معلومات شاملة عن النمسا

حقائق وأرقام

شعب ودولة

تقع جمهورية النمسا في جنوب وسط أوربا وتشغل حيزاً من منطقة الألب الشرقية وكذلك منطقة الدانوب وتجاور منطقة البحر المتوسط. تتنوع أشكال الطبيعة والطقس في هذا البلد الكائن بقلب أوروبا وتتفاوت فيه أنماط الزراعة. فالنمسا بحكم موقعها تمثل نقطة إلتقاء لطرق الإتصال بين المراكز الأوروبية الكبرى سواء الإقتصادية أو الحضارية.

تتكون النمسا من تسعة ولايات إتحادية هي: بورجنلاند – كيرنتن – النمسا العليا – النمسا السفلى – سالزبورج – شتايرمارك – تيرول – فورارل برج وفيينا. وتبلغ مساحتها 83.858 كم مربع.

تملك النمسا حدوداً مشتركة مع ما لا يقل عن ثمانية دول وينتمي سكانها إلى أكبر السلالات الأوروبية مثل الجرمان والرومان والسلاف مع إستثناء الهنجاريين الذين يعدوا من سكان الأورال الأوائل.

يبلغ إمتداد الحدود النمساوية 2706كم منها 816كم مع ألمانيا، 466كم مع جمهورية التشيك، 107كم مع سلوفاكيا، 354كم مع المجر، 330كم مع سلوفاكيا، 430كم مع إيطاليا، 166كم مع سويسرا وكذلك 35كم مع ليشتنشتاين.

التضاريس

تنقسم النمسا الى خمسة أقسام من التضاريس:
– الألب الشرقية بطول 52600كم مربع مما يوازي 62.8% من المساحة الكلية
– الأرض الواقعة أمام الألب وكيرنتن 9500كم مربع 11.3%
– سهول المنطقة الشرقية (جزء من السهول البانونية) 9500كم 11.3%
– حوض فيينا 3700كم مربع 4.42%
– مرتفعات الجرانيت والنايس (الحجر الصوان)،(جزء من البراري البوهيميتما) 8500كم مربع، 10%.

الطقس – النبات – الحيوان:

يعتبر الطقس الإنتقالي لوسط أوروبا والمتأثر بتيار الأطلنطي هو الطقس المميز للنمسا، إذ تقع أجزاء كبيرة من النمسا في نطاق تأثير الرياح في الغرب والشمال الغربي. ويكون معدل إختلاف درجات الحرارة بين الليل والنهار وكذلك بين الصيف والشتاء في غرب النمسا أقل منه في شرقي البلاد. تنهمر الأمطار الغزيرة على كافة أنحاء البلاد. هذا وتتناقص كمياتها باستمرار كلما إتجهنا من الغرب الى الشرق. كما يتنوع الطقس داخل النمسا بحسب ثلاثة مناطق:- الشرق والذي يتأثر بالطقس البانوني القاري
(من منتصف يوليو غالباً ما تكون درجة الحرارة 19 و تبلغ نسبة الأمطار السنوية 800متر مربع)
– مناطق الألب الداخلية وتقع تحت تأثير الطقس الألبي الداخلي(أمطار غزيرة – صيف قصير – شتاء طويل).
– باقي أنحاء البلاد ويظهر تأثيراً بطقس وسط أوروبا (منتصف يوليو 14 درجة حتى 19 درجة) والأمطار السنوية حوالي 700 –2000 متر مربع وذلك بحسب الموقع والإمتداد والإرتفاع).

أدى هذا التنوع في التضاريس والطقس الى إثراء عالم النبات. حيث تكسو النباتات السهول والمرتفعات بالمناطق الغربية ذات الطقس المتنوع . هذا وتجد بالنمسا نفس أشكال النبات السائدة بوسط أوروبا. حيث تتميز النمسا بغابات البلوط والزان. إذ تتواجد الغابة المخلطة من الزان والشربين على إرتفاع أكثر من 500 متر، كما تسود الغابات البلوطية إبتداء من إرتفاع 1.200 متر وتليها غابات اللاريس والصنوبر.

تعتبر النمسا واحدة من أغنى دول أوروبا بالغابات – حيث تبلغ مساحة الغابات بها حوالي 47% وكثيراً ما تحل الحقول محل الغابات في السهول الواقعة أمام جبال الألب وتمتد الأراضى الخضراء في الطرف الشمالي من جبال الألب على وجه الخصوص بإرتفاع 600 متر، كما تتميز المناطق النباتية في إقليم بانوتين بغابات الأدغال أو الغابات كثيفة الأشجار، والغابات النفضية الى جانب البراري. أما في غرب بحيرات النويزيدلر ( بورجنلاند) فهناك مجموعة نباتات البراري الملحية.

يغلب طابع عالم حيوانات وسط اوروبا على النمسا: مثل الغزال، الأيل، الأرانب، الديك البري، والحجل والثعلب والزبزت والنمس والسنجاب.
كما تنتشر بالمنطقة الوعول والمرموط والعقعق بوصفها ممثل للمجموعة الحيوانية الألبية. كما شوهد الجدي مجددا.ً فضلاً عن ذلك فإن عالم حيوانات الإقليم البانوني يتميز أيضأ بفردوس الطيور في حزام الغاب الكائن في بحيرات البراري الفريدة بوسط أوروبا، أي بحيرات النويزيدلر، حيث تجد أسراب الطيور الأرجوانية، ومستعمرات طائر الملعقة والطيور ذات المنقار السيفي.

السكان

يبلغ تعداد سكان النمسا 7.795.785 نسمة، وذلك طبقاً لأحدث إحصائية أجريت عام 1991. ووصل السكان الى 8.09 نسمة وفقاً لإستمرار تسجيل السكان أي أن تعداد السكان بلغ حوالي 300.000 نسمة في الفترة من عام 1991 حتى 1999 .
وفىعام 1999 بلغت نسبة الذكور 3.9 مليون أي 48.55% من إجمالي السكان أما الإناث فبلغ عددهم 4.1 مليون نسمة 51.5% من إجمالي السكان. وكان متوسط الأعمار يصل الى سن 75 سنة للرجال و81 بالنسبة للسيدات.

يتحدث حوالي 98% من إجمالي سكان النمسا اللغة الألمانية . هذا الى جانب مواطنى ستة دول أو أقليات تتمركز في خمسة مقاطعات نمساوية. حيث تعد مقاطعة بورجنلاند هي معقل أبناء كرواتيا والمجر، كما أن كثيرون منهم قد إنتقلوا الى فيينا. أما أبناء سلوفانيا فهم مستقرون في جنوب كيرنتن ووديان جايل وروزا وياون في بعض المناطق الواقعة جنوبي شتايرمارك. أما في فيينا والنمسا السفلى – أي في أراضي مارخ وتورنر فيعيش التشيك والسلوفاك. كذلك تستقر جماعات من أبناء روما مند عام 1993 في تجمعات سكنية ببورجنلاند وفيينا أيضاً.
يعترف قانون الأقليات السكانية لعام 1976 ببعضها على أنها من السكان الأصليين، علماً بأن المقصود بالسكان الأصليين هنا هم تلك المجموعات التي تعيش منذ أجيال في النمسا ويحملون الجنسية النمساوية.

الولايات النمساوية

تعتبر جمهورية النمسا الديمقراطية دولة إتحادية، حيث تتكون من عدة ولايات مستقلة وهي بورجن لاند، كيرنتين، النمسا العليا، النمسا السفلى، سالزبورج، شتايرمارك، تيرول، فورارلبيرج وفيينا.
وقد تحولت الولايات النمساوية الإتحادية مروراً بتطورات العصور التاريخية الى وحدة عرقية وإقتصادية وثقافية. ويرتبط هذا التطور إرتباطاً وثيقاً بطبيعة تقسيم النمسا الطبيعي حيث تشهد هذه المنطقة تنوعات ملحوظة في التضاريس والطبيعة النباتية والمناخ. وقد رسمت إختلافات العادات المعيشية واللهجات والتقاليد والأزياء الشعبية لسكان النمسا لوحة فنية متعددة الألوان للطبيعة النمساوية المتفردة.
تعد عواصم الولايات النمساوية مراكز إقليمية للتطور التاريخي والثقافي مثل جراتس واينسبروك أو سالزبورج وكانت تلك المناطق تلعب دوراً كبيراً في تكوين النمسا بإعتبارها مراكز للحكم ومقراً للأمراء.
وينطبق هذا الوصف على العاصمة فيينا بشكل خاص، حيث كانت تمثل مركزاً للمملكة الأوروبية متعددة الدول على مدى قرون طويلة.

الدولة والسياسة

يشهد كل من يراقب النظام السياسي للنمسا من الداخل أو الخارج بتميزه خاصة في العقود الأخيرة. حيث أن وجود حزبين كبيرين من جانب يقابلهما شراكة إجتماعية قوية تتمثل في العنصر السياسي والإجتماعي من جانب آخر يشكل وضعاً غير إعتيادي، مما أعطى طابعاً مميزاً لتطور جمهورية النمسا.
وجاء الإستقرار السياسي الملحوظ وإمكانية حكم البلاد كأبلغ نتيجة لذلك. حيث أن المشاركة في الإنتخابات لم تكن فقط متزايدة بشكل كبير ولكنها كانت أيضا مستمرة ودورية، إذ كانت حلول الوسط والتسوية وإجماع الصفوة عند إختلاف المصالح المستمر كانت الملامح المحددة للحضارة السياسية التي تميزت بكثرة الصراعات في الجمهورية الأولى ونشاطها.
أجرت النمسا الكثير من التغيرات السياسة منذ الثمانينيات. حيث ساهمت تعبئة الناخبين فى تغيير طبيعة البرلمان الى حد كبير. كما أشتد التنافس بين الأحزاب. قليلاً ما تتم تسويات إجتماعية، وإن حدث فيكون تأثيرها محدوداً. كما أصبحت وسائل الإعلام واحدة من أهم العناصر السياسية الفعالة. و نشط إنضمام النمسا الى الإتحاد الأوروبي من مدى إنفتاحها.
أظهر وجه النظام السياسي للنمسا عند مطلع هذا القرن ملامح جديدة تماماً مقارنة بالحال مع بداية القرن العشرين بل في عهد الجمهورية الثانية عموماً.

النمسا والإتحاد الأوروبي

بدأت عضوية النمسا بالإتحاد الأوروبي منذ عام 1995. لذا فهي دولة تتمتع بتمثيل في كافة الهيئات والمؤسسات. وتحتل النمسا أكثر من 21 مقعداً في البرلمان الأوروبي، كما أجريت بالنمسا لأول مرة في يونيو عام 1999 الانتخابات الأوروبية الإعتيادية. وحتى أكتوبر 1996 كان هناك 21 من النواب الممثلين للمجلس الوطني بالقياس إلى توزيع القوى داخل البرلمان الأوروبي ، كما أجريت الإنتخابات التكميلية فى عام 1996 لفترة العضوية تستمر حتى إنتخابات البرلمان الأوروبي القادمة.

