عنف وأسلحة بيضاء ومواد مخدرة تصل إلى المدارس المصرية سياسة ال 90 طالب فى الفصل تغيب أدوار الإشراف المدرسي

تزايدت وقائع استخدام السلاح الأبيض بين طلاب المراحل التعليمية المختلفة في مصر خلال هذا الشهر، وذلك بعد ما يقرب من شهرين فقط من بدء العام الدراسي، مع اتخاذ وزارة التربية والتعليم المصرية قرارات هدفت إلى إعادة الطلاب مرة أخرى إلى المدارس مع ربط الحضور والغياب وامتحانات الأسبوع والشهر بالمجموع النهائي للدرجات، وهو ما أرغم الطلاب على الحضور.

لكن ذلك يأتي في وقت تعاني فيه المدارس من مشكلات تنامي عجز المعلمين وعدم قدرة الجهات الحكومية على السيطرة على انتظام العملية التعليمية، مع تفشي الفساد على مستوى المديريات والإدارات التعليمية في المحافظات والأقاليم المصرية المختلفة.

وكشفت الأجهزة المصرية منذ أيام ملابسات فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر قيام شخص بالتعدي على آخر وإصابته بجرح قطعي في الوجه؛ إذ شهدت إحدى مدارس المرحلة الإعدادية (المتوسطة) بمحافظة الجيزة قيام طالب يبلغ من العمر 12 عاماً بإصابة زميله بكدمات وجرح قطعي في الوجه، وانتشار الدماء على وجهه بالكامل، إثر خناقة بين الطرفين استخدم فيها الطرف الأول إحدى الأدوات المدرسية التي كانت بحوزته.

وخلال الأسبوع الماضي، شهدت إحدى مدارس محافظة الإسكندرية قيام طالب بالمرحلة الثانوية بطعن زميله بآلة حادة خلال مشاجرة بينهما، ليصاب الطالب بجرح نافذ أسفل عظم القفص الصدري.

وتسبب الحادث في حالة من الفزع والهلع بين الطلاب، بعدما سقط الطالب وهو ينزف بغزارة أمام أعين زملائه والمدرسين ومسؤولي المدرسة، الذين هرعوا لنقله إلى مستشفى لتلقي الإسعافات الطبية اللازمة.

وبحسب معلمين يعملون في تلك المدرسة، فإن الطالبين طرفي المشاجرة كانا في وصلة من المزاح، انقلبت إلى مشاجرة عنيفة كارثية، وأن الطالب كان بحوزته سلاح أبيض “مطواة” أخرجها من حقيبته بعد تفاقم الخلاف بينهما.

وقررت الإدارة فصل الطالب المعتدي حسب لوائح الانضباط المدرسي، مع إحالة الحادث إلى إدارة الشؤون القانونية للتحقيق، وتحرير محضر تمهيداً لإحالته إلى النيابة العامة للتحقيق معه.

تعليمات وزارية تسببت في زيادة معدلات العنف

وكشف مصدر مطلع بمديرية التربية والتعليم في محافظة القاهرة لـ”عربي بوست” أن حوادث العنف تضاعفت هذا العام، منها ما تم الإعلان عنه من خلال السوشيال ميديا، وبعضها تم التعتيم عليه بسبب تعليمات أو تدخلات من جانب الأهالي أو الإدارة.

مرجعاً ذلك إلى زيادة معدلات انتظام الطلاب التي تصل في غالبية الأيام إلى 80%، وقد تصل إلى 90%. فالمدارس المصرية تستقبل هذا العام ما يقرب من 25 مليون طالب، وهو ما يجعل هناك فرصة أكبر للاشتباكات بين الطلاب، في وقت يعاني فيه مديرو المدارس من غياب الإشراف المدرسي الذي كان يلعب دوراً مهماً في التعامل مع السلوكيات الخشنة للطلاب.

وأوضح المصدر ذاته أن مشرفي المدارس إما خرجوا إلى المعاش ولم يتم استبدالهم بآخرين، أو جرى توزيعهم لتدريس المواد التي تعاني من عجز. كما أن إدارات المدارس خلال السنوات الماضية كانت تسند مهمة الإشراف إلى المعلمين بالتناوب.

وكان عدد من المعلمين الذين تكون لديهم حصص خالية أثناء اليوم الدراسي يتولون مهمة الإشراف. لكن مع احتدام مشكلات الكثافات، لم يعد هناك رفاهية لأن يبقى معلم دون شغله بجدول حصص، إذ يبدأ غالبية المدرسين حصصهم مع بدء الحصة الأولى وينتهون من نصابهم اليومي مع آخر اليوم الدراسي.

وأشار المصدر إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعليمات هذا العام تسببت في زيادة معدلات العنف، حيث قررت الاستعانة بعدد من الأخصائيين الاجتماعيين وأمناء المكتبات للقيام بمهمة التدريس، التي لم يعتادوا عليها طوال السنوات الماضية.

