الثلاثاء , 22 أبريل 2025

حروب ترامب بالوكالة.. من اليمن إلى طهران: صوت البنادق لا صناديق الاقتراع

في كل مرة تقترب فيها الانتخابات الأميركية، يتسلل الدخان من بعيد. لكن هذه المرة، ليس من أعمدة التصويت، بل من جبهات مشتعلة في اليمن، وسفن مهددة في البحر الأحمر، وتهديدات متصاعدة ضد طهران.

الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الطامح للعودة، دونالد ترامب، لا يخفي نزعته لاستخدام القوة – أو التهديد بها – كوسيلة لتلميع صورته الانتخابية. ومع تصاعد الحديث عن عملية عسكرية برية ضد الحوثيين بدعم خليجي “صامت” وتنسيق أميركي “ذكي”، يبدو أن ترامب يعيد تشغيل ماكينة الحرب لا لحماية الأمن القومي، بل لحصد الأصوات.

في بيئة دولية مشتعلة، اختار ترامب أن يلوّح بالعصا الثقيلة: تهديد بإبادة جماعة أنصار الله، دعم لوجستي محتمل لقوات على الأرض، وتصريحات نارية موجهة لإيران. فهل هو مشروع مواجهة حقيقية؟ أم مجرد مسرحية جيوسياسية بحسابات محلية؟

الخطير في هذا المشهد ليس فقط التصعيد، بل توقيته.

فالتوترات في اليمن، وتصعيد الحوثيين ضد الملاحة الدولية، جميعها باتت تُوظَّف ضمن سردية واحدة: “أميركا القوية تعود من بوابة الشرق الأوسط”. وما بين الموانئ المستهدفة في الحديدة، والمنشآت التي تُقصف في صنعاء، تبدو الحرب أداة للترويج، أكثر من كونها ضرورة أمنية.

هل يحتاج اليمن لمزيد من النار؟
هل المنطقة مستعدة لجولة جديدة من الحروب الوكيلة؟

لكن الأخطر من كل ذلك: هل الخليج، بدعمه السري لهذه العملية، يُسهم في مسرح ترامب الانتخابي؟
الإجابة لا تقتصر على السياسة، بل تمتد إلى الدم والركام واللاجئين.

إيران… العدو المثالي

من اليمن، يفتح ترامب الباب على طهران. فكلما أُطلقت صواريخ الحوثيين، كانت أنظار واشنطن تتجه نحو إيران. تصعيد محسوب، أو مقصود، هدفه تسويق المواجهة الكبرى، وتحفيز الداخل الأميركي الذي لا يزال ينظر لإيران كخطر مزمن.

ترامب لا يبتكر أعداء، هو فقط يُنعشهم عند الحاجة. وفي موسم الانتخابات، تبدو طهران واليمن أوراقًا رابحة في جيب رجل لا يجيد شيئًا كما يجيد صناعة الأزمات.

في الختام:

ليست هذه حربًا على الحوثيين، ولا على إيران.
إنها حرب على الحقيقة، تُخاض بكاميرات الإعلام بدلًا من استراتيجيات السلام.
إنها حملة انتخابية تُبث بصوت الصواريخ بدل صناديق الاقتراع.

ترامب يبيع الخوف.. كيف حوّل الانقسام الداخلي إلى ماكينة انتخابية؟ حزء 2

لا يحتاج دونالد ترامب إلى حرب خارجية فقط ليكسب المعركة الانتخابية. في الداخل الأميركي، هناك حرب من نوع آخر، وقودها الانقسام، وسلاحها الخوف.
منذ صعوده السياسي، أتقن ترامب لعبة صناعة العدو: المهاجر، الإعلام، المؤسسات، النخب، وحتى “الدولة العميقة”. لكنه لم يكتفِ بتسمية الخصوم، بل بنى حولهم قصة شعبوية متكاملة: أميركا تُخطف، وترامب هو البطل العائد لتحريرها.

اليوم، ومع اقتراب موعد الانتخابات، يُعيد ترامب تدوير سردية “أميركا الضعيفة” التي تنتظره لينقذها من الجريمة، الهجرة، اليسار المتطرف، والإعلام الفاسد.
إنه لا يخاطب الأميركي، بل يخاطب المواطن الخائف، الغاضب، التائه… ويُقدّم نفسه كمفتاح الخلاص.

من شعار “أميركا أولًا” إلى “نحن أو الفوضى”

سياسات ترامب لا تتحدث عن حلول بقدر ما تبني جدرانًا – رمزية وحقيقية – بين الناس.
من تشديد الرقابة على الحدود، إلى نشر الحرس الوطني في المدن، إلى التشكيك الممنهج في نزاهة الانتخابات، يبدو ترامب كمن يُعيد كتابة قواعد اللعبة الديمقراطية لا ليُصلحها، بل ليُخضعها.

حتى أزمة كورونا، تعامل معها كمنصة لتأجيج الخطاب ضد الخصوم، أكثر من كونها قضية صحة عامة.
فكل فوضى داخلية في عهد ترامب لم تكن عارًا، بل فرصة… فرصة لترويج صورة الزعيم الذي يقف في وجه العاصفة التي هو نفسه يصنعها.

العدو الداخلي: نظرية انتخابية لا مؤامرة

في خطاباته، يظهر ترامب كما لو أن أميركا محاصرة من الداخل:
قضاة خونة، صحافة كاذبة، أصوات تُسرق، ومهاجرون يهددون الهوية الأميركية.

وهكذا، يصبح كل خصم “خائنًا”، وكل نقد “تآمرًا”، وكل معارضة “حربًا”.
هذا التصعيد اللفظي ليس مجرد بلاغة، بل تكتيك انتخابي منظّم، يُراد به تحشيد القاعدة الغاضبة وتحويل الانتخابات إلى معركة وجود.

فوضى محسوبة.. لغاية واضحة

ترامب لا يريد فقط أن يعود للبيت الأبيض، بل أن يُقنع الناخب بأن لا أمان بدونه، ولا استقرار إلا معه.
إنه يُرهب الأميركيين من بعضهم البعض، ثم يقدّم نفسه كالحل.
فإذا كانت أميركا على حافة الهاوية، فهو وحده من يعرف طريق العودة، أو هكذا يدّعي.

الخلاصة:

الداخل الأميركي في عهد ترامب لم يكن ساحة نقاش، بل ميدان قتال.
وفي هذا الميدان، ترامب لا يبني دولة، بل حملة. لا يُصلح مجتمعًا، بل يُشعل صراعًا.
والأخطر؟ أن كل شرخ يصنعه اليوم، هو رصيد انتخابي لغدٍ قد يكون أقرب مما نظن.

شاهد أيضاً

بابا القيامة.. كاردينال النمسا يرى في وفاة فرنسيس خلال الفصح إشارة من السماء

في زمن مشبع بالقلق، والشتات الروحي، وفوضى العالم، جاءت وفاة البابا فرنسيس في إثنين الفصح …