تسابق دور الإفتاء الزمن في بعض الدول لإصدار فتاوى حول التطعيم واللقاحات المضادة لفيروس كورونا. يأتي ذلك مع ورود تساؤلات حول ما إذا كان التطعيم حلالا أم حراما، وكذلك حول ما إذا كانت العملية تتسبب بإفطار الصائم في رمضان.
تسير عملية التطعيم في بلدان إسلامية بشكل مميز جدا كما عليه الحال بالإمارات والمغرب والسعودية، ولكنها تسير عكس ذلك في بلدان أخرى كتونس والجزائر ومصر والعراق. أسباب البطء قد تعود لما هو لوجستي نظرا لعدم قدرة عدد من الدول على تنظيم محكم للعملية (بما فيها دول غربية)، ومنها ما يتعلق بتأخر وصول اللقاحات، ومنها كذلك ما يرجع لتردد فئات من عملية التطعيم.
حلال أم حرام؟
التردد لا يعود فقط لتخوف على سلامة الفرد بعد الأنباء المتضاربة التي انتشرت حول سلامة لقاحات معينة كلقاح أسترازينيكا. ولكن بعد اللغط حول مكونات اللقاح، وما إذا كانت “حلالا أم حراما”، ومن ذلك تصريحات رئيس النقابة الوطنية للأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، الذي طالب وزارة الصحة بالكشف عن مكونات اللقاح حتى يتم التأكد أنه حلال تماما، وهو ما أكدته الدوائر الرسمية بأن اللقاح حلال تماما.
السؤال الديني يبقى حاضرا في الدول الإسلامية حول مكونات لقاح كورونا
كما سبق للمجلس الديني الإسلامي في أندونيسيا أنْ صرح بأنّ استخدام مشتقات من لحم الخنزير في تصنيع لقاح أسترازينيكا يجعل منه محرما شرعيا رغم أن المجلس ذاته وافق عليه للاستخدام العاجل. غير أن فرع الشركة في البلد نفى في تصريح رسمي استخدام هذه المشتقات أو غيرها من المشتقات الحيوانية.
ونقلت سابقا وكالة الأسوشتيد برس عن سلمان وقار، الأمين العام للجمعية الطبية الإسلامية البريطانية أنه “يرجح استخدام مشتقات من الخنزير في غالبية اللقاحات لسنوات”، لهدف “الحاجة إلى ضبط التكاليف وضمان فعالية اللقاحات”.
ونقلت الوكالة عن متحدثين من شركات بيونتيك وفايزر وموديرنا أن لقاحاتهم لا تتضمن منتجات من الخنزير، إلا أن الوكالة أشارت إلى أن طبيعة السوق حاليا وحجم الطلب الكبير قد يجعل دولا تتلقى لقاحات لم يتم اعتماد عدم وجود جيلاتين من الخنزير فيها.
ومن اللقاحات المنتشرة في الدول الإسلامية، لقاح أسترازينكيا وبيونتيك وفايزر، وسبوتنيك في، وسينوفارم وكورونا فاك.
دور إفتاء تدخل على الخط
تحاول المؤسسات الدينية أن تلعب دورا في تبديد مخاوف السكان، آخرهم دار الإفتاء التونسية التي حثت المواطنين على التطعيم، وذكرت في بيان لها أنه “من الواجب المؤكد بالدين أخذ وسائل الوقاية والحذر من العدوى، وهو أيضا واجب وطني بالإقبال على التلقيح حماية للنفس والغير”. وتابعت: “صحة البدن هبة من الله يجب صونها وعدم تعريضها للخطر والحفاظ عليها”.
المساجد في النمسا حاولت التأقلم مع الجائحة
وكان مركز الأزهر للفتاوى في مصر، قد نشر ردا على سؤال من مستخدم شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي حول إمكانية استخدام لقاح كورونا إذا تبين أنه يحتوي على مشتقات من دهن الخنزير، أنه “يباح تناول ذلك اللقاح” لكن بشروط منها أن يستخدم ضد فيروس كورونا فقط وألا يكون لقاح آخر بديل عنه وألا يترتب عنه ضرر مساوٍ للفيروس أو أكبر منه.
كما اعتمد اتحاد علماء المسلمين فتوى بضرورة الاعتماد على الرأي الطبي فيما يتعلّق باستخدام لقاح كورونا، معتبرا في بيان لأمينه العام علي محيي الدين القرة داغي أن اللقاح مباح “حفاظا على مقاصد الشريعة كحفظ النفس والعقل والمجتمع”، وأنه بما “أن الجهات المتخصصة لهذا اللقاح قد أقرّته واعتمدته، وأثبتت فوائده وتأثيره، فإن الفتوى تُبنى على ذلك”.
الإفطار في رمضان
ومن الأسئلة التي تكررت خلال الأيام الأخيرة، هل يتسبب التطعيم خلال نهار رمضان بإفطار الصائم؟ وإذا ما كانت الإجابة فنعم، فالدول تدرك أن ذلك سيكون عاملا سلبيا في إبطاء أكبر لعملية التطعيم الجماعية، ما سيجعل معركتها ضد الوباء تزداد صعوبة خصوصا على ضوء النسخ المتحورة التي ظهرت مؤخرا.
غير أن دار الإفتاء التونسية ذكرت في بيانها أن “التلقيح إذا ما تم في النهار في رمضان فهو غير مفطر لأنه دواء وليس بغذاء فلا حرج من استعماله نهارا”.
كما أفتى الأزهر على موقعه الإلكتروني بأن اللقاح لا يفطر الصائم، و”أنه ليس أكلا ولا شربا، كما أن تعاطيه يكون عن طريق الحقن، وليس عن طريق المنفذ الطبيعي المعتاد كالفم والأنف”، معتبرا أن “شرط نقض الصوم يكون هو أن تصل المادة التي تدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي”.