مرحلة جديدة قد تنتقل إليها الحرب والمواجهة في المنطقة مع الاحتلال، بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي تمكنه من “القضاء” على الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، وعدد من قيادات الحزب في غارة جوية على الضاحية الجنوبية في بيروت.
إعلان الاحتلال، قابله صمت رسمي من حزب الله حول مصير نصرالله امتد نحو عشرين ساعة من استهداف المقر المركزي للحزب، لكن جيش الاحتلال أعقب ذلك بشن عشرات الغارات المتتالية على منازل ومباني في بيروت ادعى أن حزب الله يخزن فيها أسلحته.
ماذا حدث؟
كانت البداية، في مساء الجمعة 27 سبتمبر/أيلول 2024، إذ شنت مقاتلات إسرائيلية من طراز “إف 35” غارات “عنيفة وغير مسبوقة” على هدف بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ”حزب الله”، في محاولة استهداف نصر الله، ما أحدث دويا هائلا تردد صداه في بيروت ومحيطها، وأثار حالة من الرعب والهلع لدى السكان.
وعقب الهجوم مباشرة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه “هاجم قبل قليل” مقر القيادة المركزي لـ”حزب الله” الواقع تحت مبانٍ سكنية في قلب الضاحية الجنوبية في بيروت”، وفقا للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أن المقر موجود تحت مبانٍ سكنية في قلب الضاحية في بيروت.
وبعد ذلك، بدأ يتضح من المستهدف من الغارة، إذ ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الهدف هو مقر هيئة أركان حزب الله والمستهدف الرئيس هو الأمين العام للحزب حسن نصر الله، لكن هيئة البث الإسرائيلية، قالت إنه ليس مؤكداً حتى الآن ما إذا كان نصر الله داخل مقر القيادة المركزي لحظة القصف.
كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية منها يديعوت أحرونوت والقناة الثانية عشرة أن الهدف من الغارة كان حسن نصر الله، وأن الجيش يحقق حاليا فيما إذا كان الأخير داخل المكان المستهدف بالغارة أم لا.
ونقلت القناة الثانية عشرة عن مسؤول إسرائيلي كبير تأكيده أن المؤشرات “إيجابية بأن عملية تصفية نصر الله نجحت”. في المقابل، قال مصدر مقرب من الحزب لوكالة رويترز إن الهجوم الضخم أدى إلى تدمير 6 مبان، لكن نصر الله “بخير”.
حجم القنابل
وقصف الاحتلال الإسرائيلي 6 مبان خلال الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت لاستهداف نصر الله وقيادات من الحزب بحسب صحيفة معاريف الإسرائيلية، بينما استعان الجيش الإسرائيلي بطائرات إف 35 في تنفيذ الهجوم على الضاحية مستخدما قنابل خارقة للتحصينات.
وعقب الهجوم تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تم استخدام قنابل تزن 2000 طن خارقة للتحصينات في قصف الضاحية الجنوبية، في حين أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت في اليوم الثاني من الاستهداف أن اغتيال حسن نصر الله تم بإلقاء 80 طنًا من القنابل على مكان تواجده بالضاحية الجنوبية.
بينما أوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن “طائرات من السرب 69 أسقطت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها طنا، في عملية اغتيال نصر الله”.
وقال مصدر مقرّب من الحزب من دون الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن 6 أبنية سُوّيت تماما بالأرض في حارة حريك.
وأظهرت لقطات بنايات مستوية على الأرض، وأخرى مدمرة بالكامل، كما بدت بعض الشوارع محطمة بعد القصف الإسرائيلي.
في حين أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخصين وإصابة 76 آخرين في حصيلة أولية إثر العدوان الإسرائيلي على حارة حريك بالضاحية الجنوبية.
موقع الاستهداف
ويقع المركز الرئيسي لحزب الله في “حارة حريك” بالضاحية الجنوبية لبيروت، إذ تعد مركز ثقل حزب الله ، وأصبحت الهدف الأول لجيش الاحتلال في لبنان.
تضم “حارة حريك ” المقر العام للحزب، وفيها تجرى اجتماعات حسن نصر الله الأمين العام للحزب مع المسؤولين والمبعوثين الدوليين.
