السعر بخط ناعم… والربح بخط عريض نطالب بتشريع يُنصف عيون المستهلكين

السعر بخط ناعم !!!
غرفة العمل في فيينا تدق ناقوس الخطر وتطالب بتشريع يُنصف عيون المستهلكين

في زمن يُفترض فيه أن الشفافية هي عنوان السوق العصرية، ما زال المستهلك في النمسا يُعاني من “تمويه بصري” من نوع خاص. فالأسعار الأساسية التي تُعد المفتاح الحقيقي لفهم تكلفة المنتج – مثل السعر لكل كيلوغرام أو لتر – غالباً ما تكون مكتوبة بحروف خجولة، بالكاد تراها العين المجردة. وهذا ما كشفت عنه دراسة حديثة أجرتها غرفة العمل في فيينا (AK Wien)، والتي خرجت بنتيجة صادمة: السعر الأساسي في العديد من المتاجر أشبه بلعبة “البحث عن الكنز”، يحتاج إلى عدسة مكبرة وربما بعض الحظ أيضاً!

السعر موجود… لكن كأنه غير موجود!

القانون النمساوي يفرض بالفعل إدراج السعر الأساسي على بطاقات الأسعار، لكن دون تحديد واضح لحجم الخط أو طريقة عرضه. النتيجة؟ خطوط صغيرة، ألوان باهتة، ومواقع لا تليق بمعلومة بهذه الأهمية. والمفارقة الساخرة أن ما يُفترض أن يكون أداة للمقارنة بين العروض المختلفة، أصبح عبئاً بصرياً يرهق المتسوق ويُربك قراراته الشرائية.

دراسة ميدانية تكشف المستور

غرفة العمل لم تكتفِ بالتنظير، بل نزلت إلى الميدان، حيث فحصت فروع عدد من سلاسل السوبرماركت والصيدليات في فيينا. والنتائج كانت متباينة، بل وصادمة في بعض الحالات. فبينما اقتربت متاجر مثل BIPA وDM من الحد المقبول بخطوط حجمها 3.5 إلى 4 ملم، سجلت Müller أسوأ النتائج بخط لا يتجاوز 1 إلى 1.5 ملم! وكأنها تقول للمستهلك: “اقرأ إن استطعت!”

“4 ملم أو لا شيء”!

رداً على هذه الفوضى البصرية، طالبت غرفة العمل بوضع حد أدنى قانوني لحجم الخط لا يقل عن 4 ملم عند عرض السعر الأساسي. وهو مطلب يبدو بديهياً، لكنه حتى الآن مجرد توصية بدون قوة قانونية. الغرفة تريد أن تتحول هذه التوصية إلى قانون يُجبر المتاجر على احترام حق المستهلك في رؤية وفهم ما يشتريه.

وحدة القياس… لعبة أخرى من التشويش

لكن حجم الخط ليس وحده المشكلة. وحدة القياس نفسها تتغير بين فرع وآخر: مرة بالكيلوغرام، ومرة بـ100 غرام، وأحياناً بالقطعة. والضحية دائماً هو المستهلك الذي يجد نفسه أمام حسبة معقدة لمجرد شراء قطعة جبن أو علبة منظف. أما ورق التواليت، فحدث ولا حرج! عدد اللفائف وعدد الأوراق داخل كل لفة يختلف بشكل يعجز عنه حتى علماء الرياضيات، مما يجعل المقارنة شبه مستحيلة. الحل؟ توحيد وحدة العرض إلى “لكل 100 ورقة” مثلاً – وهذا ما تقترحه غرفة العمل.

العروض الترويجية… “كلام كبير” وشروط صغيرة

الدراسة رصدت أيضاً تلاعباً في بطاقات العروض الترويجية، حيث يُكتب السعر المغري بخط عملاق، بينما تُخبأ الشروط بخط يكاد لا يُرى. شرط مثل “عند شراء 4 قطع” يُذكر بخجل أسفل البطاقة، في حين يلمع السعر وكأنه هدية مجانية. قانونياً، الأمر لا يُعد تضليلاً طالما ذُكر السعر الأصلي، لكن أخلاقياً؟ المسألة فيها نظر!

دعوة للمستهلكين: لا تسكتوا!

غرفة العمل وجهت رسالة واضحة للمستهلكين: لا تقفوا مكتوفي الأيدي! قدّموا شكاوى، وجّهوا انتقادات، وارفعوا أصواتكم في وجه الإهمال البصري المقصود. فكل شكوى قد تكون خطوة في اتجاه قانون يُعيد للمستهلك احترامه… ونظره!

شاهد أيضاً

أول شعاع أمل أخضر – النمسا تسجل أدنى مستوى للانبعاثات منذ عقود

في زمنٍ تزداد فيه حرارة الأرض، وتخنق المدن بدخان السيارات والمصانع، يطل خبر من النمسا …