بينما كانت القاهرة، وما زالت، تستضيف وفودا من الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، من أجل التفاوض معها بخصوص وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، كان القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان يلتقي صحفيين مصريين في العاصمة القاهرة لمناقشة مستقبل قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الدائرة الآن على القطاع، وذلك وفق 3 مصادر تحدثوا إلى “عربي بوست”، وكانوا حريصين على ألا يتم ذكر اسمهم، خاصة وأن أحدهم قد حضر أحد هذه اللقاءات.
الرجل الذي قالت عنه صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الخميس 25 يوليو/تموز 2024، إن هناك خطة تخضع للدراسة حالياً تقضي بأن يشرف محمد دحلان، القيادي السابق في حركة فتح، على قوة أمنية فلسطينية قوامها 2500 رجل في غزة، تعمل بالتنسيق مع قوة دولية لحفظ الأمن مع انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وفق ما ذكره مسؤولون عرب.
في هذا التقرير، يتتبع “عربي بوست” تحركات دحلان داخل مصر وطبيعة اتصالاته مع حركة حماس، ومدى إمكانية نجاح سيناريو إعادته إلى قطاع غزة في اليوم الثاني للحرب على القطاع، ليكون مشرفا على إدارته بتنسيق إقليمي وأممي.
قوة أمنية برئاسة محمد دحلان في غزة
عاد الحديث مجددا عن دور محمد دحلان في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب التي تقودها إسرائيل مدعومة من دول غربية وكذلك أمريكا، على الشعب الفلسطيني، وذلك في معرض تناول إعلامي أمريكي لدور الرجل المرتقب في غزة خلال الفترة المقبلة.
حيث قالت تقارير أمريكية إن هناك خطة يتم دراستها تتضمن أن يشرف محمد دحلان، القيادي السابق في حركة فتح، على قوة أمنية فلسطينية قوامها 2500 رجل في غزة، تعمل بالتنسيق مع قوة دولية لحفظ الأمن مع انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وفق ما ذكره مسؤولون عرب.
وقال المسؤولون إن القوات الفلسطينية ستخضع للتدقيق من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ولن يكون لها ولاءات واضحة للسلطة الفلسطينية، التي لا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لها السيطرة على غزة.
وأضاف المسؤولون أنه في حالة نجاح القوة، فمن الممكن أن تتوسع للمساعدة في إعادة إعمار غزة، بتدريب من الولايات المتحدة والدول العربية. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن إيهود يعاري، المحلل الإسرائيلي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله إن دحلان أجرى محادثات أولية مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين حول دور محتمل في غزة، لكن القبول الإسرائيلي غير مؤكد.
وأضافت الصحيفة أن بعض المفاوضين ينجذبون بشكل متزايد إلى دحلان كحل مؤقت للمعضلة التي تواجه غزة ما بعد الحرب: تعيين شخص مسؤول عن الأمن في القطاع، وهو الأمر الذي تجده إسرائيل وحماس والقوى الأجنبية مثل الولايات المتحدة ودول الخليج العربي أمراً مستساغاً.
وقالت وول ستريت جورنال إنه ومنذ بدء الحرب، كان دحلان يتنقل بين الإمارات ومصر، التي تجعلها حدودها مع غزة وإسرائيل جزءاً لا يتجزأ من مستقبل القطاع، وقد قدم دحلان المشورة لقادة البلدين واستفاد من رعايتهما.
وفي القاهرة، دعا رجال الأعمال في غزة ورؤساء الأسر الثرية، الذين فروا من الحرب، إلى إيجاد سبل لإيصال الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها إلى القطاع. وقامت الشركات والعائلات في جنوب شرق غزة، التي كانت متحالفة تاريخياً مع دحلان، بتوفير الأمن لبعض الشحنات التجارية.