ليس هذا فحسب، بل تضم الحارة مقر قناة المنار ” القناة الناطقة باسم الحزب وذراعه الإعلامية ، التي تتولى مهام نشر البيانات الصادرة عن الحزب وإصداراته.
تقع “حارة حريك” ضمن منطقة الضاحية الجنوبية وهي أكثر المناطق المكتظة بالسكان في بيروت ، ويبلغ عدد سكانها 976 ألف نسمة ، وفق آخر مسح أجرته “الإحصاء اللبنانية” عام 2007 ، و 50.3% من سكانها ينحدرون من الجنوب ، 24.3% قادمون من منطقة البقاع ، و15 % من جبل لبنان ، 9.7% فقط من أهل بيروت .
من هو نصر الله؟
يعيش حسن نصر الله حياة سرية، بفعل حساسية موقعه كزعيم لأحد أبرز حركات المقاومة في المنطقة، والتي تخوض قتالًا مع دولة الاحتلال منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ولد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في 31 أغسطس/ آب 1960، في بلدة البازورية في قضاء صور جنوب لبنان.
تزوج من فاطمة ياسين ولهما خمسة أبناء: هادي، زينب، محمد جواد، محمد مهدي، ومحمد علي. ابنه الأكبر، هادي، قُتل في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان عام 1997.
تلقى نصر الله تعليمًا دينيًا في مراكز وحوزات شيعية في لبنان والعراق وإيران.
انضم إلى “حركة أمل” خلال دراسته الثانوية، وتدرج بالمناصب حتى أصبح عضوًا في المكتب السياسي للحركة عام 1979.
في عام 1982، انسحب من حركة أمل مع عدد من المسؤولين إثر خلافات حول كيفية مواجهة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وانضم لـ”حزب الله” الذي تأسس في العام نفسه، وتولى مسؤولية تعبئة المقاومين في منطقة البقاع (شرق).
في عام 1985، انتقل إلى بيروت، حيث تولى منصب نائب مسؤول المنطقة، ثم أصبح المسؤول التنفيذي العام المكلف بتطبيق قرارات مجلس الشورى.
زعامة حزب الله
تولى نصر الله منصب الأمين العام لحزب الله في 16 فبراير/ شباط 1992، بعد اغتيال سلفه عباس الموسوي في هجوم إسرائيلي.
منذ توليه القيادة، قاد نصر الله الحزب في سلسلة من العمليات النوعية ضد إسرائيل، أبرزها أدى إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000 بعد احتلال دام 22 عامًا.
في عام 2004، لعب نصر الله دورًا محوريًا في أكبر صفقة تبادل أسرى بين حزب الله وإسرائيل، شملت إطلاق مئات الأسرى اللبنانيين والعرب.
نال نصر الله لقب “سيد المقاومة” محليًا نظرًا لدور الحزب في تحرير جنوب لبنان عام 2000، ومواجهته لإسرائيل في حرب “تموز” عام 2006.
خطبه الحماسية وتنفيذ وعوده بشن هجمات ضد إسرائيل ردًا على اعتداءاتها المتكررة ضد الفلسطينيين ساهما في تعزيز شعبيته، خاصة في العالمين العربي والإسلامي.
إلا أن تلك الشعبية شهدت تراجعًا ملحوظًا بعد انحياز حزب الله للنظام السوري ضد المعارضة خلال الثورة السورية في 2011.
عاد اسمه إلى واجهة الأحداث مع عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها فصائل فلسطينية، بينها حماس والجهاد الإسلامي، على مستوطنات غلاف غزة في فجر السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي تلاها حرب إسرائيلية على قطاع غزة تقترب من دخول عامها الأول، مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 137 ألف فلسطيني.
فقد أعلن نصر الله عن فتح “جبهة في جنوب لبنان لدعم وإسناد المقاومة الفلسطينية”، وهي الجبهة التي قال في عدد من خطبه إنها لن تهدأ إلا بعد إنهاء الحرب على غزة.
ويأتي إعلان إسرائيل عن اغتياله اليوم بينما تتصاعد جهود فرنسية وأمريكية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار مؤقت بين إسرائيل وحزب الله لمدة 21 يومًا؛ بغرض إتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سلمي على جبهتي لبنان وغزة.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان الإخبارية