يستند التمثيل السياسي الحالي في البرلمان الأوروبي على نتيجة الإنتخابات التي أجريت في 13 يونيو، 1999 والتي فاز فيها حزب النمسا الإشتراكي بمقعد في البرلمان، ليتساوى مع حزب الشعب النمساوي. وفي الوقت الذي تمكن فيه الخضر من زيادة مقاعدهم فقد منى كل من الحزب النمساوى الحر واللجنة الليبيرالية بخسارة كبيرة. مما أدى الى حرمان الليبيراليين من التمثيل في برلمان الإتحاد الأوروبي. وقد إنخفضت نسبة المشاركة في الإنتخابات العامة الأولى المؤهلة للتمثيل في البرلمان الأوروبي في النمسا بشكل كبير بالمقارنة بالإنتخابات التكميلية عام 1996.

ويتمتع النمساويون بتمثيل في العديد من الوظائف القيادية في الاتحاد الأوروبي: فهناك فرانز فيشلر، العضو النمساوي في اللجنة الأوروبية وهو مسئول عن شئون الزراعة وتنمية الرقعة الزراعية. كذلك يتواجد ممثلون للنمسا فى جهاز المحاسبات الأوروبي والمحكمة الأوروبية والديوان الأوروبي للمحاكم الإبتدائية. فضلاً عن وجود 12 عضوا من النمسا في لجنة الأقاليم، تلك اللجنة التي تمثل المصالح الإقليمية والمحلية ومقرها في بروكسل. وهؤلاء الأعضاء هم ممثلون عن التسع ولايات الإتحادية الى جانب ثلاثة أعضاء من إتحاد المدن النمساوية وبالتالى إتحاد البلديات النمساوية. وعلى صعيد أعلى المستويات السياسية فيذكرأن النمسا قد شرفت برئاسة الإتحاد الأوروبي لأول مرة منذ 1 يوليو 1998 وحتى 31 ديسمبر 1998.

وضع النمسا في النظام العالمي

الحياد – الالتزام الدولي – السياسة الخارجية

تمكنت النمسا بعد عام 1945 من تطوير هوية حكومية ودولية راسخة، وذلك على عكس الحال في الجمهورية الأولى. حيث قرر المجلس الوطني في 26 أكتوبر من عام 1955 إعلان الحياد الدائم حتى شكل ذلك الحياد وعدم الانحياز حجر الأساس للهوية المكتسبة مجددا. ثم ثبت أن الحياد لا يعني الإنعزال ولا التباعد و الفصل بين الشرق والغرب، حيث كانت التبعية السياسية الى عالم الدول الغربية الديمقراطية واضحة.

يتضح الإلتزام الدولي للنمسا على أصعدة مختلفة: فقد إنضمت النمسا في يناير عام 1955 الى منظمة الأمم المتحدة ثم الى المجلس الأوروبي عام 1960 وذلك عقب التصديق على إتفاق فيينا الدولي في مايو 1955 مما أعقبه إتخاد قرار الحياد الدائم. وفي عام 1960 أصبحت النمسا عضواً في المنظمة الأوروبية للتجارة الحرة. وتشكل السبعينيات سنوات قمة الهيبة السياسية للأمم المتحدة. وقد ترأس النواب النمساويون لجان هامة في الأمم المتحدة –كما ظلت النمسا منذ 1973 وحتى 1974 عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة . وفى عام 1971 وقع الإختيار على النمساوى كورت فالدهايم ليكون سكرتيرا عاما للأمم المتحدة. وفى 1972 تم التوصل الى إتفاقات عديدة للتجارة الحرة مع المجموعة الأوروبية (بما فيها إتفاقات في مجال الزراعة). وكانت النمسا مسرحا للقاءات عديدة: من أهمها ذلك اللقاء التاريخي بين جون ف كيندي ونيكيتا خوروشوف عام 1961. كذلك إتخذت المنظمات الدولية مقرها في النمسا، التي شاركت في عمليات حفظ السلام التي قادتها الأمم المتحدة.
وتعني “سياسة الحياد النشطة” التي مارستها النمسا في فترة حكومة برونو كرايسكي لتعادل سياستها الخارجية، تعني دبلوماسية الزيارات النشطة وتعدد الأطراف خاصة في الأمم المتحدة فضلاً عن تأييد عمليات تخفيف حدة التوتر القائم بين الشرق والغرب الى جانب العمل على حل الصراع بين الشمال والجنوب وتأكيد الأبعاد الدولية للسياسة الخارجية. إتخذت كل من المنظمة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ومنظمة التنمية الصناعية من النمسا مقراً لها. كما إشتركت النمسا في مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا. بل أنها كونت دول أخرى محايدة وغير منحازة لأي تحالف ، التي تقوم بالوساطة وتقدم “الخدمات الحسنة” وتتبنى سياسة تخفيف حدة التوتر.

أعادت النمسا تحديد توجهاتها بالنسبة لسياستها الخارجية في الثمانينيات بالتوجه الى أوروبا. مما إنعكس على توثيق أواصر سياسة الجوار وزيادة الإندماج الأوروبي. ذلك الأمر الذي استتبعته ديناميكية التعاون الأوروبي. وفي أعقاب الإنهيار السياسي والإقتصادي الجذري للدول الإشتراكية تكثفت العلاقات مع هؤلاء الجيران. فسارعت كل من النمسا و ألمانيا عام 1991 أثناء الصراع اليوغوسلافي في بداية التسعينات بالإعتراف بكل من سلوفينيا وكرواتيا وكونت علاقات إقتصادية وسياسية معهما ومع دول أخرى في وسط وشرق أوروبا.
إن عضوية النمسا في المجلس الأوروبي تشكل جزءاً آخر في السياسة الخارجية النمساوية متعددة الأطراف. إذ تولى النمساويون عدة مرات منصب السكرتير العام للمجلس الأوروبي حيث تولى كل من د. لويو تونسيك سورنيى، وزير الخارجية الأسبق، في الفترة من 1969 حتى 1974، وفرانز كاراسيك من 1979 الى 1984والدكتور فالتر شفيمر منذ عام 1999. كما أختير بيتر لويبرشت، الذي يتولى منصب موظف بالمجلس الأوروبي منذ عام 1961 أخيراً نائباً للسكرتير العام للمجلس الأوروبي. في 8-9 أكتوبر عام 1993 عقدت في فيينا قمة دول المجلس الأوروبي. أما في مجالات نزع السلاح والحد من أسلحة الدمار الشامل فقد شاركت النمسا منذ البداية في عملية أوتوا والتي أثمرت عن توقع إتفافية بخصوص تحريم الألغام المضادة للأشخاص وذلك في 1 مارس 1999.

ثم توثيق الدور الدولي للنمسا في أحداث أخرى في التسعينيات : حيث كانت النمسا عضوا في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة في الفترة من 1991/1992 عند إندلاع حرب الخليج وبداية الصراع في يوغسلافيا. كذلك كانت النمسا عضواً مرة أخرى في لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن منظمة الأمم المتحدة مؤخراً في الفترة من 1997 الى 1999، كما تلعب النمسا دورا الوساطة بفعالية. وكان أكبر دليل على ذلك توليها منصب الرئاسة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وذلك عام 2000.

تمكنت فيينا من توسيع وضعها التقليدي بوصفها مقراً لمنظمات دولية مثل المنظمات الخاصة التابعة للأمم المتحدة، منظمة الأوبك (الدول المصدرة للبترول) كذلك سكرتارية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

عضوية الإتحاد الأوروبي

في أعقاب قرار حكومة النمسا “بالتفرد نحو بروكسل” عام 1989 بدأ في أوائل التسعينات برنامج نشط للزيارات الدبلوماسية والمباحثات . ويعتبر الإنضمام الى دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية خطوة على الطريق الى إنضمام النمسا الى الإتحاد الأوروبي. تحولت سياسة النمسا الخارجية بشكل كبير بهذا الانضمام الى سياسة أوروبية داخلية، حيث أصبحت السياسة الخارجية الكلاسيكية تمارس بالإتفاق الغير مباشر مع الشركاء في الإتحاد الأوروبي. ضاق بتلك العضوية في الإتحاد الأوروبي مسرح أحداث السياسة الخارجية بالنسبة للنمسا وبعثة الدول الأعضاء خاصة الأحداث الخارجية خارج إطار السياسة الخارجية وسياسة الأمن العامة.

سياسة الأمن

تبدلت سياسة الحياد التي إنتهجتها النمسا بمرور الوقت حتى أصبحت تتميز بالمرونة. فإنضمام النمسا لهيئة الأمم المتحدة لم يعد يطابق ” النموذج السويسري” حيث أن التصريح بمرور المعدات الحربية للتحالف المناهض للعراق. وعبورها المجال الجوي للنمسا عام 1991 أثناء حرب الخليج الثانية لم يكن من الأمور التي تتفق بالضرورة مع إتجاه الحياد التقليدي وفقاً لإتفاقية هاج 1907. كذلك تأتي المواقف التالية بوصفها خطوة أخرى تجاه التغير في مفهوم الحيادية ووصفها: الإنضمام الى الإتحاد الأوروبي (1995)، موقف المراقب فى إتحاد غرب أوروبا (1995)، التصديق على اتفاق أمستردام (1998)، والذي يتضمن إلتزامات بيتر سبورج الخاصة بسياسة الدفاع المشترك وتشترط إمكانية دفاع مشترك، ومساهمة شركة نقل نمساوية في القوات التنفيذية وقوات حفظ السلام في البوسنة كذلك الاسهام في الشراكة من أجل السلام في حلف الناتو.

وحتى بعد إنتهاء الصراع بين الشرق والغرب بقيت مسائل تمركز قوات أجنبية على الأرض النمساوية والإنضمام الى تحالف عسكري من الأمور المرفوضة وهو الأمر الذي يشكل جوهر نص الدستور بخصوص حيادية النمسا. إن وضع الحياد لا يتوافق مع الإلتزاما باالدعم الخاص بحلف شمال الأطلنطي وإتحاد غرب أوروبا. إن عدم التبعية لأحد التحالفات العسكرية يفتح الباب أمام ‘إمكانيات أخرى، مثلما حدث أثناء أزمة كوسوفو عام 1999 حيث أصبحت دولاً ليست أعضاء في حلف الناتو ضالعة في جهود الوساطة.

وترغب النمسا في أن تشارك بفعالية في المهام التي تبانها إتفاق أمستردام مما يعني المشاركة في المهام الإنسانية من عمليات إنقاذ أو مهام حفظ السلام فضلاً عن عمليات حل الأزمات بما تتضمنه من إجراءات لإحلال السلام. وللنمسا بوصفها عضواً في الإتحاد الأوروبي نفس صلاحيات المشاركة في التخطيط وإتخاذ القرار فى مثل تلك العمليات .

