كيف تحولت سجون السويد لـ «فنادق خمس نجوم»؟

Gefangmis-in-Schweden3

 

في الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول إلى بناء سجون جديدة نظرا لزيادة عدد السجناء، هناك دول أخرى أغلقت سجونها وحولتها إلى متاحف وفنادق للتنزه، وهذا هو حال بعض الدول الإسكندنافية التي تستورد سجناء لسجونها الخاوية.

والدول الاسكندنافية تقع في شمال أوروبا وهي “فنلندا والنرويج وأيسلندا والسويد والدانمارك”، واتخذت هذا الأسم من أسماء الدول التي تشملها.

ويقول نيلس أوبرغ رئيس مصلحة السجون وإعادة التأهيل السويدية:”لاحظنا تراجعً غير عادي أو مسبوق في عدد السجناء، والآن لدينا الفرصة لإغلاق عدد من منشآتنا نظرا لعدم حاجتنا إليها في هذا الوقت، ونأمل أن تكون جهودنا قد أثمرت في سبيل إعادة التأهيل والوقاية من الجرائم “.

Gefangmis-in-Schweden

المدير العام لسجون إصلاح المجرمين نيلز أوبيري، اقترح إبدال عقوبات السجن لمدد قصيرة بالمزيد من العقوبات الإصلاحية، كالمراقبة والتعقب الإلكتروني وتعميق الحوار وزيادة التعاون مع المحاكم، لأنه سيعود بفائدة إصلاحية أكبر من السجن.

وجاء ذلك في تقرير مترجم عن لقاء مع صحيفة “داغنز نيهتر” السويدية، حيث  قال أوبيري إن 70% من جميع أحكام السجن اليوم، هي أقل من ستة أشهر، مضيفا “من المؤسف أن تدور نقاشات السياسة الجنائية في الكثير من الأحيان حول جعل مدة عقوبة السجن أطول”.

ففي عام 2013 أغلقت السويد 4 سجون بعد انخفاض عدد السجناء وتراجع مستوى الجريمة، فوفقا لإحصائية المركز الدولي لدراسات السجون، يبلغ عدد المحكومين بالسجن 67 شخصا من بين كل 100 ألف شخص.

وبدأ عدد السجناء في السويد بالتناقص منذ عام 2004 الذي بلغت فيه نسبة السجناء نحو 5772 سجينا، حيث انخفضت نسبة المدانين بتهمة السرقة وجرائم المخدرات والعنف بنسبة 36% و25% و12% على التوالي، وانخفض عدد السجناء إلى 4852 سجينا، من أصل 9.5 مليون نسمة يقطنون هذه المملكة الاسكندنافية.

وعن السجون فى السويد، كما جمعناها من مواقع التواصل الاجتماعي، والصور الموجودة لسجن “لانجهولمز” السويدي، الذي تحول إلى فندق يصل فيه سعر استئجار الغرفه إلى 1100 جنيه مصري في اليوم.

Gefangmis-in-Schweden1

فقد أغلقت السويد أربعة سجون من قلة المساجين الكفاية!!.. والحكومة السويدية حولت أكبر سجن في السويد لفندق فخم ومتحف ينزل فية أكتر من ١٠٠ ألف نزيل وأكتر من مليون زائر في السنة ده غير المؤتمرات والاجتماعات والحفلات العالمية اللي بتستضيفها حديقة الفندق السجن سابقا

السجون السويدية تطبق نظام للتأهيل والإصلاح، وقوانينها تمنع الإعدام مهما كانت الجريمة، وأقصى عقوبة لديها هي 21 عاما، وتسمح لمن يقضون عقوبة أقل من 5 سنوات بحرية المبيت في منازلهم ويأتون في الصباح للسجن، والطلبة يذهبون للجامعة ويعودن لمحبسهم، الذي يشترط أن يقام على بحيرة أو حمام سباحة، وفقاّ لقانون الداخلية السويدية

ووفقا لإحصائيات مركز مكافحة الجريمة الوطني في السويد لعام 2014، بلغت جرائم القتل الناجمة عن العنف نحو 87 حالة. وهو نفس العدد المسجل في العام 2013، وخلال الأعوام العشرة الماضية، تراوحت حالات جرائم العنف المؤدي الى القتل بين 68-111 حالة، سنوياً، وهذا يعني أن هناك تراجعاً في تطور العنف القاتل.

Gefangmis-in-Schweden2

هكذا حال السجون في مملكة السويد حاليا، التي كانت قبل نحو 100 عام تعاني ظروف اقتصادية واجتماعية أجبرت الآلاف من مواطنيها على ترك مدنهم وقراهم والهجرة إلى أمريكا، ولكنها استطاعت النهوض من مرحلة شبه العبودية إلى مصاف الدول الصناعية، مع نظام اجتماعي تتراجع فيه معدلات الجريمة ونظام سياسي يحتذى به.

وكانت السويد تعتمد حتى العام 1700 قبل الميلاد على الواردات البرونزية من أوروبا، وكانت تعيش حياة بدائية في منازل ذات طابق خشبي واحد، بحسب مراجع تاريخية، وبعد أن كانت فقيرة جدا سطع نجمها كقوة أوروبية كبرى في القرن السابع عشر .

ويرجع الفضل في نجاح واستمرار مملكة السويد في تلك الفترة، إلى التغييرات الكبيرة في الاقتصاد السويدي في عهد الملك غوستاف الأول في منتصف القرن السادس عشر، ونشره البروتستانتية.

