من الذهب إلى الدولارات، ومن الطائرات الخاصة إلى “بدلة رقص شرقي”، لا يتوقف محمد رمضان عن ممارسة هوايته المفضلة: إثارة الجدل ولو على جثة الذوق العام.
مؤخرًا، لم يختر رمضان أن يثير جمهور مهرجان “كوتشيلا” بأدائه الفني، بل بزيّه الفاقع وسلوكياته التي بدت وكأنها وصلة استعراض مشحونة بالرمزية الفارغة، عندما اعتلى المسرح مرتديًا كاردي شفافًا وبدلة ذهبية أشبه بزي استعراضي نسائي، وهو يلوّح بعلم مصر ويغني أغنية وطنية!
في مشهدٍ وصفه كثيرون بأنه “تهريج وطني بملامح هزليّة”، باتت معه الرموز المصرية مجرد أكسسوار إضافي ضمن حفلة استعراض بلا هوية.
رمضان: صورة بلا مضمون
لطالما سوّق محمد رمضان لنفسه كرمز “للنجاح الشعبي”، لكنه نسي أن الشعبية لا تعني الانفلات.
نجوميته قامت على خلط المال بالبهرجة، والجرأة بالابتذال، والفن بالفضيحة. حتى بات جسده أهم من صوته، وحركاته أهم من مواقفه، وكأن الرسالة الوحيدة هي: أنا هنا، انظروا إليّ، بأي ثمن.
من فيديو كليب يرقص فيه وسط سيارات ودولارات، إلى مشهد آخر يعانق فيه ضباطًا إسرائيليين، إلى رقصته الأخيرة التي ألهبت الغضب لا الإعجاب… يبدو رمضان وكأنه في سباق مستمر مع نفسه نحو الهاوية.
فن أم تسطيح للهوية؟
المشكلة لم تعد في ملابس محمد رمضان، بل في ما يمثل. فهو يرفع علم مصر على مسرح أجنبي، لكنه يدوس في المقابل على كل ما يمثل القيم المصرية: الحياء، الذوق، المسؤولية الفنية، وحتى الموقف من القضايا الوطنية.
أن يتحوّل فنان إلى أداة تطبيع ناعمة، أو إلى واجهة “مؤنثة” لتلميع صورة الشرق الأوسط الجديد كما هلّلت بعض الصحف العبرية، فهذه ليست حرية شخصية… بل إساءة علنية يجب أن تُحاسب.
“نمبر وان”… في السقوط؟
محمد رمضان هو نموذج للفنان الذي اختار أن يبني شهرته على الضجيج، لا على الموهبة.
يريد أن يكون “رقم واحد”، لكنه نسي أن الأرقام لا تهم إن كانت فارغة من المعنى.
فأي قيمة للنجومية حين تتحوّل إلى حلبة استعراض؟ وأي فنان ذاك الذي لا يعرف الفرق بين المسرح والملهى؟
الخاتمة: هل حان وقت الحساب؟
الآن، وبعد أن تجاوزت تصرفاته حدود “اللافت”، إلى خانة “المسيء”، يُطرح السؤال الجاد:
هل تُحاسَب هذه الهيافة المقنّعة باسم الفن؟ أم أن محمد رمضان سيظل خارج الحساب، فوق النقد، وتحت الصفر في كل شيء آخر؟
تشويه متعمّد أم جهل مطلق؟
لم يعد ما يفعله محمد رمضان مجرد حركات فردية عابرة، بل صار يُحمّل صورة الفنان المصري عبئًا ثقيلًا في المحافل الدولية. ففي كل مرة يطل فيها بهذه الطريقة “الاستعراضية المفرغة”، يتراجع الاحترام العالمي للفن المصري الجاد، الذي لطالما تميّز بثرائه، ورسالته، وعمقه.
فأي انطباع سيخرج به جمهور مهرجان كوتشيلا عن الفنان المصري؟ أنه مجرد مؤدٍّ استعراضي يخلط الوطنية بالابتذال؟
وماذا سيتذكّر الغرب؟ محمد عبد الوهاب وأم كلثوم… أم شفافيات محمد رمضان ولمعان بدلته؟
بهذه التصرفات، لا يسيء رمضان إلى نفسه فقط، بل يُضعف الحضور المصري في الساحة الفنية العالمية، ويشوّه صورة “الفنان العربي” كصاحب رسالة، ليقدّمه بدلًا من ذلك ككائن استعراضي لا يرى من الفن سوى سطحه اللامع.