بينما يبدو أن حزب الاشتراكيين الديمقراطيين (SPÖ) يسير بخطى واثقة نحو الحفاظ على مركزه كأقوى قوة سياسية في فيينا، فإن المعركة التي تخطف الأنظار ليست على العمدة، بل على المركز الثالث… المنصب الذي قد يحدد ملامح التحالفات، ومصير نائب العمدة القادم.
لودفيغ باقٍ… ولكن!
مايكل لودفيغ، عمدة فيينا الحالي، يبدو في طريقه لتجديد ولايته، مستندًا إلى ثقل SPÖ التقليدي في العاصمة النمساوية. ورغم ذلك، فإن تشكيل حكومة المدينة المقبلة لن يكون بهذه السهولة، لا سيما في ظل تغيرات دراماتيكية على خريطة القوى السياسية.
NEOS يقترب من دائرة الضوء
الصراع على المركز الثالث بات محط أنظار المراقبين، حيث تتنافس ثلاثة أحزاب:
NEOS، حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، وحزب الخضر (Grüne).
وبحسب محللين، فإن حزب NEOS يملك الحظوظ الأقوى ليحجز مقعد “رجل الظل”، أي نائب العمدة، بفضل أدائه الانتخابي المستقر، وابتعاده عن الفضائح التي تطارد بعض خصومه.
الخضر يتراجعون… وÖVP في مأزق قيادي
في المقابل، يبدو أن حزب الخضر يواجه صعوبة حقيقية في الحفاظ على موقعه، بسبب تراجع الدعم الشعبي بعد حملات انتخابية باهتة. أما حزب الشعب (ÖVP)، فقد تتضرر فرصه بسبب المشاكل القانونية التي تحيط بزعيمه كارل ماهر، ما قد يؤثر على جاذبيته كشريك محتمل في الحكومة.
الحصان الأسود: الحزب الشيوعي النمساوي (KPÖ)
رغم أن KPÖ لا يمتلك نفس الزخم في فيينا كما هو الحال في غراتس أو سالزبورغ، فإن احتمالية دخوله المجلس البلدي قد تربك حسابات الجميع. وجوده يعني إرباكًا إضافيًا لمعادلة التحالفات، خصوصًا أن SPÖ سيجد صعوبة في التنسيق مع حزب يساري جذري له توجهات مغايرة تمامًا.
تحالفات معقدة وانتخابات في توقيت حساس
ما بعد الانتخابات سيحمل تحديات سياسية دقيقة، أبرزها تشكيل تحالف قابل للحياة. العلاقة المتوترة بين SPÖ والخضر بسبب ملفات بيئية مثل “نفق لوابو” قد تقف حجر عثرة أمام أي تعاون محتمل. وفي الوقت ذاته، وجود شبهات قانونية تطال قيادات ÖVP يضعف فرصه في الشراكة.
هنا، يبرز NEOS كخيار “أنظف” و”أكثر استقرارًا” للعب دور الشريك الحكومي، خصوصًا مع تصاعد شعبيته في استطلاعات الرأي.
فرصة ذهبية لـ SPÖ… ولكن بشروط
رغم أن SPÖ ما زال يحتفظ بموقعه المفضل في فيينا، إلا أن التحدي الأكبر سيكون تحفيز الناخبين في ظل حالة الإحباط الاقتصادي، والمشاكل على مستوى الحكومة الاتحادية. ويرى المراقبون أن توقيت الانتخابات قد يكون في صالح الحزب الأحمر، إذ أن قضايا المناخ التي عززت موقف الخضر في انتخابات سابقة لم تعد في صدارة اهتمام الناخبين هذه المرة.
المركز الثالث… بطاقة العبور إلى السلطة
قد يبدو الصراع على المركز الثالث وكأنه معركة رمزية، لكنه في الواقع يحمل مفاتيح اللعبة السياسية في العاصمة. فالموقع لن يمنح فقط لقب “نائب العمدة”، بل سيحدد شكل التحالفات، والتوازنات داخل حكومة المدينة، وربما مستقبل فيينا السياسي لسنوات قادمة.