غضب وإدانة واسعة لحادث المنيا.. تحذير السفارة الأمريكية قبل الحادث بيومين يعطى إشارات سيئة للمصريين.. وتمدد العمليات الإرهابية إلى الصعيد يثير تساؤلات عن جدوى الطوارئ
موجة من الغضب والاستنكار الواسع شهدتها مصر في أعقاب الحادث الإرهابي الذي استهدف أتوبيسًا يقل أقباطًا في رحلة دينية من بني سويف إلى المنيا، ظهر اليوم الجمعة، ما أدى إلى مقتل ما لايقل عن 30شخصًا، والذي زاد من مؤشرات الخوف على تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف الأقباط، بعد حادث استهداف كنسيتي الإسكندرية وطنطا في أبريل الماضي.
وتساءل معلقون عن جدوى حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي في أعقاب التفجيرين، خاصة وأنها لم تحل دون وقوع العملية الإرهابية، مشيرين إلى وجود “تقصير أمني” في التعامل مع قضية الإرهاب في مصر، ما ينذر بتعرض البلاد لموجة من الإرهاب الأسود، في ظل العجز الأمني عن مواجهته بالطرق الاحترافية، عبر الحصول على معلومات عن الخلايا الإرهابية وتوجيه ضربات استباقية لها.
وقال جمال أسعد، الكاتب والمفكر القبطي، إن “إعلان حالة الطوارئ لم يمنع الإرهاب، حيث يبث تنظيم داعش الإرهابي يوميًا فيديوهات تحذير وتهديد إلى الأقباط، ومع ذلك لا يأخذ الأمن تلك التهديدات على محمل الجد، وهو ما يؤدى إلى سقوط المزيد من الضحايا الأقباط”.
وأضاف أسعد لـ”المصريون”: “الإرهاب نجح من قبل في استهداف كنائس على الرغم من تأمينها في ظل فرض حراسة عليها من الداخل والخارج، فلماذا نستغرب الآن نجاحه في استهداف أتوبيس في الصحراء؟ فضلاً عن انعدام التواجد الأمني”، مستنكرًا عدم وجود “إجراءات جادة” من قبل الأمن في حماية الأقباط، بدليل وقوع تلك الحوادث رغم تكرار التحذيرات.
وأشار إلى أن “الإرهاب حينما يستهدف دولاً أجنبية يستهدف المسيحيين أيضًا مثلما يحدث في مصر، وهو ما يعنى أن التنظيمات الإرهابية لا تريد سوى تصفية المسيحيين فقط”، لافتًا إلى أنه “منذ 30 سنة ونطالب بحماية الأقباط ولا أحد يفعل شيئًا”.
ورأى أن “التحذيرات الأمريكية من وقوع عمليات إرهابية في مصر تعنى أن الولايات المتحدة على علم بكل شيء، ومن الطبيعي أن تحذر رعاياها، في الوقت الذي لم يكلف فيه الأمن نفسه بتحذير الأقباط المصريين”.
وقال سامح عيد، الباحث في الحركات الإسلامية، إن “استهداف الأقباط هو محاولة لإشعال الصراع بين الكنيسة والدولة، إضافة إلى الأبعاد العالمية لتشويه سمعة مصر بالضغط على الحلقة الأضعف”.
وأشار إلى “الكراهية المسبقة تجاه الأقباط في أوساط الإسلاميين بسبب دعمهم لثورة 30يونيو ومساعدة النظام الحالي، ومع التأمين المشدد من الجيش والشرطة للكنائس زادت حالة الكراهية”.
وتابع: “الحركات الإرهابية سوف تستمر في استهداف الأقباط لحدوث بلبلة وصراعات، طالما يحاول الجيش المصري تضييق الخناق عليهم”.
ورأى الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن “السلطة غير جادة في محاربة الإرهاب، فهي لا تريد تعديل على الأداء الأمني الذي يشهد تقصيرًا ملحوظًا، في حين أن قانون الطوارئ يستهدف إطلاق يدها في اتخاذ مزيد من الإجراءات غير الأمنية”، حسب قوله.
