دولة يهودية خالصة.. اليمين المتطرف يسابق الزمن لتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة

اتخذ اليمين المتطرف بزعامة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عدداً من الإجراءات التي تعزز “يهودية الدولة”، بما في ذلك مصادرة الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية المحتلة، ومشروع قانون يحد من ترشح العرب في الكنيست وحظر مكبرات الصوت في المساجد.

ومنذ اليوم الأول لتوليها مقاليد الحكم، تسعى حكومة نتنياهو، والتي وصفت بأنها الحكومة الأكثر يمينية ودينية في إسرائيل منذ تأسيسها، إلى تعزيز وترسيخ يهودية الدولة.

وكان ذلك جلياً حتى قبل يوم واحد من أداء الحكومة اليمينية القسم حينما نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي المبادئ التوجيهية لائتلافه الجديد وأجندة حكومته الشاملة، والتي تضمنت بشكل لا لبس فيه بنوداً تعزز مفهوم الدولة اليهودية.

ومن بين هذه المبادئ التوجيهية التي نشرتها منصات عبرية في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن الحكومة ستتصرف وفقاً للمبادئ التوجيهية التالية:

“إن للشعب اليهودي الحق الحصري وغير القابل للتصرف في جميع أجزاء أرض إسرائيل. وستعمل الحكومة على تعزيز وتطوير الاستيطان في جميع أجزاء أرض إسرائيل – الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة.”

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يوزع رشاشات أمريكية على المستوطنين يوم 27 أكتوبر 2023

وضمت حكومة نتنياهو أعضاء بارزين من اليمين المتطرف والأحزاب الدينية الداعمة ليهودية الدولة والسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وتعزيز دخول جماعات يهودية إلى المسجد الأقصى، ومن أبرزها أحزاب شاس والصهيونية الدينية وعوتسماه يهوديت وحزب نوعم.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت وصف حكومة نتنياهو بأنها “عصابة“، قائلاً إن الهدف النهائي لهذه العصابة هو تطهير الضفة الغربية من سكانها الفلسطينيين، وتطهير “جبل الهيكل من المصلين المسلمين وضم الأراضي إلى إسرائيل”، على حد قوله.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قديم لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية، يعود إلى عام 2016، يقول فيه إن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وإن على إسرائيل الاستيلاء أيضاً على شرق الأردن.

 

ما هو تعريف مصطلح “الدولة اليهودية”؟

أعلن الاحتلال عن إنشاء دولة إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948 كوطن للشعب اليهودي، وعُرِفت في إعلان الاستقلال كـ”دولة يهودية”، وهو المصطلح الذي ظهر في قرار تقسيم فلسطين لعام 1947 أيضاً.

واكتسب الحديث عن “يهودية دولة إسرائيل” أهميته من تكرار حديث قادة دولة الاحتلال عن يهودية دولتهم، وحق اليهود بأن تكون دولتهم دولة يهودية خالصة من أي جنس عرقي أو ديني مغاير لليهودية.

وظهر هذا المصطلح بداية مع رواد الحركة الصهيونية في القرن التاسع عشر، ثم مع  زعيم الصهيونية ثيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897.

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى منحت الحكومة البريطانية تصريحاً لليهود سمّي باسم “وعد بلفور” عام 1917، يقضي في حقهم في أن يكون لهم وطن قومي على أرض فلسطين، وخلال فترة انتداب بريطانيا على فلسطين، أقرّت الحكومة البريطانية تقرير اللجنة الملكية (تقرير لجنة بيل) عام 1937، الذي ينصّ على تقسيم فلسطين إلى دولتين: إحداهما عربية، والأخرى يهودية.

كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/ نوفمبر 1947 قراراً يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية.

وكان مصطلح “الدولة اليهودية” شائع الاستخدام في وسائل الإعلام منذ عام 1948، بل وروج له رؤساء أمريكيون.

