تأمل الحكومة الألمانية منح فرصة الإقامة في البلاد بشكلٍ دائم لأكثر من 130 ألف مهاجر عالقين في مأزقٍ قانوني داخل البلاد، ضمن خطةٍ لإصلاح نظام الهجرة في ألمانيا، حسبما ذكرت شبكة DW الألمانية.
ووافقت حكومة المستشار أولاف شولتز، الأربعاء 6 يوليو/تموز 2022، على حزمة إصلاحات ستفتح آفاق منح حقوق الإقامة للأشخاص الذين عاشوا في ألمانيا لأكثر من خمس سنوات بموجب وضعية “دلدنغ”، أو ما يسمّى بالإقامة المتسامحة.
وكتبت وزيرة الداخلية نانسي فيزر من حزب شولتز الديمقراطي الاشتراكي، على تويتر: “نحن دولةٌ متنوعة المهاجرين. ونريد الآن أن نصبح دولةً أفضل في الاندماج، وأود المشاركة بشكلٍ نشط في صياغة سياسة الهجرة والاندماج، بدلاً من إدارتها على مضض كما فعلت طيلة السنوات الـ16 الماضية”، في إشارةٍ إلى سياسات الحكومة المحافظة السابقة.
وتصدر إقامة دلدنغ عادةً للأشخاص الذين رُفِضَت طلبات لجوئهم، لكنهم لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم لمختلف الأسباب. وتشمل هذه الأسباب تهديدات الحرب أو الاعتقال في الوطن الأم، أو الحمل والأمراض الخطيرة، أو لأنهم يدرسون أو يتدربون في وظيفةٍ داخل ألمانيا، لكنهم يظلون ملزمين قانوناً بمغادرة البلاد، ويعيشون تحت تهديد الترحيل.
منطقة اللجوء الرمادية
تسري صلاحية إقامة دلدنغ لفترةٍ قصيرة فقط، ويمكن أن يحصل عليها الشخص عدة مرات متتالية، لكنها لن تسمح له بالعمل عادةً.
أما الخطة الجديدة المقترحة من وزيرة الداخلية فستُؤهل الأشخاص الحاملين لإقامة دلدنغ منذ خمس سنوات (اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2022) للحصول على إقامة لمدة عامٍ واحد.
ويجب أن يُثبت الحاصل على الإقامة رغبته في الاندماج خلال ذلك العام، ما يعني عملياً تعلُّم اللغة الألمانية والعثور على وظيفةٍ تكفي لتأمين دخله.
ويجب أن يستوفي أولئك المهاجرون بعض المعايير، إذ يحظر منح هذه الإقامة للمدانين بارتكاب جرائم خطيرة، أو من تقدموا للحصول على طلب اللجوء بوثائق هوية مزيفة، أو للمتقدمين بأكثر من طلب.
ومع ذلك، توجد بعض الاستثناءات لقاعدة الإدانة الجنائية، حيث سيجري التغاضي عن الجرائم التي حُكم فيها بغرامةٍ بسيطة أو في محكمة الأحداث.
بينما قال كارل بوب، مدير الشؤون الأوروبية في منظمة Pro Asyl للاجئين، إنه التقى بالعديد من الناس العالقين في هذا المأزق القانوني.
وصرح لشبكة DW الألمانية قائلاً: “تخيل أنك تمتلك وضعية إقامة متسامحة، ولديك عائلة، ولديك أطفال في المدرسة نشأوا هنا ويتحدثون الألمانية بطلاقة. سيصبح كل أملك في مرحلةٍ ما أن تحصل على وضعيةٍ توضح أنك تنتمي لهذا البلد، لأنك تريد أن تقضي على الشكوك”.
وأضاف: “بينما يعيش العديدون منذ سنوات في خوفٍ تام من أن تداهم الشرطة منازلهم لترحيلهم، ما يستنزف طاقتهم ويسبب لها معاناة كبيرة”.
من جانبها، كتبت ريم العبلي رادوفان، مفوضة الاندماج بالحكومة، عبر حسابها في تويتر، أن التشريع الجديد سيمثل جسراً نحو حياةٍ أفضل لقرابة الـ135 ألف شخص داخل ألمانيا.
وأوضحت: “نُعيد تشكيل ألمانيا لتصبح دولة هجرةٍ حديثة، وفي خطوةٍ أولى مهمة، سيمنح حق الإقامة فرصةً عادلة أخيراً لجميع الأشخاص الذين يعيشون في البلاد بنظام التسامح منذ أكثر من خمس سنوات. كما سنتيح للجميع إمكانية الوصول إلى دورات الاندماج”.
خطواتٌ أولية نحو الاندماج
في السياق، أعربت منظمات الهجرة عن احتفائها بالنهج العام للحكومة، لكنها لا تزال مشككةً في طريقة التنفيذ.
وقال كوب: “نرحب بمنح الحكومة أكثر من 100 ألف شخص وضعية إقامة قانونية. لكن تجدر الإشارة إلى بعض المشكلات التي نعتقد أن على التشريع توضيحها بدقةٍ أكبر”.
حيث قال كلوب مثلاً إنه من الصعب للغاية إجبار الناس على محاولة استيفاء الشروط الأساسية للإقامة في عامٍ واحد، أو المخاطرة بعودتهم لوضعية الإقامة المتسامحة.
وأضاف: “نود أن نرى مرونةً إنسانية أكبر، إذ من المحتمل للغاية أن يخرج شخص للبحث عن وظيفة دون أن ينجح في ذلك بسبب الظروف الاقتصادية”.
وأردف كذلك أنه يود أن يتضمن القانون الجديد تشريعاً يمنع التهديد بالترحيل لأي شخص مؤهل للحصول على الإقامة بموجب الخطة الجديدة.
المصدر – الصحف الألمانية