بالفيديو – الشرع بين أردوغان وابن زايد.. سباق النفوذ في “سوريا ما بعد الأسد

في وقتٍ تتبدّل فيه خرائط التأثير وتُعاد صياغة موازين القوى، يقف أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي في سوريا، على مفترق طرق إقليمي بالغ الحساسية. زيارتان رسميتان مرتقبتان لكل من تركيا والإمارات، في ظرف مشحون بالتوترات والمساومات، تكشفان عن ملامح معركة باردة تُخاض على أرضٍ ساخنة: سوريا الجديدة.

تركيا.. دعم مشروط وبوابة للشرعية

أنقرة، التي لم تخفِ دعمها المبدئي للمرحلة الانتقالية، تستقبل الشرع في أنطاليا للمشاركة في منتدى دبلوماسي، في ثاني زيارة له منذ تسلّمه السلطة. هذه الزيارة تأتي في إطار تعزيز الثقة المتبادلة، لكنها في ذات الوقت تعكس طموحات تركية أكبر: تثبيت وجود عسكري طويل الأمد، والتأثير في بنية القرار السوري الجديد.

أنقرة ترى في الشرع شريكاً يمكن “تطويعه” عبر بوابة الدعم، لكنها تدرك في الوقت ذاته أن استقلاليته السياسية قد تتحول إلى عبء إذا لم تُحكم السيطرة عليه في وقت مبكر.

أبوظبي.. تَوجُّس يتحوّل إلى اختبار نوايا

أما زيارة الشرع المرتقبة إلى الإمارات، فهي الأكثر غموضاً، وربما الأكثر أهمية. فأبوظبي التي كانت في طليعة المشككين في شرعية القيادة الانتقالية، وسعت في مراحل سابقة إلى تقويضها إعلامياً وسياسياً، تجد نفسها اليوم أمام واقع لا يمكن تجاهله: الشرع باقٍ، وسوريا تتحول.

فهل تمهّد هذه الزيارة لمصالحة فعلية؟ أم هي مجرد مساومة، تهدف بها الإمارات إلى حجز موطئ قدم في خريطة النفوذ الجديدة، مقابل اعتراف سياسي ودعم اقتصادي مشروط؟

الشرع في المنتصف.. بين الضغوط والفرص

بين احتضان تركي ومصافحة إماراتية مشروطة، يتحرك الشرع بدقة وسط ألغام إقليمية. كل طرف يريد شيئاً: تركيا تبحث عن شرعنة وجودها العسكري، والإمارات تطمح إلى دور في مستقبل سوريا السياسي، وإسرائيل تكثّف ضرباتها في الجنوب على وقع المواجهة مع إيران، فيما تقف روسيا والولايات المتحدة على الخط، تراقبان وتنتظران.

الشرع يدرك أن استقلال قراره السياسي لن يكون مجانيًا، لكنّه في الوقت نفسه يسعى إلى إعادة تعريف مفهوم “السيادة السورية” ضمن معادلة معقّدة، تُراعي موازين القوى، وتُراهن على الهامش المتاح للتحرك بين الضغوط.

العودة إلى الحضن العربي أم إعادة تقاسم الكعكة؟

هناك من يرى في هذه التحركات نافذة أمل لعودة سوريا إلى الحاضنة العربية والدولية، وإنهاء عقدٍ من العزلة والحروب. لكن في المقابل، لا تغيب أصوات المتشائمين الذين يعتبرون هذه الجولة بداية لتقاسم النفوذ، لا لعودة الاستقرار، حيث يتحوّل الشرع إلى “ورقة” تتنازعها العواصم أكثر من كونه فاعلًا مستقلًا في مسار سياسي حر.

خاتمة: سوريا ليست كما كانت.. والشرع على المحك

أحمد الشرع لا يقود فقط مرحلة انتقالية، بل يواجه معركة مركبة على جبهات متعددة: بين الخارج الطامع والداخل المنهك، بين الاستقلال الضروري والمساومة المفروضة. فهل ينجح في تجاوز الألغام، وبناء توازن بين مصالح سوريا ومطالب الخارج؟ أم يصبح رقمًا في معادلة لا تصنعها دمشق؟

الأسابيع القادمة ستحمل الإجابة.

شاهد أيضاً

لم الشمل على مشرحة البرلمان يوم الثلاثاء – والنمسا تُعلّق إنسانيتها!

في خطوة تُنذر بعواقب إنسانية واجتماعية وخيمة، يستعد البرلمان النمساوي يوم الثلاثاء المقبل لمناقشة قانون …