يبدو أن حزب الحرية النمساوي (FPÖ) لا يستطيع الإفلات من ظلال الفضائح، فكلما اقترب موعد الانتخابات، خرجت إلى العلن ملفات جديدة تُذكّر الناخبين بأن اليمين المتطرف لا يجيد سوى خطاب الشعارات… وإنفاق الأموال على العطلات والسيجار الفاخر!
فضيحة مالية بمليون يورو تهز فيينا
النيابة العامة في فيينا فتحت تحقيقًا واسعًا حول ما يُشتبه أنه سوء استخدام ممنهج لأموال الحزب، شمل نفقات مشبوهة بأكثر من مليون يورو، صُرفت على عطلات خاصة، وتنظيف، وتدخين فاخر، وحلويات. قائمة النفقات، التي يُفترض أن تكون موجّهة للعمل السياسي، تحوّلت إلى دفتر فواتير خاص لقادة الحزب!
في قلب العاصفة، يظهر هاينز كريستيان شتراخه (Heinz-Christian Strache)، الرجل الذي لم يكد يتعافى من فضيحة “إيبيزا” حتى وجد نفسه مجددًا أمام ملفات قضائية، متهمًا هذه المرة بتحويل الحزب إلى حساب شخصي مفتوح.
دومينيك نيپ تحت المجهر
المفاجأة الكبرى أن القضية لم تتوقف عند شتراخه، بل امتدت لتشمل الرئيس الحالي لفرع الحزب في فيينا دومينيك نيپ (Dominik Nepp)، الذي يُحقق في دوره المزعوم ضمن هذه التجاوزات. النيابة العامة لم تغلق الملف بعد، لكن صدور التقرير النهائي خلال أبريل قد يفتح الباب أمام ملاحقات رسمية تُفجّر الحملة الانتخابية قبل بدايتها.
عودة “أشباح إيبيزا”
الفضيحة الحالية تعيد إلى الأذهان المشهد المدوّي لفيديو “إيبيزا” عام 2019، حين ظهر شتراخه على جزيرة إسبانية وهو يفاوض امرأة ادّعت أنها مستثمرة روسية على صفقات سياسية مشبوهة مقابل دعم انتخابي. الفضيحة أطاحت به من الحكومة وأغرقت FPÖ في أزمة ثقة عميقة… لكن يبدو أن دروس الجزيرة لم تُستوعب بعد!
فساد مُمَنهج أم حملة سياسية؟
بينما ينفي شتراخه ونيپ كل الاتهامات ويعتبرانها “حملة سياسية قبيل الانتخابات”، تشير الوقائع إلى أن حزب الحرية يعيش مأزقًا داخليًا يتجاوز الإدانة القضائية: فقدان المصداقية أمام الرأي العام، خاصة في وقت يتصاعد فيه خطاب الحزب ضد “الفساد في الدولة”، وهو الخطاب الذي يبدو اليوم كمن يصرخ داخل مرآة!
اليمين المتطرف على الحبال: هل يسقط FPÖ مجددًا في امتحان الثقة؟
الانتخابات القادمة في فيينا قد تكون فصلًا حاسمًا في قصة حزب يُجيد إثارة الجدل، لكنّه يفشل مرارًا في إثبات أنه بديل نظيف وموثوق. وبين إيبيزا وفيينا، يظهر أن العطلات الفاخرة دائمًا على حساب الناخب… وحساب الحزب، طبعًا.