توافق إعلان البرلمان الأوروبي في كولن عام 1999 بشأن تعزيز سياسة الأمن والدفاع المنزلي مع ذلك تماماً، حيث أن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي ودول عدم الانحياز تشارك بشكل تام وبالتساوي في حل أزمات الإتحاد الأوروبي. إن إلتزامات المساندة التي لا تتفق مع سياسة الحياد تعتبر وفقاً للفقرة رقم 5 في إتفاقية حلف شمال الأطلنطي و الفقرة رقم 7 من إتفاقية بروكسل تعتبر ملزمة فقط لتلك الدول الأعضاء ممن يتبعون هذه الإتفاقيات. هذا ولا يمكن أن نتسرع بالحكم على الطبيعة الخاصة لسياسة الدفاع والأمن تلك . “فالدول الأعضاء سوف تحتفظ في كل الأحوال بحقها في تقرير إمكانية وتوقيت تدخل قواتها العسكرية الدولية” حيث أن النمسا يحق لها أن تشارك في كافة المهام عدا الحرب وذلك وفقاً لأحكام القانون الأساسي.

وتشارك النمسا منذ وقت طويل وبنشاط وفعالية في عمليات إحلال و تأمين حفظ السلام – فمنذ عام 1960 إشترك حوالي 40.000 شخص (من جنود ورجال شرطة وخبراء مدنيين) في أكثر من 30 عملية خارجية ويتضح من ذلك أن النمسا ليست من المنتفعين من سياسة الأمن دون المشاركة فيها.

حماية البيئة

تعد النمسا من دول أوروبا الرائدة فيما يتعلق بسياستها البيئية. وذلك ليس فقط طبقاً لما ورد في أحدث تقارير منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية عن الوضع البيئي في الدول الأعضاء بها. ولكن الإتحاد الأوروبي أيضاً أقر بالموازنة البيئية الإيجابية من خلال عضوية النمسا. حيث يتضح من تقرير لجنة الإتحاد الأوروبي حول إنضمام النمسا والسويد وفنلندا أن التوازن البيئى داخل الإتحاد الأوروبي قد طرأ عليه تحسن واضح بفضل إنضمام الدول الثلاثة.

الهواء

إنخفضت الكميات المنبعثة من غاز ثاني أكسيد الكبريت بالنمسا منذ عام 1980 الى 88% حتى بلغت في عام 1998 46000طناً. أما عوادم النيتروجين فقد تراجعت في الفترة من عام 1980 الى 1998 بنسبة 25% لتصل الى 17000 طن في العام. كما إنخفضت المخلفات الناتجة عن المُركبات العضوية الطيارّة منذ عام 1988 بنسبة 37%.

هذا وقد إلتزامت النمسا بتحقيق هدف تنقية عوادم السيارات للتقليل من نواتج الغازات الضارة بالجو نتيجة لإستخدام الوقود وذلك بتزويد السيارات بالمحفز الثلاثي. وهذا يعني تقليل الغازات المنبعثة من عوادم الوقود بنسبة 13% من عام 1990 والفترة من 2008 وحتى 2012. كما أن هناك برنامج قومي لحماية المناخ يحدد المعايير للوصول الى ذلك الهدف. بلغت الكمية المنبعثة من غازات ثاني أكسيد الكربون (أهم غاز وقود) في النمسا عام 1988 حوالي 66.6 مليون طن.

الطاقة المتجددة

تعطي النمسا الأولوية لزيادة إستخدام مصادر الطاقة المتجددة (الشمس، الرياح، المواد العضوية) وذلك في إطار إتباع إجراءات الحد من ثاني أكسيد الكربون، كما أنها تشجع ترشيد إستخدام أنظمة التسخين والتدفئة. وفي عام 1994 تحول إستهلاك الطاقة بنسبة 26% لمصادر الطاقة المتجددة (14.3 قوة الماء، خشب الوقود والحطب يشكلون معاً نسبة12,1%. كان هناك ستمائة الف (600000 ) مرفقاً ومنشأة عاملة يتم فيها حرق الأخشاب منها 20000 موقعاً للتدفئة الآلية بالحطب وما يربو عن 300 موقعاً لأنظمة التدفئة بالمواد العضوية . يستخدم70 مرفقاً الغاز العضوي وذلك حتى عام 1997 . تم في بداية نفس العام تركيب محطات طاقة شمسية بإمتداد النمسا أي بمساحة 1.46 مليون متر مربع كذلك تم تشغيل محطات لطاقة الرياح بقوة 11.8 ميجاوات.

الماء

تعتبر النمسا قصر مياه أوروبا شأنها في ذلك شأن سويسرا. حيث تتميز مصادر المياه النمساوية ليس فقط بكمياتها الوفيرة ولكن أيضاً بنوعيتها. ويبلغ إجمالي إنتاج المياه السنوي بها مليار متر مكعب. ويبلغ مقدار المياه الجوفية حوالي الثلث من إجمالي مصادر المياه. كما يتدفق 29 مليار متر مكعب من روافد خارجية. هذا ويبلغ إستهلاك المياه السنوي حوالي 2.6 مليارمتر مكعب. يختص إستهلاك مياه الشرب منها حوالي 700 مليون متر مكعب سنوياً. كما يغطي إنتاج المياه الجوفية ومياه الآبار الإحتياج بنسبة 99%. وتعتبر النترات هي أهم ما يؤثر على المياه الجوفية. فقد أثبتت حوالي 18% من القياسات تخطي النسبة المسموحة بحوالي 45 ملجم/لتر. وتعد الزراعة (التسميد) هي السبب الرئيسي لهذه الزيادة. كما تضر وسائل مقاومة الآفات الزراعية التي تحتوي على الأتراسين بمصادر المياة. وربما يكون قرار منع إستخدام المبيدات الزراعية التي تحتوي على الأتراسين في النمسا منذ عام 1995 قد خفف من حدة الموقف. وقد تحسنت نوعية مياه الأنهار تحسناً ملحوظاً مع إستمرار تشييد محطات التنقية والتكرير في السنوات الأخيرة. حيث يتم حالياً تنقية حوالي ثلاث أرباع المياه العكرة في النمسا عضوياً علاوة على أن وزارة الزراعة وإقتصاد الغابات والبيئة والمياه تدعم وتمول تشييد محطات التنقية والتكرير.

حماية البحار والبحيرات (مصادر المياه):

تم تحقيق تقدم ملموس فيما يختص بالبحيرات الستة آلاف والتي تلعب دوراً هاماً في حركة السياحة. فإن برنامج تنقية البحيرات المتمثل في مشروع بناء محطة تنقية ووصلات دائرية لدفع التيار الناتج عن مساقط المياه والذي تم تنفيذه في الثمانينات قد أدى الى إستعادة مياه البحيرات النمساوية لصلاحية الشرب.
تتبع النمسا إجراءات صارمة وحازمة فيما يتعلق بحماية المناطق الخصبة والتي كانت في الماضي مهددة بضراوة بالجفاف. فمنذ عام 1945 تم تجفيف (مائة وتسعين ألف) 190.000 هكتار من الأراضي الخصبة في النمسا. وهناك تسع مناطق من أفضل المناطق الخصبة بمساحة قدرها 103.000 هكتار تتبع قوانين رامسارا الدولية لحماية المناطق الخصبة.

النفايات

على الرغم من تزايد معدل النفايات والقمامة في النمسا، إلا أن الخامات تتناقص في صناديق ومستودعات القمامة ويعود هذا التطور الى زيادة تجميع واستغلال القمامة.
فيما بين عام 1993 و عام 1996 إزدادت نسبة تصنيف القمامة وإعادة إستغلالها حوالي 50% أي من 839.000 طن الى 1.263.000 طن وقد زادت معدلات جمع البلاستيك بحوالي 90% والقمامة العضوية 97%، والمنسوجات 50% والمعادن 43% وكذلك في الورق والزجاج واللذان كانا يجمعا بمعدلات عالية منذ البداية، فقد وصلوا الى 26% أي بنمو حوالي 8%.
أما بقية القمامة ( الكميات التي تصنف ويتم جمعها مختلطة في الصناديق) فقد إنخفض معدلها بنسبة 13% من 1.488.000 الى 1.291.000 طن. وكذلك إنخفضت الكميات المستودعة بنسبة 8% من 1.372.000 الى 1.260.000 طن. وهذا على الرغم من أن الكمية الإجمالية قد زادت بنسبة 11% من 266.000 الى 2.780.000 طن ولكن هذا يرجع الى النمو السكاني والإتجاه للميزانية الفردية والنمو الإقتصادي. ومع عام 2004 سيتم السماح بتخزين القمامة المعالجة حرارياً أو بالميكنة العضوية فقط في النمسا.

وقد وصل معدل النفايات الخطرة في عام 1998 الى 760.000 طن وفي عام 1996 تم توريد 20.000 طن لداخل النمسا وخرج منها 40.000 طن، ويتم توثيق إعدام النفايات الخطرة بشهادات مصاحبة. هدا و تقوم الوزارة الإتحادية للزراعة وإقتصاد الغابات والبيئة وإقتصاد الغابات والبيئة وإقتصاد المياه وكذلك غرفة التجارة النمساوية، بإرساء قواعد صارمة للمنتجين بهدف تقليل إنتاج النفايات، وتوجد في الوقت الحالي قواعد خاصة بالنفايات في بعض التخصصات مثل إنتاج الجلود، المجال الطبي، وللأخشاب وعمل المسابك وفي مجال الأطعمة ووسائل الترفيه وكذلك في مخلفات الدهان والألوان ونفايات المواد المواد المذيبة الخالية من الهليوجين وكذلك المنظفات الكيميائية والسليلوز ومصنعات الورق ومجال المنسوجات ومنظفات طبقات المعادن وكذلك السيارات ومخلفات التصوير والمياه كما في الزيوت القديمة وكذلك وسائل التشحيم.
ويطالب قانون النفايات وأنظمة الحرف، العاملين في الورش القائمة الإلتزام بقواعد إقتصاد النفايات عندما يكون هناك نواتج من تلك المنشآت وكذلك حينما يزيد عدد العاملين في الموقع على 100 عامل.

مستودعات النفايات والخردة

والمعنى بها هي المستودعات القديمة وكذلك مواقع الورش المهجورة والتي تشكل أخطاراً شديدة على صحة الإنسان وكذلك على البيئة. وفي أطلس مستودعات النفايات الصادر في يناير 1999 ثتم حصر حوالي 2303 موقعاً للتخزين و173 مستودعاً للنفايات تمكن أن تمثل أخطاراً على البيئة. يتم تمويل عملية إصلاح هذه المستودعات والعناية بها نظير ضريبة الخردة والنفايات التي يدفعها أصحاب المستودعات وتتفاوت بحسب حالة كل مخزن ونوعية النفايات به. وقد إرتفعت النسبة المحصلة من هذه المبالغ بين عامي 1990 و 1997 حوالي 1.9 مليار شلن نمساوي هذا ومن المتوقع أن يزداد المبلغ حتى عام 2000 ليصل إجمالي المتحصل سنوياً لما يربو عن 800 مليون شلن نمساوي. حيث أنها بلغت عام 1997 بالفعل 447 مليون شلن نمساوي.

