التملُّك وحب السيطرة خطر يهدِّد العلاقات متى تعرف أن شريك حياتك مصاب به؟وكيف تتعامل معه؟

قد تعاني من السلوك المتسلط أو الشخص الذي لديه حب السيطرة والتحكُّم من جهة أي فرد في حياتك تقريباً، إذ قد يكون هذا الشخص هو رئيسك في العمل أو أحد أفراد عائلتك أو صديقك المقرب أو حتى شريك حياتك.

لكن بالنسبة لمستويات التأثير الأكبر والأشد خطورة، فهي تحدث عندما يكون أحد الشريكين في العلاقة الزوجية يمارس هذا السلوك تجاه الآخر، ما يهدد العلاقة ويمثل خطورة على صحتها واستمراريتها.

وعلى الرغم من أن السلوك المتحكم يُمكن أن يُشعرك بصدمة أكبر في العلاقات الرومانسية وهو خطر بشكل خاص على الزواج، إلا أن أي شخص في حياتك يمكن أن يتحكم فيك بطريقة ضارة تؤذي نمط حياتك الطبيعي.

قد يستدعي الأمر قطع تلك العلاقات بالكامل

لذلك من الضروري تمييز هذا السلوك ومعرفة كيفية التعامل معه، ومتى ينبغي محاولة قطع العلاقات المؤذية التي يسيطر عليها هذا النمط السلبي من التعاملات تجنُّباً لأي خسائر نفسية مُحتملة.

الضحايا المُحتملون للشخص المتسلِّط ودرجة التأثير على حياتهم

حب السيطرة يحدث عندما يتوقع شخص ما أو يجبر أو يطلب من الآخرين تلبية احتياجاته الشخصية الخاصة- حتى وإن كان ذلك على حساب الآخرين.

ويستهدف الشخص المسيطر فرداً معيناً في حياته الخاصة أو العملية، ثم ما يلبث أن يسيطر عليه بطريقة غير صحية لخدمة نفسه ورغباته واحتياجاته.

وبحسب موقع Supportiv للصحة النفسية، غالباً ما يفترس الأشخاص المتسلطون من هم أقرب إليهم، ويستفيدون من انطواء الآخرين أو ميولهم الانهزامية أو الضعيفة أو حسن نيتهم.

يمكن أن يؤدي التلاعب أو الابتزاز أو التحكم والتسلُّط من قبل شخص آخر إلى عدد من الآثار الضارة على ضحاياه، يكون بعضها غاية في الخطورة وعدم الوضوح؛ ما يهدد سلامة الضحية النفسية.

وبالنسبة للتأثيرات الأخرى فهي ببساطة تستهلك كل شيء، ويمكن أن تؤدي إلى الشعور بالخجل من “السماح” لنفسك بالسيطرة على مجريات حياتك؛ إذ يميل الأشخاص المتحكِّمون إلى الاعتداء على الأشخاص اللطفاء الذين يمكنهم العثور عليهم.

وفي حال كنت تخضع لسيطرة شخص آخر، فقد تواجه بعضاً مما يلي:

  1. انعدام الثقة في نفسك وانخفاض قيمتك الذاتية.
  2. صعوبة اتخاذ الإجراءات والقرارات الواقعية.
  3. الخوف من أن تكون بدون الشخص الذي يسيطر عليك.
  4. الاكتئاب والقلق.
  5. عدم رغبة العيش بمفردك.
  6. اضطراب ما بعد الصدمة المعقد أو Complex PTSD، خاصة إذا كانت السيطرة مطولة لسنوات أو مقترنة بأنواع أخرى من سوء المعاملة والعنف.

في بعض الأحيان، يكون التلاعب العاطفي معقداً مع شخص لديه حب السيطرة لدرجة أن الشخص الذي يتم التحكم فيه يعتقد في الواقع أنه هو الشخص الشرير، أو أنه محظوظ للغاية لأن شريكه المُسيطر “يتحمله” رغم “عيوبه”.

يجب الانتباه لعلامات العلاقة المؤذية لكي تتجنب الأضرار النفسية المحتملة

وسواء أدى السلوك المُسيطر إلى إساءة عاطفية أو جسدية شديدة أم لا، فهذا ليس وضعاً صحياً ينبغي المواصلة فيه تحت أي ظرف، حتى وإن كانت علاقة زواج طويلة ونتج عنها عدة أطفال، لأنهم غالباً ما سيقعون ضحايا بدورهم لهذا النمط.

