الشركة تمتلك أكثر من 21 قناة تلفزيونية وعدد من الصحف اليومة وعدد من مجطات الإذاعة -مسيطرة
كشفت مصادر مطلعة يفضل عدم ذكر أسمه أن لجوء السلطات المصرية إلى تغيير مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المحسوبة على جهاز المخابرات العامة، وتعيين طارق نور في منصب رئيس مجلس الإدارة يرتبط بما أثير منذ أسابيع حول وجود شبهة فساد مالي داخل المؤسسة.
وقالت المصادر القريبة من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إن السلطات استعانت بطارق نور، المعروف باستثماراته في مجال الدعاية والإعلام، لأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “لم يعد يثق في الفريق الذي يدير الإعلام الآن، خصوصاً مع الأقاويل التي انتشرت حول شبهة تربح من قبل أحمد شعبان المسؤول السابق عن ملف الإعلام في رئاسة الجمهورية من منصبه، وبعض رجاله في المناصب الإعلامية المختلفة”.
من هنا، نسعى في هذا التقرير لرصد كواليس ما حدث في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وما هو حجم الفساد المالي الذي تتردد تفاصيله بين أرجاء المؤسسة، ولماذا تم التحالف بين المتحدة ومجموعة طارق نور مع منحه صلاحيات كاملة لإدارة المجموعة بالكامل.
بيان الشركة المتحدة
جاء بيان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، والتي تديرها المخابرات العامة المصرية، لتعلن عن شكل جديد لإدارة الملف الإعلامي في مصر، ليثير الجدل حول أسباب هذا القرار، إذ قالت إنها قد تحالفت مع شركة طارق نور القابضة وقناة المحور، لوضع استراتيجية مستقبلية لتطوير المنظومة الإعلامية بما يعود بالنفع على صناعة الإعلام بشكل عام.
تم هذا التحالف من خلال تعيين شركة طارق نور القابضة لخبراء متخصصين في صناعة الإعلام، بالتعاون مع الإدارة الحالية، وإعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة المتحدة برئاسة رجل الأعمال المصري المعروف طارق نور، وطارق مخلوف عضوًا منتدبًا، وعضوية كل من سيف الوزيري حد أبرز رجال الأعمال الشباب في مصر، ويتميز بخبرة طويلة في مجال التسويق الرياضي ، ومحمد السعدي مؤسس شركة “ميديا هب” (MediaHub) ، وتامر مرسي منتج ومؤسس شركة “سينرجي للإنتاج الفني” ، وأحمد طارق، الذي عمل رئيسًا تنفيذيًا لمؤسسة الدعاية والإعلان الشهيرة طارق نور ويرتبط بعلاقة عمل وثيقة مع طارق نور منذ 22 عامًا. وعمرو الفقي رئيس شركة “بي أو دي” (POD) صاحبة أكبر نصيب في سوق الإعلان المصري، وشريف الخولي عضو مجلس إدارة البنك الأهلي المتحد وشريك ومدير إقليمي لشركة “أكتيس” بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، وعمرو الخياط، صحفي في مؤسسة “أخبار اليوم”، ومن مؤسسي قنوات “صدى البلد”، وتولى منصب المدير التنفيذي لها، وشغل منصب رئاسة قناة المحور الفضائية.
من ناحيته، قال طارق نور في تصريحات تلفزيونية، إن استعانة الدولة بشركته في فكر وإدارة القطاع الخاص تؤكد أنها تفتح مجالاً لاستقلالية الإعلام.وعبّر نور، لقناة إكسترا نيوز، عن ثقته في الكوادر والإمكانات الموجودة حاليًا في التحالف، مشيرًا إلى أنها قادرة على تطوير الصناعة الإعلامية بكل عناصرها. وتابع “أنا متفائل بالثقة التي منحتها الدولة للقطاع الخاص، وخلينا نركز على الشغل، ولو تمكنت المواهب الموجودة ستساهم في إثراء المحتوى الإعلامي”.