فقد استخدم جورج دبليو بوش هذا المصطلح في خطاباته وفي رسائل متبادلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون في عام 2004. كما استخدم باراك أوباما هذا المصطلح في خطاب ألقاه في سبتمبر/ سبتمبر 2010 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وجعلت حكومة أولمرت الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل “دولة يهودية” شرطاً مسبقاً في مفاوضات السلام.

ما هي أبرز التصريحات السابقة التي أدلى بها ساسة إسرائيليون عن “الدولة اليهودية؟

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن: “لن يكون سلام لشعب إسرائيل، ولا في أرض إسرائيل، ولن يكون هناك سلام للعرب أيضاً، ما دام لم نحرر وطننا بأكمله من النيل إلى الفرات حتى ولو وقعنا مع العرب معاهدات الصلح”.
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي بن غوريون: “ليست هذه نهاية كفاحنا، بل إننا اليوم قد بدأنا، وعلينا المضيّ لتحقيق الدولة التي ناضلنا في سبيلها من النيل إلى الفرات”.
  • مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل: “إذا حصلنا يوماً على مدينة القدس، وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي عمل فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أحرق جميع الآثار الموجودة ولو مرّت عليها قرون”.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش

ما أهم تشريعات الكنيست الإسرائيلي لترسيخ “يهودية الدولة”؟

– قانون يهودية الدولة 2018

يُعد قانون “أساس: إسرائيل ـ الدولة القومية للشعب اليهودي” الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي في يوليو/تموز 2018 أبرز القوانين التي تعزز مفهوم الدولة اليهودية.

وشمل مشروع القانون المثير للجدل 11 بنداً جاءت تحت العناوين الآتية: المبادئ الأساسية، رموز الدولة، عاصمة الدولة، اللغة، لمّ الشتات، العلاقة مع الشعب اليهودي، الاستيطان اليهودي، التقويم الرسمي، يوم الاستقلال ويوم الذكرى، أيام الراحة والعطل، نفاذ القانون.

ونص القانون على ما يلي:

  • 1- المبادئ الأساسية
  • (أ‌) أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل.
  • (ب‌) دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفيها يقوم بممارسة حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي لتقرير المصير.
  • (ج‌) ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي.
  • 2- رموز الدولة
  • (أ‌) اسم الدولة “دولة إسرائيل”.
  • (ب‌) علم الدولة أبيض وعليه خطان أزرقان وفي وسطه نجمة داود زرقاء.
  • (ت‌) شعار الدولة هو الشمعدان السباعي، وعلى جنبيه غصنا زيتون، وكلمة إسرائيل تحته.
  • (ث‌) النشيد الوطني للدولة هو نشيد “هتكفا”.
  • (ج‌) تفاصيل رموز الدولة تحدد في القانون.
  • 3- عاصمة الدولة: القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل.
  • 4- اللغة
  • (أ‌) اللغة العبرية هي لغة الدولة.
  • (ب‌) اللغة العربية لها مكانة خاصة في الدولة، تنظيم استعمال اللغة العربية في المؤسسات الرسمية أو في التوجه إليها يكون بموجب القانون.
  • (ت‌) لا يمس المذكور في هذا البند بالمكانة الممنوحة فعليا للغة العربية.
  • 5- لمّ الشتات
  • تكون الدولة مفتوحة أمام قدوم اليهود ولمّ الشتات.
  • 6- العلاقة مع الشعب اليهودي
  • (أ‌) تهتم الدولة بالمحافظة على سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها الذين تواجههم مشاكل بسبب كونهم يهودا أو مواطنين في الدولة.
  • (ب‌) تعمل الدولة في الشتات للمحافظة على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.
  • (ت‌) تعمل الدولة على المحافظة على الميراث الثقافي والتاريخي والديني اليهودي لدى يهود الشتات.
  • 7- الاستيطان اليهودي
  • تعتبر الدولة تطوير استيطان يهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته.
  • 8- التقويم الرسمي
  • التقويم العبري هو التقويم الرسمي للدولة، وإلى جانبه يكون التقويم الميلادي تقويماً رسمياً.
  • 9- يوم الاستقلال ويوم الذكرى
  • (أ‌) يوم الاستقلال هو العيد القومي الرسمي للدولة.
  • (ب‌) يوم ذكرى الجنود الذين سقطوا في معارك إسرائيل ويوم ذكرى الكارثة والبطولة هما يوما الذكرى الرسميان للدولة.
  • 10- أيام الراحة والعطل
  • يوم السبت وأعياد الشعب اليهودي هي أيام العطلة الثابتة في الدولة. لدى غير اليهود الحق في أيام عطلة في أعيادهم، وتفاصيل ذلك تحدد في القانون.
  • 11- نفاذ القانون
  • أي تغيير في هذا القانون يستلزم أغلبية مطلقة من أعضاء الكنيست.
  • وكانت نسخة سابقة لمشروع القانون نصت على إمكانية إقامة مجتمعات لليهود فقط ما يعني استثناء العرب الإسرائيليين الذين يشكلون 17،5% من السكان. وأثارت تلك الصيغة موجة من الاحتجاجات حول طابعه التمييزي.

