المعروف أن رئيس النمسا الحالي، سياسي أثبت قدرته على لعب دور الحكَم بين السلطات في أصعب الظروف، حيث يحظى بدعم حزبى وشعبى كبير، لكنه يواجه منافسة للفوز بولاية ثانية.
إنه ألكسندر فان دير بلين، رئيس النمسا، الذي أعلن في وقت سابق، الترشح لولاية ثانية في الانتخابات المقررة في وقت لاحق العام الجاري، كثيرا من الجدل السياسي في البلاد.
وفى مرات متعددة أعلن الرئيس فان دير بيلن نيتة للترشح وتحدث عن دوافعه للترشح لولاية ثانية، قائلا: “أشعر بأني مضطر للقيام بدوري في الوضع الصعب الحالي، لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح بشكل عام”.
وتابع: “أشعر اليوم بأني أفضل استعدادًا لتحمل هذه المسؤولية، عما كان عليه الأمر قبل 6 سنوات، عندما كنت أصغر نسبيًا”، مضيفا أنه “مستقل تماما وسيقود حملة انتخابية قصيرة ومركزة”.
وأوضح قائلا: “أنا كبير في السن بما يكفي لشغل هذا المنصب.. لدي الخبرة الحياتية والخبرة المهنية التي نحتاجها”، معلنا تأييده بوضوح العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتابع: “التضحيات الاقتصادية الناتجة عن ذلك، والتي سيتعين على النمساويين أيضًا تحملها، هي ثمن الحرية والديمقراطية”.
فان دير بلين ذهب أبعد من ذلك، وقال “يجب اتخاذ مواقف واضحة بجرأة، وإلا فإن القوميين وأصدقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيحاولون استغلال الأمر والاستيلاء على السلطة” في النمسا.
وبعد إعلان ألكسندر فان دير بيلن، عزمه الترشح لولاية ثانية، قرر حزب الشعب الحاكم عدم طرح مرشح للانتخابات الرئاسية الفيدرالية المقبلة لمنافسة الرئيس الحالي.
وعلى الرغم من أن قرار حزب الشعب كان متوقعا، إلا أن المستشار ورئيس الحزب، كارل نهامر، أكد في تصريح سابق لـصحيفة “كرونه” النمساوية، أنه “اتخذ القرار يوم الأحد فقط”.
وأوضح “احتراما للمنصب، أعلن حزب الشعب دائما أنه سيتخذ قراره بمجرد أن يقرر الرئيس الاتحادي موقفه من الترشح لولاية ثانية”.
وأردف: “أعلن فان دير بيلن، الترشح لولاية ثانية، وبعدها ناقش حزب الشعب الموقف داخليا، واستقر على عدم طرح مرشح لمنافسة الرئيس في الانتخابات الرئاسية”.
لكن نيهامر رفض إصدار توصية رسمية من الحزب لقواعده وناخبيه بالتصويت لفان دير بلين، وقال “الناس ناضجون ويمكنهم اتخاذ قراراتهم بأنفسهم”.
وأوضح “لقد كان العمل مع رئيس البلاد إيجابيًا للغاية خلال السنوات القليلة الماضية، ونتمنى له كل التوفيق في ترشيحه”.
دعم جيد
في المقابل، وكما كان متوقعًا، لن يطرح حزبا الاشتراكي الديمقراطي SPÖ “يسار وسط/معارض”، والنيوز “ليبرالي/معارض”، مرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية، بل أعلن كلا الحزبين بالفعل أنهه سيدعم فان دير بيلن في الانتخابات المقبلة.
وأكد الأمين العام لـ”نيوز”، دوجلاس هويوس، أن حزبه سيدعم الرئيس الفيدرالي الحالي ويتطلع إلى مزيد من التعاون الجيد.
كما أعلن حزب الخضر الشريك في الائتلاف الحاكم، تأييده ترشح فان دير بلين مجددا للرئاسة، ووصف فيرنر كوجلر، المتحدث باسم الحزب، ترشيح الرئيس الحالي، بأنه “بشرى سارة”، معتبرا الرجل “مرساة الاستقرار للنمسا”.
وخاض فان دير بلين الانتخابات السابقة كمرشح لحزب الخضر، لكنه ينوي الترشح لولاية ثانية كمستقل وليس ممثلا لأي حزب.
واستطاع فان دير بلين خلال السنوات الست الماضية، قيادة البلاد لعبور أزمتين سياسيتين في 2018 و2021، ارتبطا بفضائح فساد ضربت أعلى المستويات في الحكومة، وتمكن من إنهاء الأزمة الأولى عبر تعيين مستشار مؤقت وإجراء انتخابات مبكرة.
فيما تمكن من حل الأزمة الثانية عبر التوافق مع حزب الشعب الحاكم على تغيير الوجوه الرئيسية في الحكومة.
الخصم الأهم
لكن طريق فان دير بلين إلى ولاية ثانية ليس مفروشا بالورود، إذ أعلن حزب الحرية (شعبوي/معارض) برئاسة وزير الداخلية السابق هربرت كيكل أنه سيطرح مرشحه لمنافسة الرئيس الحالي، على المنصب الرفيع، كما حدث قبل 5 أعوام.
لكن صحيفة كرونه النمساوية استبعدت أن يخوض القيادي بحزب الحرية (يعرف بالحزب الأزرق) نوربرت هوفر، الذي هزم أمام فان دير بلين في 2016، السباق مجددا هذا العام.
ونقلت الصحف النمساوية اليوم الثلاثاء عن نية الحزب في ترشح المدعى العام السيد ” والتر روزنكرانز” قيل إن رئيس الحزب كيكل اقترح عليه ذلك. غدًا سيتم تقديم مرشح FPÖ رسميًا
وبخلاف مرشح حزب الحرية المحتمل، يبحث حزب “إم إف جي” المناهض للتلقيح ضد فيروس كورونا -وهو حزب صغير- طرح مرشح للرئاسة، وقال القيادي بالحزب، غيرهارد بوتلر إن حزبه “غير راضٍ” عن إدارة فان دير بيلن، لأنه وافق بالفعل على جميع القوانين التي تدعم التلقيح ضد كوفيد، وفرض قيودا على الحركة.
وكان فان دير بلين فاز بالمنصب في ديسمبر 2016، بـ54% من الأصوات، مقابل 46% لنوربرت هوفر مرشح حزب الحرية الشعبوي، بعد انتخابات محتدمة ومتقاربة للغاية.
وتجرى الانتخابات الرئاسية النمساوية كل 6 سنوات، ومن المقرر أن تجري في الفترة بين شهر سبتمبر وديسمبر من العام الجاري، إذ لم يحدد موعد دقيق لها حتى الآن .