م ترشح معلومات غير متوقعة نشرتها وسائل الإعلام الدولية عن لقاءات أجراها، الأحد 21 فبراير/شباط 2021، وزير البترول المصري طارق الملا مع مسؤولين إسرائيليين يتصدرهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس رؤوفين ريفلين.
وجاءت زيارة طارق الملا إلى إسرائيل، بعد ثلاثة أسابيع من نفي مصر، “وجود أية تأثيرات سلبية قد تواجهها قناة السويس”، بسبب خطوط ملاحة إسرائيلية ستمتد بين البحر الأحمر والبحر المتوسط الواقعين جنوب الأراضي المحتلة وغربها.
وحينها، ذكرت “هيئة قناة السويس”، في بيان، أن مسار القناة سيظل الأقصر والأكثر أمناً للربط بين الشرق والغرب، حيث تتمكن حاويات النقل البحري عبر القناة من نقل كميات أكبر من البضائع، وبتكلفة أقل من أية مسارات برية.
وزير البترول المصري طارق الملا يلتقي رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو في القدس المحتلة
مصر تحاول معرفة ما تفكر به إسرائيل حول قناتها الملاحية الجديدة
لكن في الوقت نفسه، تنبئ الزيارة المصرية لتل أبيب بغير ذلك، إذ ازدادت مخاوف المصريين بشأن مستقبل القناة، بعد إعلان إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات، تمر عبر السعودية والأردن، حتى إيلات ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط.
ويعني ذلك أن منافساً في قطاع النفط سيشارك قناة السويس إيرادات عبور الخام، والأهم أنه سيفتح الباب أمام دراسة تطوير ممر بري من جنوب إسرائيل إلى غربها في قطاعات تجارية أخرى.
من هنا، كانت أهمية زيارة وزير البترول المصري، للتعرف على ما تفكر به إسرائيل بشأن خطوطها الملاحية البرية (غير المستغلة بعد)، المنافسة لأهم ممر ملاحي عالمي (قناة السويس)، بحسب مصادر متطابقة لوكالة الأناضول.
وفي 29 من يناير/كانون الثاني الماضي، أعرب رئيس هيئة قناة السويس المصرية، أسامة ربيع، عن “قلق بلاده بشأن مشروع خط أنابيب إيلات – عسقلان بين الإمارات وإسرائيل”. وقال ربيع في تصريحات لقناة صدى البلد التليفزيونية المصرية إن مصر تتابع عن كثب المشروع، لما له من تأثير مباشر على السفن المارة عبر قناة السويس، محذراً من أن “هيئة الأوراق المالية والسلع تجري حالياً دراسات لبحث سبل مواجهة المشروع الإسرائيلي الإماراتي الذي يمكن أن يقلل حركة المرور عبر قناة السويس بنسبة تصل إلى 16%”.
وتابع ربيع: “دخلت مصر في شراكة مع الصين في مجال النقل البحري على طريق الحرير والذي يتكون من ثلاثة خطوط برية وجوية وبحرية. سوف تمر السفن المارة على طريق الحرير عبر قناة السويس”. وقال إن هذه الشراكة ستحد من تأثير مشروع إيلات-عسقلان أو أي طرق بديلة لقناة السويس
خريطة مشروع إيلات-عسقلان الملاحي الذي قد يكون بديلاً قناة السويس المصرية
“تهديد خطير يقلق المصريين”
وكان تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي نُشر الشهر الماضي، قد نقل عن الخبير الاقتصادي والعضو السابق في لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان المصري بسنت فهمي، “إن أي تهديد لقناة السويس خطير للغاية على المصريين، وللأسف فإن الحكومة تعتمد فقط على ثلاثة مصادر لتأمين العملة الصعبة، وهي قناة السويس والتحويلات والسياحة”.
وأضاف فهمي: “بعد أزمة فيروس كورونا وعودة عدد كبير من المصريين الذين عملوا في الخارج -ناهيك عن تراجع السياحة- أصبحت قناة السويس تقريباً المصدر الوحيد للدخل الأجنبي. وبالتالي، فإن الحديث عن أي منافسة إقليمية قد تؤثر عليها، ستثير بطبيعة الحال مخاوف وقلق بين المصريين”.
استقبلت القاهرة العام الماضي آلاف العمال المصريين الذين تم تسريحهم من وظائفهم في العديد من دول الخليج بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا. وبحسب وزارة السياحة المصرية، فقد تقلصت إيرادات السياحة بأكثر من 69٪ خلال عام 2020 لتصل إلى نحو 4 مليارات دولار، مقابل 13.03 مليار دولار في عام 2019.
ويقول فهمي للموقع الأمريكي، إن استمرار عمل قناة السويس في ظل هذه الظروف، وفي ظل المنافسة العالمية، سيضعف أداءها بمرور الوقت ويقلل من إيراداتها، مما سيؤثر على موقع مصر الجيوستراتيجي، حسب تعبيره.
حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص
وفي الربع الأخير من عام 2020، وقعت شركة “خطوط أوروبا- آسيا” الإسرائيلية، وشركة “إم إي دي- ريد لاند بريدج ليمتد” الإماراتية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام بين دول الخليج.
ويهدف الاتفاق إلى تطوير بنية تحتية قائمة وجديدة، لنقل النفط دول الخليج إلى أسواق الاستهلاك في أوروبا، والذي يمر معظمه حالياً عبر قناة السويس. وأنبوب “إيلات- عسقلان” يشمل خط نفط رئيسياً؛ إذ يصل طول الأنبوب إلى 254 كيلومتراً. فيما يضم ميناء عسقلان خزانات للنفط بسعة 2.3 مليون برميل، ويستقبل ناقلات للخام بحجم 300 ألف طن.
تلعب قناة السويس دوراً محورياً في شحن الحاويات عالمياً، إذ تساهم بنسبة 24% للتجارة الحاويات الدولية، و 100% للتجارة الحاويات آسيا وأوروبا
وفقاً لتقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، العام الماضي، فإن حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17% مع تشغيل خط “إيلات-عسقلان” بموجب اتفاق إماراتي إسرائيلي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية، إيزيك ليفي، للمجلة الأمريكية: “إن المشروع الإسرائيلي يفتح الكثير من الأبواب والفرص”، ويعتقد أن خط الأنابيب الذي سيربط ميناء إيلات جنوب إسرائيل بمحطة ناقلات في عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، “يمكن أن يقضي على حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس القريبة”.
وتلعب قناة السويس دوراً محورياً في شحن الحاويات عالمياً، إذ تساهم بنسبة 24% للتجارة الحاويات الدولية، و 100% للتجارة الحاويات آسيا وأوروبا. وفي 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت هيئة الأوراق المالية والسلع عن خصم 48% على رسوم عبور ناقلات النفط الخام العملاقة التي تزيد حمولتها عن 250 ألف طن، في محاولة لزيادة حجم السفن المارة عبرها