وقال مسؤولون عرب وحماس إنه في المحادثات الأخيرة مع حماس وفتح، قدم دحلان نفسه على أنه الشخص الذي يمكنه في نهاية المطاف الإشراف على توزيع المساعدات في الإدارة الفلسطينية الجديدة في غزة.
وقال دحلان إنه يتحدث الآن مع حماس بانتظام ويعتقد أنه لا يمكن القضاء على الجماعة. واعتبرت وول ستريت جورنال أن تمكين دحلان من شأنه أن يخاطر بتهميش السلطة الفلسطينية، التي تعتبره هارباً، ومن شأنه أيضاً أن يمثل صعوبة لإدارة بايدن، التي قالت إن السلطة الفلسطينية المعاد تنشيطها يجب أن تتولى السلطة في نهاية المطاف.
الإمارات تدعم دحلان
صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تناولت من جانبها، الملف المتعلق بدور دحلان داخل غزة وقالت يوم الخميس 25 يوليو/تموز 2024 إنه من وجهة نظر الإمارات العربية المتحدة، فإن دحلان سيكون خياراً منطقياً أيضاً. فهو يتمتع بعلاقات في غزة، وقد غاب عن غزة لمدة 17 عاماً. ومن المرجح أن يؤدي غيابه إلى جعل بعض أفراد الجيل الأكبر سناً ينظرون بحنين إلى حقبة ما قبل عام 2007، عندما كانت البلاد تتمتع بقدر أكبر من السلام ولم تدمر حماس غزة في حروب عديدة. وربما يرحب هؤلاء بعودة دحلان.
لقد تقدم دحلان في السن منذ أن أجبر على الخروج. لقد تعلم الكثير في الإمارات العربية المتحدة، وهو يعرف الكثير عن المنطقة الآن، حيث يقال إنه تعامل مع قضايا رئيسية تمتد عبر الشرق الأوسط خلال فترة وجوده في الخارج. المنفى لا يجعل البعض غير قادرين على العودة. يجب أن نتذكر أن ياسر عرفات كان في المنفى في تونس قبل أن يعود بعد الانتفاضة الأولى.
حديث سابق لدحلان بخصوص دوره في قطاع غزة
بالعودة إلى ما بعد طوفان الأقصى مباشرة، أجرى محمد دحلان، حوارا مع مجلة الإيكونومست في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قال فيه إنه يتصور مستقبلاً حيث يحكم القطاع والضفة الغربية برلمان فلسطيني منتخب، مما يلغي رئاسة السلطة الفلسطينية.
ويقول إنه بعد انتهاء حرب إسرائيل على حماس، ينبغي أن يحكم القطاع حكومة تكنوقراطية لمدة عامين قبل أن تفسح المجال لإجراء انتخابات.
ويقول إن التصويت يجب أن يشمل حركة حماس المنافسة، متجاهلاً الاقتراح بأن إسرائيل ستتمكن من القضاء على الحركة بالكامل. وكانت الحركة قد خرجت منتصرة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية الأخيرة التي عقدت في عام 2006. ونُقل عنه قوله في المقابلة النادرة: “حماس لن تختفي”.
ورغم وجوده في الخليج، يظل دحلان شخصية قوية في غزة، حيث كان يتولى في السابق إدارة الأمن لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ومنذ ذلك الحين توسط في صفقات لإدخال الأموال والوقود إلى القطاع.
إعادة إعمار غزة
كذلك وفي حوار مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في فبراير/ شباط 2024، قال محمد دحلان إن زعيما فلسطينيا مستقلا تدعمه قوات حفظ السلام العربية قد يشرف على إعادة إعمار غزة بعد الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال محمد دحلان، لصحيفة نيويورك تايمز إنه وفقا لرؤيته فإن “قادة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منفتحون على دعم العمليات التي تشكل جزءا من الجهود المؤدية إلى إقامة دولة فلسطينية”.