المواصلات

إن التزايد المستمر في إستخدام وسائل المواصلات خلال السنوات العشر الأخيرة، أدى بالتالي إلى تزايد إستهلاك الطاقة، ويستهلك هذا المجال حوالي ثلث الطاقة في حين يمثل هذا ثلثي إستهلاك البترول النمساوي. وللمواصلات العامة النصيب الأكبر منها الذي يبلغ 81% . وتعد المواصلات مسئولة عن 30% من نواتج ثاني أكسيد الكربون 60% من إنتاج النيتروجين.
ومنذ عام 1985 يتداول في النمسا البترين العادي، الخالي من الرصاص، ومنذ عام1987 أصبح تركيب منقى عوادم السيارات أمراً إلزامياً. ومن عام 1991 تبعتها معدلات حازمة لضبط عوادم السيارات. 1993 أصبح إستخدام البترين الذي يحتوي على الرصاص ممنوعا. 1995 تم تحديد نسبة الكبريت في إستخدام الديزل 05. ومنذ عام 1990 تم تطبيق ذلك البترين أيضاً ، وفي نفس العام تم تحديد أعلى نسبة للبترول في البترين بـــ 3% . ومنذ 1996 تتيح صناعات الزيوت المعدنية فرصة إختيار بترين سوبر بنسبة البترول المصرح بها.

إنخفضت عوادم أول أكسيد الكربون الى 30% فى الفترة بين 1980 و 1995 بسبب الفحص الدوري للسيارات القديمة وإحلال التكنولولجيا الحديثة في السيارات.
و تطالب وزاراة الزراعة وإقتصاد الغابات والبيئة وإقتصاد المياه بعدد وفير من الأبحاث والمشاريع الرائدة للوصول للتأثير المثالي على المواصلات لتكون صديقة للبيئة. مثل حركة مواصلات أوقات الفراغ الصديقة للبيئة في الحفلات العامة أو تعميم سياحة بدون سيارة وكذلك تقديم سبل حماية البيئة في التربية المرورية.
لازالت السيارات الخاصة كما هي مصدر الضوضاء الأول. ولهذا إتخذت هيئة الحد من الضوضاء إجراءات في هذا الشأن لعربات النقل وكذلك بمنع السير ليلاً للعربات المسببة للضوضاء. ولهذا إرتفع معدل إستهلاك – عربات النقل الهامسة – ويأتي بعدها نظام النقاط البيئية والخاص بتحويل عربات النقل المتجاوزة لحد السرعة المسموح . وفي عام 1993 صدرت قوانين الضوضاء الخاصة بعربات القطار ويعطي قانون إختبار ملائمة البيئة للمواطن المعني حقوقاً أفضل في المفاوضات عند تخطيط مشاريع البيئة الأساسية.

الطاقة النووية

في عام 1979 تخلت النمسا بموجب قانون الحد من الطاقة النووية عن إستخدام الطاقة النووية. وتتبنى النمسا منذ كارثة تشر نوبيل بالتحديد سياسة إيجابية مضادة للطاقة النووية. وهدف النمسا في الوقت الحالي هو جعل وسط أوروبا منطقة خالية من الأسلحة النووية. وعلى المستوى العالمي تسارع النمسا بدعم سلطات المنظمة الدولية للطاقة الذرية كأداة ضبط وكوسيلة متزايدة في أبحاث الطاقة غير النووية المتعلقة ببرنامج أوروبا النووي. وتهدف مساعي النمسا الى ضبط أعمال الطاقة الذرية الخاصة بالدول المرشحة للإنضمام للإتحاد الأوروبي بمعايير غير آمنة.

وهناك 336 محطة من النمسا في شبكة متواصلة تقوم بالقياس المستمر لأشعة الراديونية.

التعليم والعلوم والأبحاث

ترجع بدايات نظام التعليم العام الى حركة إصلاح التعليم عام 1774 أي في عهد ماري تريز والتي أرست نظام التعليم العام ونظام التعليم الإلزامي الذي يستمر مدة 6 سنوات. وفي عام 1869 إمتدت سنوات التعليم الإلزامي الى 8 سنوات. ثم جاء أوتو جلوكس بعد عام 1918 ليتمكن أثناء عمله في مجلس مدينة فيينا لشئون المدارس من إعطاء دفعة قوية لإصلاح نظام التعليم الإلزامي في النمسا. حيث طالب جلوكس في هذا الصدد بأن يحظى كل طفل بالتعليم الأمثل والشامل دون إعتبارلإختلاف الجنسيات أو الطبقات الإجمتاعية في عام 1962 أعاد قانون المدارس الشامل تنظيم التعليم المدرسي بالنمسا والذي مد فترة التعليم الإلزامي من 8 سنوات الى 9 سنوات. تم في عام 1993 إدخل تعديلات جوهرية على هذا القانون تتمثل في إدماج الطلبة والطالبات المعاقين في نظام التعليم النظامي .

نظام التعليم الحالي

يشكل القانون السابق ذكره والذي صدر عام 1962 السند القانوني لنظام التعليم الحالي، ذلك القانون الذي تطلب تغيره أغلبية ثلثي أصوات البرلمان. و تخضع مسألة تشريع وسن المبادئ للتنظيم الخارجي للتعليم المدرسي بكامله لإشراف الدولة، أما القوانين التطبيقية المعادلة وتنفيذها فهو أمر خاص بالولايات. و تدار المدارس العامة منذ عام 1975 بنظام الإدارة المشتركة فضلاً عن أن الالتحاق بالمدرسة يكون بالمجان.

التعليم الإبتدائي والثانوي

يختار التلميذ البالغ من العمر عشر سنوات بعد إجتياز الأربع سنوات الدراسية في المدرسة الإبتدائية بين طريقين لإتمام تعليمه المدرسي: إما المدرسة الرئيسية أو المدارس العليا التأهيلية. وتستمر الدراسة فى المدرسة الرئيسية لمدة 4 سنوات . و بعد الانتهاء من الدراسة بها ينتقل الطالب الى مرحلة دراسية فنية تستغرق مدة عام واحد. ثم يستطيع الطالب ان يبدأ مرحلة التدريب المهنى فى احدى المؤسسات أو المصانع أو المدارس المهنية . و بعد التخرج من المدرسة الرئيسية يمكن للطلبة و الطالبات أن ينتقلوا الى المرحلة العليا فى احدى المدارس العليا للتدريب لمدة 4 سنوات أو يستكملوا تعليمهم فى احد معاهد التعليم الفنى المتوسط ( ما بين ستة أو اربع سنوات دراسية ) أو المعهد الفنى العالى ( 5 سنوات دراسية ) , أما الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة فتتوافر لهم مدارس مختلفة أم انهم يخضعون لإشراف إدماجي .

و تستمر الدراسة فى المدارس الفنية العليا بشكل أساسي لمدة ثماني سنوات . و بعد اجتياز السنوات الأربع للمرحلة الأولى يمكن الانتقال الى مدرسة مهنية متوسطة أو عليا . و تنتهي الدراسة فى كلا النوعين من المدارس بشهادة الثانوية العامة التى تؤهل للالتحاق بالجامعة . أما بالنسبه للجامعات الفنيه و أكاديمية الفنون التشكيلية فهي تتطلب مؤهلات خاصة للإلتحاق بها .

المدارس التكميلية :
تنقسم المدارس العليا الى ثلاث انواع رئيسية و هى :-
1- المدرسة الثانوية العامة
2- المدرسة الثانوية الفنية
3- المدرسة الثانوية التجارية

و تتشابه هذه المدارس الثلاث حتى الصف الثالث ثم يبدأ الاختلاف يعد ذلك فى بعض المواد ( مثل اللغة اللاتينية أو اللغات الأجنبية الحية) . كما يظهر الإختلاف فى المرحلة الثانوية من خلال حرية إختيار مادة من المواد الإجبارية . كما يمكن بالإضافة لما سبق أن يختار الدارس بصفة فرديه مادة خاصة ليدرسها و ذلك فى إطار نظام اختيار المواد الإجبارية . أما بالنسبة للتعليم المهني فيتيح للطالب طريقين للدراسة، و هما إما إجتياز نظام التعليم المهني الثنائي الذي يتيح الفرصة الدراسية فى التدريب أثناء فترة الإعداد سواء فى مواقع العمل أو فى المدارس المهنية أو ربما يفضل الطالب التدريب فى المعاهد الفنية المتوسطة أو العليا . و لا تتوقف مهام المعاهد العليا الفنية فقط عند تقديم التعليم و الثقافة العامة بل تعدت الى التمتع بتعليم متعمق فى كل المهن المتخصصة . هذا و يستطيع الطالب أن يحظى بتعليم فني متكامل فى فتره زمنية بين سنتين و خمس سنوات . و تتنوع أشكال المدارس الفنية و المهنية لتشمل أكاديمية التجارة و المدارس التجارية بل أيضاً مدارس العلوم الإنسانية و مدارس الزراعة و اقتصاد الغابات ، فضلاً عن مجموعة مختلفة من معاهد التدريب المهني و الفني و التطبيقي . و يحصل الطالب فى نهاية فترة الدراسة على شهادة معترف بها .

يرجع الفضل الى نظام الجسور و الممرات فى توفير إمكانية انتقال الطالب بين الفروع المختلفة بنظام التعليم المدرسي . و نتيجة لتطبيق نظام استقلالية المدارس فقد تكونت مجموعات خاصة للإبداع فى اللغة الألمانية و الرياضيات و اللغات الأجنبية الحية , و تراعى هذه المجموعات قدرات الطلاب . و تستطيع كل مدرسة علاوة على ذلك أن تشكل عرضاً من المواد الدراسية الخاصة بحسب الاحتياج .

و انطلاقاً من الخطط التعليمية للمدارس المستقلة تستطيع كل مدرسه على حِدى أن تتخذ لنفسها طابعاً مميزاً بحسب قدراتها الخاصة فى مجالات مختلفة مثل المجال الموسيقى أو الانشطة الرياضية .

و هناك مجموعة من المدارس الخاصة فى فيينا تتخذ اللغات الأجنبية المختلفة كلغة أساسية للدراسة بها و ذلك وفقاً لتنظيم القانون العام . حيث يدرس الأطفال من سن الخامسة و حتى الحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية ( البكالوريا ) فى كل من مدرسة فيينا الدولية
و مدرسة الدانوب الدولية أو فى المدرسة الأمريكية الدولية و مدرسة فيينا المسيحية
فيدرس الاطفال حتى نهاية المرحلة الثانوية أي الفصل الثانى عشر المناهج بطريقة التدريس الأمريكية .
كما توجد فى فيينا علاوة على ذلك مجموعة من المدارس الأجنبية الخاصة لا تستند الى القانون العام مثل المدرسة اليابانية و العربية و السويدية . أما بالنسبة لتمثيل دولتي الصين و روسيا فى النمسا فهما يتكفلان بالمدارس التابعة لسفارتهما فى فيينا و التى تمكن أبنائهم من الإلتحاق بالتعليم الإلزامي .
كما سوف تتولى مؤسسة ” المجتمع الدولي ” فى فيينا بشكل أساسي مدرسة فيينا الفرنسية
Lycee Francais de Vienna بوصفها مدرسه عامه و ذلك طبقاً لعقد مبرم بين جمهورية النمسا و فرنسا و ستتخذ اللغة الفرنسية كلغة التدريس الرئيسية بها .

