قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن كلا من النمسا وفرنسا تمهدان الطريق لتقييد حياة مواطنيهما المسلمين، بحجة محاربة “الإسلام السياسي” الغامض و “الانفصالية الإسلامية”، لكن ما يهاجمونه حقًا هو مبدأ المساواة بين جميع مواطنيهم.
وأضافت الصحيفة أنه على مدار عقود من الزمان، تم تصوير النمسا إلى حد كبير كجزيرة خالية من العنف السياسي حتى بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث كان يتم النظر إلى المسلمين كمثال لعالم “المسلمين المستأنسين الجيدين”.
واستدركت الصحيفة: “لكن هذا المناخ المتناغم على ما يبدو تغير بمرور الوقت، لا سيما مع صعود حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا، الذي يصف الإسلام بأنه يمثل تهديدًا للمجتمع النمساوي”.
ووفق الصحيفة؛ فإنه بحجة محاربة “الإسلام السياسي”، أغلق حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف وحلفاؤه في التحالف الحكومي (2017-2019) بعض المساجد وتم حظر ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية الحكومية، وذلك قبل حادثة إطلاق النار نفذها متعاطف مع تنظيم “داعش” الإسلاموي ، رغم إدانة المسلمين لهذا الحادث.
ولعدم وجود مبررات ودوافع مقنعة لما قام به هذا الحزب المتطرف خلال قيادته للحكومة، تم إلغاء حظر الحجاب من قبل المحكمة الدستورية، كما أعادت المحكمة الإدارية في فيينا فتح المساجد مرة أخرى، وفق “هآرتس”.
ولكن بالنسبة إلى حزب الشعب النمساوي المحافظ الذي ينتمي له رئيس الوزراء الحالي “سيباستيان كورتز” يبدو أن القتال ضد الإسلام السياسي أصبح ركيزة أيديولوجية أساسية للحزب حتى في خضم جائحة كورونا، حيث دشن ما سماه مشروع المنارة الأوروبية، مركز توثيق الإسلام السياسي، وهو مركز مراقبة يرصد المنظمات غير الحكومية الإسلامية ويراقبها”، وفق الصحيفة.
وبعد حادثة إطلاق نار في نوفمبر/تشرين الثان الماضي، أعلن “كورتز” أن النمسا وأوروبا “تواجهان تحديين”، مشيرا إلى تهديد فيروس كورونا وخطر ما سماه “الإرهاب الإسلامي والتطرف”.
وادعى “كورتز” أن “الإسلام السياسي هو أرض خصبة للإرهاب، والأيديولوجية المتطرفة التي تمهد الطريق لأعمال العنف”، بحسب “هآرتس”.
ومن باريس، أعلنت فرنسا قبل أشهر عن التزامها بمحاربة “الانفصالية الإسلامية” التي تعادل ما أطلقت عليه القيادة السياسية في النمسا “الإسلام السياسي”.
ومثل النمسا؛ فشلت حكومة “إيمانويل ماكرون” في تحديد عدوها، حيث شن وزراء حكوميون كبار حملات عدوانية وشاملة ضد ما أطلقوا عليه “التهديد الإسلامي”.
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية أنه “على الرغم من الانتقادات المتزايدة، تدافع الحكومة الفرنسية عن الحملة الصليبية المقترحة ضد ما سمته اليسار الإسلامي الأكاديمي، والذي بطبيعة الحال لا يستطيع الوزير المسؤول حتى تعريفه”.
ووفق الصحيفة؛ فإنه “في أعقاب إطلاق النار، أرادت كل من فرنسا والنمسا إظهار يد قوية ضد العنف، لكن بدلاً من تحديد الأفراد والجماعات الإسلامية العنيفة، قاموا بقمع شخصيات المجتمع المدني المسلمة والناشطين المناهضين للعنصرية” المحسوبين على تنظيم الإخوان الإسلاموي .
وأضافت: “يبدو واضحًا أن هذه المبادرات لم تؤذ الأفراد المسلمين العنيفين على الإطلاق، ولكنها كانت تهدف إلى تشويه المجتمع المدني والأصوات المناهضة للعنصرية التي وقفت ضد التطرف”.
وبحسب الصحيفة؛ “فإن النمسا تخطط لتجريم الإسلام السياسي، دون تقديم أي تعريف قانوني لهذا المصطلح، كما تعتزم سن قانون لمكافحة الإرهاب، وتعديل قانون الجنسية، وقانون الرموز الوطنية، والقانون الذي ينظم حياة الجالية المسلمة في النمسا”.
ووصفت منظمة العفو الدولية في النمسا هذه التشريعات بقوانين “الطلقة السريعة”، وأشارت إلى أنها تمثل إشكالية للغاية من منظور حقوق الإنسان، بسبب صياغتها الغامضة والانفتاح على الانتهاكات، واستهدافها “للأنشطة القانونية وانتماءات المسلمين” التي يمكن استخدامها “لتبرير المراقبة والاعتقال والطرد والتجريد من الجنسية” والعقوبات الأخرى، والمخاطر التي تمثلها على حرية التعبير والحقوق المدنية.
من جهة أخرى استنتج الباحث اندرياس كريج أن المسؤولين في الإمارات العربية يستخدمون روايتهم حول “مناهضة الإسلام” و” مكافحة الإرهاب” كوسيلة لقمع المجتمع المدني في داخل البلاد وفي جميع انحاء المنطقة مشيراً إلى أنهم أقاموا شراكة مع حلفاء يثيرون الريبة في الغرب، بما في ذلك الجماعات اليمينية المتطرفة التي تحصل على دخلها من زراعة الخوف من الإسلام.
وكشف كريج أن ” المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب في المانيا وهولندا” لديه روابط مريبة مع مركز أبحاث آخر يديره ضابط مخابرات إماراتي سابق، وقال إنه بالنسبة لأبو ظبي، فإن أضفاء “الشيطنة” على الإسلام يرتكز على خوف عميق الجذور داخل مركز القوى في دائرة نفوذ حكام الإمارات.
وأكد الباحث في مقال نشره في المنصة الإعلامية” لوب لوغ” أن هناك تداخلات غريبة بين الرسائل الرسمية لحكومة الإمارات، التي تقترب من محاولة غير مرئية لصياغة سياسة الأمن الداخل للدول الأوروبية – على حد تعبير الكاتب- والمجموعات المناهضة للإسلام، وهي جماعات متطرفة تروج لنظريات المؤامرات الخطيرة، مثل أسطورة يوربيا والتحالف الأحمر والأخضر، لتوحي بأن المسلمين يسيطرون على الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار المقال إلى أن المجموعات التي تدعمها الإمارات قد تمكنت في السابق من الترويج لافكار غير صحيحة، من بينها أن الرئيس السابق باراك أوباما كان مرشحا سريا لجماعة إسلامية وأن هوما عابدين، مستشارة وزير الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، قد حولت وزارة الخارجية لمصنع تابع لجماعة الاخوان المسلمين، كما روجت لفكرة أن بريطانيا تضم مناطق تلتزم بالشريعة الإسلامية.
وقد عملت شبكة المعلومات المضللة في الإمارات العربية مع المدونين ومنظري المؤامرات في الولايات المتحدة لزرع رويات مناهضة للأسلام في التيار الجمهوري على مدار الأعوام الثمانية الماضية، تحت ذريعة “مواجهة التطرف”.
وكشف الكاتب أن الإمارات مولت مراكز أبحاث بهدف لمناهضة قطر، بما في ذلك مؤسسة المحافظين الجدد ومعهد هدسون ومنتدى الشرق الأوسط.