الكاتب – رامز الحمصي
تقول المعلمة في مدينة إدلب، فادية الصبيح، لـ«ساسة بوست»، إن أكثر ما استفزني في ذكرى مرور عقد على الثورة السورية، هو ما كتبه حساب السفارة الأمريكية في سوريا، على لسان ليندا توماس، سفيرتهم في الأمم المتحدة، «حان وقت الاستماع لصوت الشعب السوري، وبخاصة نساء سوريا»، فهل وعيت الآن وبعد عشر سنوات لمأساة الشعب، وأحست بالمرأة؟
في هذا التقرير نحاول أن نعيش مع نساء سوريا خلال السنوات السابقة في البلاد، واللاتي عانين من تبعات الحرب التي ما زالت مستمرة، ودفعن أثمانًا باهظة فقدًا لأهلهن، وتهجيرًا، ونزوحًا، وفقرًا، وعنفًا، وانتهاكات مورست عليهن.
النساء في سوريا.. ما بين سلعة للبيع أو زواج بالإكراه
خلال سنوات الحرب في سوريا، ومع نمو تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق في 2014، صدرت تقارير عن وزارة حقوق الإنسان العراقية تقول إن تنظيم «الدولة الإسلامية» والذي بات معروفًا باسم «داعش» باع 100 مختطفة سورية في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية، والتي أنشأ فيها التنظيم سوقًا للنخاسة طِبْقًا للوزارة. وما قيل عن أن عددًا من النساء أجبرن على الزواج من جهاديي التنظيم، أكدته مختطفه أيزيدية لـ«ساسة بوست».
تروي الفتاة الإيزيدية، نجلاء إسماعيل، من مواليد 1997، والمنحدرة من منطقة سنجار تجربتها التي عاشتها في سوريا لـ«ساسة بوست»، وكيف أن السنوات السابقة كانت بالنسبة لها وبالًا، فقبل ست سنوات اختطفها التنظيم من موطنها الأصلي في تل القصب بالعراق، ليجري نقلها إلى قضاء البعاج العراقي ليلًا مع 100 فتاة.
وتضيف لنا نجلاء «أن بداية الأمر تزوجها أمير عراقي في التنظيم يدعى خلف جميل، وذلك بعد أن جرى فرز الفتيات المتزوجات عن العازبات، ثم انتقلت للعيش مع أهله في قرية الدشيشة شرقي سوريا، وعقب حصار القرية من قبل قوات سوريا الديمقراطية الكردية في عام 2018 انتقلت معه إلى مدينة الميادين التابعة لمحافظة دير الزور، وبعد اشتراكه في معركة الباغوز التي قادها التحالف الدولي بقيادة أمريكا في 2019 لم يظهر زوجها حتى اللحظة».
نجلاء التي تخلت عن ولديها من زوجها لأنهم «أولاد داعش»، فهي مغتصبة وهؤلاء الأولاد يتبعون لزوجها المنضم للتنظيم، حسب وصفها، وتابعت في حديثها أن حياة النساء المختطفات من قبل التنظيم كانت صعبة، فتشير إلى أن النساء كانت تباع وتشترى يوميًّا، وانتقلت الكثير من الفتيات اللاتي لم يعدن يعرفن مواقع أهاليهن من دولة إلى دولة ومن مدينة إلى مدينة، ليستقر بهن الحال في مخيم الهول لأنهن متزوجات من عناصر التنظيم.
وسبق وأن أكدت وزارة حقوق الإنسان العراقية في تقرير أن التنظيم أنشأ سوقًا للنخاسة والاسترقاق الجنسي مجاورًا لجامع الفلوجة الكبير، ويفتتح يوميًّا بعد الإفطار وتجري عملية البيع بأسعار تتراوح ما بين 500 إلى ألفي دولار.
ومؤخرًا لجأت «نجلاء» إلى البيت الإيزيدي الذي يعنى بنقل الفتيات الإيزيديات إلى موطنهن، حيث مكثت مع النساء من المخيم سنتين ولم تصرح بهويتها خوفًا من أن تقتلها النساء المعتنقات لفكر تنظيم «الدولة الإسلامية»، فما يقارب 200 طفل وامرأة من المختطفين الإيزيديين يعيشون ضمن عوائل التنظيم في مخيم الهول الواقع جنوبَ محافظة الحسكة شرقي سوريا، وفق ما أفاد فريق البحث بالمخيم لـ«ساسة بوست».
