في مشهد لم يخلُ من رمزية، ظهر الناشط السعودي صالح القرني أمام أحد معالم العاصمة البريطانية لندن، ليعلن من هناك وبصوت واضح: “لم أعد جزءًا من صمت الداخل.. انضممت إلى معارضة الخارج”. لحظة اختارها بعناية، ورسالة بدت كأنها موجّهة مباشرة إلى قصر الحكم في الرياض.
خطوة القرني لم تكن مجرد هجرة شخصية أو موقف فردي؛ بل حملت في طياتها دلالات أعمق، تتصل بتململ متصاعد داخل المملكة، ومحاولات حثيثة من بعض الأصوات لإعادة إحياء معارضة سعودية أكثر جرأة وتنظيمًا، في وجه سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، التي باتت بحسب منظمات دولية تضيق الخناق على الحريات وتحوّل البلاد إلى ساحة ترهيب صامت.
القرني، الذي كان ممنوعًا من السفر لمدة عامين، اختار أن يُفاجئ الجميع، بما فيهم السلطة، ويُعلن تمرده السلمي في الخارج، منضمًا إلى أسماء بارزة سبقتْه على هذا الطريق مثل عمر عبد العزيز ويحيى عسيري وعبد الله العودة. ومع كل اسم جديد، تزداد الأصوات التي تقول إن رواية “الاستقرار الكامل” التي تروّجها الرياض، تعاني من شقوق بدأت تتسع.
الفيديو الذي نشره القرني على منصة “إكس” حمل لهجة حادة، ووعودًا بكشف ما وصفه بـ”حقيقة ما يحدث في الداخل”، الأمر الذي أثار تفاعلاً واسعًا على مواقع التواصل، خاصة بين من يرون أن صوته يمثل شريحة لا تجد من يعبّر عنها داخل البلاد بسبب شدة القمع وتضييق الخناق على أي صوت مخالف.
فهل نشهد بداية موجة جديدة من المعارضة السعودية المنظمة في الخارج؟
وهل ستُحرج هذه الأصوات، التي تتحدث بلغة جديدة، محاولات ابن سلمان لصناعة “صورة وردية” للمملكة من خلال رؤية 2030 والانفتاح السياحي؟
ما هو مؤكد الآن أن صوتًا جديدًا قد انضم إلى الجوقة المعارضة، وأن صالح القرني، الذي ظل صامتًا لسنوات تحت وطأة المنع، قرر أن يتكلم.. وربما لن يتوقف.