المدارس النمساوية في الخارج

تدعم النمسا في الوقت الحالي بعض المدارس الألمانية في كلٍ من اسطنبول و جواتيمالا و بودابيست وبراج. هذا بالإضافة الى مدارس ثنائية اللغة والموجودة في المجر والتشيك وسلوفاكيا.
وتعادل شهادات إتمام الدراسة في مثل هذه المدارس شهادة إتمام الدراسة الثانوية النمساوية كما أن للدارسين في هذه المدارس حق الإلتحاق بالجامعات النمساوية كما يقوم مدرسون نمساويون بالتدريس في المدارس النمساوية في الخارج وهم يعملون أيضاً على تعليم اللغة الألمانية في المدارس الدولية الأخرى. فضلاً عن إنتشار ما يزيد عن 200 مدرس من النمسا في أنحاء أوروبا بوصفهم مدرسين زائرين أو مساعدين وفي إطار برنامج الإتحاد الأوروبي للتعليم المسمى (سقراط 11) فإن مجال التعليم يشجع على الإلمام باللغات الأجنبية وتفهم الحضارات المختلفة بشكل أفضل. وتخدم المشروعات المستحدثة على أساس الشراكة الدولية ذلك الغرض. فعلى سبيل المثال تعمل مدارس من ثلاث بلاد مختلفة في مشاريع تعليمية لأهداف محددة. وتعد اللغة الإنجليزية هي لغة التواصل والتفاهم الذي يتم عن طريق البريد الإلكتروني.

وتكون معاهدات الشراكة القائمة بين المدارس المكرسة غالبا لصالح مشروعات اللغات الأجنبية القاعدة لتلك المشاريع المشتركة.

العلوم والأبحاث

• الجامعات ومعاهد الفنون التشكيلية.

تعد الجامعات النمساوية معاقل للعلوم والأبحاث. وتُتاح فرصة الإلتحاق بكافة الجامعات لجميع مواطنى الدولة ممن حصلوا على المؤهلات العلمية المطلوبة مثل شهادة إتمام الدراسة الثانوية كما أن هناك إمكانية لغير الحاصلين على هذه الشهادة للإلتحاق بالمعاهد العليا تحت شروط معينة مثل إجتياز إختبارات الكفاءة وإختبارالتأهيل المهني.

أما بالنسبة للجامعات المتخصصة في الدراسات الفنية فهي تشترط للإلتحاق بها إجراء إمتحان قبول مناسب لطبيعة الدراسة بها. كما أن الدراسة في الجامعات معفاة من الرسوم بالنسبة للطلبة من أبناء النمسا. أما للطلبة المحتاجين لمساعدات إجتماعية فيمكنهم الحصول على إعانات دراسية نظير تفوقهم. أما بالنسبة للطلبة المستمعين من الأجانب فعليهم تسديد رسوم الدراسة بإستثناء الطلبةالوافدين من دول الإتحاد الأوروبي، ومن غير حاملي الجنسيات والدول النامية ولاجئي إتفاقية جنيف – طالما أن الطلبة النمساويين في المقابل يسددون رسوماً دراسية في الدول المعنية. وتنتهي الدراسة في الجامعة بشهادة الماجستير أو الدبلوما وتتيح بعد ذلك فرص ممارسة وظائف تُناسب مؤهلاتهم العليا. وعلاوةً على ذلك فإن الحصول على درجة الدكتوراه يؤكدالكفاءة العلمية للخريج.

وبالنظر الى شروط القبول للإلتحاق بالجامعات نجد أنها تتساوى بالنسبة للدارسين النمساويين والدارسين الأجانب. فالمؤهلات الأساسية للقبول بالجامعات هي إجتياز إمتحان الشهادة الثانوية النمساوية أو ما يعادلها وتقديم ما يثبت ذلك بالإضافة الى شهادة تثبت الإلمام الكافي باللغة الألمانية. إلا أنه في بعض الأقسام الدراسية وبسبب عدم توافر الأماكن الدراسية فإنه يتم وضع بعض القيود والقواعد للقبول بالنسبة للطلبة الأجانب أو منع إلتحاقهم تماماً ويُستثنى من ذلك الطلبة من دول الإتحاد الآوروبي.

هذا وتقدم النمسا للطلبة الأجانب بشكل خاص العديد من الأكاديميات ودورات اللغة والحلقات الدراسية التي تخدم الدراسات التكميلية سواء اللغوية أو أية أغراض دراسية أخرى وبالنسبة للدارسين من الدول النامية فتوفر لهم النمسا دورات مناسبة ومُدعمة مالياً. يوجد في الوقت الحاضر في النمسا 19 جامعة و640 فرصة للدراسة الجامعية.
وفيما يلي أسماء الجامعات مرتبة حسب تاريخ الأنشاء:
• جامعة فيينا عام 1365 (أقدم جامعة في المنطقة المتحدثة بالألمانية)
• جامعة جراتس عام 1585
• جامعة سالزبورج عام 1619 (أعيد تشييدها عام 1962)
• جامعة إنسبروك عام 1669
• أكاديمية فيينا التشكيلية عام 1692
• جامعة فيينا للطب البيطري عام 1767
• جامعة جراتس التكنولوجية عام 1811
• جامعة فيينا التكنولوجية عام 1815
• جامعة جرانس للموسيقى والفنون التشكيلية عام 1815
• جامعة فيينا للموسيقى والفنون التشكيلية 1817
• جامعة ليوبن للتعدين 1840
• جامعة فيينا للفنون التطبيقية عام 1863
• جامعة سالزبورج للموسيقى والفنون التشكيلية
• جامعة الزراعة عام 1872
• جامعة فيينا الإقتصادية عام 1898
• حامعة لينز عام 1962
• حامعة لينز الفنية الصناعية عام 1973
• المركز الجامعي للدراسات العليا جامعة الدانوب – كرمس عام 1994
وفي عام 1999 التحق عدد 220972 طالب مستمع بالجامعات النمساوية من بينهم 26331 طالب أجنبي مما يشكل نسبة 12.3% من إجمالي الطلبة. كما تضم هيئة التدريس في الجامعات أكثر من 16000 مدرس.

ازدادت وتنوعت العروض الدراسية في الجامعات في العقود الأخيرة سواء من الناحية الفنية أو التخصصات عن طريق إدخال دراسات جديدة، أو من الناحية المكانية عن طريق إنشاء جامعات جديدة، أو من ناحية السعة حيث تم زيادة القدرات الحالية والمتاحة. ففي عام 1975 أصبح التعامل في الشئون الجامعية يتم بشكل ديمقراطي في المقام الأول الى جانب الناحية العقلانية: إذ أصبح لكافة المنتمين الى الجامعات (من طلبة وهيئة تدريس وإداريين) الحق في تمثيل مصالحهم عن طريق إتحادات أو هيئات أكاديمية مما يكفل المبدأ الديمقراطي بحق المشاركة في إتخاذ القرار للجميع. وفي إطار إكمال مسيرة الإصلاح الإداري فقد أصبحت الجامعات منذ عام 1993 تتمتع بحق إتخاذ القرار بشكل مستقل في أمور الميزانية والعاملين. هذا الى جانب نظام فعالية العمل المشترك لكافة مجموعات المنتمين للجامعات في عملية إتخاذ القرارات الجامعية. حيث أصبحت الجامعات الآن قادرة على التقرير بشكل مستقل في مسائل تعيين الموظفين أو حتى الأساتذة الجامعيين أو في مسائل الميزانية المحددة والتقسيم الداخلي. ويكفل هذا النظام الخاص بنقل سلطة إتخاذ القرار من وزارة التعليم والعلوم والثقافة الى الجامعات للأخيرة إمكانية التميز الفردي عند دخول المنافسة مع الجامعات الأخرى.

هذا ويدير الجامعات وعلى مستويات مختلفة هيئات جماعية وفردية على حد سواء. ويسمح هذا النظام المختلط بإتخاذ قرارات سريعة وفعالة مع توافر رقابة نشطة ومؤثرة في ظل وجود هيئات جماعية ديمقراطية مع تفوق ملزم. وفي عام 1997 حدث إصلاح لقانون الدراسة أدى الى تسهيل الأمور الإدارية وتخليص القانون الى جانب التنظيم واللامركزية.
وصلت مصاريف الجامعات النمساوية بالإضافة للمعاهد العليا بما فيها مصاريف البناء والأبحاث والعلوم الهامة في مجال التعليم العالي الى 33.04 مليار شلن نمساوي في عام1999.

المعاهد المهنية العليا

بحلول عام 1993 تعددت تخصصات المعاهد العليا، فمنذ الفصل الدراسي الشتوي لعام 1994/1995 أصبح هناك مراحل دراسية في المعاهد الفنية العليا حيث تقدم هذه المعاهد للطالب التعليم العلمي والعملي على حد سواء. وباب التقديم مفتوح بالنسبة لراغبي الإلتحاق بالمدارس المهنية سواء لمن إجتازوا إختبار إتمام الشهادة الثانوية أو خريجي النظام الثنائي. ويحصل الطالب على درجة أكاديمية بعد أن يُنهي فترة دراسية مدتها ستة فصول دراسية على الأقل. بعد ذلك يستطيع الطالب أن يبدأ بدراسة الدكتوراة في إحدى الجامعات. وفي شتاء الفصل الدراسي 1999/2000 قدمت المعاهد المهنية العليا في النمسا 56 مرحلة تعليمية.

الكليات، المجمعات العلمية والدراسات التكميلية الجامعية

بعد الإنتهاء من إمتحان الشهادة الثانوية النمساوية(ماتورا) يتوفر للدارس فرص تعليمية أخرى بالإضافة الى فرص العمل والدراسة في المعاهد العليا ويستطيع الدارس أيضاً أن يُدعم كفاءته المهنية من خلال الإلتحاق بإحدى الكليات أو المجمعات العلمية. وهنا تتوفر للدارس عشر إتجاهات تعليمية مختلفة وهي:
1- الكلية التكنولوجية
2- كلية الموضة وفن صناعة الملبوسات
3- كلية السياحة
4- الأكاديمية التجارية
5- كلية المهن الإقتصادية
6- الأكاديمية الطبية الفنية
7- الأكاديمية التربوية
8- أكاديمية الأعمال الإجتماعية
9- كلية المعلمين
10-الأكاديمية الحربية

وعلاوة على ذلك يمكن للدارس أن يلتحق بالدارسات العليا بالجامعة. هذا بناء على خطط دراسية ثابتة، حيث يستطيع الطالب العادي أو الطالب المتفوق أن يحضر محاضرات منتظمة. وتسهيلا للدارسين العاملين فإن المحاضرات تكون غالباً في الساعات الليلية أو تكون على هيئة مجموعة من الحلقات الدراسية. ويؤدي الطلبة في هذه الجامعات بعض الإمتحانات التي تستحق رسوما.ً

المكتبات والسجلات

تعود بدايات المكتبة الملكية، والتي شيدت قبل المكتبة القومية الحالية، الى العصور الأوروبية الوسطى. وكانت الكتب آنذاك تودع إلى جانب النفائس و الأحجار الكريمة والجواهر. وثابت من الوثائق التاريخية وجود متحف للنفائس يحوي العديد من الكتب وذلك في فترة حكم القيصر ألبريشت الثالث في النصف الثاني من القرن الرابع عشر. ومن ضمن الكتب التي حفظتها المكتبة القومية حتى اليوم الكتاب النجيلى المقدس ليوهانس فون تروباو والذي ألفه سنة 1368. ولقد كان القيصر فريدرش الثالث يحتفظ بثروة هائلة من الكتب القيمة فى قلعة “نويشتيتر” بفيينا، وكانت هذه الكتب تضم أول نسخة مصورة ومترجمة باللغة الألمانية من إنجيل ” فينسيل”. هذا بالإضافة إلى نسخة من الدستور الملكي ،”الثور الذهبى”. ولقد أصدر إبنه ماكسيميليان، الذي نمى هذه الثروة بإضافة العديد من الكتب القيمة التي تنتمي الى العصر البرجوندي، تعليمات صريحة من أجل الإهتمام بالكتب.

