تفاوتت ردود فعل السوريين في النمسا على أنباء سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بين الفرح بالتحرر من الدكتاتورية والقلق من المستقبل المجهول. وشهدت مدن نمساوية عدة مظهرات وتجمعات لسوريين تعبيرا عن فرحتهم.
تلقى سوريون مقيمون في النمسا أنباء سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بمشاعر متباينة، امتزجت فيها الفرحة بالتحرر من الدكتاتورية مع القلق من المجهول الذي ينتظر بلادهم. كما أعرب المستشار النمساوى كارل نهيمر اليوم الأحد الثامن من ديسمبرعن ترحيبه بسقوط الأسد، واصفًا الحدث بأنه “نبأ سار”. ودعا المستشار إلى حل سياسي يحمي جميع الأقليات والجماعات الدينية في سوريا، مشيرًا إلى أن الأسد “قمع شعبه بوحشية”، مما أدى إلى نزوح ملايين السوريين، وصل كثيرون منهم إلى النمسا.
من جهة أخرى دعا رئيس حزب الحرية (FPÖ) هربرت كيكل، إلى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مشيرًا إلى أن سقوط النظام يعني انتهاء أسباب اللجوء، وقال كيكل: “وطنكم يحتاجكم الآن، عودوا بسلام!”، بينما شدد رئيس الحزب في فيينا دومينيك نيپ على أن “اللاجئين الآن يمكنهم العودة إلى ديارهم”.
من جانبه، عبّر المستشار النمساوي كارل نيهامر من حزب الشعب (ÖVP) عن استعداد الحكومة لدعم السوريين الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم طواعية، وأكد في تصريح له مساء الأحد” أن حكومته ستعمل على إعادة تقييم الوضع الأمني في سوريا، تمهيدًا لاستئناف عمليات الترحيل إذا ما تم التأكد من استقرار الأوضاع هناك.
احتفالات في الشوارع ومخاوف من المستقبل
في وسط العاصمة النمساوية فيينا، تجمع العشرات من السوريين مساء الأحد للتعبير عن فرحتهم بسقوط النظام. بين أبواق السيارات المدوية وأعلام المعارضة السورية المرفرفة، بدت الاحتفالات عفوية وحماسية رغم برودة الجو
قال أحمد، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 39 عامًا ويعيش في فيينا منذ عام 2015: “لقد انتهت الديكتاتورية أخيرًا. اليوم هو يوم تاريخي لكل السوريين”. وأضاف أحمد، الذي يعمل تقنيًا في مجال السكك الحديدية: “نأمل أن يكون هذا بداية لمرحلة جديدة من السلام”.
في ولاية إشتاير مارك وسالزبورج، تظاهر أكثر من 2000 شخص ، حيث تجمع مئات الأشخاص في حديقة كليستل حاملين شعارات تطالب بالحرية والكرامة. وقال أحد المشاركين: “اليوم نحتفل، لكن غدًا نبدأ العمل لإعادة بناء بلادنا”.
وفي مدن نمساوية أخرى، مثل إنسبروك وبريجنس، خرجت مظاهرات مرخصة شارك فيها المئات، حيث عمّت أجواء الفرح مع رفع الأعلام السورية وتوزيع الحلوى. وتجمع أكثر من 800 شخص في مظاهرة مرخصة في وسط مدينة إنسبروك، حيث إن المزاج العام كان يتسم بالارتياح، وتم سماع هتافات عبر مكبرات الصوت. وآخرون يلوحون بالأعلام السورية، وغيرهم يوزعون الحلوى. كما كانت هناك مواكب سيارات ترافقها أصوات متكررة لأبواق هذه السيارات؛ وحدث هناك ازدحام مروري في بعض الأحيان، وفقا للشرطة.
مشاعر مختلطة بين الأمل والقلق
رغم الأجواء الاحتفالية، عبّر العديد من السوريين في النمسا عن مخاوفهم بشأن ما ينتظر بلادهم. طارق الأوس، المتحدث باسم منظمة “برو أزول” المعنية بمساعدة اللاجئين، قال: “إنه يوم مليء بالأمل، لكن أيضًا بالخوف من المجهول. نأمل أن تتحقق الديمقراطية، لكن التحديات كبيرة”.
وأضاف الأوس أن بعض الجماعات المسلحة قدمت تطمينات للأقليات في سوريا، مثل الدروز والإسماعيليين، لضمان انتقال سلمي. لكنه أشار إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه التطمينات، معتبراً أن هناك العديد من القوى المتصارعة التي قد تهدد الاستقرار.
من جهته، قال خالد درويش، ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في النمسا، إن سقوط النظام يجب أن يكون بداية جديدة. وأضاف: “نحن ملتزمون ببناء سوريا ديمقراطية تعددية تضمن حقوق الجميع دون تمييز”.
وتضم النمسا أكثر من 80 ألف سوري، الكثير منهم قدموا بعد عام 2011 هربًا من الحرب والاضطهاد. ومع سقوط النظام، تبرز تساؤلات حول إمكانية عودة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم.