بعضها قتل مئات الآلاف ومسح قرى بأكملها من الوجود – أقوى الزلازل المسجَّلة التي ضربت العالم

الزلازل الأكثر خطورة ودموية، ليست بالضرورة هي أقوى الزلازل المسجلة في توثيقات الجيولوجيا وعلوم الكوارث الطبيعية.

فغالباً ما تكون الإصابات دالة على عمق الزلزال، حيث تميل الزلازل السطحية إلى إحداث المزيد من الضرر، علاوة على الكثافة السكانية، ومقدار التهديد الذي يمكن للمباني والهياكل الأخرى استيعابها قبل أن تنهار كلياً.

وقد تسببت بعض أشد الزلازل، مثل زلزال المحيط الهندي عام 2004 وزلزال سيندي العظيم في اليابان في عام 2011، في حدوث موجات تسونامي تسببت في أضرار إضافية وخسائر في الأرواح تقدَّر بالمئات والآلاف.

على النقيض من ذلك، فإن اثنين من أقوى الزلازل التي تم تسجيلها على الإطلاق في التاريخ، مثل زلزالي تشيلي العظيم في عامي 1960 و2010، كان ضحيتهما عدداً قليلاً نسبياً من القتلى، على الرغم من شدتهما الاستثنائية على مقاييس الزلازل المُعتمَدة.

فيما يلي نستعرض بعض أشد الزلازل التي شهدها العالم، وتم تسجيلها بشكل علمي مدروس، ونحدد أكثرها تأثيراً وتدميراً وحصداً للأرواح.

شدة الزلازل لا ترتبط بمدى تدميرها إلا إذا كانت وسط مدن ومبانٍ سكنية

زلزال كشمير الباكستانية

وقع الزلزال الذي بلغت قوته 7.6 درجة في 8 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2005، وذلك في الجزء الذي تديره باكستان من منطقة كشمير والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية في باكستان؛ وقد أثر الزلزال على أجزاء متاخمة من الهند وأفغانستان، بحسب الموسوعة البريطانية Britannica.

وإثر ذلك، قُتل ما لا يقل عن 79.000 شخص، مع انهيار أكثر من 32.000 مبنى في كشمير، وجرى الإبلاغ عن مزيد من الوفيات والدمار في الهند وأفغانستان، مما يجعله واحداً من أكثر الزلازل تدميراً في العصر الحديث حتى اليوم.

وقد زاد توقيت الزلزال من سوء الحظ؛ لأنه ترك مئات الآلاف من الناجين معرَّضين لطقس الشتاء القارس، ما ساهم في ارتفاع معدلات الوفيات التالية للكارثة الطبيعية، وسط صعوبات في إحصائها رسمياً.

زلزال سيتشوان في الصين

ترك زلزال سيتشوان عام 2008 أكثر من 5 ملايين شخص بلا مأوى في جميع أنحاء تلك المقاطعة، ودمر أكثر من نصف مدينة بيتشوان بسبب الزلزال الأولي وتسرب المياه من بحيرة قريبة على أثره.

وضرب الزلزال في 12 مايو/أيار عام 2008، وتسبب في دمار هائل للمنطقة الجبلية الوسطى من مقاطعة سيتشوان جنوب غرب الصين.

كان مركز الزلزال الذي بلغت قوته 7.9 على مقياس ريختر في مدينة ونتشوان، على بُعد حوالي 100 كم شمال غرب تشنغدو، عاصمة المقاطعة؛ وسويت نحو 4 بنايات من كل 5 في تلك المنطقة بالأرض.

كما تم تدمير قرى وبلدات بأكملها في الجبال نتيجة هذه الضربة.

زلزال بيرو العظيم (غرب بيرو)

نشأ هذا الزلزال قبالة سواحل بيرو في 31 مايو/أيار 1970، وتسبب في انهيارات أرضية ضخمة وانهيار العديد من المباني سيئة التشييد.

نتيجة هذا الزلزال لقي ما يقرب من 70.000 شخص مصرعهم.

ووقع معظم الضرر في المدن الساحلية بالقرب من مركز الزلزال وفي وادي نهر سانتا.

وقد وقع الانهيار الأرضي الأكثر تدميراً من أعلى جبل في بيرو، وهو جبل هواسكران، الواقع في غرب وسط جبال الأنديز.

نتيجة لذلك ابتلعت الثلوج والأرض التي تتحرك بسرعة قرية يونغاي، ودفنت معظم قرية رانراهيركا، ودمرت قرى أخرى في المنطقة بشكل جزئي أو كامل

تتسبب الزلازل تحت البحار في إثارة تسونامي خطير على المدن القريبة

زلزال وتسونامي المحيط الهندي

في 26 ديسمبر/كانون الأول عام 2004، ضرب زلزال تحت البحر بقوة 9.1 درجة على مقياس ريختر، قبالة ساحل جزيرة سومطرة الإندونيسية.

وعلى مدار الساعات السبع التالية، ضربت أمواج مد عاتية ناجمة عن زلزال المحيط الهندي، ما دمر مناطق ساحلية بعيدة وصلت حتى شرق إفريقيا.