وأوضح أن ذلك تسبب في حدوث مشكلات مزدوجة، لأن هؤلاء ليس لديهم معرفة بالمناهج وسبل تدريسها ويعانون من مشكلات عدم تقبل الطلاب لهم داخل الفصول. وفي الجانب الآخر، فإن أدوارهم الإشرافية وجهودهم في حل المشكلات بين الطلاب وتوفير منافذ للتنفيس عن الطلاب أثناء اليوم الدراسي لم تعد موجودة، وبالتالي زادت معدلات العنف تلقائياً.

وذكر أن الطلاب جاءوا إلى المدارس هذا العام وهم محملون بشحنات عنف غير مسبوقة، إذ انعكس تأثير استخدام الموبايل وما يشهده المجتمع من حالات عنف متصاعدة على سلوكياتهم. كما أن صعوبة الأوضاع الاقتصادية وانعكاس ذلك على علاقات أولياء الأمور بالطلاب قاد إلى العنف الحالي.

وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم لم توفر الحماية الكاملة للمعلم لكي يقوم بدوره الرئيسي في التعامل مع مثل هذه الحالات. فلوائح الانضباط المدرسي التي تم إقرارها هذا العام بمزيد من التعديلات التي تصب في صالح المعلم لا يتم تطبيقها. وفي كثير من الحالات، تتدخل جهات ذات نفوذ أو نواب لإلغاء العقوبات.

حوادث متفرقة

تضع وزارة التربية والتعليم المخالفات التي تمثل جرائم جنائية يعاقب عليها القانون، مثل استخدام السلاح الأبيض، ضمن مخالفات الدرجة الرابعة التي تصل فيها العقوبة إلى تحويل الطالب إلى نظام الدراسة من الخارج. ويتولى مدير المدرسة إخطار السلطات المختصة، وإيقاف الطالب عن الدراسة حتى انتهاء السلطات المختصة من التحقيق وإصدار قرارها بشأن المخالفة.

وكانت أبرز وقائع العنف هذا العام ما شهدته مدرسة الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد، وهي إحدى مدارس الدبلومات الفنية، حيث قُتل طالب طعناً على يد زميله.

وبحسب وزارة الداخلية المصرية، فإن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة. وأفاد شهود الواقعة بأن الطالب المعتدي استخدم سلاحاً أبيض (مطواة) كان بحوزته، فأحدث إصابة المجني عليه، ثم لاذ بالفرار بالقفز من أعلى سور المدرسة.

وقبلها بأيام، شهدت محافظة سوهاج واقعة مماثلة أسفرت عن إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي في الرقبة، إثر اعتداء زميله عليه بسلاح أبيض (كتر) بعد مشادة كلامية بسبب خلافات سابقة بينهما. ووقع الحادث أيضاً في إحدى مدارس التعليم الفني بالمحافظة.

وفي منتصف الشهر الجاري، كشفت الأجهزة الأمنية بالعاصمة القاهرة عن مقتل طالب على يد زميله في منطقة شبرا مصر بوسط القاهرة بسبب خلاف على ثمن المشروبات.

وأكد مسؤول عن موجهي الأخصائيين الاجتماعيين بمحافظة الجيزة أن العنف بين الطلاب يصعب التعامل معه من جانب المعلمين. وأوضح أن ذلك بات واضحاً في كثير من وقائع العنف التي ظهرت منذ بداية العام الدراسي الحالي.

وفي مرات عديدة، يقوم الطلاب بالاعتداء على المعلمين، وإذا تمكن الطلاب من التسلل بالسلاح الأبيض إلى داخل الفصول، فإن المعلمين لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم. وأحياناً يجد المعلم نفسه في مواجهة مشكلة جديدة مع الطالب، ما يجعله يخشى على حياته.

وأشار إلى أن الطلاب يتعاملون باعتبارهم الطرف الأقوى في مواجهة المعلم، رغم أن المنطق الطبيعي عكس ذلك. ويظهر هذا بوضوح في المراحل الثانوية العامة ومدارس الدبلومات الفنية، حيث تتراجع سلطة المعلم لصالح الطالب الذي يدرك أنه في النهاية لن يتعرض لعقوبة رادعة تجعله يخشى التجرؤ على معلمه.

كما أن زيادة معدلات الكثافة الطلابية، التي تصل في جميع المدارس إلى 50 طالباً في الفصل الواحد، ومع تزايد معدلات العجز في أعداد المعلمين الذي بلغ بعد تطبيق نظام الفترة المسائية أكثر من 600 ألف معلم، جعل التربية غائبة بشكل كبير عن المدرسة. وأضحى المعلمون يهدفون فقط إلى إنجاز المقررات التعليمية.

من مدرسة إلى ساحة معارك

ولفت المسؤول إلى أن الظاهرة الواضحة هذا العام هي دخول الطلاب إلى المدارس وهم يحملون السلاح الأبيض، دون وجود أجهزة للكشف عن هذه الأسلحة. وأشار إلى أن إقرار عملية التفتيش اليومي للطلاب أمر مرهق للغاية، كما يؤدي إلى تعطيل اليوم الدراسي القصير أصلاً بسبب تقسيمه إلى فترتين (صباحية ومسائية).