وأشار إلى “وجود مخططات تستهدف الوقيعة بين المسلمين والأقباط، بدليل الحوادث المتعددة التي تستهدف الأقباط بشكل غير مسبوق”، لافتًا إلى أن “فرض حالة الطوارئ بمسمياتها المختلفة خلال أكثر من مائة عام لم تثمر إلا سلبًا، لأنها تعطى الحق للسلطة التنفيذية في انتهاك حقوق المواطنين بعيدًا عن رقابة القضاء”.
وعن ارتباط الحادث بتحذيرات السفارة الأمريكية لرعاياها من احتمالية وقوع عمليات إرهابية، قال الأشعل إن “المخابرات الأمريكية كانت على علم بما حدث، لأن أمريكا هي من تدير عمليات العنف في مصر بهدف سقمها”، مستنكرًا عدم قيام الأمن باتخاذ التدابير اللازمة لمنع ما حدث، وعدم أخذ تلك التحذيرات على محمل الجدية.
وقال الدكتور محمد السعدني، الخبير السياسي، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن “هناك أجهزة مخابرات عالمية تعمل على إحداث الفتنة الطائفية وتريد وضع مصر تحت الضغوط، لتهيئة الطريق لتدخل قوات أمن أمريكية بحجة حماية الأقباط”.
وأشار إلى أنه “خلال السنوات الثلاث الماضية، نجح الأمن في سد الثغرات التي كانت تستهدفها التنظيمات الإرهابية، وبالتالي يبحثون عن أسهل هدف يمكنهم استهدافه”.
فيما ذهب عبداللطيف البديني، الخبير الأمني إلى القول بأن استهداف الأقباط لتشويه سمعة مصر، وإظهار أن الأمن المصري لا يستطيع حماية الأقباط.
وأضاف أن الأمن المصري يواصل الضغط على الإرهابيين ومحاصرة الجماعات الإرهابية في سيناء، لذلك يلجأون لقتل الأقباط، في محاولة منهم لإيجاد مبرر للتدخل الأمني الأمريكي في شئون مصر”.
وقال إن “الإرهابيين يستهدفون إحداث شرخ فى العلاقة بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة، واللعب على إثارة عواطف شباب الأقباط الغاضبين بسبب استهدافهم”.
غير أن ذلك لم ينف وجود تقصير أمني، كما رأى حسام لاشين، الخبير الأمني، إذ أن للحادث دلالات سيئة، ففي ظل الإهمال والتقصير الأمني في الطريق الصحراوي الذي شهد حادث المنيا فتح ذلك مجالاً وأعطى فرصة للإرهاب لارتكاب مثل هذه الحوادث”.
وأضاف: “في ظل عدم وجود سيارات أمنية لتأمين الطريق، ودوريات تفتيش في الطريق الصحراوي، نشهد تكرار هذه الحوادث”، مرجعًا الحادث إلى “تضييق الخناق على الإرهابيين في سيناء”.
ورأى لاشين، أن “الهدف من هذه الحادثة تشويه صورة مصر بالخارج، وتشويه للأمن المصري، وخلق روح الكراهية بين الأقباط والمسلمين واحتقان الدماء وخلق فوضى بين المصريين”.
وقال ، فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق، إن “ما حدث في المنيا شيء مؤسف وخسيس هدفه تشويه سمعة مصر”، محذرًا من “تكرار مثل هذه الحوادث الفترة القادمة، التي تستهدف تفجير بحور من دماء المصريين”.
وشدد علام في تصريح إلى “المصريون” على ضرورة تدشين المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، والذي أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيله، إلا أن المجلس لم يقم بممارسة أدائه والقضاء على الإرهاب حتى الآن، لافتًا إلى أنه حال تشكيله سوف يقضى على الإرهاب في غضون عامين.
وتابع علام: “قانون الطوارئ لا قيمة له في مكافحة الإرهاب، ولن يقضى على الإرهاب”، مستشهدًا بحادث المنيا، ليقول إن “تطبيق القانون مثل عدمه”.