وقد أفاد موقع Geology Science لعلوم الجيولوجيا بأن الأمواج وصلت ارتفاع 9 أمتار أو أكثر عندما ضربت الخط الساحلي، وقتل التسونامي نحو ربع مليون شخص في 12 دولة، مع استمرار إندونيسيا وسريلانكا والهند وجزر المالديف وتايلاند.

أضرار هذه الضربة كانت جسيمة بشكل غير مسبوق. وقدَّر مسؤولون إندونيسيون أن عدد القتلى هناك فقط تجاوز 200 ألف في نهاية المطاف، لا سيما في إقليم اتشيه شمال سومطرة.

زلزال تانغشان العظيم (شمال غرب الصين)

وقع زلزال تانغشان في 28 يوليو/تموز عام 1976، والذي يُطلق عليه أيضاً زلزال تانغشان العظيم. بلغت قوته 7.5 درجة على مقياس ريختر، ودمر مدينة تانغشان الصينية بالكامل تقريباً.

وهي المدينة التي اشتهرت بتعدين الفحم والصناعات، وتقع على بُعد حوالي 110 كم شرق العاصمة بكين.

ووفقاً لإحصاءات عن عدد القتلى إثر هذه الضربة، التي يُعتقد أنها واحدة من أكبر الخسائر في التاريخ المسجل للزلازل، فقد بلغ رسمياً ما بين 242.000 شخص و655.000 شخص تقريباً.

وقد أصيب ما لا يقل عن 700 ألف شخص بجروح متفاوتة إثر الزلزال، ووقعت أضرار جسيمة في الممتلكات حتى وصلت إلى بكين.

زلزال هايتي

​​دمر زلزال هايتي عام 2010 العاصمة الهاييتية بورت أو برنس مُخلِّفاً ما يقدَّر بنحو 1.5 مليون ناجٍ بلا مأوى.

وقع الزلزال بعد ظهر يوم 12 يناير/كانون الثاني على بُعد 25 كم جنوب غرب العاصمة. سجلت الصدمة الأولية قوتها 7.0 على مقياس ريختر وسرعان ما أعقبتها هزتان ارتداديتان قوتهما 5.9 و5.5.

حدث مزيد من توابع الزلزال في الأيام التالية، بما في ذلك توابع أخرى بقوة 5.9 درجة ضربت في 20 يناير/كانون الثاني في بيتي جواف غرب بورت أو برنس.

لم تتعرض هايتي لزلزال بهذه الضخامة منذ القرن الثامن عشر، وكان أقرب زلزال بقوة 6.9 درجة عام 1984. كما ضرب زلزال بقوة 8.0 درجة ريختر جمهورية الدومينيكان عام 1946.

زلزال تشيلي العظيم في 1960

وقع أكبر زلزال في العالم بقوة موثقة في 22 مايو/أيار 1960 بالقرب من فالديفيا، جنوب تشيلي.

وقد تم قياس الضربة بقوة 9.5 على مقياس ريختر من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. ونظراً لقوته غير المسبوقة، أصبح يُشار إليه باسم “زلزال تشيلي العظيم” و “زلزال فالديفيا 1960”.

وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن هذا الحدث هو “أكبر زلزال في القرن العشرين” بلا استثناء.

معدلات القتلى نتيجة الزلازل تشير إلى مدى خطورة تلك الضربات الأرضية

صحيح أن بعض الزلازل الأخرى في التاريخ المسجَّل أكبر منه؛ ومع ذلك، يعد زلزال تشيلي أكبر زلزال حدث منذ أن أصبحت التقديرات الدقيقة لحجم الكوارث الطبيعية ممكنة في أوائل القرن العشرين.

نتيجة لقوة الزلزال، فقد سبب سلسلة من أمواج تسونامي على طول ساحل تشيلي، حيث تمزقت المنازل من أساساتها وتطايرت بسبب الأمواج. كان الضرر شبه إجمالي في هذه المناطق حتى قيل إنها “تساوت بالأرض”.

وقد أدت الحركة الأرضية الناتجة عن هذا الزلزال إلى تدمير أو إتلاف آلاف المباني. قدرت الحكومة التشيلية أن حوالي 2 مليون شخص على الأقل أصبحوا بلا مأوى بسببه.

إضافة لذلك، هناك العديد من تقديرات الضحايا المختلفة لهذا الزلزال، وهي تتراوح من 490 إلى 6000 شخص تقريباً. معظم الضحايا كانوا بسبب موجات المد في تشيلي والحركة الأرضية.

ومع ذلك، قُتل أشخاص في مناطق بعيدة مثل الفلبين بسبب هذا الحدث.

وقدرت تكاليف الأضرار ما بين 400 و800 مليون دولار في 1960، والتي تُعادل ما بين 3 إلى 6 مليار دولار اليوم، بحسب مقاييس التضخم.

 

شاهد أيضاً

“الإمبراطور الأبيض”.. مقاتلة الجيل السادس الصينية المصممة للهيمنة على السماء والفضاء

تشهد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة تصعيداً ملحوظاً في العديد من المجالات، من أبرزها التسابق …