في الرابعة فجرًا، استيقظ حيّ “ليوبولدشتات” في فيينا على دويّ انفجارات عنيفة مزّقت هدوء المدينة. لم تكن أصوات حرب، بل ثلاثة أجهزة صراف آلي نُسفت في لحظة واحدة على يد عصابة دولية جريئة، لا تخشى الكاميرات، ولا رجال الشرطة، ولا حتى تبادل إطلاق النار في الشوارع!
ما حدث لم يكن مجرد سرقة… بل كان مشهدًا سينمائيًا مكتملًا، بطلُه أربعة لصوص محترفين، استخدموا دراجات نارية للفرار، وسيارات بقوة طائرات نفاثة، وسط مطاردة حابسة للأنفاس، انتهت بإصابة أحد المشتبه بهم برصاصة أطلقتها الشرطة، بينما الثلاثة الآخرون تبخروا في شوارع فيينا كما يختفي الدخان بعد التفجير.
“لم نرَ شيئًا كهذا من قبل، صوت الانفجار أيقظ الحي بأكمله… خرجنا ونحن نرتجف”
— شاهدة عيان، تقيم قرب موقع الجريمة
الشرطة التي كانت قد كثفت مراقبتها في الأيام الماضية، نجحت في الوصول سريعًا، لكن المشتبه بهم كانوا أسرع. سياراتهم المعدّلة تفوق سرعتها 200 كم/سا حتى في الأحياء السكنية! أجهزة تشويش، ليزر لإرباك المطاردة، وهروب مدروس بدقة وكأنهم يتبعون سيناريو مكتوب مسبقًا.
هذه العصابة ليست وليدة اللحظة، بل تُنسب لها أكثر من 14 عملية تفجير بنكي منذ بداية العام، امتدت من فيينا إلى تيرول وغراتس وكيرنتن، في هجوم منظم يُهدد الأمن العام ويكشف عن ثغرات أمنية خطيرة.
التحقيقات لا تزال جارية، ومصدر أمني أكد أن المشتبه بهم، الذين يُعتقد أنهم ينتمون إلى شبكة “Bankomat-Sprenger” الهولندية، لا يفرّون فورًا بعد العملية، بل يختبئون مؤقتًا داخل النمسا بانتظار هدوء العاصفة.
“هم ليسوا مجرد لصوص… إنهم أشباح الليل، يضربون بدقة ويختفون بخفة”
— دير ديتير تسيفان، رئيس وحدة مكافحة تفجير الصرافات SOKO Bankomat
فيينا، التي اعتادت الهدوء والأمان، تقف الآن أمام مشهد غير مألوف: عصابات عابرة للحدود، سلاح متطوّر، وهجمات تُنفَّذ بثقة كاملة في قلب أوروبا.
والمفارقة الصادمة؟ أن كل هذه المخاطر تجري من أجل ماكينات صراف، فيها أموال، نعم…
لكن أيضًا فيها رسالة خطيرة: أن التنظيمات الإجرامية باتت أكثر جرأة، وأكثر تنظيمًا، من أن تُعامل كـ”مجرمين عاديين”.