«قاصرات سوريا الأكثر انتحارًا»!
زواج الإكراه الذي تعرضت له نجلاء من قبل تنظيم «الدولة»، لم يختلف عن حالة «منال»، سوى أن الأخيرة أجبرت على ذلك من ذويها، فهي تحدثت عن نفسها لمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة»، وأشارت إلى أنها أجبرت على الزواج عندما كانت في سن 15 عامًا، من ابن عمها البالغ من العمر 18 عامًا، نتيجة موجات النزوح المتكررة وسوء الأحوال الاقتصادية لعائلتها، ما جعلها لاحقًا عرضةً للعنف والضرب من قبل زوجها، نتيجة عدم قدرتها على الإنجاب.
وتقول هنا: «كانت عبارة أمي الوحيدة: ستتحسن علاقتك بزوجك بعد أن تنجبي له ولدًا، واليوم وبعد سنوات على زواجنا لم أتمكن من الحمل، وما زالت والدتي تعرضني على أطباء بغية حل المشكلة لكن دون جدوى».
«منال» المنحدرة من قرية الفان الشمالي بريف حماة الشرقي، ونازحة في مخيمات «دير حسان» شمال إدلب، هي واحدة من عشرات النساء اللاتي تزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، وقبلت مشاركة قصتها، في حين أن البلاد تعج بأمثالها ويرفضن الحديث عما يجري معهن، ويذهب بعضهن نحو زهق أرواحهن، كما بينت بعض التقارير الإعلامية أن معظم حالات الانتحار في سوريا كانت تقدم عليها نساء قاصرات تتراوح أعمارهن ما بين 15- 21 سنة، ومعظمهن قد تزوَّجنَ حديثًا.
وبحسب تقرير نشره «صندوق الأمم المتحدة للسكان» في مارس (آذار) 2019، وحمل عنوان «عندما تغني الطيور الحبيسة: قصص الفتيات السوريات اليافعات»، فقد تضمنت 12% من الزيجات المسجَّلة بين السوريين، فتيات تحت سن الثامنة عشرة عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 18% عام 2012، وإلى 25% في عام 2013، وفي أوائل عام 2014، وصلت النسبة إلى 32% وبقيت ثابتة منذ ذلك الحين، وفق ما أفادت به الباحثة، هبة دباس.
في حين قالت المسؤولة عن برنامج مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في صندوق الأمم المتحدة للسكان، وداد بابكر، في تصريح لصحيفة «الوطن» الموالية للنظام السوري، بأنَّ نسبة الزواج المبكر في سوريا ارتفعت من 13 إلى 46% خلال فترة الحرب التي تتعرض لها البلاد، مؤكدة أن معدل الزواج المبكر عاد للارتفاع في البلاد رغم انخفاضه قبل 2011، وأنَّ النسبة تمَّت وفق الدراسات التي أجراها الصندوق في العديد من المناطق السورية.
طفلات يتقلَّدن السلاح
وفي مناطق شمال وشرق سوريا، انفردت المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بتجنيد الفتيات القاصرات، على الرغم من توقيعها على خطة عمل من أجل إنهاء ومنع تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة، فقتال الفتيات لدى القوى الكردية أمر طبيعي، وتجند الإناث كما الذكور.
فالمفترض وبموجب هذه الخطة أن تلتزم «قوات سوريا الديمقراطية» بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم بشكل كامل ونهائي، وفصل الموجودين حاليًا في صفوفها، ووضع تدابير وقائية وتأديبية فيما يتعلق بتجنيد الأطفال واستخدامهم.
ولكن في أواخر عام 2019 ومطلع عام 2020، قبلت «قوات سوريا الديمقراطية» تجنيد ستة أطفال على الأقل ضمن صفوفها في حي «الشيخ مقصود» ومنطقة «الشهباء» بمدينة حلب، والذين جرى تسريحهم خلال أوقات متفرقة من مطلع العام 2020، بعد مناشدة ذويهم عبر وسائل الإعلام مطالبين قوات سوريا الديمقراطية بتسريحهم لأنهم ليسوا بالغين، وفق ما روى ذوو هؤلاء الأطفال لمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة».
