صادقت الهيئة العامة بالكنيست الإسرائيلي، الأربعاء 27 نوفمبر 2024، على القراءة الأولية لمشروع قانون من شأنه أن يُوسّع معايير حظر ترشح الأشخاص للكنيست، مما يمهد الطريق لاستبعاد وشطب ترشيح الأحزاب والأعضاء العرب، في إطار مساعي اليمين المتطرف إلى تقليل نسبة المرشحين العرب في الكنيست والبلديات المحلية.
وقال الكنيست في بيان نشرته وكالة الأناضول إن مشروع القانون الذي قدمه العضو عن حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني القومي عوديد فورير مع نواب آخرين بمن فيهم العضوين عن حزب “الليكود” حانوخ دوف ميليفيتسكي وأوفير كاتس، مر بالقراءة التمهيدية بأغلبية 36 عضواً ومعارضة 10 أعضاء (من أصل 120 عضواً).
وما زال يتعين المصادقة على مشروع القانون بثلاث قراءات حتى يصبح قانوناً ناجزاً.
وأفاد تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الائتلاف الحكومي بدأ مع افتتاح دورة الكنيست الحالية في شهر مارس/آذار الماضي الترويج لتعديل قانون الأساس: الكنيست، والذي من شأنه أن يزيد من صعوبة ترشح العرب للانتخابات.
ولم تخف أحزاب اليمين الإسرائيلي رغبتها في إنهاء تمثيل العرب في الكنيست والبلديات، ولكنها تسعى الآن إلى تشريع هذه العملية، وفق تقرير وكالة الأناضول.
ما الذي يتضمنه مشروع القانون الجديد؟
التعديل الذي طال البند 7 (أ) من قانون الأساس: الكنيست، من شأنه توسيع المعايير الحالية، والتي بموجبها لا يمكن منع شخص من الترشح إلا إذا كان هناك مجموعة كبيرة من الأدلة على دعم الإرهاب، لتشمل الدعم المعزول لعمل نفذه مهاجم منفرد وليس فقط تلك التي تقوم بها مجموعة أو دولة معادية.
وتضم الأفعال التي يمكن تفسيرها على أنها دعم للإرهاب زيارة عائلة مشتبه به في الهجوم، وفق تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وأشار مشروع القانون إلى أن التماهي مع “حدث واحد” أو “عملية واحدة” ضد إسرائيل كافٍ لمنع الترشح، وأنه يكفي تصريح واحد يعبر فيه المرشح عن دعم “الإرهاب” كي يُشطب ترشيحه.
كما قلّص مشروع القانون من سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بترشح أو استبعاد أو شطب أي من المرشحين.
كيف ستتأثر المحكمة العليا بمشروع القانون؟
سحب مشروع القانون صلاحية المحكمة العليا بإلغاء قرار تتخذه لجنة الانتخابات بشطب قائمة أو شخص من الترشح للكنيست، وأن يتحول إجراء شطب المرشح في المحكمة العليا إلى استئناف عادي “بهدف تقليص تدخلها بالقرار” في مواجهة لجنة الانتخابات المركزية.
وينص القانون الحالي للكنيست على وجوب موافقة أو رفض المحكمة العليا أي قرار للجنة الانتخابات المركزية بشأن استبعاد مرشح في انتخابات الكنيست. وعلى الرغم من أن مشروع القانون لا يزال يمنح المحكمة العليا “حق الكلمة الأخيرة” فيما يتعلق بتنحية المرشح، إلا أنه يقلل من صلاحياتها.
وينص مشروع القانون على أن استبعاد المرشح لن يتطلب موافقة المحكمة بعد الآن. ومع ذلك، سيتمكن المرشح من استئناف قرار لجنة الانتخابات المركزية أمام المحكمة العليا.
ماذا عن الانتخابات البلدية؟
يمنع مشروع القانون الذي صادق الكنيست عليه بالقراءة الأولى أيضاً أي مرشح أو قائمة من خوض الانتخابات البلدية إذا كانت أهداف المرشح أو القائمة لا تعترف بإسرائيل كـ”دولة يهودية” أو تدعم الكفاح المسلح ضد إسرائيل.
وقال بيان الكنيست: “ينص الاقتراح على إقرار أنه بشكل مشابه لانتخابات الكنيست، فلن تشارك قائمة مرشحين أو مرشح لانتخابات السلطة المحلية إذا كانت أهداف أو أعمال القائمة أو أهداف أو تصرفات المرشح من شأنها عدم الاعتراف بوجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، أو التحريض على العنصرية أو دعم وتأييد كفاح مسلح لدولة عدو أو منظمة إرهابية ضد دولة إسرائيل”.
ويرفض المواطنون العرب اعتبار إسرائيل دولة يهودية ويصرون على أنها دولة لكل مواطنيها دون تمييز، بحسب تقرير الأناضول.
وأوضح الكنيست أن الاقتراح “ينص على تفويض وزير الداخلية بإلغاء اختيار شخص لمنصب نائب رئيس سلطة محلية إذا كانت أعماله تنم عن تأييد كفاح مسلح لدولة عدو أو منظمة إرهابية ضد دولة إسرائيل”، وفق تعبيره.
وتابع: “بالإضافة إلى ذلك، ينص الاقتراح على إقرار آلية إقالة أي عضو سلطة محلية أقر المجلس البلدي أنه يقوم بالتحريض على العنصرية أو يؤيد الكفاح المسلح ضد دولة إسرائيل، وفي مثل هذه الحالة يتطلب التصديق على قرار الإقالة والفصل أغلبية تشكل 5/4 أعضاء المجلس البلدي ومصادقة المحكمة العليا”.
