النمسا – ولاء عكاشة —–
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا”.. بضع كلمات دارجة بين جموع المصريين، لكنها لخصت تجربة شاقة خاضتها منة سعيد في سبيل الوصول إلى هدفها الذي ظلت تحلم به طوال عمرها منذ أن كانت طفلة في المرحلة الابتدائية، حتى كللت طريقها بالنجاح الباهر، بعد مشوار طويل من الصبر والمثابرة وتحمل صعاب لم تكن تتوقع الفتاة العشرينية أن تجتازها يوما ما.
بدأت قصة منة سعيد البالغة من العمر ٢٦ عام عندما كانت في الثانوية العام ولكن لم يحالفها الحظ فيها بسبب ظروف خارجة عن إرادتها، فعلى عكس حلم الطفولة والذي ظل يراودها لسنوات طويلة بالإلتحاق بكلية الطب البشري، كان للمجموع رأي أخر، حيث إنها حصلت وقتها على 96٪ وهو المجموع الذي تعتبره “منة” إنجازا كبيرا بعد الظروف الصعبة التي مرت بها خلال مرحلة امتحانات الثانوية العام.
دخلت “منة” كلية العلوم جامعة الزقازيق وتخرجت فيها بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكانت من أوائل الطلبة طوال الأربع سنوات.
أرادت “منة” التمسك بحلمها من خلال استكمال مسيرة النجاح والتفوق في مجال دراستها، لكن كانت هناك مشكلة تواجهها عند التقدم للعمل كمدرس مساعد في عدد من كليات العلوم في مصر. وهي أنها غير حاصلة على شهادة الماجستير، فكان هذا شرط قبولها للتعين، وهو الأمر الذي كان يمثل صعوبة بالنسبة لها بسبب تكاليف الدراسة المرتفعة.
وفي مرة من المرات عرض عليها صديق عائلة شقيقتها والمقيم في النمسا، أثناء قضاء أجازته في مصر، فكرة السفر إلى دولة النمسا للحصول على شهادة الماجستير هناك، لا سيما وأن أختها المتزوجة تقيم هناك مع زوجها وأولادها.
فكرت “منة” ماليا في الأمر حتى أنها بدأت في البحث عبر مواقع الانترنت عن جميع المعلومات التي تخص الدراسة هناك، حتى وجدت ضالتها في قسم الطب الحيوي في إحدي جامعات النمسا، فقررت المضي قدما نحو قرار السفر، عندها بدأت في الاشتراك في إحدى الكورسات لتعلم اللغة الألمانية وهو اللغة الرسمية في هذه البلد التي حدتت مقصدها إليها.
في عام 2019 وصلت منة إلى دولة النمسا، وهو الوقت الذي بدأت تخوض فيه تجربة صعبة ومواقف أصعب، لكن وجود أختها وعائلتها الصغيرة كان يهون عليها بعض الشئ.
أدركت منه أنها يجب أن تتحمل مسؤليتها كاملة حتى لا تثقل على والدها، فقررت الخروج للعمل في النمسا بجانب الدراسة وكذلك تعلم أصول اللغة الألمانية.
أثناء خروجها للعمل واجهت منه الكثير من الصعاب، فهي في بلد تختلف عادتها وتقاليدها عن البلد التي نشأت وكبرت فيها.
عملت منة طاهية في أحد المطاعم ولكن بسبب قيود الاقفال التي فرضها انتشار فيروس كورونا في العالم كله، تركت وظيفتها لبعض الوقت، لكنها لم تستسلم وقررت البحث عن أي وظيفة أخرى تقوم من خلالها بالاتفاق على دراستها، حتى التحقت للعمل في إحدى شركات الإعلانات، لكن تكررت الجرة مرة أخرى بعد ظهورة موجة ثانية من فيروس كورونا أجبرت العالم كله على إتخاذ عدد من الإجراءات الاحترازية المشددة.
وفي حديث منه إنها خاضت أكثر من تجربة في سبيل بحثها عن عمل يناسبها ويناسب العادات والتقاليد التي نشأت عليها.
وكان أخر محطة في رحلة عملها بدولة النمسا هي توصيل الطلبات للمنازل من خلال استقلال دراجة هوائية “دليفري”.
واجهت منة صعوبات كثيرة في هذه المهنة الشاقة، حيث أنها لأول مرة في حياتها تقود دراجة هوائية والذي زاد الأمر صعوبة هي شوارع النمسا الغير مستقيمة بالمرتفعات والمنخفضات والتي تعج بعدد بها الشوارع، فضلا عن سوء حالة الطقس طوال العام، حتى أنه كان يسقط الثلج خلال فصل الصيف.
في نهاية حديثها قالت “منة”، إنها ممتنة لكل شخص قدم لها الدعم في هذه الرحلة سواء المادي أو المعنوي، مؤكدة أن تحقيق الأهداف ليس صعبا، بل يحتاج إلى الأمل والعمل الجاد.