وقال دحلان، الذي يعتقد كثيرون أنه يتطلع إلى هذه الوظيفة لنفسه، إن الزعيم الفلسطيني الجديد المحتمل سوف يدفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس جانباً إلى دور شرفيّ، وقد يدعو دولاً مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لإرسال قوات ودفع تكاليف إعادة إعمار القطاع.
وأضاف أن إسرائيل لابد أن توافق على قيام دولة فلسطينية. وأضاف أن “الدول العربية الرئيسية حريصة حقا على تسوية هذا الصراع. وليس الحرب، بل الصراع بأكمله”.
“لا عباس، لا حماس”، هكذا قال زعيم فتح السابق. “أشخاص جدد يتولون مسؤولية السلطة الفلسطينية”.
وكما كان الحال منذ عقود، كان دحلان ينتقد حماس علناً: “الاعتماد على معاناة الناس ليس قيادة. الشعب الفلسطيني يريد أن يعيش”. وقال دحلان لصحيفة نيويورك تايمز إنه يحاول إقناع حماس بالتنحي للسماح للقيادة الفلسطينية الجديدة بتولي المسؤولية.
تواصل دحلان وحركة حماس
ورغم حديث دحلان عن أنه يريد إزاحة حماس من حكم غزة، لكن محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، قال في تصريحات تليفزيونية في فبراير/ شباط 2024 إن حركة حماس تتواصل مع كافة الأطراف الفلسطينية لوقف الحرب على قطاع غزة، وقال إن الحركة تطرق أبواب الجميع سواء الأبواب الفلسطينية أو العربية.
وكشف نزال في تصريحاته إن هنية التقى واتصل مع محمد دحلان في الفترة الماضية، وقد كانت تصريحات نزال في يوم 17 فبراير/ شباط 2024، ويتوقع إن يكون هنية قد التقى محمد دحلان في مصر أثناء زيارة هنية إلى القاهرة لبحث وقف الحرب على غزة مع الجانب المصري وذلك في ديسمبر/ كانون الأول 2023، وذلك برعاية مصرية.
تاريخ دحلان منذ الانتفاضة الثانية
في حين كشف ميدل إيست آي البريطاني في تقرير له يوم الخميس 25 يوليو/ تموز 2024، إن ملفات رسمية تم الإفراج عنها مؤخرا أظهرت أن إسرائيل “عرضت مفاتيح غزة” على محمد دحلان في ذروة الانتفاضة الثانية، لكن رئيس جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية في غزة رفض ذلك، مشيرا إلى ولائه للزعيم ياسر عرفات.
وبعد مرور ما يزيد قليلا على عقدين من الزمن، تبعا لبعض التقارير، ورد أن دحلان أصبح على رأس قائمة بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والعرب الذين يريدون منه أن يتولى السيطرة المؤقتة على غزة بعد الحرب.
كذلك، وبعد فشله في توقع انتصار حماس على فتح في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، خطط البيت الأبيض لكارثة أخرى في الشرق الأوسط، وهي كارثة سرية وفضيحة، تشبه إلى حد كبير فضيحة إيران كونترا وخليج الخنازير. وباستخدام وثائق سرية أكّدها مسؤولون أميركيون سابقون وحاليون غاضبون، يكشف المؤلف كيف دعم الرئيس بوش وكونداليزا رايس ونائب مستشار الأمن القومي إليوت أبرامز قوة مسلحة بقيادة محمد دحلان، زعيم فتح القوي، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب أهلية دامية في غزة وترك حماس أقوى من أي وقت مضى.
بالعودة إلى عام 2002، أبلغ عباس المسؤولين الإسرائيليين أنه لن يتولى السيطرة على غزة “من دون موافقة عرفات”، وذلك طبقاً لتقرير عن اجتماع بين مسؤولين بريطانيين وإسرائيليين أصدره الأرشيف الوطني هذا الأسبوع.
وقد جمع اجتماع إبريل/نيسان 2002 وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر، واللورد ليفي، المبعوث الخاص لتوني بلير إلى الشرق الأوسط، والسفير البريطاني شيرارد كوبر كولز.