فساد سابق وفساد حالي
اللافت للنظر في مسيرة الشركة المتحدة إن ما يثار الآن حول وجود شبهة فساد مالي داخل المنظومة، وما تبع ذلك من إعادة هيكلة مجلس الإدارة والتحالف مع طارق نور، قد تكرر بنفس التفاصيل في واقعة شهيرة في مسيرة الشركة المتحدة وذلك في عام 2021.
إذ كانت الشركة حين ظهرت للنور بقيادة رجل الأعمال المعروف تامر مرسي، ومعه 4 أعضاء آخرين هم: مؤسس شركة “ميديا هب” (MediaHub) محمد السعدي، وعمرو الفقي رئيس شركة “بي أو دي” (POD) صاحبة أكبر نصيب في سوق الإعلان المصري، ووزير الاستثمار الأسبق أشرف سالمان، والخبير الاقتصادي محمد سمير.
ولكن في عام 2021 ومن دون مقدمات أعلنت الشركة عن إزاحة تامر مرسي من رئاسة مجلس الإدارة، وقالت ساعتها الشركة على لسان المدير التنفيذي للشركة حسام صالح إن خسائر الشركة المتحدة، قاربت نصف مليار جنيه (الدولار يساوي نحو 16 جنيهاً في هذه الفترة) تكبدتها الشركة عام 2016، لكنه أشار أيضًا إلى تحقيق أرباح هذا العام جاوزت الربع مليار جنيه.
وقد أثير في وقتها إن الفساد المالي هو الذي أطاح برئيس مجلس الإدارة، في هذه الفترة تامر مرسي، وتم إسناد الشركة بعد ذلك للمصرفي المعروف حسن عبدالله الذي يتولى الآن رئاسة البنك المركزي المصري.
هذه الواقعة التي طالت الشركة المتحدة في عام 2021، تتكرر الآن بشكل مشابه، بعد الحديث حول شبهات تتعلق بفساد مالي يخص مسؤولين وصحفيين داخل الشركة المتحدة وخضوع الكثير من الصحفيين والمسؤولين للتحقيق حول مسارات فساد مالي في الأسابيع الماضية.
إذ قالت مصادر تعمل داخل الشركة المتحدة بشرط عدم ذكر الأسماء، إن هناك أسماء كبيرة ومعروفة من الصحفيين المصريين، تم التحقيق معهم بسبب شبهات فساد واتهامات باختلاس وتربح بعيداً عن الإدارة العامة للشركة، لكن تتحفظ على ذكر أسماء الصحفيين الذين قالت المصادر إنهم تم التحقيق معهم في الأيام الماضية عن طريق أحد الأجهزة السيادية داخل مصر.
محاولة للتكتم
ورغم محاولة السلطات التكتم على تفاصيل التحقيق مع صحفيين “كبراء” ومسؤولين في الشركة المتحدة بخصوص شبهات فساد مالي إلا إن مصدر آخر في الشركة المتحدة يقول إن إزاحة أحد كبار المسؤولين عن إدارة الملف الإعلامي في مصر، وبشكل مفاجئ ودون أي سابق إنذار، عضد من الشائعات حول الفساد المالي.
وقد كان انطلاق هذه التغييرات من المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الذي تم إزاحة المشرف العام عليه (وهو أحد الشخصيات المحسوبة على جهاز سيادي) واستبداله بأحد قيادات نفس الجهاز السيادي.
وقالت المصادر داخل المركز البحثي إن إزاحة المشرف السابق كان بسبب ما أثير حول فساد مالي تورط فيه مع أحد الشخصيات الكبرى في دولة عربية.
المصدر الذي تحدث إلى قال إن المسؤول الجديد هو أحد القيادات بجهاز سيادي واسمه “السيد حسام”، تم إسناد إدارة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية له، وقد اجتمع منذ فترة بفريق العمل بالكامل لمناقشة أسس العمل في الفترة المقبلة، وقد تحدث في الاجتماع حول الإطاحة بـ”المسؤول السابق عن إدارة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
جدير بالذكر إن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، يتولى إدارته التنفيذية خالد عكاشة، وهو كان أحد ضباط الداخلية المصرية وبعد ترك الخدمة تم تقديمه للجمهور المصري باعتباره الخبير الأمني، ولكن تم إسناد إدارة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية له ليكون هو المسؤول التالي مباشرة في المركز البحثي، وقبله هو “السيد حسام” أحد قيادات جهاز سيادي في مصر.
