توفى اليوم الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس عن عمر يناهز92 عام
وكان الشيخ حافظ سلامة قد تم نقله من السويس لمستشفى الدمرداش في القاهرة بسبب تدهور حالته الصحية، قبل أن يتوفى مساء اليوم .
وأعلنت أسرة الشيخ حافظ أنه سيتم تشيع الجنازة غدا من المسجد الكبير بمدينة السلام بالسويس، وسيتم دفنه بمقابر السويس الجديدة
وعانى الشيخ من ضيق في التنفس وانخفاض نسبة الأكسجين في الدم، وكانت حالته غير مستقرة، وتلقى العلاج داخل قسم الرعاية المركزة بعزل المسنين بمستشفى عين شمس التخصصي، قبل أن يتم نقله إلى دار رعاية لكبار السن بمستشفى الدمرداش بمرافقة طبيب، حيث توفي هناك مساء اليوم.
وأعلنت أسرة الشيخ أنه سيتم تشيع الجنازة غداً من المسجد الكبير بمدينة السلام بمدينة السويس، وسيتم دفنه بمقابر السويس الجديدة.
والشيخ حافظ سلامة هو قائد المقاومة الشعبية بالسويس في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ويرتبط أبناء السويس خصوصاً والمصريون عموماً وجدانياً بالشيخ حافظ سلامة نظراً لدوره الجهادي الكبير ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ولد الشيخ حافظ علي أحمد سلامة، بالسويس في 6 ديسمبر/كانون الأول 1925 أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، وكان حافظ الأبن الرابع لوالده الحاج علي سلامة الذي كان يعمل في تجارة الأقمشة.
وبدأ سلامة تعليمه بكتاب الحي، ثم التعليم الابتدائي الأزهري، وأخذ في تثقيف نفسه في العلوم الشرعية والثقافة العامة ودرس العديد من العلوم الدينية ثم عمل في الأزهر واعظًا، حتى أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر لشئون المعاهد الأزهرية حتى 1978، ثم أحيل إلى التقاعد.
وانتسب للعمل الخيري مبكراً، وشارك في العديد من الجمعيات الخيرية في السويس، وكان له دور اجتماعي وسياسي ونضالي بارز حيث ساهم في دعم المقاومة والمشاركة في العمليات الفدائية والتعبئة العامة للفدائيين.
وبعد نشوب الحرب العالمية الثانية بين قوات المحور وقوات الحلفاء، أصبحت السويس إحدى مناطق الصراع بين القوتين، وكانت مصر واقعة تحت الاحتلال الإنجليزي آنذاك، ما أدى إلى هجرة أهالي السويس ومنهم عائلة الشيخ حافظ سلامة، والذي رفض أن يهاجر معهم وفضل البقاء في السويس، وكان عمره آنذاك 19 عاماً، وكان يوفر نفقاته من إدارته لمحل الأقمشة الذي يمتلكه والده وكان يرسل الأموال لعائلته التي هاجرت إلى القاهرة.
وشهد الشيخ حافظ سلامة الحرب الدائرة بين القوتين في بلده، ولم ينأ بنفسه عن المعركة بل لعب دوراً كبيرا في عمليات الدفاع المدني لمساعدة الجرحى والمصابين.
وفي العام 1944، قابل حافظ سلامة أحد الحجاج الفلسطينيين الذين كانوا يمروا من السويس عندما كان يربط بين ميناء السويس والقدس شريط سكك حديد كان الحجاج الفلسطينيين يستخدمونه في الذهاب إلى الأراضي المقدسة، وقد طُلب من الشيخ حافظ توفير حجارة الولاعات التي تستخدم في صناعة القنابل اليدوية، كما أمده الشيخ أيضاً بالسلاح لمساندة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، حتى قبض عليه في إحدى المرات وحوكم بالسجن 6 أشهر، ولكن تم الإفراج عنه بعد 59 يوم بعد وساطة من أحد أمراء العائلة المالكة في دولة مصر.
وانضم سلامة إلى جماعة شباب محمد، والتي أنشأها مجموعة من الأشخاص المنشقين عن الإخوان المسلمين وحزب مصر الفتاة عام 1948، وشارك الشيخ حافظ من خلال تلك الجمعية في النضال الوطني الإسلامي في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي، وبعد انضمامه بفترة قصيرة، أُعلن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في العام نفسه، وإعلان الجيوش العربية للحرب، وأراد الشيخ حافظ التطوع في صفوف الفدائيين والسفر إلى فلسطين لقتال العصابات الصهيونية، لكن قيادة جماعته طلبت منه حينذاك عدم السفر باعتبار أن العدو الحقيقي لا يزال رابضا في مصر.
وشكل حافظ أول فرقة فدائية في السويس، كانت مهمتها الرئيسية مهاجمة قواعد القوات الإنجليزية الرابضة على حدود المدينة، والاستيلاء على كل ما يمكن الحصول عليه من أسلحة وذخائر، كان يتم تسليمها للمركز العام للجمعية في القاهرة، لتقوم هي بعد ذلك بتقديمها كدعم للفدائيين في فلسطين، وبعد هزيمة الجيوش العربية أنخرط في العمل الخيري والدعوى من خلال الجمعية.
