ضمن عملية الأنشلوس (Anschluss)، أقدمت ألمانيا خلال العام 1938 على ضم النمسا لممتلكاتها مثيرة بذلك حالة من القلق على الساحة الأوروبية.
فخلال تلك الفترة، كانت ألمانيا قد خرقت أغلب ما جاء بمعاهدة فرساي واتجهت لإعادة تسليح نفسها، تزامنا مع صعود النازيين، بشكل سريع. فضلا عن ذلك، تخوفت كل من بريطانيا وفرنسا حينها من إمكانية توسع أدولف هتلر بالمنطقة على حساب دول أخرى.
وفي الأثناء، ظلت النمسا قابعة تحت السلطة الألمانية لحدود الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية حيث نجح الحلفاء في تحريرها تزامنا مع تراجع القوات الألمانية على مختلف الجبهات واقتراب سقوط النظام النازي.
تقسيم النمسا
وخلال إعلان موسكو سنة 1943، اتفق الحلفاء على تصنيف النمسا كأول ضحية للنازيين. وعلى الرغم من رفضهم التغاضي عن عدد من الجرائم التي ارتكبها مسؤولون نمساويون بالحرب العالمية الثانية، اتفق الحلفاء على إعادة استقلال وسيادة النمسا عقب تحريرها من قبضة الجيش الألماني.
وخلال الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية، انطلق يوم 27 أبريل 1945 ما وصف باحتلال الحلفاء للنمسا التي كانت قد أعلنت في وقت سابق استقلالها خلال هجوم فيينا. وتماما كألمانيا ما بعد الحرب، قسّم الحلفاء النمسا لمناطق احتلال ونفوذ. وبسبب ذلك، قسمت النمسا بين كل من الاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية. فضلا عن ذلك، وافق الحلفاء على وضع النمسا تحت إدارة مجلس مراقبة الحلفاء.
وخلافا لألمانيا التي قسمت سنة 1949 لألمانيا شرقية وأخرى غربية، ظلت النمسا تحت إدارة الحلفاء الغربيين والاتحاد السوفيتي لحدود العام 1955.
فعلى مدار سنوات، فشل الحلفاء في الاتفاق على مستقبل البلاد. فضلا عن ذلك، قدّم عدد من المسؤولين النمساويين اقتراحا لإعادة استقلال البلاد تزامنا مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي الأثناء، قوبل هذا الاقتراح برفض من الحلفاء الذين فضلوا التركيز على مستقبل ألمانيا ما بعد الحرب قبل التفرغ للنمسا.
إعلان الحياد للأبد
ومع وفاة جوزيف ستالين سنة 1953، اتخذت المفاوضات حول مستقبل النمسا منحى جديدا حيث أبدى نيكيتا خروتشوف، ضمن سياسة اجتثاث الستالينية، موقفا أكثر ليونة تجاه المسألة النمساوية.
وبموجب معاهدة أبرمت يوم 15 مايو 1955 بين الحلفاء الغربيين والاتحاد السوفيتي والنمسا، حصلت الأخيرة على استقلالها التام ليغادر بذلك آخر جندي أجنبي البلاد بحلول أكتوبر من العام نفسه. وفي الأثناء، نصت هذه الاتفاقية على احترام النمسا لحقوق الأقليات، كما منعت الأحزاب الفاشية، أو المؤيدة للنازية، من النشاط بالبلاد.
وعقب هذه المعاهدة، أعلن البرلمان النمساوي يوم 26 أكتوبر 1955 النمسا دولة محايدة للأبد بجميع النزاعات
المصدر – وكالات – شبكة رمضان