وقد تم تأسيس المركز قبل سنوات ليكون بديلاً عن مركز الأهرام، ويكون هو المسؤول الأول عن تقديم كل الاستشارات والتقارير البحثية لدوائر صنع القرار في مصر ويشرف جهاز سيادي بالكامل على اختيار الباحثين والصحفيين العاملين فيه بشكل دقيق جداً، وذلك وفق ما قال أحد الباحثين الذين يعملون داخل المركز.
وقال المصدر إن استبعاد المسؤول السابق للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية كان لأسباب تتعلق بالفساد المالي، وهو السبب الذي دفع السلطات لاستدعاء طارق نور ليكون مشرف بشكل كامل على ملف الإعلام والإنتاج الإعلامي والتليفزيوني والدرامي والإعلاني في مصر لكي “يغلق مسار الفساد المالي في الشركة” على حد وصف المصدر.
لكن في الوقت نفسه، يطرح المصدر تساؤلاً جدير بالنقاش وهو، إن الشركة المتحدة سبق إن شنت حملة كبيرة من خلال الصحف التي تمتلكها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، على طارق نور بسبب ملفات فساد، وقد ظلت هذه الحملة شهوراً كبيرة وقد قادها اليوم السابع وكذلك محمد الباز الذي يتولى مجلس إدارة أحد الصحف المملوكة للشركة المتحدة.
إذ يقول المصدر إن صحف المتحدة في 2018، قادت حملة ضد طارق نور بعنوان “ملف فساد الأراضي”، بعدما أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمين، أعادت في الحكم الأول للدولة “405 أفدنة مغتصبة من شركة ديزرت ليكس ويمثلها طارق نور” بوصف اليوم السابع وقتها.
وفي الحكم الثاني أعادت 400 فدان أخرى تنازل فيها طارق نور عن 271 فداناً لرجال أعمال آخرين، وهو ما وصفته المحكمة في وقتها بأنه “تنازل ممن لا يملك وفيما لا يملك من أراضي الدولة على مرأى من الجهة التي ناط بها القانون الحفاظ على أراضي الدولة، حتى يتلافى حظر تملك الـ100 فدان”.
وقد نشرت اليوم السابع تقريراً بعنوان “المقامرون لا يختشون.. طارق نور يتاجر بسمعة مصر في سبيل تمرير برنامج يسيء للأسر المصرية” وسبق أن طالب الإعلامي محمد الباز، طارق نور، بالكشف عن الحجم الحقيقي لثروته أمام الرأي العام، بعد حكم القضاء الإداري باسترداد الـ805 أفدنة، وقال إن طارق نور “رجل إعلان وإعلام قبل أن يكون رجل أعمال، لذلك لا بد أن يسرع بالكشف عن حجم ثروته وتفاصيل هذه القضية كي يبرئ ذمته أمام الجمهور”.
فيتساءل المصدر في حديثه، كيف يتم التحالف مع طارق نور لتطوير الشركة المتحدة ووقف نزيف الفساد داخلها، في الوقت الذي شنت الشركة المتحدة عبر أذرعها الإعلامية هجوماً كبيراً على نور واتهامه بارتكاب جرائم فساد مالي ضخمة داخل مصر؟
إعادة هيكلة وتسريح
ورغم حالة الاستبشار من البعض بقدرة طارق نور على إنقاذ المتحدة من الفساد المالي الذي تواجهه حاليًا لكن أحد الصحفيين في إحدى الصحف المملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية يقول أنه بعد تولي طارق نور رئاسة مجلس إدارة الشركة المتحدة تناثرت أنباء داخل الصحف والقنوات التابعة للمتحدة بأن طارق نور سوف يعمل على هيكلة كل الصحف والقنوات المملوكة للمتحدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال المصدر إنه يتردد داخل الصحف والقنوات المملوكة للشركة المتحدة إن طارق نور ينوي التخلص من 20% على الأقل من الأيدي العاملة سواء صحفيين أو فنيين، لأنه يرى أن هذا الحجم الكبير من الأيدي العاملة لا يتناسب مع حجم العمل وكذلك حجم المؤسسات الموجودة وأنه يجب تقليص أعداد الموظفين بشكل كبير حتى يتم تحجيم الفساد المنتشر ووقف نزيف المرتبات والمخصصات المالية التي يتم تخصيصها منذ سنوات للصحف والقنوات دون إن يكون هناك بصمة كبيرة لتلك المؤسسات.
