كشفت صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية، في تقرير لها الإثنين 6 مايو 2024، أن المخابرات العسكرية المصرية عقدت اجتماعات مع قبائل سيناء في الأسابيع الأخيرة لمناقشة دورهم المحتمل في أستقبال نازجى غزة حسب الأتفاق السرى الموقع بين إسرائيل والحكومة المصرية تحت بند لاتتركوا أخوانكم فى العراء عند حالة حدوث غزو إسرائيلي لرفح في جنوب غزة.
خلال الاجتماعات، قال ضباط المخابرات المصرية إنهم يقدرون تدفق الفلسطينيين بما يتراوح بين 50 إلى 250 ألف شخص نحو سيناء إذا نفذت إسرائيل عملية برية في رفح الفلسطينية.
وفق الصحيفة، فقد عُقدت الاجتماعات قبل الإنشاء المثير للجدل لتحالف المجموعات القبلية على الجانب المصري من رفح، بقيادة رجل الأعمال الموالي للحكومة وزعيم الميليشيا إبراهيم العرجاني.
a
وقد تم الإعلان عن اتحاد القبائل العربية، وهو تحالف من خمس قبائل بدوية مصرية، في احتفال كبير في مايو بهدف معلن يتمثل في دمج الكيانات القبلية في إطار واحد لدعم الدولة المصرية ضد التهديدات الأمنية. وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي “رئيساً فخرياً” له.
تفاصيل الاجتماعات
وفقاً لثلاثة مصادر قبلية في سيناء، ومصدر أمني مصري، في الأسابيع التي سبقت الحدث، عُقد عدد من الاجتماعات في شمال سيناء بين كبار أعضاء القبائل البدوية وضباط من جهاز الخدمة السرية في المخابرات العسكرية (المعروفين داخلياً). كالمجموعة (55)، وآخرين من الجيش الثاني الميداني.
كان الموضوع الرئيسي لهذه الاجتماعات هو إمكانية تدفق عدد كبير من سكان قطاع غزة بسبب عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في مدينة رفح الفلسطينية، التي تستضيف الآن حوالي 1.5 مليون نازح فلسطيني.
بحسب ثلاثة أشخاص حضروا هذه الاجتماعات، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أكد ضباط الجيش والمخابرات على ضرورة مساعدة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في “رصد أي تسلل للفلسطينيين” نحو قرى ومراكز شمال سيناء في حالة حدوث هذا التهجير، وحذروا من إيواء أي منهم والإبلاغ الفوري عن أي تحرك لأفراد غير مألوفين في المناطق القريبة من الحدود.
بحسب المصادر الثلاثة في سيناء، فإنه خلال اجتماعات مجموعة 55 وزعماء قبائل سيناء، قال عدد من الحاضرين إنه سيكون من الصعب الالتزام بالمطالب الرسمية بمنع دخول الفلسطينيين إلى سيناء والإبلاغ عن أي تحركات عبر الحدود، حتى مع وعود الحكومة أنها سوف تستوعب جميع النازحين.
كما سلّطوا الضوء على روابطهم وعلاقاتهم العائلية مع الناس في قطاع غزة، خاصة رفح، مشيرين إلى أن رفض الضيافة والاستقبال لهم سيكون مخالفاً لشرفهم وتقاليدهم البدوية والعشائرية.
وكانت رفح تاريخياً مدينة واحدة حتى تم تقسيمها إلى مدينتين مصرية وفلسطينية بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.
الأفراد النازحون
كما عقد محافظ شمال سيناء، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، عدة اجتماعات مماثلة في الأسابيع الأخيرة مع شيوخ وزعماء القبائل.
وبحسب العديد من الحاضرين، كانت اجتماعات المحافظ أكثر ودية من تلك التي قادها ضباط الخدمة السرية.
ويعد اللواء شوشة، أحد قادة الدولة المصرية الحاليين القلائل الذين شاركوا في حرب أكتوبر 1973 ضد الجيش الإسرائيلي؛ حيث عمل ضابطاً في قوات الصاعقة التابعة للجيش الثالث الميداني. وإلى جانب دوره كقائد لحرس الحدود، شغل مناصب قائد ورئيس أركان وحدات الصاعقة.