وفي المقابل، أكد «بسام حسيكو» الناشط في مجال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بمناطق سيطرة الأكراد، لـ«ساسة بوست»، ما أوردته المنظمة حول بقاء، عائشة محمد (15 عامًا)، وياسمين رشيد (14 عامًا)، وسلطانة بكر (16 عامًا) مجندات في صفوف قوات «قسد»، بالرغم من مناشدة ذويهن المستمرة لتلك القوات بإعادتهن.
وفي مناطق النظام السوري، ذكر موقع «عربي21»، أن الحرب حوَّلت أنظار الجيش إلى النساء، فانتشرت في أحياء العاصمة السورية دمشق إعلانات على الطرق تحث النساء على حمل السلاح، والتطوع في صفوف قوات النظام، دون تحديد مؤهلات أو سن معينة، كما حملت الإعلانات عبارات مثل: «جيشنا يعني كلنا.. التحقوا بالقوات المسلحة»، و«عم تتفرج شو ناطر، بجيشنا منكسب بلدنا».
أرض واحدة.. ولكن في كل حكومة معاملة وقيد
مع استمرار الحرب خلال السنوات العشر، انقسمت المناطق السورية تحت سلطة أربع حكومات، وهو ما شكَّل عقبة أمام النساء اللاتي أصبحن في شمال شرقي سوريا مجبرات على التعامل مع قانونين للأحوال المدنية صكتهما جهتان: «النظام السوري، والإدارة الذاتية» واللتان لا تعترفان بعضهما ببعض.
وكانت النتيجة أن تتحمَّل نساء المنطقة الجزء الأكبر من المعاناة في أروقة المحاكم، والقصور العدلية، وغرف القضاء التابعة للجهتين، فحتى اليوم، تضطر النساء إلى إجراء المعاملة ذاتها (زواج، طلاق، إرث….. إلخ) في محكمتين مختلفين، من أجل ضمان حقوقهن.
المحكمة الأولى تابعة لمؤسَّسات الحكومة الرسمية بحكم ارتباط قيودهن ومعاملاتهن ووثائقهن بها في الفترة التي سبقت تشكيل «الإدارة الذاتية» أي قبل عام 2013، ومن جهةٍ أخرى تضطر النساء إلى استصدار الوثائق من مؤسسات «الإدارة الذاتية» كونها الجهة المسيطرة على المنطقة.
أما في الجنوب السوري، وبعد مرور عامين على سيطرة قوات النظام على الأجزاء التي خضعت لسيطرة فصائل من المعارضة السورية المسلحة في محافظتي درعا والقنيطرة وريف دمشق، رصدت منظمات سورية نساء عجزن عن استخراج شهادات الوفاة لأبنائهن وأزواجهن ممن قُتلوا خلال الحرب.
تدمير العديد من السجلات الرسمية للأراضي والممتلكات العقارية خلال الحرب، صعَّب مهمة النساء للحصول على الوثائق ذات الصلة لتقديم مطالبات باستعادة هذه الممتلكات. المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، أكد بدوره خلال تقرير أن عددًا لا يحصى من النساء السوريات يجدن أنفسهن غير قادرات على استعادة أرضهن عند عودتهن إلى البلاد.
ومع نزوح ملايين الأشخاص في سوريا عدة مرات في السنوات الأخيرة، تزايدت النزاعات على الأراضي في الدولة التي مزقتها الحرب، حيث توقع المجلس أن يُرفع أكثر من مليوني دعوى قضائية في سوريا لاستعادة الممتلكات المفقودة.
«غضب رجال العشائر»
يشير تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن سنوات من الحرب في البلاد، أوصلت جيلًا من الرجال السوريين إلى حافة النهاية، واليوم بعد سيطرة النظام السوري على الكثير من المناطق، تركت مهمة المضي بالبلاد قدمًا إلى النساء.
يشهد المجتمع السوري، خاصة في بعض المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، تحولًا في العادات عما كان عليه سابقًا قبل بدء الثورة السورية؛ إذ إن الكثير من النساء يعملن للمرة الأولى في حياتهن، بعضهن بعد موت أزواجهن أو من يعيل عائلاتهن، فيما أخريات عازبات خاب أملهن في العثور على زوج.