واعتقل سلامة بعد ذلك في إطار الاعتقالات التي نفذها نظام الرئيس السابق جمال عبد الناصر ضد الإخوان المسلمين، وظل في السجن حتى نهاية 1967 بعد حدوث النكسة، وكان يقضى عقوبته في العنبر رقم 12.
وأُفرج عن الشيخ حافظ سلامة في ديسمبر/كانون الثاني عام 1967، فاتجه إلى مسجد الشهداء بالسويس، وأنشأ جمعية الهداية الإسلامية، وهي الجمعية التي اضطلعت بمهمة تنظيم الكفاح الشعبي المسلح ضد إسرائيل في حرب الاستنزاف منذ عام 1967 وحتى عام 1973.
ولعب الشيخ حافظ سلامة دوراً هاما في عملية الشحن المعنوي لرجال القوات المسلحة بعد أن نجح في إقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود عقب هزيمة 1967 والاستعداد لحرب عام 1973، وكانت هذه القوافل تضم مجموعة من كبار الدعاة وعلماء الأزهر وأساتذة الجامعات في مصر مثل شيخ الأزهر عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسن مأمون، والدكتور محمد الفحام، والشيخ عبد الرحمن بيصار وغيرهم.
ويقول اللواء عبد المنعم واصل، قائد الجيش الثالث الميداني، عن الدور الذي لعبه الشيخ حافظ سلامة في تلك الفترة: “الشيخ حافظ سلامة كان صاحب الفضل الأول في رفع الروح المعنوية للجنود على الجبهة، بل إن الجميع كانوا يعدونه أبا روحيا لهم في تلك الأيام العصيبة”.
ونجحت القوافل نجاحًا كبيرًا فصدر قرار بتعميمها على جميع وحدات الجيش المصري في طول البلاد وعرضها كنوع من الاستعداد للمعركة الفاصلة مع الإسرائيليين.
وتعد قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءًا من يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 1973 هي المحطة الأهم في حياة الشيخ حافظ سلامة، إذ تسللت إسرائيل إلى غرب قناة السويس في منطقة “الدفرسوار” القريبة من الإسماعيلية بهدف حصار الجيش الثالث الميداني بالضفة الشرقية للقناة وتهديد القاهرة واحتلال مدينة السويس بإيعاز من الولايات المتحدة الأميركية حتى تجد ما تفاوض عليه في اتفاقية وقف القتال، وسلمت القيادة الإسرائيلية هذه المهمة إلى الجنرال أدان، الذي وجه إنذار إلى محافظ السويس بالاستسلام أو تدمير المدينة بالطيران الإسرائيلي، ولكن الشيخ حافظ سلامة ومعه عدد من القيادات المجاهدة، ومعه جميع أبناء المدينة قرروا رفض تسليم المدينة واستمرار المقاومة مهما كانت الظروف، ووقف الشيخ حافظ سلامة على منبر مسجد الشهداء ليعلن بدء عمليات المقاومة.
ويصف رئيس أركان حرب القوات المسلحة سعد الدين الشاذلي وقت الحرب هذا الدور قائلاً: “إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر/تشرين عام 1973، عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة”.
وبعد هذا التاريخ العظيم للشيخ من جهاد ونضال ضد العدو، ظل الشيخ حافظ سلامة يلعب دوراً إيجابيا في مجتمعه من الناحية الدعوية والاجتماعية وأيضاً السياسية فقد رفض الشيخ حافظ سلامة زيارة السادات للقدس عام 1977 ومعاهدة كامب ديفيد عام 1979، ما جعل الرئيس السادات يضعه على رأس قائمة اعتقالات سبتمبر/أيلول 1981، وقد أُفرج عنه بعد اغتيال السادات.
وظل الشيخ حافظ سلامة قبل وفاته وهو في ذلك السن الكبير صاحب عزيمة وهمة غير عادية في العمل الخيري، منها بناء المساجد مثل مسجد النور بالعباسية ومسجد الرحمن بشبرا الخيمة والعديد من المساجد في مدينة السويس التابعة لجمعية الهداية، وبناء المدارس الإسلامية بمدينة السويس ومساعدة المحتاجين.
وانضم الشيخ سلامة إلى المعتصمين المطالبين بتنحي حسني مبارك عن الحكم في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، كما شارك الشيخ سلامة بقيادة وتنظيم مجموعات الدفاع الشعبي عن الأحياء السكنية في مدينة السويس ضد عمليات السلب والنهب التي انتشرت بسبب الفراغ الأمني أثناء الاحتجاجات.
وفي الرابع من مايو/أيار عام 2012، شارك الشيخ حافظ سلامة في جمعة الزحف بالعباسية، متضامناً مع مطالب القصاص لشهداء العباسية الذين قُتلوا على أيدى بلطجية ووقوف الشرطة العسكرية والجيش دون تحريك ساكنا، وكان الشيخ متواجداُ داخل مسجد النور، عندما قام الجيش بفض الاعتصام.