قبل شهر من ذلك، وفي أعقاب موجة من الهجمات الاستشهادية التي أسفرت عن مقتل العشرات من الإسرائيليين، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون عملية برية واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة.
وبحلول موعد الاجتماع، أظهرت الوثائق الأرشيفية أن المسؤولين البريطانيين كانوا يشعرون بقلق متزايد إزاء التقارير الإعلامية التي تتحدث عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبها الجيش الإسرائيلي.
وقد ضغط ليفي وكوبر كولز مراراً وتكراراً على بن إليعازر في الاجتماع لشرح “المنطق العسكري والسياسي” للحملة، وفقاً لمذكرة الاجتماع. وكان الإسرائيليون قد قالوا إنهم يحاولون الحد من “الإرهاب وتفكيك البنية التحتية للإرهاب”، لكن الدبلوماسيين أعربوا عن شكوكهم في أن يتمكن التوغل من تحقيق هذا الهدف.
وأضاف اللورد ليفي أن النقطة الأساسية هي أنه لا يمكن إبقاء ثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، كما جاء في المذكرة. وكانت بريطانيا على استعداد للمساعدة في تأمين الانسحاب الإسرائيلي.
وقال ليفي إنه مستعد للقاء عرفات الذي كان تحت حصار عسكري إسرائيلي في مقره. لكن بن إليعازر قال إن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي قرر عدم السماح لأحد بمقابلة عرفات، بما في ذلك المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط أنتوني زيني.
وقال بن إليعازر إنه يتفق مع الرأي القائل بأنه “لا يوجد حل عسكري” وأنه كان يفضل المفاوضات. وأضاف في المذكرة “لكن طريقة شارون ليست طريقة فؤاد”، وهي تسمية لوزير الدفاع باسمه الحقيقي ولقبه الذي يطلق عليه عادة.
إن الوضع الحالي كان خطأ عرفات بالكامل، هكذا جاء في المذكرة المنسوبة إلى بن إليعازر. “لقد عرض فؤاد مفاتيح غزة على دحلان، ولكن لا هو ولا [رئيس الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية آنذاك جبريل] الرجوب كانا ليتحركا من دون موافقة عرفات”.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، وبعد مقتل ما يقرب من 500 فلسطيني في العملية وحصار مجمع عرفات من قبل الجيش الإسرائيلي للمرة الثانية في ذلك العام، كتب دحلان: “ما دام الإسرائيليون ضد عرفات، فأنا معه”.
محمد دحلان في مصر
أما بخصوص اللقاءات التي قام بها محمد دحلان مع صحفيين مصريين، يحكي أحد الصحفيين لـ”عربي بوست” تفاصيل حضوره أحد لقاءات محمد دحلان في العاصمة المصرية القاهرة، وبحضور معظم إعلاميي ورؤساء تحرير محسوبين على الشركة المتحدة، المملوكة لجهاز المخابرات المصرية، إن الرجل تحدث بكل وضوح حول طوفان الأقصى وكيف قَيّم التجربة في ضوء التطورات التي حدثت بعد ذلك، مثل شن إسرائيل حربًا على القطاع.
وقال الصحفي المصري لـ”عربي بوست” إن اللقاء حضره العديد من الصحفيين المصريين وذكر منهم عماد الدين حسين رئيس تحرير الشروق، وكذلك بعض الإعلاميين المصريين مثل إيمان الحسري وآخرين، مشيراً إلى أن دحلان حاول أن يبدو “متسامحاً” مع موقف حركة حماس، وبدا كشخص “براغماتي” يرى أن طوفان الأقصى “انتقمت” من إسرائيل، لكنه في نفس اللقاء، تحدث عن أن حماس يجب أن تتشارك مع قوى سياسية أخرى في إدارة قطاع غزة لأن الغرب والدول في الإقليم لن يسمحوا باستمرار حماس في غزة بعد انتهاء الحرب “على حد وصف المصدر الذي حضر اللقاء”.