وفي هذه الأيام، يلاحظ المتنقل في الأسواق والأماكن العامة بالعاصمة دمشق، ازدحام النساء وطغيان الطابع الأنثوي في المحلات التجارية، أو على بسطات بيع الخضراوات والملابس المستعملة، وذهب البعض في وصف مدينة طرطوس في شمال البلاد بـ«مدينة الأرامل»، بسبب مقتل عدد كبير من رجالها.
«ساسة بوست» حاورت إحدى النساء التي أطلقت على نفسها «تسنيم»، وتعمل في بيع الأدوات المنزلية، فتقول: «إن خيار الجلوس بالمنزل، لم يكن متاحًا لي للأسف، انخراطي بسوق العمل جاء إجباريًّا، بسبب عدم تمكن أقاربي من إعالة أطفالي الثلاثة بعد موت زوجي في معتقلات النظام قبل ثلاث سنوات».
عمل تسنيم المنحدرة من مدينة تدمر، لمدة 12 ساعة في اليوم مع رجلين؛ سبَّب لها حرجًا مع أقاربها المتغنين بالعشائرية، متناسين حمل مصاريف أطفالها على عاتقهم، حسب تعبيرها، وبالإضافة إلى ذلك إن ما جهله رجال عشيرتها، هو عدم قدرتها مؤخرًا على أداء واجباتها الأمومية نحو أطفالها بعد عودتها من العمل؛ نتيجة امتصاص عملها لجهدها الجسدي.
مركز دمشق للأبحاث والدراسات، الموالي للنظام السوري، يؤكد في دراسة حملت عنوان «تداعيات الحرب على واقع المرأة السورية»، أن نسبة الذكور من وفيات الحرب السورية بلغت نحو 82%، مما زاد من عبء المرأة وحجم مسؤوليتها.
فالأعمال التي كانت حكرًا على الرجال ولم تكن مألوفة لدى النساء قبل بدء الحرب، باتت اليوم تُرى بشكل اعتيادي، مثل العمل في محلات بيع الألبسة الجاهزة الرجالية والنسائية، والسوبر ماركت والحلويات والبوظة، وحتى بائعات بسطات في أسواق الخضراوات، وعاملات نظافة في الطرقات، وسائقات لسيارات أجرة، وفي محلات تصليح السيارات، وفق «تسنيم».
وفي مقياس لإقبال السيدات على العمل، صرحت مصادر في وزارات ومؤسسات النظام لصحيفة «الشرق الأوسط» قائلة: «إن معظم المتقدمين للوظائف التي تعلن عنها تلك الوزارات والمؤسسات من النساء، بينما يلاحظ في الطرقات ازدياد نسبة المرتديات للزي العسكري، بعد انخراطهن في الجيش النظامي والميليشيات، بعد أن كان هذا الأمر نادرًا في سنوات ما قبل الحرب».
انتشار شبكات الدعارة
يذكر الصحافي السوري، عبد الرزاق ماضي، لـ«ساسة بوست»، أنه في الغالب ما تكون النساء هن الفئة الأكثر تضررًا وسط أهوال الحرب، وبالنسبة لسوريا فإن هنالك شبكات الاتجار بالنساء تخدع السوريات بعقود عمل وزواج وتشغلهن بالدعارة. يتصيد القوادون الفتيات من الملاهي والمطاعم، وهو ما أفضى لإرغام قاصرات على معاشرة الواحدة منهن 25 رجلًا في اليوم.
هذا الأمر، وصفته الكاتبة السورية إيمان حمراوي، في صحيفة «روزنة»، «أنه يأتي في ظل تردي الحياة الاقتصادية، وتفكك المجتمع السوري منذ سنوات، إذ ساهمت الحرب في انتشار شبكات الدعارة بشكل مضاعف نتيجة الحاجة المادية والانفلات الأمني المتزايد».
مصدر مطلع في الأمن الجنائي التابع للنظام السوري، أكد لموقع «كيو ميديا» الموالي أيضًا للنظام، «أن هنالك نوعًا من الدعارة لا أحد يخبر عنه، وهذا النوع تجده في مناطق ريف دمشق كيعفور مثلًا، حيث تصل تسعيرة الليلة إلى 500 دولار، ولكن يجب أن تتمتع المخصصات لهذا النوع من الدعارة بمزايا خاصة، في مقدمتها الجمال والعمر. فالصغيرات الجميلات هنَّ الأعلى تسعيرة».
