خلصت دراسة علمية نُشرت مؤخرًا بدورية “ذا لانسيت”، إلى أن المعدل العالمي لحالات الانتحار قد تراجع بنسبة 4 في المئة، منذ بداية جائحة كورونا جائحة كوفيد-19 في مارس 2020.
الدراسة التي شارك فيها حوالي 70 عالمًا، أجريت في نحو 21 دولة، وأجرى الباحثون تحليل زمني متقطعا للتأكد مما إذا كان معدل حالات الانتحار الشهرية قد تغير بعد الوباء. ووُجد، في المتوسط، أن المعدلات المنخفضة، متشابهة في جميع بلدان الدراسة.
وكان تراجع معدل حالات الانتحار، في النمسا، بنسبة 4 في المئة الدافع نحو إجراء الدراسة الدولية؛ إذ يعزو الخبراء من منظمة “ميدوني فيينا”، أحد شركاء الدراسة، تراجع معدل الانتحار، في ظل الجائحة، إلى التنفيذ السريع للتدابير الصحية والمبادرات الاجتماعية.
وشملت هذه المبادرات، في النمسا على سبيل المثال، خيار وصف العلاج النفسي للبالغين في إطار تأمينهم الصحي وتقديم هذا العلاج عبر شبكة الإنترنت، وتوسيع نطاق خدمات التدخل الهاتفية في الأزمات، وبرامج الدعم المحددة الأهداف في سوق العمل، وزيادة التضامن الاجتماعي بفضل برامج المساعدات.
برامج دعم طويلة الأمد
من جانبه، ينبه توماس نيدركروتنثالر من مركز الصحة العامة (قسم الطب الاجتماعي والوقائي)، الذي شارك في الدراسة نيابة عن شركة “ميدوني فيينا”، إلى علامات “الإرهاق” داخل المجتمع التي يجب مراقبتها بعناية “لضمان أن المستوى العالي من الإجهاد العاطفي لا يعزز الرغبة في الانتحار، سواء الآن أو عندما تهدأ الجائحة”. ولذلك، من الضروري وضع برامج دعم طويلة الأجل على الفور.
ويوضح نيدركروتنثالر: “يعاني الكثير من الناس من الإجهاد حاليًا في سوق العمل، وخاصة في مهن الرعاية الصحية، وأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية عقلية قائمة وفئات مهمشة اجتماعيًا، فضلًا عن تلاميذ المدارس والطلاب، وسوف يتطلب هذا توفير الدعم الطويل الأجل”.
وفيما يتعلق بالأطفال والمراهقين، يشير بول بلينر رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين بجامعة فيينا الطبية، إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة هم الذين يظهرون أعلى معدلات الإجهاد العقلي خلال الوباء على الصعيد العالمي.
يتابع بلينر: “لهذا السبب، من المهم إيلاء اهتمام خاص لتوسيع نطاق تقديم الرعاية النفسية الاجتماعية: “عند النظر في الأطفال والمراهقين، فلا يمكنك تجاهل العائلات التي ترعرعوا فيها، ولذلك فإن ارتفاع معدلات البطالة والإدمان بين الراشدين ظاهرة تؤثر حتما أيضًا في الصحة العقلية للأولاد داخل البيئة العائلية”.
وأجريت الدراسة في 16 دولة ذات دخل مرتفع هي (أستراليا، النمسا، كندا، الصين، كرواتيا، إنجلترا، إستونيا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، هولندا، نيوزيلندا، بولندا، كوريا الجنوبية، إسبانيا، والولايات المتحدة الأميركية) و5 دول ومناطق متوسطة الدخل (البرازيل، الإكوادور، والمكسيك، بورتوريكو، وروسيا).