لكن المصدر أوضح أن الوضع الصحفي سيئ في مصر ولا يحتمل أي تسريح آخر للعاملين في الصحف والقنوات المملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ، وأن أي خطوة سيقوم بها طارق في هذا المسار سوف تزيد من الاحتقان في الوسط الصحفي بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وهذه هي الرواية التي يتطابق فيها الكلام بين الصحفي أحد الصحف المملوكة للشركة المتحدة ، واحد المخرجين في شركة سينرجي المملوكة للمتحدة كذلك ، والذي يتخوف من تسريح العشرات من الموظفين تحت لافتة التطوير وإعادة الهيكلة ووقف نزيف الخسائر.
يقول المخرج الذي طلب عدم كشف اسمه خوفا من أي مساءلة ، إن شركة سينرجي في حالة ترقب بسبب الخوف من تسريح العمالة ، وذلك بعد تولي طارق نور المنصب الجديد، ويقول إن رواتبهم في الأصل ليست عالية وعلى إدارة الشركة المتحدة أن تعالج أزمة الفساد المالي لدى المسؤولين الكبار ولا تجعل من الموظفين أصحاب الرواتب القليلة ، ضحية لهذه السياسات السيئة في إدارة موارد الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية
إذ يواجه الصحفيون في مصر أزمة كبيرة تتعلق بتراجع الرواتب في المؤسسات الصحفية بشكل كبير لا يناسب التضخم الذي تعيشه مصر فضلا عن قلة بل في بعض الأحيان ندرة فرص العمل للصحفيين حتى إن هناك مئات الصحفيين في مصر باتوا بلا فرصة عمل حقيقية.
كذلك يواجه الصحفيون في مصر تعسف كبير من المؤسسات الصحفية ضد الصحفيين ، حيث ترفض المؤسسات الصحفية تعيين الصحفيين ، حتى لا تكون ملتزمة أمامهم بضوابط قوانين العمل ، ما يجعل الصحفي عرضة للتسريح في أي لحظة من العمل دون إن يستطيع الحصول على أي حقوق مالية له.
ما هي الشركة المتحدة؟
يجب الإشارة إلى أن السلطات المصرية لجأت إلى إنشاء شركة للاستحواذ على الإعلام في مصر بعد حديث للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، اشتكى فيه علنا من أداء الإعلام المصري وقال إن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كان ” محظوظ” بالإعلام الخاص به في تلك الفترة لأنه كان إعلام موحدًا وفق رؤية السيسي.
لذلك قامت السلطات المصرية مباشرة في عام 2016 بإنشاء شركة أطلقت عليها اسم المتحدة للخدمات الإعلامية ، تكون مهمتها الاستحواذ على الإعلام والإنتاج الدرامي في مصر ليكون تحت إدارة شركة واحدة ، وقد استحوذت على ما يزيد على 35 شركة إنتاج فني وإعلامي في مصر ويعمل لدى الشركة المتحدة ما يقارب 10 آلاف موظف ما بين صحفي وفني وإداري.
كذلك وبعد استحواذها على القنوات في مصر، فقد بلغ مجموع القنوات التي تعمل تحت إدارة الشركة المتحدة أكثر من 17 قناة تلفزيونية ، ويعمل بها آلاف الصحفيين والفنيين، ومن هذه القنوات ، سي بي سي وأون ودي ام سي والحياة والناس والوثائقية وقناة القاهرة الإخبارية.
كما تضم الشركة 6 محطات إذاعية وأكثر من 10 مواقع إخبارية مثل اليوم السابع وصوت الأمة ومواقع أخرى متنوعة كما تضم شركات إنتاج فني مثل ميديا هب سعدي- جوهر وشركة سينرجي وشركات أخرى .
المصدر – وكالات