وأوضح أن هذا العامل يعد أيضاً أحد أسباب زيادة العنف، إذ يلتقي طلاب المدارس المختلفة أثناء انتهاء الفترة الأولى وبدء الفترة الثانية، ما يؤدي إلى وقوع الكثير من حوادث العنف سواء داخل المدرسة أو أمامها.

وأضاف المسؤول أن هذا العام شهد قيام المعلمين بضبط سكاكين ومطاوي ومقصات وأدوات حادة أخرى دخل بها الطلاب إلى المدارس. وفي وقائع كثيرة تم التعتيم عليها، قام الطلاب بالاعتداء على زملائهم داخل الفصول باستخدام هذه الأسلحة، وهو أمر لم يكن شائعاً خلال السنوات الماضية لأسباب مختلفة، منها غياب الانضباط الكامل داخل المدارس.

وأشار إلى أن الحضور يتركز غالباً في المرحلة الإعدادية والثانوية، وهما المرحلتان الأكثر عرضة للعنف. كما أن الطلاب يحضرون بشكل رئيسي لأداء امتحانات الشهر ونهاية العام، وغياب الأنشطة المدرسية يخلق لديهم وقت فراغ وطاقة زائدة تُفرغ في العنف.

وتابع المصدر ذاته أن هذا العام شهد ظاهرة جديدة وخطيرة تتمثل في تعاطي الطلاب المواد المخدرة داخل المدارس وتبادلها فيما بينهم. وأكد أن هذه الظاهرة تهدد بتحويل المدارس إلى ساحات معارك بين الطلاب، مما يؤدي إلى تراجع الاهتمام بالجوانب التعليمية والتربوية إذا لم تُعالج هذه الظواهر بحزم.

وفي إطار الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، نفذت إدارة مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية المصرية حملات مكثفة لضبط مروجي المواد المخدرة في محيط المدارس والمعاهد والجامعات. وأسفرت هذه الحملات، خلال ثلاثة أيام فقط، عن ضبط 69 قضية متنوعة، والقبض على 83 شخصاً متورطاً في ترويج مواد مخدرة، منها الحشيش، والآيس، والهيروين، والقنب “هيدرو”، والحشيش الصناعي، والإستروكس، والكوكايين.

أقوال متضاربة

عندما توجهنا إلى مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم المصرية لسؤاله عما تم رصده من وقائع وشكاوى، تضاربت أقواله مع مصدر أمني تحدث إلينا عن تزايد البلاغات المقدمة وتفاقم معدلات العنف والحوادث الناتجة عن استخدام الطلاب السلاح الأبيض داخل المدارس. وأوضح المصدر الأمني أنه تم التحقيق في بعض الحوادث، بينما تم حفظ البعض الآخر أو حل المشكلة داخلياً، حفاظاً على سمعة المدرسة والعملية التعليمية.

في المقابل، قال المصدر الوزاري إن غالبية الحوادث التي جرى ضبطها هذا العام تقع خارج نطاق المدرسة وليس داخلها. وأضاف أنه عند حساب معدلات انتظام الطلاب مقارنة بالحوادث التي وقعت، نجد أن هذه الحوادث قد تراجعت عن السنوات الماضية.

غير أن ذلك لا ينفي وجود سلوكيات عنيفة لدى الطلاب، تسعى الوزارة بالتعاون مع الجهات الصحية والمجتمعية الأخرى للتعامل معها. وأشار إلى أن وزير التربية والتعليم يقوم بشكل دوري بزيارات مفاجئة إلى المدارس، كما يكلف مساعديه وجميع القيادات بالقيام بجولات مماثلة بما يساهم في إحداث الانضباط.

وأوضح المصدر أن الوزارة تهدف إلى إقرار مقررات جديدة تهدف إلى توعية الطلاب بالقيم الدينية والأخلاقية المشتركة بين الأديان المختلفة. كما أكد على توقيع أقصى عقوبة على حيازة الأسلحة البيضاء داخل المدرسة، لتصل إلى نقل الطالب إلى مدرسة أخرى أو تحويله إلى التعلم من المنزل، لضمان عدم تضرر زملائه من سلوكه العنيف. بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه مديري المدارس بتفعيل أدوار الأخصائيين الاجتماعيين.

وذكر أن الوزارة تدرس عقد دورات تدريبية إلكترونية عبر منصات وزارة التربية والتعليم، تهدف إلى مخاطبة أولياء الأمور وتعريفهم بكيفية التعامل السليم مع الطلاب، وتوجيههم إلى عدم دفع أبنائهم نحو الأنشطة العنيفة بدنياً خلال فصل الصيف. كما تسعى الوزارة للتأكيد على أن قوة الطالب لا تكمن في استخدام العنف، بل في قدرته على التحكم في سلوكياته في المواقف المختلفة.

المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

فيينا – سرقة محتويات صالون نسائي سورى بالحى الثانى

شهد الحي الثانى فى العاصمة النمساوية فيينا سرقة استهدفت صالون حلاقة نسائي، حيث تمكن اللصوص …