علامات تنذرك بأنك في علاقة مع شخص متحكم لديه حب السيطرة

إذا لاحظت أكثر من اثنتين من هذه العلامات في علاقتك أو شريك حياتك، فخذ الأمر على محمل الجد. وبحسب موقع Psychology Today من تلك العلامات ما يلي:

1- يدفعك لقطع علاقاتك مع عائلتك وأصدقائك

قد يبدأ هذا النمط بمهارة وتدريج، لكنه غالباً ما يكون الخطوة الأولى للشخص المتحكم. إذ ربما يشتكون من عدد المرات التي تتحدث فيها مع أخيك على الهاتف، أو يقولون إنهم لا يحبون صديقك المقرب ويطلبون منك قطع علاقتك به.

كما قد يحاولون قلبك ضد أي شخص اعتدت الاعتماد عليه للحصول على الدعم فيما عداهم. ويكون هدفهم من هذا النمط هو تجريدك من شبكة الدعم الخاصة بك، وبالتالي تجريدك من قوتك- بحيث تكون أقل قدرة على مواجهته وتحدي رغباته.

2- النقد المزمن، حتى للأشياء الصغيرة

النقد، مثله مثل العزلة تماماً، وهو أيضاً شيء يمكن أن يبدأ صغيراً ويواصل التفاقم تدريجياً. في الواقع، قد يحاول شخص ما إقناع نفسه بأن انتقاد زوجه له مبرر ومنطقي، أو أن شريكه يحاول فقط مساعدته على أن يكون شخصاً أفضل.

كما قد يحاولون تبرير ذلك، قائلين إنه ليس بالأمر المهم لأنه لا يحب الطريقة التي يرتدي بها ملابسه أو يتحدث أو يأكل بها ولا ينبغي أخذ الأمر على محمل شخصي.

لكن في النهاية، بغض النظر عن مدى صغر حجم النقد الفردي المتواصل، إذا ما كان جزءاً من ديناميكية ثابتة في علاقتك، فسيكون من الصعب جداً الشعور بالقبول أو الحب والقيمة الذاتية.

3- تهديدك في نفسك أو تهديدك بإيذاء نفسه

يعتقد بعض الناس أن التهديدات يجب أن تكون مادية بطبيعتها حتى تصبح مشكلة.

لكن التهديدات بالمغادرة أو حرمانك من “الامتيازات” أو حتى التهديدات من قبل الشخص المسيطر لإيذاء نفسه يمكن أن تكون تلاعباً عاطفياً خطراً مثل التهديد بالعنف الجسدي.

ومن غير المألوف أن يشعر الشريك الذي يتم التحكم فيه بأنه عالق في علاقة خائف من التعرض فيها للأذى، أو من أن يقوم شريكه بتدمير نفسه أو إيذاء نفسه إذا رحل شريكه أو رفض طاعته.

وفي أوقات أخرى، قد يتعرض الشخص للتهديد بفقدان منزله أو الوصول إلى أطفاله أو تلقي الدعم المالي إذا حاول إنهاء العلاقة.

وسواء كانت التهديدات حقيقية أم لا، فهي مجرد طريقة أخرى للشخص المسيطر للحصول على ما يريد على حساب شريكه

من الأضرار النفسية للعلاقات المؤذية من هذا النوع كراهية الذات والشعور بالذنب

4- الحب والقبول والاهتمام المشروط

يميل الشخص الذي لديه حب السيطرة والرغبة في التحكُّم في جعل مشاعر مثل القبول/ الاهتمام/الحب مشروطة كلياً مع شريك حياته.

ومثال ذلك أن يقول الشخص عبارات مؤذية لشريكه مثل: “أحبك أكثر عندما تفعل لي هذا الأمر”، “أجدك جذابة أكثر عندما تخسرين وزنك وتغيرين لون شعرك” أو “لا أعرف كيف أكون حميمة معك وأنت أقل تركيزاً بين أصدقائك”، وغيرها.

وعلى الرغم من أن بعض هذه الأمثلة أكثر وضوحاً من غيرها، فإن الرسالة واحدة: أنت- الآن في هذه اللحظة – لست كافياً بما فيه الكفاية.

وهي غالباً ما تكون نمطاً سائداً في العلاقات المسيطرة المؤذية.

5- استخدام الذنب كأداة ابتزاز

العديد من الأشخاص المسيطرين يعتبرون متلاعبين ماهرين في جعل عواطف شريك حياتهم تعمل لصالحهم الشخصي.

فإذا تمكنوا من التلاعب بشركائهم ليشعروا بتيار مستمر من الذنب حيال الأحداث اليومية، سيحاول شركاؤهم تدريجياً القيام بكل ما في وسعهم حتى لا يشعروا بالذنب.

وغالباً ما يعني هذا التراجع والتخلي عن السلطة وعن آرائهم المخالفة داخل العلاقة، والتي تلعب دوراً في مصلحة الشخص المسيطر.

6- التجسس أو التطفل أو اقتحام خصوصيتك باستمرار

عادة ما يشعر الشريك المسيطر أن له الحق في معرفة أكثر مما يعرفه بالفعل. وسواء أكانوا يحتفظون بسرية التطفل أو يطلبون صراحة مشاركة كل شيء معهم، فهذا يعد انتهاكاً للحدود منذ البداية.

