بالصور – حفل تكريم عبدالكريم بمسجد الشورى – تحرك متميز لمواجهة إساءة للإسلام بالنمسا

في ثلاثينيات القرن الماضي، تقدم زعيم مصر الأشهر – سعد زغلول – في أحد الاحتفالات للسلام على أمير الشعراء أحمد شوقي – فحيّاه وانحنى أمامه وسط دهشة الحضور وذهولهم، وعندما سأله أحد الذين استغربوا هذه الحفاوة البالغة، من جانب – الزعيم – قال: إنه – «الفاني» يحيى «الخالد» – فنحن زائلون، ومايبدعه – شوقي سيبقى يتحدى الفناء كذلك هو الحال فى عمل أخونا عبدالكريم عمل يتذكره الأجيال.

استحضرت هذا المشهد عندما رأيت الكم الكبير من وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها تزاحم ممثلوها ليكون لكل مكانه المناسب حتى يلتقط أفضل الصور أو يسمع الكلام بوضوح.

لم يكن ذلك المشهد في مقر المستشارية أو حفل استقبال أعده رئيس الجمهورية، ولكنه كان حفل تكريم لشخص مسلم داخل بيت من بيوت الله.

هذا الشخص هو عبد الكريم بن حيزير الشاب الجزائري النمساوي الذي طبقت شهرته الآفاق بعد أن ضرب أروع مثال للإنسان المسلم الذي يعبر عن إسلامه بأفعال تتحدى الفناء ولسان حاله يقول هأنا أحمل راية الرسول الحبيب فأعين المحتاج وأنقذ روحا منّ الموت منى الله عليها بنعمة الحياة

فكان مسجد الشورى بالعاصمة النمساوية فيينا، هوالذي بادرواحتضن حفل تكريم الشاب الجزائري ليكون تكريمه أبلغ رد وخير بيان لمن تسوّل له نفسه المريضة أن يتطاول على أشرف الخلق وهو لن يبلغ أدنى مرتبة من مراتب أحد أتباعه المخلصين.

ما أحلاها تلك اللحظات التي تستشعر فيها كإنسان مسلم أن هناك من يرد لك اعتبارك داخل هذا البحر المتلاطم من الإهانات التي تكال للإسلام والمسلمين من كل مريض داخله مهزوم مأفون

العيون معلّقة بعبد الكريم، والقلوب رضية لتصرفه النبيل، عندما كاد أن يفقد حياته ثمنا لإنقاذ حياة طفلة لم تتجاوز العشر سنوات من عمرها سقطت من نافذة منزلها بالطابق الثالث لتكون يد العناية الإلهية، ممثلة في عبد الكريم، تقف في انتظارها لتتلقفها وتهبها الحياة من جديد.

نعم هذا هو التطبيق العملي باليد قبل اللسان لآية كريمة من كتاب الله؛ حيث يقول جل وعلا: “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً “. فكان الحضور المبارك بالمسجد يسجيه، والرضا الإلهي يلف المكان وما فيه.

تبوأ عبد الكريم مكانة رفيعة فى الشارع النمساوى، واحتفت وسائل الإعلام به وتسابقت للحصول على تصريح منه. وكانت ذروة التكريم يوم الجمعة 18 يناير، في حضور جمع غفير من المصلين، تجاوز 900 مصل غصت بهم جنبات المسجد، وبحضور ممثلين لـ27 وسيلة إعلام نمساوية ما بين صحف ومجلات وراديو وتليفزيون.

شارك فى حفل التكريم كل من تشارلى هورا عضو برلمان فيينا عن الحى الثانى؛ حيث مسجد الشورى. كما حضر فلوريان هارج ممثلا وزارة الخارجية، وكذلك فريتس إدلينجر الأمين العام لجمعية الصداقة العربية النمساوية، وبوخلنجر ممثل هيئة الاندماج بالحي الواحد والعشرين، آمنة بغجاتى ممثلة للهيئة الإسلامية الرسمية بالنمسا والصحفي والكاتب المشهور روبرت ميزك والكاتبة إيزوله كارم وعضو برلمان فيينا المهندس عمر الراوي.

بدأ الحفل عقب صلاة عصر الجمعة بكلمة ترحيبية بوسائل الإعلام ألقاها طرفه بغجاتي من مبادرة المسلمين النمساويين والنمساويات، أوجز فيها خطبة الجمعة التي خصصها الشيخ عدنان إبراهيم لذكر أقوال بعض حكماء الغرب والشرق في رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، مستشهدا بأبيات من الشعر لشعراء عرب مسيحيين، ومنها بيت لشاعر شامي يقول:

يا سيدي يا رسول الله معذرة اذا دعتني القوافي ثم لم أجب

وما عجزت لأن الشعر أعجزني لكن لأنك فوق الشعر والأدب

وأخر يقول

يا سيدي يا رسول الله معذرة … فلست أبلغ في مدحك إحسانا
وأنت أسمى على شعري ومقدرتي … بما سموت بمدح الله قرآنا

وأدان بغجاتي بشدة ما تفوهت به مرشحة مغمورة لحزب الحرية النمساوي بمدينة جراتس، من ألفاظ حاولت بها أن تتناول من مقام النبوة، مشيرا إلى أن بمحاولاتها أرادت أن تحقق مكسب سياسي على أكتاف المسلمين وجدت حائطا من الرفض من قبل قيادات بلدنا النمسا بداية من الرئيس هانز فيشر والمستشار ألفريد جوزنباور ومرورا بميخائيل هويبل عمدة فيينا وفرانس فوفس عمدة شتاير مارك، واستقاله رئيسه كتله الحزب المتطرف ببرلمان أشتاير مارك التى تجرى فيه الأنتخابات ماجستر Maxie Uray-Frick وعدد كبير من القيادات المحلية والاتحادية، إضافة إلى الأقلام النزيهة في الصحافة النمساوية التي استنكرت أقوال السياسية المغمورة.

