فيينا – أسماء أحمد بركات —
استيقظ الجميع فجأة على ارتفاع أسعار جديد للسلع الاستهلاكية، فقد زادت معظم السلع 30 إلى 50 بالمئة، وامتلأت مجموعات الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي بمشاعر الغضب والانزعاج الشديد، حتى أصحاب الدخول العالية والمتوسطة أصبحوا يعانون من ذلك الضغط المادي المتزايد الذي لم يقابله ارتفاع في المرتبات والدخول.
أيضاً منذ حوالي الشهر ومع ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق في النمسا صار الحصول على مقعد في القطار الذي يقلنا إلى مدرسة أبنائي صباحاً صعباً جداً، قبل ذلك بأيام كان القطار يبدو فارغاً من الراكبين، فمعظم الناس يستقلون سياراتهم الخاصة للذهاب لأعمالهم، لكن بعد زيادة أسعار الوقود اتجه معظم الناس إلى استخدام المواصلات العامة.
الحصول على زجاجة زيت طعام صار شيئاً نادراً، أضف إلى ذلك كل السلع القابلة للتخزين من المكرونة والدقيق، فتجد أرفف المحلات فارغة على غير المعتاد. حاولت الحصول على زجاجة زيت بالذهاب مبكراً إلى المحلات ظناً مني أني أذهب في وقت متأخر فلم أجد أيضاً! السلع التموينية الأخرى حددت بعض المحال أعداداً معينة منها لكل بيت. في اليومين السابقين بدأ ظهور زجاجات الزيت، ولكن بسعر مضاعف ولا أحد يعلم الأسباب.
لم تكن زيادة الأسعار وحدها السبب في حالة الفزع بين الناس التي سببت حالة التسوق المبالغ فيه، فمنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت بعض وسائل الإعلام النمساوية في الحديث عن احتمالية تعرض محطات الكهرباء في النمسا لهجوم سيبراني وسقوط النمسا في ظلام دامس. واعتبار ذلك السيناريو أسوأ سيناريو كارثي يمكن أن تتعرض له البلاد، حيث ستشل الحياة تماماً.
وفقاً لإحدى جمعيات التأمين، فإن الأربع وعشرين ساعة الأولى من الهجوم ستتوقف فيها الحياة تماماً، وحذرت من أن النمسا ليست مستعدة جيداً لهذا السيناريو من خلال مسح أجراه العديد من مديري الأزمات والعاملين في مجال الحماية المدنية. وبحسب هؤلاء الخبراء فإن حدوث ذلك الأمر ليس بتلك السهولة إلا أنه إذا حدث قد يتسبب بكارثة وطنية، فستنقطع إمدادات المياه وتتأثر المستشفيات ودور الرعاية الصحية وقد يخسر الكثيرون حياتهم نتيجة لانقطاع الكهرباء، وستتوقف شبكات المواصلات. باختصار ستشل الحياة تماماً.
كما تداول المواطنون على شبكات التواصل الاجتماعي نصائح الهيئة الفيدرالية للكوارث التي دعت المواطنين لتخزين غذاء يكفي 14 يوماً، وموقد غاز وراديو يعمل بالبطاريات ومخزون مياه. نشر تلك النصائح في ذلك التوقيت أثار نوبة ذعر وقلق بين الناس.
أما عن التهديد المستمر بتوقف الغاز القادم من روسيا، ومحاولة الحكومة إيجاد بدائل للغاز الروسي، ودعوة وزير الاقتصاد المواطنين إلى توفير الطاقة قائلاً إن “كل كيلو بايت يفيد”، وفي الوقت الذي وضعت فيه خطط للطوارئ في حالة توقف إمدادات الغاز، فقد لجأ الناس إلى الاستغناء عن سياراتهم الخاصة واستخدام وسائل النقل العام، وكان هناك اقتراحات بتوفير تذاكر مجانية شهرية أو بأسعار مخفضة للغاية لدعم المواطنين، بعض المواطنين دعوا إلى قضاء ساعة بدون كهرباء في بعض الأيام إعلاناً عن قدرتهم على الاستغناء عن الغاز الروسي. لكن الجميع يفكر ما إذا لم يتم حل تلك الأزمة قبل الشتاء القادم!
كجميع الناس حاولت الاستغناء عن بعض السلع مثل زيت الطعام وإيجاد بدائل أخرى له، كاستخدام القلاية الهوائية. لم ألجأ إلى التخزين، ولكن مع ارتفاع الأسعار المبالغ فيه بدأت البحث عن بدائل للسلع التي كنت أشتريها من قبل، حتى لو انخفضت جودتها.
أيضاً توقفت عن شراء كل ما هو غير ضروري والسلع الترفيهية. بينما على وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات العربية تعرض دائماً عروض التخفيضات في المحلات المختلفة ليغتنمها الآخرون في تخزين بعض من تلك السلعة لبعض الوقت. في الوقت نفسه انتشرت فكرة بيع الأشياء القديمة غير المستخدمة والصالحة للاستعمال بشكل أكبر من ذي قبل. وزاد الإقبال عليها أيضاً.
طرق حاولت تطبيقها لتوفير استخدام الطاقة في البيت
١- خفض درجة حرارة الغرف والاستعانة بالملابس الثقيلة عوضاً عن ذلك، فكل درجة حرارة يتم تخفيضها توفر ما يقرب 7% من الطاقة بحسب الإحصائيات.
٢- عدم استخدام أجهزة كهربائية قديمة حيث إنها تستهلك الطاقة بشكل جنوني، والاستعانة بأجهزة كهربائية موفرة للطاقة.
٣- إغلاق النوافذ يحافظ على الاحتفاظ بحرارة البيت.
٤- استخدام النظام الاقتصادي في جميع الأجهزة الكهربائية eco، وتجنب استخدام مجفف الغسيل.
٥- استخدام الإضاءات الموفرة LED في المنزل واستخدام الإضاءات ذاتية التوقف في الطرقات وعلى السلالم.
٦- أثناء الطهي استخدام الأواني المناسبة يساعد أيضاً على توفير الطاقة، وإغلاق الأواني بغطاء محكم يساعد على طهو الطعام بطاقة أقل.
٧- عدم وضع الثلاجة الكهربائية بجوار مصدر طاقة ساخن كالموقد لأن ذلك يزيد من استخدام الطاقة للتبريد.
٨- عند القيام بغسيل الملابس في الغسالة الكهربائية، لا يفضل الغسيل إلا إذا امتلأت الغسالة، فغسل كمية قليلة من الملابس كل مرة يزيد من استخدام الطاقة بلا داعٍ. استخدام درجات حرارة أقل يوفر الطاقة أيضاً. إلى جانب ذلك اختيار برنامج اقتصادي إذا توفر في الغسالة يوفر من استخدام الكهرباء.
ومع شؤم الحرب واتفاقنا ألا أحد يحبها أبداً، فإن هناك جانباً يمكن أخذه على محمل إيجابي، وهو أنه من المؤكد أن أولوياتنا جميعاً ستتغير وأننا سنتنازل عن أشياء اعتدنا عليها، وربما مع تلك الأزمة الاقتصادية تتغير أولوياتنا الاستهلاكية ويصبح التوفير أسلوب حياة لنا.