ثم زادت هذه الثروة من الكتب على مر العصور، حيث كان الكثير من قياصرة العصر البرجوندي من محبي إقتناء الكتب. فقد كلف كارل السادس يوهان برنهارد فيشر من مينة إرلاخ بتأسيس مكتبة البلاط فى ميدان “جوزيف” فى الفترة من 1723 إلى 1726، والتى أتم إبنه يوهان إيمانويل بنائها. ويعد بهو المكتبة واحداً من أفخر القاعات المزخرفة والمشيدة على طراز الباروك على مستوى العالم. وفي عام 1918 تغير إسم المكتبة القيصرية الملكية لتصبح معروفة بإسم “المكتبة القومية”. وتضم هذه المكتبة بين جنباتها أكثر من 5.8 مليون مقتني منها حوالي 2.8 مليون كتاب. أما الباقي فهو عبارة عن مخطوطات ونوت موسيقية بالإضافة الى صور وبرديات. وتعد دار السجلات والمحفوظات الحكومية النمساوية ذات القيمة التاريخية واحدة من أهم وأعرق دور الحفظ على مستوى العالم، حيث تتكون من خمسة أقسام هذا بالإضافة الى مكتبة ضخمة ومجموعة هائلة من الكروت. وتعد غرفة المحفوظات الملكية هي أقدم هذه الأقسام. وفي عام 1578 تم الإهتمام بتجميع كل المستندات الهامة التي تخص كل من الغرفة الملكية ومصلحة الشئون المالية المركزية وذلك أثناء حكم العائلة البرجوندية.

ويعتبر الكاتب المسرحي وشاعر القرن الــ19 فرانس جريلبارزر هوأكثرأمناء دار المحفوظات الملكية شهرة على الإطلاق. وفي عام 1711 تم تأسيس أرشيف الحروب بناء على أوامر الأمير أويجن فون سافوين قائد الجيش ورجل الدولة. أما القسم الخاص بأرشيف المنزل وأرشيف البلاط الملكي وأرشيف الدولة فيعد أحد إنجازات الإصلاح الإدارى فى عهد ماريا تريزا. التى أسست عام 1749 دارللحفظ حافلاً بجميع الوثائق والصكوك الهامة للتوثيق التاريخي وإثبات حقوق الملكية لآل هابسبورج و كذلك الوثائق الهامة للدولة. أما القسم الخاص بسجلات الإدراة العامة وسجلات الجمهورية فهي حديثة العهد.

وعلى المستوى المحلي فإن سجلات الإقليمية تعادل سجلات الدولة. وفضلاً عن ذلك فإن عدد كبير من المحليات والمدن يمتلك سجلات خاصة به. كما تضم أيضاً السجلات الخاصة بالكنائس و الأديرة والمؤسسات الخيرية فضلا عن العديد من السجلات الخاصة ثروات تاريخية هائلة.

الحياة الثقافية

الأدب

تمثل مجموعة الأشعار التي ترجع نشأتها إلى عام 1150 والمودعة بوقف أسرة الشتاير في فوراو هي بدايات الأدب النمساوي. فقد ظل الأدب يمتاز بالطابع الديني وينشده رجال دين حتى القرن الثاني عشر، إلى أن بدأت طبقة الفرسان تلعب دوراً قيادياً في المجتمع والسياسة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حتى بلغ الإنتاج الأدبي ذروته مع فالتر فون دير فوجلفايده. كما تعد ملحمة نيبلونجن التي كتبت حوالي عام 1200 واحدة من أكثر ملاحم الأبطال تأثيراً في الحضارة الأوروبية.

شجع القيصر ماكسيميليان الأول (1459 – 1519)، الملقب بـــآخر الفرسان والذي كان يكتب الشعر أيضا،ً شجع فن الدراما والمسرح. كما أن الأوبرات الرائعة والإحتفاليات التمثيلية المقامة في القرن السابع عشر والتي كانت تجري بتعاون كامل من بلاط القيصر أسهمت أيضاً في إزدهار الدراما الشعبية الدينية والتي ما زالت تحيا في الإحتفالات المسرحية الشعبية حتى يومنا هذا. كما تطورت الدراما المسرحية للطائفة الكاثوليكية في القرن السادس عشر والتي كانت ترى دورها يكمن فى توصيل المحتوى الديني بوصفها حامل شعلة الثقافة لطبقات الشعب العريضة وذلك حتى القرن السابع عشر.

أثرى عصر الباروك الفن والحضارة النمساوية وهو الأمر الذي خلف آثاره الواضحة حتى الآن. حيث أصبحت النمسا في ذلك العصر مركزاً لثقافة المسرح الأوروبي. إذ كانت تجري عروض الأوبرا والباليه الأكثر بهاءاً والأفخم تجهيزاً في قصور فيينا.

الكلاسيك والكوميديا الشعبية

يتبوأ فرانز جريلبارزر مكانته الى جانب كبار الشعراء والأدباء في عصر الكلاسيكية وما بعد الكلاسيكية. حيث تتميز مسرحياته بالمزج بين عناصر شكلية من مسرح الباروك النمساوي والأسباني مع أساليب فنية من المسرح الشعبي بفيينا، إلى جانب شكل الدراما الكلاسيكية. أما الإشكاليات الحديثة وتمييز الإنسان فهي من الأمور التي تدل على المستقبل وتمتد بعد ذلك لتصل الى مرحلة الكلاسيكية بمدينة فايمار.

بدأ موكب نصر الكوميديا الشعبية بفيينا مع ميلاد شخصية هانز فورست الخالدة والتي إبتدعها يوزف أنتون شترانيتكي. أما كل من كتاب الكلاسيك بالمسرح الشعبي النمساوي في القرن التاسع عشر فرديناند ريموند (ملك الألب وعدو البشر) ويوهان نستروي (الحرية وزاوية الصياح ) فهما ينتميان حتى اليوم الى الكتاب الذين تعرض أعمالهم بكثافة على المسارح المتحدثة بالألمانية.

و إذا كان التقليد المسرحي الراسخ قد أسهم حتى ذلك الوقت في خلق أعمال درامية فقد نشأت أعمال نثرية قيمة على مستوى عالمي على يد شارلز سيلفيلد، وإسمه الحقيقي كارل بوستل، و هو الإسم الذي عرف فقط بعد وفاته، وأدلبرت شتيفتر مؤلف (أخر أيام الصيف). كما كتبت ماري فون إبنرر – إشنباخ رواياتها و قصصها منطلقة من إحساس وتعاطف إجتماعي. تلك الروايات التي تشكل قمة النثر النمساوي في أواخر القرن التاسع عشر، الى جانب قصص فرديناند فون سارز. وكذلك إكتشف نيكولاوس ليناو مواد جديدة للشعر المكتوب بالألمانية في المجر.

حدث تغير في المشاهد بالنسبة للأدب النمساوي عام ،1890 حيث أصبح الشاعر هرمان بار مشجعاً للإتجاهات الأسلوبية المتغيرة. وكانت التعبيرية قد عرفت طريقها في ذلك الوقت الى الشعر والرسم. خلف كل من هوجو فون هوفمانشتال وأرتورشنيتسلر بصماتهما المميزة على الحياة الأدبية النمساوية في نهاية ذلك القرن، مما بعث الحياة في المناخ الأدبي بفيينا.

كتب هوفمانشتال أيضا إفتتاحية أوبرات “فارس الزهور” و “إلكترا” وغيرها لريشارد شتراوس. ولكنه إشتهر بإحيائه للمسرحيات الغامضة بالعصور الوسطى . وما زالت مسرحية “كل شخص” تعتلى قمة عروض مهرجان سالزبورج السنوية. كذلك يتضح تأثير المحلل النفسي النمساوي، سيجموند فرويد، في أعمال أرتور شنيتسلر الدرامية ذات الطابع النفسي والدقة في التحليل. كما يرجع الفضل لشنيتسلر أيضاً في خلق أنماط “فتيات فيينا الملامح”. أما روايات شتيفان تسفايح فتتميز بتحليل متقن للأحداث النفسية (عالم الأمس) والذي إمتزجت فيه سير ذاتية وببليوغرافيا لشخصيات تاريخية.

ظل كارل كراوس يمارس النقد الزمني ونقاوة اللغة في مجلته المعروفة بإسم “الشعلة” منذ عام 1899 بهدف الرؤية الفنية التي تطالب بالحقيقة والسهولة. وظهرت كذلك مجلة “الحارق” كعمل مضاد والتي كان ينشرها لودنيج فون فيكر.

وكانت براج تعد مركزاً أدبياً الى جانب فيينا، حيث ينحدر الكثير من أهم الأدباء من هذه المدينة مثل الروائي فرانز فرفل والشاعر راينر ماريا ريلكه وفرانز كافكا .

أدب مرحلة ما بين الحربين

شكل إنهيار جمهورية الدانوب عام 1918 جرحاً عميقاً في الحياة الثقافية والأدبية للنمسا . وتعتبر رواية كارل كراوس التي تتنبأ بنهاية العالم وعنوانها “الأيام الأخيرة للبشرية” هي إنعكاس نقدي لهذه الأحداث. كما طغت الأساليب الفنية في تركيب التقارير واللقاءات الشخصية والمقتطفات الصحفية على الأشكال الدرامية اللاحقة.

إهتم كذلك كل من جوزيف روت وروبرت موزيل في رواياتهما بتأثيرات تفكيك المنطقة الكبرى المكونة من النمسا والمجر. حيث جوزف روت في روايته “ردتسكي مارش” ومقبرة الرهبان الكبوشيون” نصبا ًتذكاريا للإمبراطورية المنهارة. كما إبتدع روبرت موزيل مصطلح “الكاكانيين” بوصفه رمزاً للحروف المختصرة من إمبراطورية ك. و. ك وتعتبر روايته ” رجل بلاصفات” عمل من الأعمال المحددة لهوية النمسا.

