضة للغاية، مقارنة مع السوريين أو الأفغان.
لكن هذا لا يمنع، في الوقت نفسه، أنه قد يكون لدى شخص يفر من تونس أو الهند أسباب قوية لطلب اللجوء في النمسا، حسب صحيفة دير ستاندرد.
في النصف الأول من عام 2022 ، بلغ عدد طلبات اللجوء المقدمة من المواطنين التونسيين 3810 ، بينما كان هناك 3110 طلب من المواطنين الباكستانيين و 2025 من الهنود. معظم الطلبات تقدم بها الأفغان (7325) والسوريين (6680).
المصدر – شبكة رمضان