لا يقتصر “بنك الأهداف” على الفلسطينيين فقط عند بنيامين نتنياهو، فالعديد من المسؤولين الإسرائيليين أيضاً على لائحة رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يسعى لتكريس سلطته وهيمنة حكومته اليمينية المتطرفة.
فبعد إقالة وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت مؤخراً، تشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن هناك 3 أشخاص آخرين على بنك أهداف نتنياهو، وهم رئيس الشاباك رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة “غالي بهاراف ميارا”، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي.
وسبق ذلك، استقالة شخصيات بارزة من الائتلاف الحكومي بعد انضمامهم إلى مجلس الحرب الذي تشكل بعد اندلاع الحرب على غزة، بسبب الخلافات مع أجندة نتنياهو، وهم بيني غانتس وغادي أيزنكوت.
ورغم تباين الأسباب بشأن إقالة هؤلاء إلا أنهم يجتمعون على عدم قبول نتنياهو لهم، بسبب معارضتهم له في العديد من القضايا. ونستعرض في هذا التقرير أبرز الشخصيات التي يسعى نتنياهو للتخلص منها، وماهية الخلافات معهم.
نتنياهو يطيح بوزير جيشه يوآف غالانت
في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن نتنياهو، إقالة غالانت، وتعيين يسرائيل كاتس محله. وأرجع غالانت أسباب إقالته بسبب خلافه مع نتنياهو في 3 قضايا وهي:
- قضية تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي.
- قضية الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، حيث يطالب غالانت بما يصفها بـ”تنازلات بعضها مؤلم” من أجلهم.
- إصرار غالانت على تشكيل لجنة تحقيق رسمية بشأن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الأمر الذي يرفضه نتنياهو.
لكن تاريخ الخلافات بين نتنياهو وغالانت، سبق هذه القضايا التي عززت من اتخاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، إقالة وزير جيشه الذي ينتمي لحزبه.
حيث أوضحت صحيفة “يديعوت أحرونوت“، أن طفرة الخلافات بدأت بمعارضة غالانت بشكل علني التعديلات القضائية التي تعارضها المعارضة.
وفي 25 مارس/آذار 2023، عقد غالانت مؤتمراً صحفياً، تناول فيه تداعيات الأزمة الداخلية السياسية على الجيش، مشيراً إلى أن “هناك خطر مباشر على أمن إسرائيل”، ودعا إلى وقف التشريعات القضائية.
وأسهمت هذه الخطوة في ذلك الوقت في الإقالة الأولى لغالانت من الحكومة الإسرائيلية، وأعقب ذلك احتجاجات في البلاد، الأمر الذي اضطر فيه نتنياهو للإعلان عن تعليق تمرير التعديلات القضائية، والتراجع عن إقالة وزير جيشه.
أما السبب الآخر الذي ساهم أيضاً في تأزيم الخلافات، هو تأييد غالانت لانسحاب الجيش الإسرائيلي من محوري “فيلادلفيا” و”نتساريم”، وواكب ذلك تزايد الأصوات في الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحكومي الداعية لإقالة غالانت، وخاصة من الوزيرين إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش.
وفي 30 أغسطس/آب 2024، صادق “الكابينت” الإسرائيلي، على بقاء قوات الجيش في فيلادلفيا ضمن أي اتفاق مزمع لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وكان غالانت الوحيد الذي صوت ضد القرار.
كما اختلف غالانت مع نتنياهو حول “اليوم التالي” للحرب على غزة، وأهداف الحرب، وقد سخر وزير الجيش المقال من فكرة “النصر المطلق” التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وبسبب القضايا السابقة، اعتبر نتنياهو وحلفاؤه باليمين المتطرف، غالانت عائقاً أمام تحقيق طموحاتهم، ليخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي أخيراً للقول “خلال الأشهر الأخيرة تصدعت الثقة بيني وبين وزير الجيش”، مشيراً إلى أن تصريحات وتصرفات الأخير تتعارض مع قرارات الحكومة.
3 شخصيات أخرى على بنك أهداف نتنياهو
رئيس الشاباك رونين بار على بنك أهداف نتنياهو
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، أن نتنياهو يدرس إقالة رئيس الشاباك رونين بار، وذلك عقب سقوط قنابل مضيئة قرب منزله في قيسارية، وتبرير الإقالة بفشل تأمين نتنياهو وعائلته.
وتم تعيين بار رئيسًا للشاباك في العام 2021 لمدة خمس سنوات، لكن الحكومة لديها السلطة لإنهاء ولايته وتعيين رئيس جديد.
ولكن لم يحدث في تاريخ إسرائيل فصل أي رئيس للشاباك خلال فترة ولايته، والحالات النادرة حصلت مع استقالة اثنين قبل استكمال ولايتهما.