ووصفت تقارير غربية مشروع القانون بأنه كان صفعة على الوجه بالنسبة للعرب الإسرائيليين، الذين يشكلون خمس مواطني إسرائيل. وعندما أقر القانون، قام أعضاء عرب في البرلمان بتمزيق نسخ من مشروع القانون وهتفوا “الفصل العنصري” على أرضية الكنيست.

وقال بيان صادر عن ائتلاف الأحزاب العربية إن إسرائيل “أقرت قانون التفوق اليهودي وأخبرتنا أننا سنكون دائماً مواطنين من الدرجة الثانية”.

كما أدان الفلسطينيون واليهود الأمريكيون الليبراليون والعديد من الإسرائيليين من اليسار القانون باعتباره عنصرياً وغير ديمقراطي.

الكنيست الإسرائيلي

ما هي الإجراءات التي اتخذتها حكومة نتنياهو اليمينية الحالية لتعزيز مفهوم “يهودية الدولة”؟

1- التعديلات القضائية

في يوليو/تموز 2023، صوت الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون التعديلات القضائية أو “الحد من المعقولية” ليصبح بذلك قانوناً نافذاً رغم الاعتراضات المحلية الواسعة التي طالته.

وقانون “الحد من المعقولية”، هو واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها حكومة نتنياهو في إطار “إحداث التوازن بين السلطات والتشريعية والتنفيذية والقضائية”.

ويمنع القانون المحاكم الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم “معيار المعقولية” على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.

وقد تفاقم الصدام مع المحكمة العليا الإسرائيلية، بعد إعلان الائتلاف الحكومي عن اقرار القانون الذي تضمن تقليص صلاحياتها وإعادة هيكلة الجهاز القضائي.

وأشارت تقارير إلى أن التعديلات القضائية من شأنها أن تساعد على المحافظة على هوية الدولة اليهودية من جهة، ومن جهة أخرى تفتح خيارات أوسع للعمل على ضم الضفة الغربية أو على الأقل أجزاء واسعة منها دون معارضة تُذكر من المحاكم الإسرائيلية.

2- قانون ترشح “العرب” في الكنيست

قبل عدة أيام، صادقت الهيئة العامة بالكنيست على القراءة الأولية لمشروع قانون من شأنه أن يُوسّع معايير حظر ترشح الأشخاص للكنيست، مما يمهد الطريق لاستبعاد وشطب ترشيح الأحزاب والأعضاء العرب، في إطار مساعي اليمين المتطرف إلى تقليل نسبة المرشحين العرب في الكنيست والبلديات المحلية.

وأفاد تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الائتلاف الحكومي بدأ مع افتتاح دورة الكنيست الحالية في شهر مارس/آذار الماضي الترويج لتعديل قانون الأساس: الكنيست، والذي من شأنه أن يزيد من صعوبة ترشح العرب للانتخابات.

ولم تخف أحزاب اليمين الإسرائيلي رغبتها في إنهاء تمثيل العرب في الكنيست والبلديات، ولكنها تسعى الآن إلى تشريع هذه العملية، وفق تقرير لوكالة الأناضول.