وللتأكيد مما تضمنه اللقاء بين دحلان وصحفيين مصريين، تواصل “عربي بوست” مع البرلماني المصري ورئيس تحرير صحيفة “الشروق” الخاصة، عماد الدين حسين، وبسؤاله حول لقائه بمحمد دحلان في منزله في الزمالك بالعاصمة المصرية القاهرة، نفى عماد الدين حسين حضوره أحد اللقاءات مع دحلان وقال: “لم ألتقِ محمد دحلان وكل ما قيل عن ذلك غير صحيح وليس لي علاقة به”، وذلك رغم تأكيد أحد “المصادر” لـ”عربي بوست”، أن حسين كان من ضمن الحضور.
في سياق موازٍ، وبالحديث عن الدعم الأمريكي لوصول محمد دحلان إلى السلطة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، كشف أحد الصحفيين المصريين لـ”عربي بوست” أنه التقى مسؤولًا رفيعًا في السفارة الأمريكية في شهر يونيو/حزيران 2024، وكان اللقاء ضمن اجتماع مغلق دعت له السفارة مجموعة من الصحفيين المصريين، وذلك لمناقشة الحرب على غزة.
قال الصحفي المصري الذي حضر اللقاء لـ”عربي بوست”، أنه على الرغم من التحركات التي يقوم بها دحلان في مصر، من خلال لقاءه بالصحفيين المصريين للترويج لدوره المرتقب أو المزعوم في غزة بعد الحرب، وحديثه عن أن الجانب الأمريكي يرحب بعودته لقطاع غزة، كشف الصحفي أن المسؤول الأمريكي الذي اجتمع بهم، قال بوضوح إن واشنطن لا تريد عودة دحلان إلى قطاع غزة وترى أنه بات “فاقد الصلاحية”، على حد وصف الصحفي المصري، مشيراً إلى أن الجانب الأمريكي لا يرى في دحلان القدرة على إدارة غزة، خاصة في وجود حماس الكبير والقوي في القطاع.
محمد دحلان يصدر بيان
المثير للدهشة، أن محمد دحلان وبعد تناثر الكثير من التفاصيل حول المفاوضات الخاصة بدوره في غزة، أصدر بيانًا على منصاته الرسمية في فيسبوك وتويتر يوم الخميس 25 يوليو/تموز 2024، قال فيه “لقد رفضت مرارًا وتكرارًا قبول أي دور أمني أو حكومي أو تنفيذي”.
وأشار إلى أن السيناريوهات المقدمة يتم استخدامها “لإثارة حماس الجماهير”، وأن تدخله الوحيد في غزة سيكون تقديم الإغاثة إلى جانب “الدعم السخي والمستمر من إخواننا في الإمارات العربية المتحدة طوال هذه الإبادة الجماعية القذرة المستمرة”. وشدد دحلان على “أننا نؤكد بقوة أن أولويتنا القصوى الآن هي إنهاء الحرب”.
Various scenarios have been repeatedly presented or leaked to the media regarding the arrangements for the ‘day after’ Israel’s devastating war on Gaza. Sometimes, our name is used to thrill audiences.
Therefore and once again, we reiterate that all my colleagues and myself are…— Mohammad Dahlan محمد دحلان (@mohammad_dahlan) July 25, 2024
وأكد بقوة أنه لن يدعم أي خيار بشأن مستقبل غزة ما لم يكن “مبنيًا” على التفاهمات الوطنية الفلسطينية” التي تتضمن “إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من خلال عملية ديمقراطية شفافة”. وأضاف دحلان أن أي خطة دولية بشأن غزة يجب أن تنتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
فمن هو إذًا محمد دحلان؟
ولد دحلان في خان يونس بغزة. كما تعد خان يونس مسقط رأس العديد من قادة حماس الرئيسيين في غزة اليوم. في الأساس، يمكن للمرء أن يستنتج أن غزة كانت في الأساس تحت قيادة رجال خان يونس في العقود الأخيرة. قدم ملف شخصي في مجلة نيو لاينز بقلم نيري زيلبر في عام 2020 نظرة ثاقبة على صعود دحلان ثم حركته إلى المنفى: “بعد وفاة عرفات في نوفمبر 2004 وانتخاب عباس رئيسًا فلسطينيًا جديدًا، مُنح دحلان المزيد من الصلاحيات، حيث عمل وزيرًا للشؤون المدنية – وهو المحاور الفلسطيني الرئيسي مع إسرائيل فعليًا.
