“من الواضح أن ليتوانيا تمر بأزمة كبيرة” هذا ما أكده رئيس فرونتكس فابريس ليجيري. إذ تشهد ليتوانيا تدفقا غير مسبوقا لهذا الكم من المهاجرين. وليتوانيا بلد صغير ولا يملك خبرات واسعة في التعامل مع هذا الكم من المهاجرين حسبما يرى رئيس فرونتكس.
يراقب مايك بمنظاره حقلا شاسعاً بحثاً عن لاجئين. يقع الحقل على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتحديداً على الحدود بين ليتوانيا وبيلاروسيا. في بداية تموز/يوليو وصل الشرطي الألماني٬ الذي يعمل لدى وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي فرونتكس٬ إلى هذه المنطقة “كان الوضع متوترًا للغاية منذ البداية” يقول مايك. خلال دوريته الليلية الأولى تمكن من الكشف عن ثمانين مهاجر غير نظامي يحاولون العبور إلى ليتوانيا.
في الأسابيع القليلة الماضية وصل، ولأول مرة، هذا الكمّ الهائل من المهاجرين إلى شمال الاتحاد الأوروبي. معظم المهاجرين كانوا من العراق. وتتهم ليتوانيا بيلاروسيا بتهريب المهاجرين بطريقة مستهدفة. وذلك رداً على العقوبات التي فرضتها أوروبا على بلده بسبب الانتخابات المتنازع عليها واعتقال المعارضين والسياسيين. إذ فرض الاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات على مينسك بسبب ما وصفه بـ “تصعيد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقمع العنيف للمجتمع المدني والمعارضة الديمقراطية والصحفيين، إذ استقبل الاتحاد الأوروبي ودول الناتو العديد من النشطاء المضطهدين في بيلاروسيا، بما في ذلك زعيمة المعارضة سفيتلانا تيتشانوفسكايا.
فضلاً عن الهبوط القسري لطائرة رايان إير” في شهر مايو/أيار من أجل اعتقال مدون معارض وصديقته. ردا على ذلك، تعهدت بيلاروسيا بالسماح للمهاجرين بالعبور إلى ليتوانيا.
وفي تصريح لوزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرجيس لصحيفة “فيلت” الألمانية٬ قال وزير الخارجية الليتواني “هذه ليست أزمة لاجئين” ولكنها “حرب معلنة ضدنا”. واتهم وزير الخارجية الليتواني بسعي مينسك إلى جلب اللاجئين إليها. إذ تنظم شركات بيلاروسية رحلات للمهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي عبر بيلاوسيا. “إحدى الدول المجاورة لنا تبيع التذاكر مقابل 7000 أو 8000 يورو، والتي من المفترض أن يدخل الناس بها إلى الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني” يقول وزير خارجية بيلاروسية مضيفاً “هذا عمل مربح”..
رئيس فرونتكس فابريس ليجيري أكد مؤخرا أنه وخلال عملية التفتيش الأخيرة التي قامت بها فرونتكس٬ فجأة وفي شهر واحد فقط ” كانت أعداد المهاجرين الذين دخلوا إلى ليتوانيا بشكل غير نظامي يساوي عدد المهاجرين الذين يصلون إلى هنا خلال عام كامل” وأضاف “من الواضح أنه وقياسا بحجم ليتوانيا وخبرتها باستقبال المهاجرين٬ فإن هذا البلد يمر بأزمة “فليتوانيا غير معتادة على وجود هذا الكم من مهاجرين ولاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا”.
محاولات للتخلص من أزمة تدفق المهاجرين!
شيدت السلطات الليتوانية 6 مخيمات كبيرة في بلدة دروسكينينكاي الحدودية في جنوب ليتوانيا. يقيم في هذه المخيمات 130 مهاجرا، أصغرهم يبلغ من العمر ثلاثة أشهر فقط. يتعين عليهم البقاء هناك حتى يتم نقلهم إلى مراكز استقبال أخرى في ليتوانيا، حيث تتم معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم.
بعد وصول هذا الكمّ الهائل من المهاجرين إلى ليتوانيا٬ والتي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة٬ أعلنت ليتوانيا حالة الطوارئ. وأقر البرلمان الليتواني قانونًا مثيرًا للجدل يطالب باحتجاز المهاجرين لمدة تصل إلى ستة أشهر، مما يجعل من الصعب على المهاجرين الطعن في قرارات اللجوء المرفوضة.
تحاول الحكومة الليتوانية وقف الهجرة بكل الوسائل الدبلوماسية. إذ سافر وزير الخارجية لاندسبيرجيس إلى العراق وحصل على وعد من نظيره فؤاد حسين بالتحقيق في “خطة تهريب العراقيين إلى أوروبا”. وقال لاندسبيرجيس في مقابلة مع صحيفة “دي فيلت” إنه من أجل تحطيم “شبكة التهريب” الخاصة بلوكاشينكو، يجب إعادة المهاجرين الذين دخلوا عبر بيلاروسيا “بأسرع ما يمكن إلى بلدانهم الأصلية”. “هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها إظهار أن رحلة غير شرعية إلى أوروبا لا تستحق العناء وتثني الناس عن القيام بها”.
كما تخطط فرونتكس لنشر 60 ضابطا في ليتوانيا بحلول نهاية يوليو/تموز. وتشير وكالة حماية الحدود فرونتكس إلى أنه من غير الممكن الاعتماد على دعم الضباط في بيلاروسيا. يقول رئيس فرونتكس ليجيري: “لا يبدو أن حرس الحدود البيلاروسيين نشطين للغاية”. “كان التعاون وثيقا للغاية. لكنه انتهى الآن تماما”.