ويمنع مشروع القانون أي مرشح أو قائمة من خوض الانتخابات البلدية إذا كانت أهداف المرشح أو القائمة لا تعترف بإسرائيل كـ”دولة يهودية” أو تدعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل.

وقال بيان الكنيست: “ينص الاقتراح على إقرار أنه بشكل مشابه لانتخابات الكنيست، فلن تشارك قائمة مرشحين أو مرشح لانتخابات السلطة المحلية إذا كانت أهداف أو أعمال القائمة أو أهداف أو تصرفات المرشح من شأنها عدم الاعتراف بوجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، أو التحريض على العنصرية أو دعم وتأييد كفاح مسلح لدولة عدو أو منظمة إرهابية ضد دولة إسرائيل”.

خريطة توضح انتشار 43 بؤرة استيطانية جديدة بالضفة

3- مصادرة مكبرات المساجد

أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، السبت 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، تعليمات للشرطة بمصادرة مكبرات الصوت في المساجد، خاصة في المدن المختلطة (التي يسكنها عرب ويهود)، بزعم أنها “تسبب إزعاجا للسكان المحليين”.

الكنيست الإسرائيلي

وندد نواب عرب في الكنيست، بقرار بن غفير واصفين إياه بـ”محاولة إشعال حرب دينية”.

وقال النائب العربي أحمد الطيبي، عضو كتلة “الجبهة والعربية للتغيير”: “بن غفير مصمم على إشعال حرب دينية من خلال استغلال أجواء الحرب لإرضاء جمهور ناخبيه وقمع المجتمع العربي وملاحقة المواطنين العرب”.

وتعقيباً على قراره، قال بن غفير في منشور عبر حسابه على منصة إكس: “أشعر بالفخر لقيادة سياسة تهدف إلى الحد من الضوضاء غير المعقولة الناتجة عن مكبرات الصوت في المساجد، والتي أصبحت مصدر إزعاج لسكان إسرائيل”، وفق تعبيره.

وأضاف: “معظم الدول الغربية وبعض الدول العربية تفرض قيوداً على الضوضاء، بينما تسود الفوضى في هذا الشأن داخل إسرائيل”.

وتابع: “الصلاة حق أساسي، لكن لا يمكن أن تأتي على حساب جودة حياة السكان”، على حد زعمه.

4- مصادرة 24 ألف دونم من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة

أعلن وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش عن مصادرة 24 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية المحتلة وضمها كـ”أراضي دولة”، بهدف توسيع عدد من المستوطنات هناك، في خطوة توصف بأنها من الأكبر منذ عقود.

وأكدت وسائل إعلام عبرية أن “هذا القرار يشمل ما يقارب نصف الأراضي التي تم الإعلان عنها كأراضي دولة منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، حيث لم تتجاوز المساحة المعلنة منذ ذلك الحين 50 ألف دونم حتى العام الماضي”.

وأشارت إلى أن “مستوطنة معاليه أدوميم (شرقي القدس)، سيتم توسيعها بحوالي 2600 دونم نحو الجنوب، لخلق تواصل استيطاني مع مستوطنة كيدار”.

وسيتم توسيع مستوطنات مجدال عوز وسوسيا، جنوبي الضفة، ويفيت في غور الأردن (شرق).

ونقلت القناة 14 الإسرائيلية عن سموتريتش، قوله إن القرار “إنجاز تاريخي يسهم في تعزيز الاستيطان، وتوسيع الأراضي المخصصة للبنية التحتية والمشاريع الاستيطانية”.

ووفقاً للقانون الدولي تعتبر المستوطنات المقامة في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية.

تصاعد عمليات الهدم في القدس وانتهاكات الاحتلال منذ 7 اكتوبر –

المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية

شاهد أيضاً

فيينا – سرقة محتويات صالون نسائي سورى بالحى الثانى

شهد الحي الثانى فى العاصمة النمساوية فيينا سرقة استهدفت صالون حلاقة نسائي، حيث تمكن اللصوص …