كشفت تقارير حديثة أن وزارة الدفاع الأميركية أرسلت أكثر من ألف طن من الذخيرة إلى إسرائيل عبر سفينة توقفت في قاعدة روتا البحرية الأميركية بإسبانيا، وهو ما اعتبر انتهاكًا واضحًا للحظر الذي فرضته الحكومة الإسبانية على السفن التي تحمل شحنات عسكرية إلى إسرائيل. وجاء هذا الكشف على يد باحثين من حركة الشباب الفلسطينية والائتلاف التقدمي الدولي.
الخلفية: قاعدة بحرية أميركية على الأراضي الإسبانية
ورغم أن قاعدة روتا البحرية تديرها البحرية الأميركية جزئيًا، فإنها تقع على الأراضي الإسبانية وتخضع من الناحية الفنية للقوانين الإسبانية. لكن الصلاحيات الأميركية الواسعة في هذه القاعدة جعلت تطبيق الحظر الإسباني على الشحنات العسكرية أمرًا معقدًا.
وفي هذا السياق، صرّح المحامي والنائب الإسباني إنريكي سانتياجو لموقع ذا إنترسبت قائلًا: “أصبح من الصعب اكتشاف شحنات المواد العسكرية التي تمر عبر القواعد الأميركية”، مؤكدًا على ضرورة فرض رقابة إسبانية رغم الصعوبات القانونية والسيادية.
تفاصيل الشحنات العسكرية: مليون رطل من الذخيرة
وأشارت التحقيقات إلى أن السفينة “إم في ساجامور”، المملوكة لشركة سيلفت، كانت مسؤولة عن نقل أكثر من مليون رطل من الذخيرة من قاعدة أميركية في كارولينا الشمالية إلى ميناء أشدود الإسرائيلي. وفقًا للتقرير، كانت السفينة نفسها قد استُخدمت في مهام متناقضة؛ إذ نقلت مساعدات إنسانية إلى غزة خلال فترة قصيرة عام 2024، مما أثار تساؤلات حول الأغراض المتعددة لاستخدامها.
التصعيد الأميركي: معركة قانونية محتملة
مع استمرار إسبانيا في منع السفن التي تحمل مواد حربية من الرسو في موانئها، أبدت الولايات المتحدة موقفًا تصعيديًا من خلال تقديم شكوى إلى لجنة الملاحة البحرية الفيدرالية الأميركية. تهدف واشنطن إلى التحقيق فيما إذا كانت السياسة الإسبانية تشكّل انتهاكًا لقواعد التجارة البحرية، وهو ما قد يؤدي إلى فرض غرامات تصل إلى 2.3 مليون دولار على كل رحلة.
وحذر سانتياجو من أن هذه الغرامات ستكون غير شرعية بموجب القانون الدولي، قائلًا: “إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إسبانيا بسبب التزامها بالحظر، فإن ذلك سيُشعل معركة قانونية لا نهاية لها”.
التضامن الدولي ودعوات المقاطعة
دعت حركة الشباب الفلسطينية وحملات التضامن الدولية إلى اتخاذ خطوات إضافية لمنع مرور السفن التي تحمل شحنات عسكرية إلى إسرائيل. وقالت الناشطة عائشة نزار: “ندعو الدول ذات الضمير في أوروبا وشمال إفريقيا إلى منع رسو السفن التي تنقل الأسلحة لإسرائيل، وندعو إسبانيا إلى مواصلة التزامها بقراراتها الإنسانية”.
موقف الحكومة الإسبانية
في إطار الضغط السياسي المتزايد، اقترح الائتلاف اليساري الموحد في البرلمان الإسباني بروتوكولًا جديدًا يُلزم السلطات الإسبانية بتفتيش السفن التي تحمل شحنات عسكرية إلى إسرائيل، ومصادرة أي معدات مخالفة للقانون الدولي، مع تقديم تقارير إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
النتائج المترتبة على الصعيد الدولي
يأتي هذا التصعيد في وقت تواجه فيه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة. وعلى خلفية هذه الأزمة، تتزايد الدعوات لإخضاع شحنات الأسلحة الأميركية إلى رقابة دولية صارمة.
ويكشف هذا الخلاف بين الولايات المتحدة وإسبانيا عن تعقيدات سياسية ودبلوماسية متشابكة، حيث تصر إسبانيا على تطبيق حظرها احترامًا للقانون الدولي، بينما تحاول الولايات المتحدة الالتفاف على هذه القيود. وفي ظل استمرار الحرب على غزة، يظل المجتمع الدولي مطالبًا بمزيد من الشفافية والالتزام بالقوانين الإنسانية.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية