ملوك على المنصات – غائبون عن غزة: حين تُقصف الطفولة وتُلقى الخطابات

شكرًا لكم، أيها القادة العرب العظام شكرًا لأنكم لم تدخلوا شاحنة واحدة إلى غزة، ولم تزعجوا العدو بخطوةٍ واحدة، ولم تحرجوا الحلفاء بابتسامةٍ متضامنة أو موقفٍ رمزي.

في وقت تُسحق فيه غزة تحت أنقاضها، ويُدفن الأطفال أحياءً تحت الركام، تطلّ علينا الأنظمة العربية بخطابات رنانة وعبارات إنشائية تفيض حبًا لفلسطين… لكنها لا تساوي ورقة الكلمة التي كتبت بها.

ثروات بالمليارات.. وصفر شاحنات

سبع ممالك، وخمس عشرة جمهورية، وجيوشٌ مدججة، وقواعد جوية، وأرصدة نفطية تُدوّخ البنوك…
لكن أمام معبر رفح، تتسمر كل هذه “القوة” عاجزة عن إدخال كيس دقيق أو علبة حليب أطفال.
غزة جائعة، تختنق، تحترق، والعرب يُنظّرون على الفضائيات.

فهل من تفسيرٍ منطقي لهذه “الهيبة المصطنعة” التي تتبخر عند أول اختبار حقيقي؟!

تواطؤ ناعم وتطبيع صريح

بينما ينهمر الدم الفلسطيني، تستقبل بعض العواصم سفراء الاحتلال بالأحضان، وتوقّع اتفاقيات تجارة وأمن، وتُنسّق “للاستقرار الإقليمي” مع دولة تقتل الأبرياء وتمنع عنهم الدواء والماء.

حتى كلمة “إدانة” باتت نادرة. وحتى المبادرات “الرمزية” باتت ثقيلة على صدور الزعماء.
والمؤتمرات؟ حفلات خطابية باردة يتنافس فيها المتحدثون على “أكثر من يشجب بأدب”.

صمتٌ يُشبه التواطؤ

حين يعجز نظام عربي عن الضغط لفتح ممر إنساني، أو منع حصار غذائي، أو حتى تهديد بقطع العلاقات… فماذا تبقّى من السيادة؟
هل باتت الشعوب أقرب لفلسطين من حكّامها؟ هل تحوّل الكرسي إلى عازل صوتٍ يحجب أنين غزة؟
أسئلة بات يرددها المواطن العربي كلما رأى طفلًا يبحث عن أمه في مستشفى مدمّر، أو أمًا تلف جسد صغيرها في كفن.

القدس ليست فقرة في نشرة الأخبار

فلسطين لا تنتظر خطابات ولا شعارات. لا تريد مهرجانات ولا لافتات.
هي تريد موقفًا واحدًا شريفًا:
إما أن تكون مع المقاومة، أو مع الحصار.
إما أن تكون مع الطفل الذي ينهشه الجوع، أو مع من يمنع عنه الغذاء.
لا منطقة رمادية حين يكون الموت واضحًا.

خاتمة: دمٌ على اليد… وإن غُسل بالبيانات

التاريخ لا ينسى.
والأجيال القادمة ستقرأ كيف احترقت غزة… وكيف نظر إليها العرب من نوافذ قصورهم، ثم أغلقوا الستائر.

شاهد أيضاً

بابا القيامة.. كاردينال النمسا يرى في وفاة فرنسيس خلال الفصح إشارة من السماء

في زمن مشبع بالقلق، والشتات الروحي، وفوضى العالم، جاءت وفاة البابا فرنسيس في إثنين الفصح …