فيينا تدفع الثمن جدل الـ4600يوروشهرياّ لعائلة سورية يشعل معركة العدالة الاجتماعية

بينما كانت فيينا تُعرف بأنها “مدينة الرفاه الأوروبي”، فجّرت قصة عائلة سورية تتلقى 4600 يورو شهريًا كمساعدات اجتماعية، عاصفة سياسية وإعلامية في قلب العاصمة النمساوية.
قضية واحدة، لكنها كشفت شرخًا متصاعدًا بين مفاهيم العدالة الاجتماعية وواقع التحديات الاقتصادية، وطرحت تساؤلًا جوهريًا: هل تحوّل كرم الدولة إلى عبء على دافع الضرائب؟

من أين بدأت القصة؟

عائلة مكوّنة من 9 أفراد، لا تعمل، لكنها تحصل على ما يقارب خمسة آلاف يورو شهريًا، وهو مبلغ يتجاوز أحيانًا دخل أسر نمساوية تعمل بدوام كامل.
الحالة أصبحت رمزًا، ليس فقط للنقاش حول اللاجئين أو الهجرة، بل أيضًا حول هيكل المساعدات في فيينا مقارنة ببقية الولايات النمساوية، التي تطبق أنظمة دعم أقل سخاءً بكثير.

ماذا يقول الناس؟

وفقًا لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة Unique Research:

  • 61% من سكان فيينا يؤيدون تخفيض الحد الأدنى للمساعدة لتتماشى مع باقي الولايات.

  • حتى بين أنصار الحزب الاشتراكي (SPÖ)، المدافع الأول عن النظام الحالي، أيد 58% منهم فكرة الخفض.

  • وفي معسكر اليمين (ÖVP وFPÖ وNEOS)، كانت الرسالة أوضح: الغالبية الساحقة تطالب بالتعديل الفوري.

  • وحدهم أنصار حزب الخضر أبدوا تمسكًا بالقيم الاجتماعية التقليدية، حيث أيد 68% الإبقاء على الوضع الحالي.

هل فيينا تدفع وحدها الثمن؟

الواقع أن فيينا، بسبب تركيبتها السكانية وتاريخها الطويل في استقبال المهاجرين، تتحمل العبء الأكبر من المساعدات الاجتماعية مقارنة ببقية الولايات.
وهنا تنشأ المعضلة:
هل نكافئ من يعيش في العاصمة ويواجه تكاليف معيشية أعلى؟
أم نطبّق مبدأ “العدالة الموحدة” ونساوي بين الجميع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي؟

بين الكرامة والإنصاف

المسألة ليست فقط أرقامًا وحسابات، بل صراع قيم بين:

  • من يرى في الدعم المادي حقًا إنسانيًا يضمن الكرامة للجميع.

  • ومن يعتقد أن النظام بات محفزًا على الكسل، ويخلق فجوة بين من يعمل ومن لا يعمل.

إلى أين تتجه الأمور؟

مع تزايد الضغوط من الأحزاب المحافظة واليمين الشعبوي، والتغير الواضح في رأي الشارع حتى داخل المعسكرات اليسارية، يبدو أن النظام الحالي على وشك التعديل، أو على الأقل الدخول في مرحلة “إعادة تقييم جذرية”.

خلاصة القول:

الكرم الاجتماعي لا يصبح فضيلة حين يُفقد التوازن.
وقصة الـ4600 يورو ليست مجرد رقم، بل مرآة تعكس أزمة أكبر: بين دولة تريد أن تكون حاضنة للضعفاء، وشعب بدأ يشعر أن النظام يُثقل كاهله دون إنصاف.

شاهد أيضاً

بابا القيامة.. كاردينال النمسا يرى في وفاة فرنسيس خلال الفصح إشارة من السماء

في زمن مشبع بالقلق، والشتات الروحي، وفوضى العالم، جاءت وفاة البابا فرنسيس في إثنين الفصح …