وأكد بغجاتي على أن مسلمي النمسا لم ولن ينجروا إلى شرك الاستفزاز الذي ينصبه اليمينيون بغرض كسب بعض الأصوات في الشارع النمساوي على حساب تأجيج المشاعر ضد المسلمين ملتحفين بالإسلاموفوبيا والشعارات المعادية للأجانب بصفة عامة.

ونوه بغجاتي إلى أن كثير من الأحداث الماضية تثبت عقلانية أبناء الأقلية المسلمة في التعامل مع الأحداث التي قد تمس الإسلام والمسلمين، معتبرا أن الأصوات التي تنادي بالعداء هو أصوات خافتة لا تمثل عامة المجتمع النمساوي المحب للآخر.

وبهذا الصدد وجه بغجاتي الشكر لقيادات الدولة النمساوية على موقفها الرافض لمثل هذه التصريحات الاستفزازية، مؤكدا على أن مبادرة هذه القيادات بجميع اتجاهاتها بإدانة تلك التصريحات كان له وقعا طيبا على نفوس المسلمين داخل النمسا، وربما خارجها أيضا.

واعتبر بغجاتي أن خير رد على محاولة النيل من مقام النبوة هو الفعل الكريم الذي قام به الشاب المسلم عبد الكريم بإنقاذه طفلة أوشكت على الموت.

وعن هذا الحادث قال عبدالكريم إنه كانت متوجها من منزله إلى مقر عمله في الأسبوع الماضي، فوجد نحو 20 شخصا متجمعين ينظرون في ذهول لأعلى حيث طفلة لم تتجاوز العشر سنوات تزحف على نافذة منزلها بالطابق الثالث فيما تطلق صيحات استغاثة محاولة أن تجد من يساعدها.

ويتابع عبد الكريم قائلا: “لم أشعر بنفسي إلا ولساني يلهج بالدعاء إلى الله أن يعيني ولا يخيب رجائي في مساعدتها. وبالفعل كانت استجابة الله لدعائي كلمح بالبصر، فمددت معطفي جاعلا إياه شبكة أمان للطفلة التي بدأت تتهاوي بالفعل لتسقط من النافذة، فيما ساعدني أحد أفراد الشرطة الذي تصادف مرروه بالمكان، وبفضل الله وقعت بين يدينا وكتب الله لها عمرا جديدا”.

وفي الختام قدم الشيخ عدنان إبراهيم إمام مسجد الشورى جائزة لعبد الكريم ولزملاء الشرطي النمساوي رولاند. فيما بادر عبد الكريم بالتصريح لوسائل الإعلام أنه يهدي هذه الجائزة للسياسية اليمينة سوزانا فينتر، قائلا: “إنها تقول إن المسلمين هم تسونامي هجرة بشرية، وأنا أقول لها إننا نضحي بحياتنا من أجل إنقاذ الآخرين”.

ويعد موقف أبناء الأقلية بالنمسا في مواجهة إساءة السياسية النمساوية متميزا، بسبب درجة التعقل العالية التي تحلت بها تحركات قيادات الأقلية منذ اليوم الأول؛ حيث كانت وسائل الإعلام والإجراءات القضائية هي الساحة الرئيسية التي اختارها مسلمو البلاد لمواجهة التصريحات العنصرية، بعيدا على الانفعال والتصرفات القائمة على العواطف، والتي ربما كانت تؤتي أثرا عكسيا.

أضافه : قررت إدارة مسجد الشورى بمنح عبدالكريم رحله حج إلى بيت الله الحرام العام القادم تكريماّ إضافى له لكونه من رواد ومؤسسى المسجد .

من لايشكر الناس لايشكر الله

ومن خلال هذا المنبر الإعلامي أتوجه بجزيل الشكر ووافرالاحترام والتقدير لكل أبناء الأقلية المسلمة الذين الذين لبوا الحضور من خلال الموقع وضربوا أروع مثال في التعامل العقلانى والإيجابي المدروس مع القضايا التي تسيئ إليهم والشكر موصول لإدارة المسجد أولئك الذين ضحوا بوقتهم وجهدهم في سبيل أخراج هذا التكريم بالمظهر اللأئق وخاصه أبومحمد فوزى تبولى وأبوأنس أحمد الطاهر وعلى رأسهم الشيخ عدنان أمام وخطيب مسجد الشورى.

مواضيع ذات الصله
أقراء شاب مسلم ينقذ طفلة نمساويه من الموت المحقق

شاهد أيضاً

تفاصيل نص العرض الذي سُلّم لحماس لوقف إطلاق النار في غزة – مكوّن من 3 مراحل

خلال ساعات، يتوقع أن تسلم حركة حماس ردّها على العرض الذي نقله إليها الجانب المصري …