عبد الرحمن السديس، الذي استقطب ملايين المسلمين بصوته العذب في تلاوة القرآن، بات رمزاً للتناقضات والصراعات بين الدين والسياسة.
فقد بدأ السديس كإمام للحرم المكي ورئيس الشؤون الدينية للحرمين، لكنه سرعان ما تحول إلى واحد من أشهر “مشايخ السلطان” في السعودية، حيث أصبح داعماً لنظام ولي العهد محمد بن سلمان، متجاهلاً تعاليم الدين والشريعة.
تجلى تملق السديس للنظام السعودي في مدحه لرؤية ابن سلمان وتأييده للانقلاب الناعم الذي أطاح بأمراء المملكة، كما دعمه في قضية اغتيال جمال خاشقجي وترويجه للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من منبر الحرم.
تجاوز السديس في تأييده للسلطة حدود الدين والشريعة، فأصبح يحرم ما يحرمه الحاكم ويحلل ما يحله، حتى لو كان ذلك مخالفاً للقيم والمبادئ. وظهر متجاهلاً معاناة الفلسطينيين في غزة وداعماً لسياسات التطبيع والحصار، مما أفقده بريقه لدى المسلمين الذين باتوا يرونه بوقاً للسلطة.
في عام 2017، دعم السديس الحملة التي شنها ابن سلمان ضد العلماء والدعاة المعارضين، ومنهم الشيخ سلمان العودة، وروج لتهم “الإرهاب” الموجهة إليهم. كما أيد الحصار على قطر ووصفه بـ”الإجراء السديد”.
رغم كل ذلك، لم يشفع تملقه للنظام، فقد خضع السديس لتحقيقات حول ثروته الضخمة التي بلغت نحو 600 مليون ريال سعودي، واضطر للتنازل عن جزء كبير منها تحت ضغوط من السلطة.