وعلى مدى العامين الماضيين كانت العلاقة بين نتنياهو ورئيس الشاباك متوترة، ويرجع ذلك إلى المطالب الأمنية لعائلة نتنياهو، وهجوم 7 أكتوبر وإصدار جهاز الشاباك وثائق تحذيرية بشأنه، وموقف بار مع المسؤولين الأمنيين الآخرين بما يتعلق بمفاوضات الأسرى الإسرائيليين، ومهاجمته لقرار البقاء في محور فيلادلفيا.
كما تزايدت حدة العداء بين رونين بار، والوزراء المتطرفين بالحكومة الإسرائيلية، ولاسيما بن غفير وسموتريتش، اللذين طالبا مرات عدة بإقالة رئيس الشاباك الذي حذر مما أسماه “الإرهاب اليهودي” بالضفة الغربية، وتصرفات بن غفير في المسجد الأقصى، والتي تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل.
صحيفة هآرتس كشفت أنه في الآونة الأخيرة مارس أشخاص مقربون من نتنياهو وعائلته ضغوطًا لإقالة رونين بار، بذريعة “الفشل الأمني”، لكن السبب الحقيقي يعود إلى رفض الشاباك تقديم تقييم يرضي نتنياهو بشأن تأجيل تقديم إفادته بمحاكمته المقررة في 2 ديسمبر/كانون الأول 2024، بحسب مسؤولين أمنيين كبار.
حيث يحاول نتنياهو التملص من جلسة المحكمة، من خلال منحه تقييم أمني من الشاباك بأنه “غير قادر على البقاء لفترات طويلة في أماكن ثابتة تكون معروفة مسبقًا للجمهور”.
ووفقًا لمصادر لصحيفة “هآرتس”، فإن قرار بار إجراء فحص في إمكانية إجراء المحاكمة من الناحية الأمنية سرّع الدعوات لإقالته، وذلك في ظل حملة إعلامية واسعة من قبل وزراء في الحكومة ضده الذين يطالبون بإقالته.
كما تصاعدت الهجمات من جانب مقرّبين من نتنياهو على رئيس “الشاباك” في الأسابيع الأخيرة، في أعقاب تحقيق “الشاباك” في قضية الوثائق السرية التي يشتبه بتورط المتحدّث باسم رئيس الحكومة إيلي فيلدشتاين فيها.
المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا
يريد نتنياهو التخلص من المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا، والتي عينتها حكومة نفتالي بينيت، منذ يومه الأول كرئيس للوزراء، لكن هناك أسباب عدة منعته عن إقالتها، أبرزها احتمال أن تمنع محكمة العدل العليا ذلك.
ومؤخراً، قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن التوتر بين المستشارة القضائية والحكومة بقيادة نتنياهو، وصل إلى نقطة الغليان، فيما ذكر مسؤول كبير بالحكومة لصحيفة “يديعوت أحرونوت“، أن رئيس الوزراء لم يعد يستبعد إقالتها لأنه حصل على الأمان لذلك.
وبحسب مصادر للصحيفة، فإن نتنياهو يشعر الآن بأنه أقوى بسبب الإنجازات التي حققها في الحملة العسكرية على لبنان وغزة، والتغيير في الإدارة الأمريكية.
وبدأ الخلاف بين بهاراف-ميارا والحكومة بقيادة نتنياهو على خلفية التعديلات القضائية في مارس/آذار 2023، فرغم قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بمنعه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي استكماله للخطة التي تهدف لإضعاف الجهاز القضائي.
في ذلك الوقت، توجهت المستشارة القضائية برسالة إلى نتنياهو، تبلغه بأنه يتصرف بشكل مخالف للقانون ولقرار المحكمة العليا، وقالت في رسالتها: “بصفتك رئيس وزراء متهماً بارتكاب جرائم فساد، لذلك يجب عليك الامتناع عن اتخاذ إجراءات تثير مخاوف معقولة عن وجود تضارب في المصالح بين مصالحك الشخصية فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية ومنصبك كرئيس للوزراء”.
ومن أبرز القضايا التي تشعل الصدع بين نتنياهو والمستشارة القضائية مؤخراً، طلبها بإقالة بن غفير من وزارة الأمن القومي بسبب اتهامات يواجهها بتدخله في صلاحيات الشرطة بشكل مفرط وغير قانوني منذ توليه المنصب.
في الإطار، نقلت القناة 13 الإسرائيلية، عن نتنياهو قوله في اجتماع المجلس (الكابينت): “لا أعرف طريقة أسرع لإحداث أزمة دستورية من محاولة إقالة وزير دون لائحة اتهام”، لكن معارضة الحكومة لتنفيذ القرار الذي قد يصدر عن المحكمة العليا بشأن بن غفير قد يتسبب بأزمة دستورية في إسرائيل.
ومن ضمن القضايا الخلافية بين نتنياهو وبهاراف-ميارا، اتهام الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بعرقلة تشكيل لجنة تحقيق حكومية بشأن تعامل حكومته مع الحرب على قطاع غزة، وذلك في ظل المحاكمة التي تخضع لها إسرائيل في المحاكم الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.