استقال من منصبه ليخوض الانتخابات البرلمانية عام 2006، وحصل على المركز الأول في منطقة خان يونس في مواجهة مجموعة كبيرة من مرشحي فتح وحماس… إن الأشخاص الذين يعرفون دحلان ـ وحتى خصومه ـ يسلطون الضوء على ذكائه ومهارته. فهو يقترب من الستين من عمره ولكنه لا يزال شاباً، حليق الذقن، ذو شعر أسود كثيف، كما يبدو وكأنه لاعب عربي قوي حديث، حيث يرتدي منذ أيامه الأولى كرئيس لأمن غزة بدلات مصممة بدقة.
بدأت سلسلة من التقلبات في حياة دحلان في عام 2007، عندما اضطر لمغادرة غزة إلى رام الله، بسبب انقلاب حماس في قطاع غزة. وصفه الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش الابن، بأنه “رجلنا”. كما اعتقد البعض أن دحلان كان شخصية رئيسية وراء خطة السلام التي طرحتها إدارة ترامب في عام 2019، والتي أطلق عليها “صفقة القرن”. لم يمنعه قربه من الأميركيين من الهروب من رام الله إلى الإمارات في عام 2011، بعد أن اتهمته السلطة الفلسطينية بالفساد المالي والتآمر ضد محمود عباس (أبو مازن). ولعل العلاقات الجيدة مع المسؤولين الإسرائيليين وحتى مع الشاباك ساهمت أيضًا في العملية التي أدت إلى توقيع اتفاقيات إبراهيم في عام 2020.
في عام 2016، جرده عباس من حصانته البرلمانية. وفي الشهر نفسه، أدانته محكمة مكافحة جرائم الفساد التابعة للسلطة الفلسطينية بتهمة اختلاس 16 مليون دولار، وحُكم عليه غيابيًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عرضت تركيا مكافأة قدرها 700 ألف دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله، متهمة إياه بأنه “مرتزق لدولة الإمارات العربية المتحدة ومتورط في محاولة انقلاب عام 2016 ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.
ث
ويحتفظ دحلان بقاعدة دعم صغيرة ومحلية في غزة، وخاصة في مسقط رأسه خان يونس، وبين الجماعات التي تلقت مساعدات مالية أو غير مالية منه أو من خلال المركز الفلسطيني للصمود الإنساني (فاتا) الذي ترأسه زوجته جليلة دحلان. ويُعتقد أنه يحظى بدعم من الجماعات المسلحة في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، بما في ذلك في بلاطة وجنين.
ويعتبر من المقربين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقاد البعثات الدبلوماسية المصرية، بما في ذلك المفاوضات بشأن مشروع سد على نهر النيل مع إثيوبيا والسودان. كما وُصف بأنه وسيط لنقل الأسلحة إلى الميليشيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في ليبيا.
وهو رجل أعمال حاليا، تُقدّر ثروته بأكثر من 120 مليون دولار. وفي عام 1997، زُعم أنه كان يحول نحو 40% من الدخل من معبر كارني بالقرب من غزة (حوالي مليون شيكل شهريًا) إلى حسابه المصرفي الشخصي. وقيل إنه اشترى منزلاً فاخراً في دبي مقابل 600 ألف دولار، وشقة في برج في المدينة مقابل مليون دولار.
المصدر – وكالات – شبكة رمضان