كما شغل منصب محافظ شمال سيناء بين أبريل 2008 ويناير 2010، وهي الفترة التي شهدت أيضاً نزوح أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة إلى سيناء خلال الهجوم الإسرائيلي على الجيب بين ديسمبر 2008 ويناير 2009.
ي
خلال أحد لقاءاته مع القبائل، روى العميد شوشة للمشاركين حكاية، طالباً منهم عدم نشرها، تعود إلى عام 2005 عندما تم اختراق الحدود المصرية من قبل أعداد كبيرة من سكان غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع. وكان آنذاك قائداً لقوات حرس الحدود.
وقال إنه فور تلقيه معلومات عن الخرق الحدودي الوشيك من الجانب الفلسطيني، أوعز لقواته باتخاذ أعلى درجات الاستعداد والتعبئة لمواجهة الخرق، بما في ذلك تجهيز الأسلحة الرشاشة. إلا أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الدفاع آنذاك المشير محمد حسين طنطاوي، أصدر فيه تعليمات مشددة بعدم إطلاق رصاصة واحدة على أي فلسطيني يعبر الحدود، الأمر الذي جعله يأمر على الفور ضباطه وجنوده بالامتثال له، مضيفاً أنهم تمكنوا تدريجياً من السيطرة على هؤلاء النازحين وإعادتهم إلى قطاع غزة من جديد.
التحصينات الحدودية
وتجاور مدينة رفح الفلسطينية من الجانب المصري، مدن رفح المصرية عبر الحدود مباشرة، تليها مدينة الشيخ زويد على بعد 15 كيلومتراً من الحدود، ثم العريش على بعد نحو 50 كيلومتراً.
هذه المدن الثلاث هي موطن لأربع مجموعات سكانية: أفراد القبائل (في المقام الأول قبائل السواركة، الترابين، والرميلات)؛ عائلات حضرية والذين انتقلوا من المحافظات الأخرى؛ وأخيراً، عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا عقب نكبة عام 1948، ويقدر بنحو 20 ألف نسمة.
في عام 2014، خصّصت الحكومة المصرية منطقة على طول الحدود مع قطاع غزة وتمتد لخمسة كيلومترات داخل الأراضي المصرية كمنطقة عازلة يمنع فيها التواجد المدني بشكل كامل؛ ما أدى إلى إزالة مدينة رفح والقرى الموجودة في تلك المنطقة بشكل كامل، وتهجير سكانها بحجة الحرب على الإرهاب.
والقرية الوحيدة المتبقية بعد الحملة العسكرية هي البرث، وهي المنطقة المأهولة الوحيدة في تلك المنطقة المعزولة وهي معقل وعاصمة قبيلة الترابين التي ينتمي إليها العرجاني.
في عام 2021 أصدر وزير الدفاع قراراً بتخصيص منطقة إضافية تمتد من نهاية المنطقة العازلة حتى قرية الشلق بالشيخ زويد، ومنع الأسر التي نزحت من هذه المنطقة خلال الحرب على الإرهاب من العودة، على الرغم من أنه لا يزال هناك سكان يعيشون في تلك المنطقة.
وتحسباً للغزو الإسرائيلي لرفح، قام الجيش المصري بإضافة جدران خرسانية ومعدنية على طول الحدود مع قطاع غزة، تمتد حوالي 13.5 كيلومتر من ساحل رفح شمالاً إلى معبر كرم أبو سالم في الجنوب. وسبق أن بنى الجيش جداراً خرسانياً يفصل مدينة الشيخ زويد عن العريش، ببوابة واحدة تقع في قرية الشلق عند المدخل الغربي للمدينة.
ومؤخراً، نشر الجيش أيضاً عدداً من دبابات M60، وناقلات الجنود المدرعة، وقوات محمولة جواً منقولة بمركبات رباعية الدفع، تم استدعاؤها مباشرة بعد هجمات 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، في أعقاب انسحابها في وقت سابق.
المصدر – وكالات