كشف الدكتور مصطفى الفقي المفكر السياسي، ورئيس مكتبة الإسكندرية، عبْر مذكراته «الرواية.. رحلة الزمان والمكان»، والصادرة مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، كواليس ما حدث يوم اختيار حسني مبارك الرئيس الأسبق، نائبا للرئيس الراحل السادات، مؤكدا أن مبارك نفسه تفاجأ بالقرار الرئاسي.
فيقول الفقي: حكى الرئيس مبارك قصة تعييته نائبا للرئيس، فقال: كنت والسيدة قرينتي مدعوان على العشاء لدى كبار الأطباء في القوات الجوية، ممن تربطني به صداقة طويلة، وفوجئت بدعوة الرئيس الراحل السادات لي على العشاء منفردا في تلك الليلة، فقررت أن تحضر السيدة قرينتي العشاء لدى أسرة الطبيب الصديق، وأن أذهب أنا إلى لقاء الرئيس الذي تقرر فجأة.
في ذلك اللقاء بدأ السادات يحكي باستطراد شديد على العشاء عن أهمية جيل أكتوبر، وضرورة توليه المواقع الهامة، على اعتبار أن جيل يوليو قد أدى دوره، وأصبح من الطبيعي أن يسلم مقاليد الحكم للجيل الجديد.
مبارك كان يحلم بالتعيين سفيرا بلندن
ويقول مبارك: «كنت في تلك اللحظة مهيأ لكي أطلب منه تعييني سفيرا في لندن، لكي أعيش في بلاد (الاكسلانسات) بعد جهد السنين، ومعاناة المعارك، ودوري في حرب أكتوبر الظافرة، ولكن الرئيس السادات فاجأه قائلا: إنني قررت أن أعتبرك رمزا لجيل أكتوبر، وأن أوكل إليك منصب (نائب رئيس الجمهورية) لأن حسين الشافعي النائب الحالي قد أدى ما عليه وهذا يكفيه».
أسقط في يد مبارك وأصابته دهشة بالغة، ولكن لأنه كان شخصية متماسكة بطبعه، فقد استقبل قرار السادات بهدوء، وعاد حسني مبارك إلى مقر قيادة القوات في اليوم التالي، واستدعى اللواء طيار سمير رمضان مدير أمن القوات الجوية، وقال له: إنني سوف أترك موقعي خلال أيام. فقال سمير رمضان: هل ستتولى إدارة شركة مصر للطيران، فقال مبارك: لا.. أعلى من هذا، فقال له: ستكون وزيرا للطيران المدني؟ فقال: لا.. بل أعلى من ذلك أيضا، فقال سمير رمضان: هل يمكن أن يكون قائد القوات الجوية وزيرا للدفاع؟ لا يوجد سوابق لذلك!
فقال مبارك: لا.. أعلى، فقال له: هل ستتولى رئاسة الوزارة؟ فقل له: لا.. بل أعلى أيضا، فانتفض سمير رمضان واقفا: ماذا يعنى أعلى من كل ذلك؟ صمت حسني مبارك، وأصاب الذهول سمير رمضان، عندما أدرك أن المنصب المعروض هو منصب «نائب رئيس الجمهورية».
ويعقب الفقي: «هكذا كان أسلوب السادات عند إبلاغ حسني مبارك بقرار تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية في قفزة هائلة، لم يكن يتوقها حسني مبارك أبدا، ولم يسع إليها شأن المناصب الأخرى التي تولاها من قبل دون السعى منه، فقد جاء به الرئيس عبدالناصر من مدير للكلية الجوية في بلبيس إلى رئيس أركان للقوات الجوية، وتم اختياره بعد ذلك خلفا للواء طيار علي بغدادي، لكي يكون قائدا للقوات الجوية، والسجل العسكري لمبارك مشرف للغاية، فهو حافل بالترقيات الاستثنائية والمواقع الهامة