إحتل جيورج تراكل، إبن مدينة سالزبورج، مكانة هامة بوصفه أهم شاعر في عصره بقصائده التعبيرية. ولكنه أقدم على الإنتحار نتيجة لضغط فظائع الحرب العالمية الأولى عليه. أما الشاعر الرسام ألبرت باريس جوترسلوه فقد عمل أيضاً في مجال التمثيل والإخراج. وترسم روايات فريتس فون هرتسمان نوفسكي – أورلاندوز الساخرة “زعر الفرس داخل شبكة الورود” صورة مشوهة للنفس النمساوية داخل البلاط والسلطة مما إستوجب تصحيحه حتى يومنا هذا.
ألحقت النمسا بالرايخ الثالث عام 1938 سياسياً وثقافياً أيضاً، وكان هناك عناصر كثيرة من عصر الباروك وعصر البيدرماير مازالت سائدة في الحياة الثقافية النمساوية.

أدب النمسا منذ عام 1945 وحتى آلان

تنوعت الحياة الأدبية كثيراً في أعقاب الحرب العالمية الثانية. حيث ظهرت الإتجاهات المحافظة في محاولة لإثبات نفسها الى جانب الطليعة الدولية . وظل كل من فرانزتيودور كسوكور وماكس ميل وفرانز نابل وباولاجروجر والكسندر ليرنيت – هولينا على صلة وثيقة بالتقاليد. وظل الروائي هايميتوفون دوديريرمتسيدا للساحة الأدبية طول السنتين التاليتين للعقد الأول بعد نهاية الحرب. حيث يصور في روايتيه “معبر شترودلهوف” و”الجان” فترة حكم الجمهورية الأولى حين كانت النمسا مازالت تتبع إمبراطورية الدانوب. كما وصفت الكاتبة “دوروتيا تسيمان” إرتباطها بدوريرير في روايتها “العذراء والحيوان الزاحف” بكل صراحة وبدون حرج.

وفي عام 1954 تكونت ” جماعة فيننا” التي إنضم إليها كتاب النمسا الشبان والمهتمون بالتجريب، ومن بينهم فريدريش أخلايتنر وجرهارد روم وأوسفالد فيينر. وظهرت في هذه الآونة شخصية “السيد كارل”، التي إبتدعها كل من هيلموت كفالتينجر وكارل ميرتس للعروض الإستعراضية (الكاباريه). وهي شخصية الرجل محدود الأفق من الطبقة المتوسطة والذي يفكر في مصلحته فقط. أما الكاتبة إنجبورج باخمان فقد إستطاعت أن تفرض نفسها في ميدان الأدب من خلال قصائدها ومسلسلاتها الإذاعية ورواياتها (مثل رواية مالينا). كما تعتبر باربرا فريشموت مؤلفة تمزح فن الخيال والواقع الإجتماعي، ويتضح ذلك من خلال روايتها “أسطورة – الواقع” كذلك يعد كل من هانز فايجل وجرهارد فريتش من رواد هذا الجيل.

حصد فريتس هوخفيلدر وإلياس كانيتي نجاحاً على مستوى دولي، كذلك تخطت أشعار كريستينا لافانت وكريستينا بوستا المنطقة المتحدثة بالألمانية. كذلك عُرفت جرترود فوسين إجر من خلال روايتها حول تاريخ منطقة بومن.ظلت روايات توماس برنهارد ومسرحياته هي الأكثر مشهرة وعرضاً في الثمانينيات، وتدور رواياته حول الصورة السلبية للعالم، مما يذكرنا بصامويل بيكيت. وتوضح مسرحياته مثل “حفل لبوريس” “جماعة الصيد” و “صانع المسرح” و “ميدان الأبطال” وغيرها مدى رفضه للحياة. و كان للفيلسوف النمساوي الإنجليزي لودفيج فيتنشتاين بنقده اللغوي تأثيراً كبيراً على كتابات توماس برنهارد.

تميزت أعمال بيترهاندكة في الستينات والسبعينيات بفكرة “العودة الى الذات”، في الوقت الذي إتجه فيه الكثير من الكتاب الى المقولات السياسية. وتعد قصته المعروفة “محنة” تلك القصة التي أدت الى إقدام والدته على الإنتحار، تعد من كلاسيكيات الأدب العالمي. بلغ هاندكه شعبية كبيرة بمسرحياته ” سب الجمهور” و”كاسبار”. كما كانت رواياته الأخيرة أيضا ناجحة مثل: “عن القرى” و “الساعة التي لم نعد نعرف فيها شيئاً عن بعضنا البعض” والتي عرضت بدون كلام – وغيرها. ترجم بيترهاندكه أعمالاً لكتاب من أبناء سلوفينيا المقيمين في كيرنتن وهما: فلوريان ليبوس وجوستاف بانوس.
أما فولفجانج باور، المؤلف المسرحي المعاصر، فهو يمزح المسرح الشعبي القديم مع اللهجة العامية، كما تحث مسرحيته “السحر عصراً” التي كتبها في الستينيات على تصورات فنية وأخلاقية تقليدية.

الموسيقى
الأوبرا

دخل فن الأوبرا إلى النمسا فى عصر الباروك عن طريق مواكب النصر الإيطالية. وأقيمت العروض الأولى لها فى شمال جبال “الألب” بالمسرح الصخرى “هيل برونه” بمدينة ” سالزبورج”.
وسرعان ما أصبح فن الأوبرا فى فيينا شكلاً من أشكال التمثيل الملكى حيث لاقى هذا الفن اهنماماً بالغاً ، حتى بلغت العروض الأوبرالية أوجهها عام 1667 حين تم عرض أوبرا pomo d’oro) (Ilوهى من أعمال ” مارك أنطونيو سيستى” وكان ذلك بمناسبة حفل زواج القيصر ” ليوبولد الأول”.

وقد أبدع ” يوهان يوزيف فوكس” قائد الأوركسترا الملكى ببلاط القيصر ” كارل السادس” أوبرا التتويج (Costanza e fortezza) والتى تعد عملاً رائداً فى فن الأوبرا.

دار الأوبرا بفيينا

استطاعت فيينا الإحتفاظ بتقليدها المميز وهو العناية بالعروض الأوبرالية حتى فى القرن التاسع عشر, ففى عام 1879 تم افتتاح دار الأوبرا الملكية بفيينا والتى تغير اسمها فيما بعد وأصبحت تحمل اسم ” دار الأوبرا الحكومية بفيينا”.

مدارس الموسيقى

تعتنى عدة مؤسسات ومدارس بتنمية المواهب الموسيقية ابتداءاً من الصف الدراسي الأول بمدارس الموسيقى مثل: جامعات الموسيقى والفنون التشكيلية بمدينتى جراتس وفيينا و جامعات الموسيقى والفنون التشكيلية ” موتسارتيوم” بمدينة سالزبورج و المعهد العالى للموسيقى بمدينة فيينا ومعهد بوكنر العالى للموسيقى بمدينة لينتس. وتلقى أيضاً أكاديمية الصيف الدولية التابعة للـ “موتسارتيوم” تقديراً كبيراً فى الخارج. كما يوجد أيضاً بجانب ذلك العديد من المؤسسات التعليمية الأخرى لفن الموسيقى بمدينة فيينا.

المهرجانات

بدأت منذ عام 1950 إقامة المهرجانات بمدينة فيينا, وذلك فى شهرى مايو ويونيو من كل عام. وتضم هذه المهرجانات عروضاً خاصة بجميع مجالات الفنون التشكيلية والتمثيلية والتى تمثل محوراً هاماً للحياة الثقافية بفيينا.
كما يقام كل عام إبتداءاً من سنة 1982 مهرجاناً دولياً لفن الباليه فى العاصمة الإتحادية.

بدأت مهرجانات مدينة سالزبورج فى عام 1920 بناءاً على فكرة كل من ” ماكس راينهارت” و ” ريتشارد شتراوس” و ” هوجو فون هوفمانشتال”. وتمتد مراسم المهرجان لتشمل ساحة الأسقفية
( ” Jedermann ” ) ومدرسة ركوب الخيل ( Felsenreitschule ) و جزء من الإصطبل الملكى السابق والذى يعد المسرح الرئيسى للمهرجان.تولى “أرتورو توسكانينى” إدارة المهرجان من عام 1934 وحتى عام 1937 حقق خلالها نجاحات هائلة , واتجه إلى توسيع دائرة المهرجان والتى أصبحت أخيراً ومنذ عام 1960 تتحمل بالإشتراك مع المسرح الكبير للمهرجان المتطلبات الحديثة له. وتعد الأعمال الموسيقية لـ” موتسارت” هى العمود الأساسى الذى ترتكز عليه هذه المهرجانات ذلك بالإضافة إلى أعمال المؤلفين الموسيقيين المعاصرين والعروض المسرحية والحفلات الموسيقية.

تعقد فى كل موسم صيفى بمدينة سالزبورج الأسابيع الدولية للمدارس العليا وأكاديمية الصيف الدولية للفنون التشكيلية. ومنذ عام 1970 يعقد سنوياً مهرجان “هيلبرون” ( Fest in Hellbrunn). كان ” هيربرت فون كاريان” صاحب فكرة مهرجان عيد الفصح والذى يقام فى سالزبورج منذ عام 1967, وتقدم فيه عروض الأوبرا والحفلات الموسيقية, كما بدأ الإحتفال السنوى بعيد العنصرة فى عام 1973 وتقدم فيه الحفلات الموسيقية وعروض الأوبرا.وقد ترأس ” هيربرت فون كاريان” مهرجانات سالزبورج حتى وفاته عام 1989 وخلفه بعد ذلك فى رئاسته” جارارد مورتيير”.

تقام مهرجانات مدينة “بريجينتس” فى المسرح المكشوف والذى تقدم عليه عروض الأوبرا والأوبريتات والحفلات الموسيقية وعروض الباليه. ويعد مهرجان “خريف شتاير” ( steirische herbst ) الذى يقام فى مدينة جراتس والمدن الأخرى الواقعة بمقاطعة شتايرمارك من أكبر المهرجانات التى تعقد فى النمسا. كما يعقد فى كل موسم صيفى مهرجان ( Ars Electronica ) للتكنولوجيا والمجتمع بمدينة لينتس. أما مهرجان ( styriarte) فقد بدأ منذ عام 1985 وهو مهرجان موسيقى يحييه “نيكولاوس هارنونكورت” , كما تعد المهرجانات التالية من أكبر المهرجانات مكانة سواء فى داخل النمسا أو خارجها :
( Carinthische Sommer) ومهرجان بوكنر الدولى بمدينة لينتس (النمسا العليا) ومهرجان
الـ ( Schubertiade) بمدينة فيلدكيرش (مقاطعة فورارلبرج) ومهرجان الموسيقى “فيينا الحديثة” ( Wien modern) ومهرجان هايدن الذى يقام بأيزن شتادت عاصمة مقاطعة (بورجنلاند), ومهرجان ( Donau Festival) الذى يطبع مواسم الصيف الثقافية فى النمسا السفلى بطابع خاص.