ولكن تعرض الاقتصاد السويدي للتدهور نتيجة الحروب المتواصلة لمدة تصل إلى نصف قرن، وتزامن معها مجاعة ضربت الإمبراطورية السويدية، وأودت بأرواح نحو 10 % من سكان السويد، مما جعل مهمة كارل الحادي عشر من عام 1655-1697، تتركز على إعادة بناء الاقتصاد وتجهيز الجيش.

ومع تضاعف عدد السكان من عام 1750 حتى 1850، اضطر أكثر من مليون سويدي للهجرة الجماعية من بلادهم إلى أمريكا خوفا من المجاعة والتمرد، وظلت السويد في فقر مدقع، لاعتمادها على الاقتصاد الزراعي بالكامل تقريبا، في الوقت الذي بدأت فيه الدنمارك ودول أوروبا الغربية في التصنيع.

وظل الوضع هكذا حتى طرأت تغيرات مهمة بسبب الابتكارات والنمو السكاني الكبير، وشملت هذه الابتكارات برامج ترعاها الحكومة لمنع الإقطاع والاعتداء على الأراضي الزراعية، كما تم إدخال محاصيل جديدة مثل البطاطس.

وفي الفترة من 1870 حتى 1914 حدثت تطورات صناعية أوصلت السويد إلى ما هي عليه الآن، وكذلك برزت حركات شعبية قوية خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر مثل النقابات العمالية وجماعات مكافحة الكحوليات والجماعات الدينية المستقلة، وتأسس الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي في العام 1889، والتي أسرعت من انتقال السويد إلى الديمقراطية .

وبعد الحرب العالمية الثانية انفتحت السويد على التجارة واتجهت إلى المنافسة الدولية في قطاع الصناعة التحويلية حتى السبعينات، إلا أنها تعرضت لفترة من التدهور الاقتصادي، فما بين عامي 1970 حتى 1990، ارتفعت الضريبة العامة بنسبة تزيد على 10 %، وكانت معدلات النمو منخفضة بالمقارنة مع معظم البلدان الأخرى في غرب أوروبا.

وخسر الاقتصاد السويدي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي، ما أدى إلى تراجع السويد من قائمة أكبر خمس دول من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، واتجهت الحكومة لخفض الانفاق إضافة إلى العديد من الإصلاحات الرامية إلى تحسين قدرة البلاد على المنافسة ومن بينها الحد من الرفاهية الاجتماعية وخصخصة الخدمات والسلع العامة.

ولكن كان هذا في الماضي أما الآن فباتت السويد تتصدر قوام مراكز الأبحاث كأفضل الدول، فبحسب تقرير مجلة فوربس، في عام 2017 احتلت السويد المرتبة الأولى كأفصل بلد في مجال التجارة والأعمال في العالم.

وأشار تقرير “فوربس” إلى أن السويد قبل 10 سنوات كانت تقف في المرتبة الـ17 ولكن بانتهاجها سياسات اقتصادية قفزت إلى قمة القائمة، فهي أقدمت خلال العقدين الأخيرين على الحد من القيود وضبط النفس في مجال الميزانية والرفاهية، لتصبح اليوم موطن صناعات متقدمة وماركات عالمية “.

ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي 39.8 مليار دولار أمريكي ونسبة النمو 1.5%.، أما معدل التضخم فيبلغ 0.%، وتصل البطالة إلى نسبة 6.9 % حتى ديسمبر 2016، بحسب إحصائيات رسمية.

ويمكن تلخيص التجربة السويدية بما بدأ به موقع المنتدى الاقتصادي العالم حديثه عنها في مقال منشور في فبراير عام 2017:”لو كنت مواطنا سويديا عليك أن تفتخر بذلك”، مشيرا إلى 9 عوامل رفعت السويد إلى مستويات متقدمة حتى مقارنة سائر دول العالم، فهي أيضا تحتل المرتبة الأولى في العالم في مؤشر الإيكونوميست للديموقراطية والسابعة في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

وقال الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة عن تلك التجربة في مقال صحفي له بجريدة المصري اليوم: ” تجربة الدول الإسكندنافية مع قضية السجون، ومع عالم الجريمة عمومً، ليست كيمياء صعبة التعامل أو لوغاريتمات صعبة”.

Gefangmis-in-Schweden3

ورأى سلامة أن الحل قصة مرتبطة ارتباطا وثيقا بعالم التربية والتعليم، وفى حالة العالم الثالث مرتبطة أيضًا بعالم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام الرأى الآخر، مستطردا بالتأكيد الوضع فى دول العالم الثالث مختلف تمامًا ويحتاج إلى التعامل مع خريطة متشابكة الشكل والمضمون.

وفي رأيه أن حل قضية السجون يتعلق بالإرادة السياسية أكثر من أى شىء آخر، ويتعلق بتحقيق العدالة والمساواة، وبالنهوض الاقتصادى، والقضاء على البطالة، والفقر، والجوع، والتشرد، والعشوائيات”.

واختتم سلامة مقاله قائلا ” بما أنها أمور صعبة المنال فى المرحلة الراهنة، لنبدأ مفاوضات جادة مع الدول الإسكندنافية، علها أو بعضها تقبل نوعاً جديداً من صادرات العالم الثالث وهو المساجين، تخفيفاً للأعباء، وإن كنا سوف نصطدم بطوابير ممن هم خارج السجون، يرغبون فى قضاء ما تبقى من حياتهم هناك، فى سجون الخمسة نجوم”.

 

شاهد أيضاً

برعاية ريد بول النمساوى.. تفاصيل رحلة ثنائي الأهلي محمد هاني وكريم فؤاد إلى النمسا

يستعد ثنائي الأهلي المصري، للسفر إلى دولة النمسا للخضوع لكشف طبي واستكمال مرحلة التأهيل من …