وفي يوليو/تموز 2024، هاجم يائير نتنياهو المستشارة القضائية، بسبب رفضها فتح تحقيق جنائي ضد تشبيه نتنياهو بهتلر خلال المظاهرات المناوئة له أمام جامعة تل أبيب، حيث اتهمها بالتحريض على قتل والده.
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعطت المستشارة القضائية الضوء الأخضر للسلطات المعنية للتحقيق مع نتنياهو على خلفية قضايا تسريب وتزوير وتغيير بروتوكولات تخدم مصالح الأخير.
حيث ينص القانون الإسرائيلي، على أنه لا يمكن فتح تحقيق ضد رئيس الوزراء إلا إذا صدقت على ذلك المستشارة القضائية للحكومة.
رئيس الأركان هرتسي هاليفي
ورغم نفي مكتب نتنياهو، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء يرغب بإقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، بعد إقالته غالانت.
بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل“، فإن إقالة هاليفي هي العملية الأسهل والأبسط، حيث ينص القانون الأساسي بأن يقوم وزير الجيش بتقديم توصية بإقالة رئيس الأركان، على أن يتم التصويت عليها في مجلس الوزراء.
ولم يحدث في تاريخ إسرائيل أي عملية إقالة لرئيس أركان للجيش الذي تبلغ مدة خدمته ثلاث سنوات، مع تمديدها لسنة رابعة.
وكانت أول الخلافات بين هاليفي ونتنياهو، مع تزايد رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي، بسبب التعديلات القضائية، حيث حذّر رئيس الأركان من أن تمريرها ستتسبب بضرر حقيقي في كفاءة الجيش.
ف
وبعد الحرب على غزة، فإن قضايا “اليوم التالي” للحرب، ومحوري “فيلادلفيا” و”نتساريم”، وتكرار العمليات العسكرية في المناطق، فاقمت من الخلافات بين المؤسسة الأمنية والحكومة الإسرائيلية.
حيث انتقد هاليفي غياب استراتيجية “اليوم التالي” للحرب على قطاع غزة، وطالب بالانسحاب من محور فيلادلفيا، وتقديم تنازلات من أجل استعادة الأسرى الإسرائيليين من خلال إبرام صفقة مع حركة حماس.
لماذا يريد نتنياهو إزاحة هؤلاء عن المشهد؟
وصف الكاتب الإسرائيلي موشيه جورالي، في مقال على موقع “كالكليست” الإسرائيلي، وزراء بالحكومة الإسرائيلية بـ”قطاع الطرق”، معتبرًا أن وضع المستشارة القضائية ورئيس الشاباك في بنك أهدافهم، علامة فارقة أخرى في إزالة التوازنات وآليات الرقابة والفصل بين السلطات لصالح سلطة واحدة وشخص واحد، مشيرًا إلى أن الساعة الرملية للديمقراطية في إسرائيل تنفد بسرعة.
ورأى أن الهجوم على إسرائيل بدأ مع تنصيب حكومة يمينية كاملة، ورغم أن حزب الليكود فاز بالأغلبية، إلا أن حكم الأغلبية مغتصب آمنًا من الأقلية التي بدأت تسيطر على “الدولة العميقة” القانونية والمدنية.
كما أشار إلى أن “الغوغائية الحاكمة تسعى إلى تدمير الأسس والمؤسسات الديمقراطية، وإزالة الضوابط والتوازنات وآليات الرقابة، وسحق الفصل بين السلطات“.
وأضاف أن لوائح الاتهام التي تلاحق نتنياهو دفعته إلى التحالف مع أحزاب اليمين المتطرف، وهذا المكون الحكومي يسعى حاليًا إلى:
- تثبيت حكم نتنياهو.
- إمكانية الوصول إلى موارد الدولة والسيطرة عليها.
- استيلاء الأجندة الكاهانية على الدولة والحكومة.
وبحسب الكاتب فإن نتنياهو يفضل الهروب من محاكمته الجنائية، ويعتقد هو وزوجته سارة، أنه لا يوجد أحد غيره ليكون رئيساً لوزراء إسرائيل، وأن بدونه ستدمر البلاد.
وبعد أن أصبح نتنياهو هدفاً سياسياً بسبب لوائح الاتهام ضده، استغل سموتريتش وبن غفير المشهد لتطبيق أجندتهما الكاهانية بالحكومة، وأصبح المتحكمون على مفاصل حساسة مثل الشرطة والجيش، ولجنة الدستور، وأعضاء في لجنة اختيار القضاة.
بحسب الكاتب، فإن التمثيل السياسي لليهودية أصبح يخضع الآن لسيطرة مجموعتين أيديولوجيتين متطرفتين، وهما الأرثوذكسية المتطرفة والكاهانية اللتان تعملان على تنفيذ أجندتهما القائمة على تعزيز التفوق اليهودي على الحياة، وكل من ينتقد الحكومة بهذا الإطار فسيواجه بالطرد.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية