في عالم مترابط اقتصاديًا كخيوط العنكبوت، لا يحتاج الانفجار إلى أكثر من تغريدة. لكن عندما يأتي القرار عبر منصة ترامب الخاصة، مرفقًا بلهجة هجومية وقرارات فورية، فإننا لا نتحدث فقط عن تغريدة… بل عن زلزال اقتصادي يهدد بإعادة رسم ملامح التجارة العالمية.
ترامب، في خطوة تصعيدية وُصفت بأنها الأكثر عنفًا منذ اندلاع الحرب التجارية مع الصين، أعلن رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية إلى 125%، متهمًا بكين بأنها “تخرق قواعد السوق العالمية” وتستغل انفتاح أميركا. القرار دخل حيز التنفيذ فورًا، دون مفاوضات، دون تمهيد، وكأن الأسواق العالمية ملعب شخصي يُدار بحدس سياسي لا بخطط اقتصادية.
ما الذي يعنيه هذا؟ ببساطة: موجة تضخم مرتقبة، اضطراب في سلاسل التوريد، ومخاوف عالمية من ركود جديد، في وقت لم يتعافَ فيه العالم بالكامل من آثار كوفيد والحرب في أوكرانيا.
لكن الغريب أن القرار تزامن مع تجميد مؤقت لرسوم على دول أخرى، في خطوة أشبه برسالة: “من ليس معنا فهو ضدنا”. إنها سياسة العصا الكبيرة والعصا الأكبر، حيث لا يوجد جزرة. وبحسب تصريحات البيت الأبيض، فإن أكثر من 75 دولة “أبدت اهتمامها” بالمفاوضات. لكن هل كان هذا الاهتمام خيارًا، أم رد فعل اضطراري على طاولة مفاوضات من طرف واحد؟
الرد الصيني لم يتأخر، ففرضت بكين رسومًا بنسبة 84% على الواردات الأميركية، في مشهد يُنذر بانفجار تجاري واسع قد يمتد أثره من أسواق شنغهاي إلى رفوف المتاجر في نيويورك ولندن.
السؤال الأهم:
هل ترامب يحارب من أجل العدالة التجارية، أم أنه يُشعل نارًا لأجل مكاسب انتخابية؟
المحللون يرون أن ترامب يلعب على وتر القومية الاقتصادية، محاولًا كسب أصوات الطبقة العاملة، التي ترى في رفع الرسوم انتقامًا من العولمة التي دمّرت صناعاتهم. لكن الخطورة تكمن في أن هذه القرارات، مهما بدت بطولية أمام الناخب الأميركي، تُنذر بزلزال اقتصادي على المستوى العالمي.
والأسوأ؟ أن ترامب لا يضع بدائل اقتصادية حقيقية، بل يكتفي بإشعال الحرائق وترك الآخرين يبحثون عن خرائط النجاة.
في النهاية، يبدو أن ترامب لا يدير حرب جمارك فقط، بل يُدير حرب رمزية ضد العالم كما هو، ضد النظام التجاري الذي بُني على مدى عقود.
والسؤال الأعمق هنا: هل نحن أمام رئيس يسعى لتعديل قواعد اللعبة؟ أم أمام رجل يسعى فقط لقلب الطاولة على الجميع، حتى لو تحطمت الأواني فوق رؤوسنا جميعًا؟