نهج نمساوي جديد: الاندماج الإجباري والحفاظ على الهوية الوطنية

في خطوة تعكس توجه الحكومة النمساوية الجديدة نحو تشديد سياساتها على قضايا الاندماج والهوية الوطنية، أكدت وزيرة الاندماج، كلوديا بلاكولم، أن المهاجرين ملزمون بالتأقلم مع المجتمع النمساوي، وأن عدم الامتثال لقواعد الاندماج سيترتب عليه عواقب مالية كبيرة.

سياسة الاندماج الصارمة

في مقابلة حصرية مع صحيفة Heute النمساوية، أوضحت بلاكولم، التي تتولى أيضًا وزارات أوروبا والأسرة في حكومة المستشار ستوكر، أن الحكومة الجديدة تضع رؤية واضحة لعملية اندماج المهاجرين في المجتمع. وأكدت:

“الاندماج لا يعني مجرد التواجد، بل الالتزام بقواعدنا وقيمنا؛ قبول الحياة وفقًا لأسس مجتمعنا، الاستعداد للعمل، وتعلم اللغة الألمانية، والتي تُعد المفتاح الرئيسي لدخول سوق العمل والنجاح في المدارس.”

وأكدت الوزيرة أن الدولة تقدم بالفعل مجموعة واسعة من برامج الاندماج، لكن نجاح هذه البرامج يعتمد على التزام المهاجرين بأنفسهم. وقد جاءت هذه السياسات في إطار سعي الحكومة لضمان مشاركة كل من يعيش في النمسا بفعالية، معتبرة أن “الاندماج هو مسؤولية تقع على عاتق القادمين الجدد”.

العقوبات المالية لتعزيز الاندماج

من بين الإجراءات التي ستتخذها الحكومة، فرض تخفيضات تصل إلى 50% من المساعدات الاجتماعية في بعض الولايات، مثل النمسا العليا والنمسا السفلى، على من لا يلتزم بالمشاركة في دورات تعليم اللغة والقيم. ورأت بلاكولم أن هذه الإجراءات “أثبتت فعاليتها في تحفيز المهاجرين على الاندماج والمشاركة الفاعلة في المجتمع”.

الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية

على صعيد القضايا الثقافية، شددت الوزيرة على أهمية الحفاظ على الرموز الدينية كجزء من الهوية النمساوية. إذ أعلنت دعمها لبقاء الصليب في الفصول الدراسية، معتبرة أن النمسا بلد مسيحي وتراثها الديني جزء لا يتجزأ من هويتها. كما أفصحت عن بدء محادثات أولية للنظر في حظر ارتداء الحجاب للفتيات دون سن 14 عامًا، مشيرة إلى أن إجبار الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب يمثل شكلاً من أشكال قمع المرأة، في خطوة تهدف إلى منحهن فرصة لعيش حياة أكثر حرية واستقلالية في المجتمع.

رفض منح حق التصويت لغير المواطنين

أوضحت بلاكولم أن الحق الانتخابي يجب أن يبقى مقتصرًا على المواطنين النمساويين، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على سيادة الدولة في هذا الشأن. ويأتي هذا الموقف في ظل جدل واسع حول موضوع توسيع حقوق التصويت، إذ ترى الوزيرة أن منح حق التصويت لغير المواطنين قد يخل بتوازن السيادة الوطنية.

تأتي هذه السياسات الجديدة في إطار رؤية الحكومة النمساوية لتعزيز الانسجام الاجتماعي والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للدولة، مع توجيه رسالة واضحة للمهاجرين بضرورة احترام القواعد والقيم النمساوية لتحقيق اندماج فعّال ومستدام.

شاهد أيضاً

بابا القيامة.. كاردينال النمسا يرى في وفاة فرنسيس خلال الفصح إشارة من السماء

في زمن مشبع بالقلق، والشتات الروحي، وفوضى العالم، جاءت وفاة البابا فرنسيس في إثنين الفصح …