ربما يقوم بفحص هاتفك، أو يتصفح بريدك الإلكتروني، أو يتتبع باستمرار سجل الإنترنت الخاص بك، ثم يبرر ذلك بالقول إنه لديه مشكلات تتعلق بالثقة، أو العبارة المعروفة “إذا كنت لا تفعل أي شيء خطأ، فلا يجب أن تمانع إعلامي بما تفعل”.

وفي كل الأحوال، يُعد ذلك انتهاكاً للخصوصية، علاوة على كونه رسالة مقلقة مفادها أنه ليس لديهم قدرة على الوثوق بك ويريدون بدلاً من ذلك تولي دور الشرطة في العلاقة.

7- الغيرة والاتهامات المتكررة أو جنون العظمة

يمكن أن تكون غيرة الشريك ممتعة في البداية؛ فهي دليل على المحبة أو علامة على مدى اهتمامه وارتباطه بك. لكن عندما تصبح أكثر حدة، يمكن أن تكون مخيفة نابغة من حب السيطرة والرغبة في التملُّك.

وقد يكون الشريك الذي يرى كل تفاعل لديك على أنه مشبوه أو مهدد له غير آمن  أو سوي نفسياً أو يعاني القلق والتنافسية أو حتى جنون العظمة.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يصبح هذا المنظور الاتهامي متأصلاً في علاقتكما، فمن المحتمل جداً أنهم يحاولون التحكم فيك من خلاله والسيطرة على سلوكياتك.

8- عدم احترام حاجتك للوقت وحده والحصول على مساحة خاصة

طريقة أخرى لاستنزاف قوتك هي من خلال جعلك تشعر بالذنب من الوقت الذي تحتاجه بمفردك لإعادة الشحن النفسي، أو جعلك تشعر أنك لا تحبهم بما يكفي عندما تحتاج إلى وقت أقل معهم مما يحتاجون إليه معك.

من الطبيعي ألا يكون لدى شريكين نفس الاحتياجات تلقائياً من حيث الوقت الفردي، حتى لو كان كلاهما منفتحاً واجتماعياً أو انطوائياً.

وفي العلاقات الصحية، يؤدي التواصل حول تلك الاحتياجات إلى الوصول لحل وسط عملي. لكن في حالات العلاقات المتسلطة يتم اتهام رغبة الشخص في الحصول على وقتٍ خاص وكأنها جريمة وخطأ.

علامات أخرى تمثل مؤشراً للخطر

ومن العلامات الأخرى التي تشير إلى وجودك في علاقة من حب السيطرة والتسلط ما يلي:

  1. افتراض أنك مذنب حتى تثبت براءتك.
  2. إرهاقك من الجدل المستمر حتى تستسلم له وتخضع.
  3. التقليل من رأيك ومعتقداتك الراسخة.
  4. جعلك تشعر أنك لا “تضاهيه” أو أنك لا تستحقه.
  5. عدم القدرة أو عدم الرغبة في سماع وجهة نظرك.
  6. إحباط أهدافك المهنية أو التعليمية بجعلك تشك في قدرات نفسك.

ما عليك فعله في العلاقات المؤذية بسبب حب السيطرة والتحكُّم

وفقاً لموقع Life Hacks، هناك بعض الخطوات التي يجب اتباعها عند معرفة أنك منخرط في علاقة مؤذية من هذا النوع، من ضمن تلك الخطوات التالي:

  1. الانتباه للعلامات المبكرة عند بناء العلاقات وأخذ الأمور ببطء. ويمكن أن يحدث ذلك من خلال معرفة العلامات ومحاولة ملاحظتها واستيعاب شخصية الطرف الآخر قبل قرار الزواج منه.
  2. اكتشف مدى خطورة السلوك المسيطر وما إذا كان من الممكن إصلاحه في الطرف الآخر. ويمكن أن يتم ذلك من خلال قراءة الكتب المتخصصة في الموضوع أو الحصول على مساعدة من معالج نفسي.
  3. الخطوة الأكبر والأهم هي ضرورة الاستعداد لقطع العلاقة بغض النظر عن مدة الاستثمار فيها والتبعات الناجمة عن ذلك، وذلك لأن علاقات حب السيطرة والتملُّك تضاهي أضرار التعرُّض للعنف البدني في خطورتها على سلامتك النفسية والعقلية. إضافة إلى كونها بيئة سامة ومؤذية للنضج وتربية الأطفال في كل الأحوال.

 

Check Also

النمسا ترسل 81 جندياً إلى مهمة الأمم المتحدة في لبنان

أرسلت النمسا 81 جندياً، من بينهم 10 سيدات، للانضمام إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في …