وتعرف كل من مدينة باد إيشل بمنطقة سالتزكامرجوت بالنمسا العليا ومنطقة “بادن” بالقرب من فيينا وموربيش على بحيرة ” نوى سيدلر” ( بورجنلاند ) تعرف بإقامة مهرجانات الأوبريتات. وبالإضافة إلى كل ذلك فإنه توجد مهرجانات أخرى فى جميع مقاطعات النمسا ولكن بصورة أصغر.

المتاحف ومجموعات المقتنيات

لا تعد المتاحف الكبرى في النمسا مجرد أماكن لحفظ المقتنيات الثقافية القيمة، ولكنها أيضاً مراكز بحثية ذات أهمية بالغة وتشكل مجموعات النفائس الخاصة بالقيصرية السابقة النواة الأساسية للمتاحف الحكومية. وقد اكتسب متحف الفن التاريخى بما يحويه من مجموعة من التحف التي تبدأ من العصور القديمة حتى تصل إلى القرن التاسع عشر شهرة عالمية واسعة نظراً لأنه يضم لوحة “برويجهل”, ويعد ذلك المتحف هو المتحف الإتحادى الأول الذى يتمتع بهوية قانونية مستقلة طبقاً للقانون الجديد الخاص باتحاد المتاحف, وقد أصبح مع بداية يناير 1999 مؤسسة علمية للإتحاد. ويتم حفظ المجوهرات وأوسمة الشرف الخاصة بـ “الإمبراطورية الرومانية المقدسة” وبالحكام النمساويين السابقين من آل ” هابسبرج” بغرفة الكنوز العلماينة وغرفة الكنوز الدينية بقلعة القصر. وبجانب مجموعة الآلات الموسيقية الأثرية وخزائن معدات الصيد الملكية وخزائن الأسلحة يوجد أيضاً متحف ” إيفيسوس ” والذى تم إنشاؤه عام 1978 فى المبنى الجديد لقلعة القصر والمعروف بالقلعة الجديدة. كما تقام المعارض الخاصة والهامة التى يقيمها متحف الفن التاريخى فى قصر ” هاراش ” و ” الكونستلر هاوس” أو “بيت الفنانين”. وتتبع المتحف أيضا قلعة المركبات فى قصر ” شون برون ” , كما يمثل قصر “أمبراس” فى ” تيرول” بمجموعته الأثرية فرعاً للمتحف.

ويقع متحف الطبيعة التاريخى على الجانب الآخر من الطريق الدائري فى فيينا والمقابل لمتحف الفن التاريخى والذى يعد من أهم المتاحف على مستوى العالم المتخصصة فى هذا النوع ، نظراً لما يحتويه من نفائس متنوعة والكثير من القطع الأثرية الفريدة.

تعتبر مجموعة الرسم والتصوير ” ألبرتينا” والتى يفوق عددها المليون لوحة تحمل توقيع “ألبرشت دورر” تعتبر المجموعة الأكبر والأكثر تنوعاً على الإطلاق فى العالم بأسره. وأثناء فترة الإغلاق التى تطلبتها عملية بناء القسم الخاص بالألبرتينا تم استخدام الجزء الأكاديمى الخاص بـ ساحة الأكاديمية الكائنة في ميدان ” كارلس بلاتس” كمعرض لهذه المجموعة. كذلك تعرض الصالة المخصصة للوحات والمشغولات النحاسية والموجودة بأكاديمية الفنون التشكيلية والتي تمتلك مجموعة قيمة من لوحات التصوير الزيتى، تعرض ثروة هائلة من أعمال الجرافيك.

يضم معرض قصر “بيلفيدير” بالنمسا مجموعة فريدة من علامات فن العصور الوسطى و عصر الباروك بالنمسا وكذلك الفنون العالمية والنمساوية الخاصة بالقرن التاسع عشر والقرن العشرين. ويعد متحف “جوستينوس – أمبروزى” فى “أوجأرتن” بما يشمله من أتيليهات الفنانين القديمة، والتى أصبحت تستخدم فى أغلب الأحيان كمعارض لشباب الفنانين، يعد جزءاً من صالة عرض الكنوز الأثرية بالنمسا والتى ألحق بها قصر “هالبتورن” الموجود فى مقاطعة ” بورجن لاند”.

كذلك يشكل متحف المسرح النمساوى أكبر مؤسسة رائدة على مستوى العالم فى هذا المجال لما يشتمل عليه من مواد للعرض يبلغ عددها حوالى 5و1 مليون مادة.

تتبع مجموعة النفائس الموجودة بقصر ” ليشتن شتاين” وكذلك ما يحتويه متحف القرن العشرين متحف مؤسسة الفن الحديث لودفيج – فيينا, حيث يعرضكلاهما نماذج عالية القيمة للإبداعات الفنية الخاصة بهذا القرن وحتى عام 2000 أو 2001 سواء على مستوى النمسا أو على المستوى العالمى.

وفى منتصف عام 2001 تم إعداد مجمع المتاحف والتى يضم مبنى آخر حديث البناء لمتحف “ليوبولد” ( يشتمل هذا المتحف على معروضات تبدأ من مجموعة مقتنيات نمساوية خاصة ذات قيمة كبيرة حتى يصل إلى الفن النمساوى الخاص بالقرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ) ومتحف مؤسسة الفن الحديث بلودفيج – فيينا (والذى يضم واحدة من أكبر مجموعات الفن الحديث والفن المعاصر فى أوروبا) وساحة الفن بفيينا ومؤسسة مدينة فيينا لإقامة المعارض الخاصة بالفن العالمى الحديث والفن المعاصر.
وبمساحة عرض تصل إلى ستين ألف متراً مربعاً أصبح مجمع حى المتاحف من أكبر عشرة مواقع ثقافية فى العالم.

أسس متحف للفنون التطبيقية MAK ( وهى الحروف الأولى من österreichische Museum für angewandte Kunst وتعنى ” متحف النمسا للفن التطبيقى ” ) تأسس عام 1864. لذلك فإنه يعد واحد من أقدم المتاحف من هذا النوع فى أوروبا بأكملها. ويحوى مجموعة من القطع الأثرية القيمة التى تمثل نتاج صناعات الفنون التطبيقية فى أوروبا والشرق, كذلك يعرض نماذج لفن العمارة و التصميمات المعاصرة. ولخدمة المعارض الكبيرة الخاصة بمتحف MAK فإنه يتم استخدام صالة العرض ذات الطابقين الموجودة فى مبنى شارع ” فايس كيرشر”, بينما يتم إقامة المعارض الصغيرة المتغيرة الخاصة بالفن العالمى المعاصر فى ساحة العرض الخاصة بالمتحف الموجودة فى “شتوبن رينج”.
وكملحق للمتحف تم ضم قصر “جيي مولر” الموجود فى ” بوتسلاين دورف – فيينا ” والذى يضم مجموعة “سوبك”, وتقام فى صالات العرض الخاصة به سنوياً معارض تتناول موضوعات متجددة. فى أغسطس من عام 1994 تم تأسيس مركز MAK- للفن والعمارة لوس أنجلوس والذى تم تأسيه انطلاقاً من هدف معين وهو ضرورة تشجيع التبادل بين الفن، المعاصر وفن العمارة التجريبى على مستوى عالمى. ومنذ عام 1995 أتاح متحف MAK من خلال مخزونه من مقتنيات تمثل الفن المعاصر و الموجود فى ” جيفيشتس تورم” بساحة ” أرين برج” بمساحة كلية تبلغ ألف وأربعمائة متراً مربعاً أتاح إمكانية عرض القطع الهامة فى مجموعته الممثلة للفن الحديث.

ولا يعنى المتحف الخاص بعادات الشعوب المختلفة فقط بعرض كنوز متفرقة تمثل كل الحضارات خارج القارة الأوروربية وإنما أيضاً بتقديم دوره البحثى المتواصل فى هذا المجال.

فى 17 يونيو عام 1999 تم إعادة افتتاح متحف التكنولولجيا بفيينا وذلك بعد عملية تجديد شاملة وتجهيز متكامل يشمل الإفتتاح عرضاً لمجموعات ” الطبيعة والمعرفة ” و ” لوحات تكنولوجية ” و ” الصناعات الثقيلة ” و ” ماكينات البخار والمناجم ” و ” الآلات الموسيقية” وكان موضوع عرض الإفتتاح هو “المرور”

إن الإهتمام العلمى الخاص بدراسة عادات الشعوب وخاصة إهتمام النمسا بهذا المجال جعل من وجود متحفاً متخصصاً لعرض العادات الشعبية مطلباً خاصاً.
ويعتبر هذا المتحف بالإضافة إلى متحف الدراسات العرقية المقام بقصر ” كيتسه” -“بورجن لاند” والذى تدور موضوعاته أساساً حول عرض العادات الخاصة بشعوب شرق وجنوب شرق أوروبا نموذجاً يمثل نوعاً من أنواع المتاحف الإتحادية.

يمثل متحف التاريخ الحربى بالنمسا والمقام بترسانة الأسلحة القديمة “مستودع الكنوز الثانى” وتعرض فيه بجانب رموز الإنتصارت العربة التى تم فيها إطلاق الرصاص على ولى العهد “فرانتس فيرديناند” أثناء ركوبه إياها بسراييفو عام 1914.

وللمهتمين بالمجال الطبى يقدم متحف “جوزيفينوم” مجموعة من تماثيل الشمع ذات القيمة الفنية العالية .وكذلك يقدم المتحف الخاص بعلم الأمراض وعلم التشريح الإتحادى والموجود فيما يسمى بـ ” نارن تورم” أو برج المجانين بالمستشفى العام القديم مجموعة من المعروضات المتنوعة النادرة على مستوى العالم.

بدأ عدد المؤسسات الخاصة يتضاعف فى السنوات القليلة الماضية, وأصبحت حياة المعارض فى فيينا تأخذ فى الإتساع حتى بلغت حالة رائعة. ومن المؤسسات المهتمة بالفن ساحة الفن بفيينا ولجنة الفنون ببنك النمسا و مؤسسة بافاك و بيت الفن بفيينا ومؤسسة جينيرالى وشركة تأمين رايف أيزن وقاعة الفن بإكسنر جاسه

كذلك فإن المقاطعات النمساوية المختلف أصبحت تتمثل من خلال مقتنياتها التى تمثل تاريخ الفن وأيضاً مقتنياتها العلمية مثل: المتحف التاريخى لمدينة فيينا و المتحف الوطنى للنمسا السفلى في سان بولتن ومتحف بورجن لاند في أيزن شتاد ومتحف النمسا العليا ومتحف مدينة لينتس ومتاحف سالزبورج وجراس وكلاجنفورت وتيرول ،كما يوجد فى “فورارلبرج” مجموعة أخرى كبيرة من المتاحف التى تتميز بتخصصها فى مجالات معينة.

 

 

 

شاهد أيضاً

النمسا – حلول رقمية مبتكرة لتقليل انبعاثات قطاع التنقل

دشنت النمسا برنامجا جديدا للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مجال التنقل، يركز على تحقيق …