بالمقابل تشير الأرقام إلى أنَّ الحالات المسجلة في الفرع، ارتفعت من 200 حالة في 2019 إلى 800 حالة لعام 2020، وتكثر حالات عرض الجسد في مناطق مثل جرمانا، وبعض الحدائق العامة في دمشق، إذ يجري الاتفاق بين الفتاة والعميل في الشارع، على المبلغ والمكان قبل أن تصعد إلى السيارة.
الصحافي السوري، تامر قرقوط، يرى بدوره أن الفقر هو أحد أهم عوامل انتشار الدعارة، وهو نتاج سياسات حكومية خاطئة وحرب مستمرة، مضيفًا أن «مقولة الحرة لا تأكل بثدييها سقطت، فالحرب قلبت الموازين، والفقر أسس قواعد جديدة للحياة الصعبة، بخاصة أن أكثر من ثلثي عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر، كما أن الانهيار الأخلاقي يرافق سوء الحالة الاقتصادية».
أطفال مجهولو النسب ضحايا الحرب
غياب التنمية وعدم وجود أمل يلوح في الأفق ليتمسك به الناس، ولد حالة من التخلي عن الأطفال الرضَّع، وهي ظاهرة آخذة في التزايد والانتشار في مناطق سورية عدَّة، ما خلَّف عشرات الأطفال مجهولي النسب؛ إذ تعمد أمهات إلى وضع أولادهن الذين لا تتجاوز أعمارهم ساعات أو أيام، أمام المساجد وفي الحدائق العامة، أو إلى جانب الطرقات.
تذكر الباحثة الحقوقية في منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» التي تعنى بتوثيق الانتهاكات في سوريا، هبة دباس، لـ«ساسة بوست»، أنه تَبَعًا لتقرير للمنظمة، فقد ظهرت الكثير من حالات رمي الأطفال الحديثي الولادة والتخلي عنهم، إلا أن العديد منهم لا قدرة لديهم على توثيقهم بشكل رسمي أو الحصول على أوراق ثبوتية، وهو ما يعني حرمان الطفل من كافة الحقوق المدنية، والحرمان من حياة طبيعة تراعي إنسانيتهم وطفولتهم.
وفي مناطق سيطرة النظام السوري، أقر مصدر قضائي في دمشق، أن عدد مجهولي النسب المسجلين خلال السنوات السابقة بلغ نحو 300 طفل، وأن الدائرة العدلية في دمشق تستقبل حالة من هذا النوع كل شهرين.
نساء سوريا بالأرقام
مع إتمام الثورة السورية عقدها الأول، سجلت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، مقتل 28485 أنثى على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منذ مارس (آذار) 2011 حتى مارس 2021، بينهن 21943 قتلن على يد قوات النظام السوري، و1579 على يد القوات الروسية، و980 على يد تنظيم «داعش»، و82 على يد هيئة تحرير الشام.
ضافَ التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية قد قتلت 254 أنثى، فيما قتلت المعارضة السورية المسلحة 1313 أنثى، وقتل 960 أنثى إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1294 أنثى قتلن على يد جهات أخرى.
وعلى صعيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، أكدت المنظمة أن ما لا يقل عن 9264 سيدة لا يزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ مارس 2011، منهن 8029 لدى قوات النظام السوري، و255 لدى تنظيم «داعش»، و43 لدى هيئة تحرير الشام، و761 لدى «قوات الجيش الوطني/ فصائل المعارضة المسلحة»، و176 لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وأشارَ التقرير إلى تعرض النساء المحتجزات للعنف الجنسي، حيث سجلت المنظمة ما لا يقل عن 11523 حادثة عنف جنسي، ارتكب النظام السوري 8013 منها، بينها 879 حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وارتكب تنظيم «داعش» 3487، في حين أن 11 حادثة عنف جنسي ارتكبتها فصائل في المعارضة المسلحة، و12 كانت على يد قوات سوريا الديمقراطية.
ساسة بوست
https://www.sasapost.com/syrian-women-in-10-years/