وجاء في شرح مشروع القانون: “قانون السلطات المحلية (البلديات) لسنة 1965 يوضح متى لا يتم السماح بمشاركة قائمة مرشحين في الانتخابات المحلية، ومع ذلك، وبشكل مخالف للقانون الأساسي للكنيست (قانون خاص بطريقة انتخاب أعضاء الكنيست وآلية عمله) فإنه لا يوجد ضمن القانون أي تطرق لمنع ترشح شخص يعمل ضد دولة إسرائيل. وبموجب ذلك ينص الاقتراح على تعديل القانون بحيث تسري الأوامر والقواعد القانونية التي تسري على منتخبي الشعب في الكنيست أيضا على منتخبي الشعب في السلطات المحلية”.
كيف ستتأثر الخريطة السياسية؟
منذ أن بدأت الحكومة في الترويج للتعديلات القضائية العام الماضي، كان الائتلاف الحكومي بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتخبط في استطلاعات الرأي، ويكافح من أجل الحصول على المقاعد الـ 64 التي يسيطر عليها الآن في الكنيست.
ويأمل نتنياهو والعديد من أعضاء الكنيست الذين يؤيدون مشروع القانون أن تكون محاولة استبعاد الأحزاب العربية من المنافسة على مقاعد الكنيست وسيلة للحصول مرة أخرى على الأغلبية للائتلاف الحالي في الكنيست، وذلك من خلال قمع التصويت في المجتمع العربي.
ومن المتوقع أن يؤدي استبعاد المرشحين العرب إلى انخفاض نسبة مشاركة العرب الإسرائيليين في الانتخابات، والتي هي منخفضة بالفعل، وفق تقرير هآرتس.
وقالت صحيفة هآرتس: “إن الغرض من مشروع القانون واضح: خلق تأثير مخيف، بل وحتى تجميدي، على إمكانية ترشح الممثلين العرب في الانتخابات المحلية الذين لا يروقون للحكومة. إن الانتخابات المحلية تشكل خطوة على الطريق نحو الانتخابات العامة”.
وتابعت: “بعد أن عجز اليمين عن الفوز بـ 61 مقعداً في الكنيست في خمس حملات انتخابية، بسبب مشاركة المواطنين العرب في الانتخابات، فإن الفهم الميكافيلي للحكومة الحاكمة ـ التي تهتم بتأمين حكمها ومنع إمكانية تغيير الحكومة ـ يتلخص في تقليص استعداد المواطنين العرب للمشاركة في الانتخابات قدر الإمكان”.
ما هو رد فعل المعارضة على مشروع القانون؟
أعلنت كتلة “المعسكر الوطني” برئاسة بيني غانتس، أن مشروع القانون يأتي ضمن خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء.
وقالت الكتلة في بيان: “نعتزم تقديم مشروع قانون في الأيام المقبلة لتوسيع إمكانية منع شخص أو حزب يؤيدون الإرهاب بالترشح للكنيست، وخلافاً لمشروع قانون الائتلاف، لن نستهدف نظام الرقابة القضائية. ‘نعم لشطب مؤيدي الإرهاب، لا للانقلاب على جهاز القضاء'”.
فيما قال زعيم المعارضة، يائير لابيد، خلال مناقشة مشروع القانون أنه “من الواضح من تحاولون استبعاده” من خلال مشروع القانون، واتهم الحكومة باستهداف النواب العرب، وإقرار قانون “لإلغاء المعارضة”.
وأضاف لابيد أن الائتلاف لن يقر قانوناً يحظر المدانين بالإرهاب، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى استبعاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي أدين 8 مرات بتهم التحريض والإرهاب.
وقال: “هذا ليس قانوناً ضد الإرهاب في واقع الأمر، بل هو قانون لحماية ائتلافكم في أي موقف. هذا قانون يقول إننا خسرنا عشرة مقاعد في السابع من أكتوبر، لذا فمن خلال الكنيست سننتزع عشرة مقاعد لصالحنا”.
هل كانت هناك محاولات سابقة لمنع ترشح النواب العرب في الكنيست؟
لم تكن مصادقة الكنيست الأخيرة على مشروع قانون الأساس: الكنيست المحاولة الأولى لمنع ترشح أعضاء عرب أو أحزاب عربية، بل كانت هناك محاولات عديدة في الماضي لمنع العرب من الترشح في الحملات الانتخابية من خلال التماس إلى لجنة الانتخابات المركزية.
وتتهم الأحزاب اليمينية والقومية في الكنيست، بما في ذلك حزب الليكود بزعامة نتنياهو، المشرعين العرب بدعم الإرهاب بسبب دعمهم للقومية الفلسطينية.
وقبل الانتخابات الأخيرة في عام 2022، حظرت لجنة الانتخابات المركزية حزب التجمع القومي العربي بعد قبول التماس يزعم أن برنامج الحزب ينفي وجود دولة إسرائيل. وعلى الرغم إلغاء محكمة العدل العليا الحظر لاحقاً، إلا أن الحزب فشل في النهاية في تجاوز الحد الأدنى لدخول الكنيست.
ويضم الكنيست الإسرائيلي 120 مقعداً، ويعتمد انتخاب أعضائه على نظام التمثيل النسبي. ويصوت الناخبون لقوائم الأحزاب وليس لأشخاص بعينها في القوائم.
ويتعين على أي حزب تخطى عتبة الحسم (تبلغ حالياً 3.25%) ليتمكن من الحصول على مقعد في الكنيست.
فيما يقول نشطاء عرب إن رفع نسبة الحسم عدة مرات من 1% إلى 3.25% كان بهدف إقصاء القوائم العربية ومنعها من الفوز بمقاعد في الكنيست.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية